|
محطات من حياة الشاعرة لميعة عباس عمارة
شكيب كاظم
الحوار المتمدن-العدد: 5341 - 2016 / 11 / 12 - 13:26
المحور:
الادب والفن
الشاعرة لميعة عباس عمارة مثابة مهمة في الشعرية العراقية المعاصرة وهي على الرغم من قلة نتاجها الشعري، إذا ما قيس بعمرها الإبداعي، لكنها بقيت صوتاً شعرياً مهماً، ولقد عاصرت لميعة جيل الشعراء الكبار في العراق، أمثال: بدر شاكر السياب، وعبد الوهاب البياتي، ونازك الملائكة، وعبد الرزاق عبد الواحد، وبلند الحيدري، وشاذل طاقة، غير ناس الجواهري الكبير، وإن كان من جيل آخر لكن هنا أعني الجيل الذي عاصرته لميعة وعايشته
سواء على مستوى الإبداع أو مستوى الدراسة في دار المعلمين العالية، حتى أطلق على خريجيها (الدرعميون)، كما عاصرت لميعة الجيل الذي قدم جديداً، لا بل ابتكر جديداً في نسيج الشعر العربي، إذ مرّ على الشعراء العرب حين متطاول من الدهر، وهم ينسجون وشيهم الشعري على منوال الخليل بن أحمد الفراهيدي مبتكر علم العروض العربي ببحوره الخمسة عشر وأضاف الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة بحره السادس عشر والذي تدارك فيه على أستاذه الخليل فسمي بـ(المتدارك) وإن كنت لا أميل إلى هذه الرواية فالخليل هو مبدع عروض شعر العرب بلا منازع ولا متدارك عليه. أقول مضى على العرب حين متطاول من الدهر، وهم يكتبون على هذا المنوال العمودي، صحيح ان هناك في التاريخ الشعري العربي وقفات وتأملات وبعض خروج على عمود الشعر يتضح ذلك في فن الموشحات الذي أبدعه أهل الأندلس فضلاً عن بحور أخرى خرجت على العمود الخليلي مثل: الدوبيت والكان كان والقوما وبحر السلسلة وغيرها. لكن نازك الملائكة في ساعة صحو ذهني وتأمل وجداني يلح عليها صوت المرضى وأناتهم وقد فتك بهم مرض الهيضة وصدى هذه الأنات الشاكية التي تنتج عويلا، عويل أهلهم وهم يوسدونهم الثرى لقد آذاها ضرب الهيضة ( الكوليرا) لفقراء مصر فتفتحت القريحة الشعرية المتوقدة عن قصيدتها الكوليرا لتكون بداية لحركة شعرية جديدة شملت العالم العربي. أقول شهدت لميعة عباس عمارة المولودة ببغداد العام 1927 التي أمضت شطراً طويلاً من حياتها في مدينة العمارة موطن أهلها وذويها وشهدت إبداعات هذا الجيل الكبير وسطوته وصداه لكنها ما كانت صدى لآخر وما كان هذا مؤثراً في شاعريتها وشهرتها، إذ استطاعت أن تجد لها مكاناً في الخضم الشعري الطافح هي التي درست في دار المعلمين العالية آداب اللغة العربية فصقل الدرس موهبتها وزاد في تألقها تألقاً. لقد تميزت لميعة بالجرأة سواء على مستوى الشعر أو السياسة أو الحياة العامة، فهي تعلن وبجرأة أن الكثير من شعر بدر الغزلي إنما قاله فيها حتى انه كان يحسد ديوانه الذي كانت تتلقفه أيادي الحسان في دار المعلمين ويا ليت من تحب ديوانه وتهواه أن تحب الشاعر وتهواه، ولكن لميعة ما أحبت بدراً بل كانت تعلن عن جرأة لا بل سادية تحسد عليها أنها كانت تعطف عليه وفرق كبير بين الحب والعطف ومن أين للحب ان يتسرب إلى قلوب الغادات الحسان وقد خلا أهاب بدر ووجهه من أي أثر من آثار القبول، بله الوسامة وإذا كان الشعراء العرب المتقدمون يعلنون أسماء معشوقاتهم ومحبوباتهم مثل جميل بثينة، وليلى قيس بن الملوح، ولبنى قيس بن ذريح، فإن آخرين كانوا يطلقون لأنفسهم الرغبة في التغزل والتشبيب، بالغادية والرائحة لا بل لم ينج منهم حتى المحرمة في مواسم الحج لا بل حتى نساء الحكام، ألم يتغزل وضاح اليمن بزوجة الوليد الأموي التي أحبته وعشقته فدفع حياته ثمناً لهذا العشق والهيام مما هو معروف لدارسي الأدب؟ كان أمرؤ القيس الملك الضليل صاحب مقولة اليوم خمر وغداً أمر على رأس هذه المجموعة من شعراء الغزل الفاضح صاحب عنيزة وغيرها العشرات مما يزخر به شعره لا سيما معلقته وثانيهما عمر بن ربيعة متيم الأخوات الثلاث وقد رأيناه متهاديا على فرسه صاحب مقولة وهل يخفى القمر التي سارت في الآفاق مسرى الركبان. بدر شاكر السياب ما سمح له الظرف العام بأن يتغزل علانية بلميعة ولكن كان يكني ويرمز ويومئ أنها وفيقة في شعره حتى خصها بديوان من دواوينه، لميعة غادرت العراق بعد أن ضربته موجة الرأي الواحد المتسلط لتحط الرحال في الولايات المتحدة الأميركية لكنها ظلت على صلة بالوطن ولا سيما بعد أن شملت الشبكة العنكبوتية أجواء هذا العالم الفسيح ليتحول إلى قرية صغيرة، لميعة عباس عمارة كتبت في ألوان الشعر وأغراضه المتعددة. كتبت في السياسة والغزل والشكوى من تصاريف القدر والزمان وما كتبت القريض والعامودي فقط بل كتبت شعر التفعيلة فضلاً عن (قصيدة الشعر) وهو المصطلح البديل لمفهوم قصيدة النثر وما اكتفت بالفصيح بل كتبت بالعامية وهو ما يطلق عليه اسم الشعر الشعبي ويا لغرابة التسمية وكأن الشعب صنو العامية ورديفها.
#شكيب_كاظم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معاذ عبد الرحيم السياسي العروبي النزيه
-
رفعة كامل الجادرجي في صورة أب
-
صلاح الدين خليل في مفاهيمه الفكرية و الحياتية ....حين يرفد ا
...
-
تصوير ويلات الحرب بإمتلاك ناصية الكلمة
-
حين يكون الثمن باهظاً للرأي وجسارة التعبير
-
نظرة إجمالية إلى واقع الحياة الثقافية
-
المفكر جورج طرابيشي في كتابه ( هرطقات )
-
نجيب المانع، المترجم والمنشئ والقاص.. حين يكون الثمن باهظا ل
...
-
فاجعة الصمت في الحياة والنشر بعد الممات.. وقفة عند الارث الا
...
-
مَنْ الذي سَمَّ أبا هاني وديع حداد؟ هل تم بيع مؤسس الفرع الخ
...
المزيد.....
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|