أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لحسن الصديق - حوار مع الخبير البيداغوجي -اندرياس شلايشر-















المزيد.....

حوار مع الخبير البيداغوجي -اندرياس شلايشر-


لحسن الصديق

الحوار المتمدن-العدد: 5335 - 2016 / 11 / 6 - 13:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين ببني ملال.

 
تقديم المترجم:
في هذا الحوار[1] يتحدث الخبير البيداغوجي "اندرياس شلايشر" مدير التعليم والمهارات والمستشار الخاص لدى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بباريس عن التربية والتعليم بصفة عامة والنظام التعليمي الفرنسي بصفة خاصة محاولا تشخيص سبب الإخفاق الذي جعل التعليم الفرنسي في ترتيب ادنى مع دول اسيوية كانت الى عهد قريب ضمن الدول النامية. وفي اجابته عن سبب الازمة التعليمية الفرنسية يؤكد هذا الخبير على أهمية مشاركة الأستاذ والمدرس بصفة عامة وانخراطه الفعلي في منظومة الإصلاح، معتبرا ان النظام التعليمي يختلف عن النظام الصناعي الذي تعتبر فيه الالة وسيلة الإنتاج، عكس النظام التعليمي الذي يعتبر فيه الطفل ( الانسان) هو المحور مما يستدعي التعامل معه إنسانيا ( وليس آليا) من طرف المدرس.
س: منذ تأسيس(PISA) سنة 2000، لم تتوقف فرنسا عن التقهقر في الترتيب بين الدول، ما هو تحليلكم لهذا الإخفاق؟
اندرياس شلايشر[2]: فعلا، فقد كانت نتائج فرنسا أقل مما كان متوقعا. ولا يمكن تفسير ذلك بأن الشبان الفرنسين أصبحوا أسوأ من سابقيهم، لكن لأن الآخرين يتطورون بسرعة. لقد استطاع الأسيويون التكيف الجيد مع الرهانات العالمية الجديدة في الوقت الذي يركز فيه الأوروبيون على التعلمات والمكتسبات والتقاليد التربوية. وبالمقارنة مع مثيلاتها، تبدو المدرسة الفرنسية من المدارس الأقل عدالة في العالم، وهو أمر يثير نوعا من المفارقة والتناقض في بلد تعتبر العدالة من المبادئ الاساسية التي تقوم عليه الدولة.
إنها تتفوق إلى حد ما في إنتاج النخب، لكنها تعجز عن مراعاة ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يختبئون في الخلف. تتوالى الإصلاحات ويقضي الشباب الفرنسي معظم وقته في المدرسة، ورغم ذلك فالنتائج ليست في المستوى المطلوب.
 
س: كيف تفسرون ذلك؟
اندرياس شلايشر: إن العالم المعاصر لا يهتم بما تعرف أكثر من اهتمامه بما تعرف أن تفعله. فالنظام التعليمي الفرنسي بنظرته الجامدة الى المدرسة والموروثة عن قرون عديدة لم يستطع التكيف مع ما ينتظره المجتمع اليوم من الشباب حاملي الشواهد: المرونة و الابداع و القدرة على التكيف مع وضعيات لم يسبق ان واجهتهم في المدرسة لكنهم مطالبون بتوظيف نوع من الخيال والتفكير لحلها.
عندما خرج اول ترتيب ل (PISA) سنة 2001 صنفت ألمانيا قريبة من فرنسا: صنفت في المرتبة 21 من أصل 31. وقد خلق هذا التصنيف نوعا من الصدمة في ألمانيا. وقد تم اتخاذ مجموعة الإجراءات لتجاوز هذا الوضع. خلال هذه الفترة ظهرت سياسة "المدرسة خلال اليوم كله". فقامت المدرسة بتبني الأطفال في وضعيات صعبة عوض أن يظلوا متسكعين في الشوارع. في مقابل ذلك لم تقم الإدارة التعليمية الفرنسية إلا بنوع من الاستغراب حول هذا التصنيف الذي وضع نظامها التعليمي في قفص الاتهام، في حين بقيت العلاقة أستاذ- تلميذ في نوع من الجمود وتم الاكتفاء بالاستظهار على ظهر القلب الذي لا زال معمولا به الى اليوم وهذا ما جعل النظام التعليمي الفرنسي غير قادر على التكيف مع العالم المعاصر.
س: أليس الاستظهار والحفظ هو الذي جعل الدول الاسيوية تتفوق وجعلها في أعلى قائمة الترتيب؟
اندرياس شلايشر: يجب الا ننخدع امام الكليشيهات. فليست الأقسام التعليمية الاسيوية مكانا للاستظهار والحفظ كما نتصوره غالبا، لكنها عكس ذلك. فإذا كان الحفظ فعلا جزءا من العمل البيداغوجي، فإن العلاقة التي تربط بين المدرس وتلاميذ قسمه هي التي تمنح للنظام التعليمي الاسيوي قوته. ففي اليابان مثلا، إذا وقع طفل في مشكل مع الشرطة، فليس الأباء من يتم استدعائهم، بل مدرس الطفل هو من يتم النداء عليه. وهناك لا يطرح مشكل تدريس الأستاذ لخمسين تلميذا مشكلا لأن لديه طرق للعمل معهم على شكل مجموعات وطرقا لاستقبالهم فرادى. وفي الصين أيضا نجد نفس الشيء، لا يعمل الأساتذة الا أحد عشر ساعة في الأسبوع، ويستقبلون فيما تبقى من الوقت أباء التلاميذ والتلاميذ فرادى ويحضرون للدروس التي يقدمها أساتذة آخرون، وهو الامر الذي يساعدهم على اكتساب ثقافة التعاون والتربية ويتكلفون بمشاريع إبداعية التي تمكنهم من التقدم والترقي أمام زملائهم وتطوير مهنتهم.
س: تتميز الأنظمة التعليمية للدول الاسيوية أيضا بنوع من القسوة والزام التلاميذ، وهو الامر الذي تتولد عنه مجموعة من النتائج السلبية على التلاميذ من قبيل الانتحار  والكآبة والاجهاد... هل يمكن اعتبار ذلك أيضا نوعا من الأسطورة؟
اندرياس شلايشر: للأسف، نجد ذلك حاضر بأوربا أيضا، حيث نجد النتائج الدراسية غير مرضية بما يكفي. ففي سنة 2006 وخلال اختبار( PISA) طلبنامن التلاميذ ان يفسروا لنا ما يجعل التلميذ جيدا في الرياضيات. وقد أجاب اغلب تلاميذ المستوى الاعدادي: "الموهبة". بالنسبة لهم فالمسألة فطرية. اما في الصين واليابان فقد أجابت نسبة9/10 من التلاميذ الجواب التالي: "إذا عملنا بجد سيساعدنا المعلم، وسنحقق ذلك".
س:في نظرك، يجب إذن اصلاح الذهنيات أكثر من البرامج التعليمية. ولماذا، في نظرك يعتبر التغيير معقدا في فرنسا؟
اندرياس شلايشر: إن النظام التعليمي الفرنسي يقوم بنوع من عزل وتهميش للأساتذة، وهو بذلك يستلهم نوعا من التنظيم الصناعي الذي يشتغل مثل المعمل. تقوم الوزارة بإنتاج البرامج عبر لجن مصغرة، ويجب على المدرسين تنفيذ ذلك. وتعتبر زيادة اجرة الأستاذ مسألة تتعلق فقط بالسن ولا ترتبط بالتحفيز. نجد في سنغافورة مثلا والتي هيمنت على المراتب الأولى في قائمة التصنيف منذ سنوات أنه لا يبدأ أي اصلاح قبل ان يتم شرحه في كل المدارس. وفي فنلندا يمضي الأستاذ ثلثي وقته في العمل للسلطات المحلية.... يجب ان نمنح الثقة للأساتذة، وأن نحسسهم بمزيد من المسؤولية. ونجد ان الصين تقوم بمكافأة الأساتذة الذين يتم تداول دروسهم من طرف زملائهم. وفي بريطانيا، شاركت في لجن لانتقاء أفضل المشاريع التي تجعل من المدرسة أكثر عدالة. وقد وجدنا لدى الأساتذة أفكار جيدة تعجز الحكومات عن الوصول اليها أحيانا.
س: الإصلاح الحقيقي اذن سيمر بالضرورة عبر الأساتذة؟
اندرياس شلايشر: ان جودة أي نظام تعليمي لا تنفصل عن قدرات ومواهب اساتذته ولا تعلو عليها. ففي شانغهاي مثلا، نجد الأستاذ الموهوب والقدوة عندما يرغب في الترقية المهنية في مدرسة للنخبة مطالبا بإبراز ما يستطيع فعله في مدرسة صعبة. نجد مثل ذلك في سنغافورة وكندا وفنلندا، وهذا يمكن من جذب الأساتذة الاكثر ديناميكية، لان تدريس النخبة لا يتطلب فقط إعطاء مدرسين أكثر للتلاميذ في وضعية صعبة، بل يستوجب منحهم أفضل المدرسين.
س: لذلك نجد الحكومات في فرنسا تخضع لنوع من الارباك والشلل في مواجهة النقابات؟
اندرياس شلايشر: كل بلد يتوفر على النقابات التي يستحق، إذا تم استنساخ النظام التعليمي على النظام الصناعي، فإن النقابات تعيد انتاج هذه البنية وتتصارع مثلما يتصارع العمال حول الأجور والعدد. وإذا تعلق الامر عكس ذلك بالنظام التعليمي المرتكز على البيداغوجيا، فان النقابات ستكون كذلك.
س: هل النظام التعليمي الفرنسي تنقصه اهداف واضحة؟
اندرياس شلايشر: ان هذا هو جوهر المشكل، فعلا وهذا حال الكثير من الدول. ماهي اهداف النظام التعليمي؟ وماهي النتائج التي يسعى الى تحقيقها؟ كل الحكومات مدعوة للإجابة بشكل واضح وصريح على هذه الأسئلة. يجب الاتفاق على نموذج مثالي يعمل الجميع على تحقيقه. ونلاحظ نوعا من التشابه بين المدارس في كل من السويد وفنلندا. لكن إذا كانت فنلندا قد حددت أهدافا تسعى الى التميز، فإننا نجد السويد قد حددت المستوى الأدنى الذي لا يجب النزول عنه في تحقيق الاهداف. لكن على مستوى النتائج يلاحظ ان فنلندا قد وصلت قبل السويد.
س: غالبا ما يعاتب النظام التعليمي بفنلندا بتخفيض واجبات التلاميذ، وهو عتاب تضمنه أيضا تقرير (PISA)، حيث اعتبر ان تنميط التقويم أدى الى نوع من الانخفاظ والتراجع نحو الوراء؟
اندرياس شلايشر: إنه العبث،ما أظهره اختبار (PISA) فالأنظمة التعليمية الجيدة هي أيضا الأنظمة التعليمية العادلة، تلك الأنظمة التي لا يتم فيها التضحية بالتلاميذ الأقل مستوى من اجل النخبة. تلك الأنظمة التي تكون فيها التوقعات مرتفعة، لكن بمساعدة المدرس يكون لدى التلاميذ الإحساس والاقتناع ان الجهد تتم المكافأة عليه. ان التركيز على تكوين النخبة فقط هو خطأ فادح: انه ينقص من جودة النقاش العمومي داخل المجتمع ويقضي على الديمقراطية داخله.
أجرى الحوار كل من: فيكتوريا كاريين(Victoria Gairin) و ماري سندرين صغيري (Marie-Sandrine Sgherri)


[1] ورد هذا الحوار ضمن محتويات المجلة الفرنسية (LE POINT REFERENCE) لشهري أكتوبر- نونبر 2016 ص 92-93. وقد اجري الحوار من طرف الصحفيتين victoriagairinوMarie-Sandrine Sgherri
[2]أندرياسشلايشر مدير التعليم والمهارات، والمستشار الخاص لسياسة التعليم لدى الأمين العام في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في باريس. كعضو رئيسي في فريق الإدارة العليا للمنظمة، يعمل السيد شلايشرعلى دعم استراتيجية الأمين العام لإنتاج التحليل والمشورة بشأن السياسات التي تساعد على النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي. انه يعزز العملبمديرية التربية والتعليم ومهارات التدريب الشامل ويعزز التعاون داخل وخارج منظمة التعاون والتنمية، بالإضافة إلى استعراض السياسات التعليمية ويتضمن عمل المديرية البرنامج الدولي لتقييم الطلبة (PISA)، ومسح منظمة التعاون والتنمية من مهارات الكبار (PIAAC)، تدريس OECD والمسح الدولي التعلم (طليس)، وتطوير وتحليل مقاييس أداء نظم التعليم (إنيس).
وقبل انضمامه إلى منظمة التعاون والتنمية عمل شلايشر مدير التحليل في الجمعية الدولية للتحصيل التربوي (IEA). درس الفيزياء في ألمانيا وحصل على شهادة البكالوريوس في الرياضيات والإحصاء في أستراليا، وهو حاصل على العديد من الأوسمة والجوائز، منها جائزة "تيودور هويس"، منحت في اسم الرئيس الأول لجمهورية ألمانيا الاتحادية ل "الالتزام بالدمقراطية المثالية". وهو حاصل على الأستاذية الفخرية في جامعة هايدلبرغ.( المرجع:http://www.oecd.org/edu/andreas-schleicher.htm) بترجمة وتصرف.



#لحسن_الصديق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...
- نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا ...
- -لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف ...
- كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي ...
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لحسن الصديق - حوار مع الخبير البيداغوجي -اندرياس شلايشر-