|
حوار فايسبوكي مع الفنانة اللبنانية التشكيلية -نسرين شبيب-
محمد هالي
الحوار المتمدن-العدد: 5321 - 2016 / 10 / 22 - 06:24
المحور:
الادب والفن
محمد هالي : يبدو أن الإبداع الفني يلهم العقول، لكي تتقيأ ما يختلج في الذهن من صور.. نسرين شبيب : عفوا .. ممكن إيضاح المغزى من مفردة التقيء ؟! محمد هالي: العفو رسم كلمة ! فالقيء بمعنى الايجاب لا السلب، لأننا في زمن القيئ الدائم، ألم تكن الحروب قيء؟! لكن لا عليك ، دعينا نغير المنحى، و نستبدل القيأ بالعبقرية نسرين شبيب : ههههه فهمت التعبير، لكني احب ان استفهم أكثر، كي أصل الخيال بمنحة أفضل، وأجمل. محمد هالي : الاكتشاف بحر من المعاني، يحتاج الى تلقي الخير بروح الإبداع المنفتح على كل الاحتمالات.. نسرين شبيب : أستمع دائما الى بحور الكلمات، لكن مركب ألواني لاتزال تجول عوالم الإبحار . محمد هالي : رؤية أحلام صائبة، لصيد السمك من أفواه الدينصورات القوية الإفتراس .. نسرين شبيب : لا أهوى الحديث عن كل شيء كان وانقرض .. !! محمد هالي : ربما تقدفك الأمواج في متاهات بعيدة ، لكن في الحقيقة أنت في زمن تقاسم الفرائس بدم بارد ، ربما يصوب رمحه بإتقان اتجاه المستقبل . نسرين شبيب : لكن ما هو قائم ، بني على ما هو منقرض ! محمد هالي : القديم يؤثر في الجديد حسب قوانين الجدل الدائمة.. نسرين شبيب : صديقي حدثني عن لغة الألوان ، وليس عن بحور الدماء .. وحسب قوانين الجدل فأنا لا أعترف إلا بطقوسي و مزاجياتي التي أرسم وأرمي لها .. صراحة أنا على الدوام أفرغ ذاكرتي من كل ما هو متثاقل .. محمد هالي : إن الألوان صور يفبركها الواقع بلغة محاكاة الفنان .. نسرين شبيب : نعم فإحساسي وحده يحدد الاختيار . محمد هالي : فلنسبح في الألوان إذن .. هل الألوان انطباعات ذهنية خالصة ام أن حياة الفنان تجسدت في صور ؟ نسرين شبيب : المعذرة منك .. أحس ببعض المفارقة في السؤال ! و رغم ذلك سأتعايش ويا أطروحاتك .. محمد هالي : بل محاولة لأعيد السؤال بصيغة أخرى : هل الفن ذاتي ام موضوعي؟ نسرين شبيب : الاثنين معا . محمد هالي : اذن بدأنا نتفاهم نسرين شبيب : عسانا . محمد هالي: جيد ، أنا قرأت عن فلسفة الفن ، قرأت عن مدارس كثيرة السريالية ، الدادية ، الرومانسية الواقعية إلخ .. و شاهدت بعض لوحاتك ، أريد معرفة اللون المفضل لك من هذه المدارس .. نسرين شبيب : لا تتعب نفسك صديقي في معرفة التصنيف لدي ، فلا أنا سريالية ، ولا أنا رومانسية ، ولا انا واقعية .. بإيجاز وببساطة انتمي لمدرسة " الحرية " !! محمد هالي: جميل ، لأول مرة أسمع بهذا الاسم ، لكن مسألة الحرية كلمة واسعة ، سعة المحيط .. و رغم أن معرفتي بك جاءت متأخرة ، سأحاول أن أفهم منك طبيعة الحرية في التشكيل .. نسرين شبيب : لطالما أستطيع بخيالي أن أجول المحيطات .. فأنا وخيالي الخصب نعجن الحرية ألوانا لا متناهية .. محمد هالي : اذن الخيال أقوى من المحيط واسع ، تبحرين به إلى فضاءات واسعة ، لتنتجي لوحة كالمحيط ! نسرين شبيب : أن تكون حرا يعني ذلك ، أن لا تحدك قوانين .. يعني ذلك أن تجعل المتلقي أن ينسجم ويدخل بقلبه إلى ألوانك دون استئذان . . لكي تكون مخلصا في عملك أن تدع ألوانك تأخذك الى ذاك البحر الواسع ولماهية ذاك السر .. فتسبح معها دون أن تشعر فتغرق معها غرقا جميلا ! محمد هالي : هل هنا يكمن سر الإبداع . هل من الممكن أن نقرأ سويا اللوحة التشكيلية الأخيرة الموجودة على صفحتك ، اني اراها لوحة اشبه بالرومانسية .. نسرين شبيب : لوحة الانثى ؟ محمد هالي : الأنثى . نسرين شبيب : حقيقة لم اسميها بعد ، المهم أنك تراها لوحة رومانسية ! محمد هالي : فهي لوحة جميلة تستحق أن تخضع لتأويل فلسفي . نسرين شبيب : بإمكانك أن تقول أنني جسدت فيها صورة بلد مقهور ، لم يبق من اجزائه شيئا ، رغم ذلك يتنفس ، ويتأمل ، ورغم الألوان النارية ، لازال يحلم بالحياة ..! محمد هالي : رومانسية ربما لأنها لوحة حالمة ، ورومانسية التصور لتحاكي واقعا معلولا . نسرين شبيب : تحتل الرومانسية بعض الزوايا من ذاكرتي ، كل أنثى تجسد الواقع حسب ميراثها الحياتي من التجربة . محمد هالي: من وجهة نظري فهي تعبر عن انثى ، تنبع من الأرض بنار كثيفة ، سلامة الجسد ، و فيض الذهن .. نسرين شبيب : أنثى الأرض التي تلامس الطبيعة وحدها التي تستطيع ان تصور الواقع بألوانها واسلوبها الحالم ، سلامة الجسد في أوطان معلولة ..! محمد هالي : اذن فالرأس المشتت بكل ألوان الدخان و النار هروب بالفكر من أجل حلول لجسد الأرض . نسرين شبيب : الجسد هو وطن سليم في الظاهر ، بينما الرأس المشتت هو الذي يكشف اوجاع ذلك الجسد ، ليصبح لدينا " اوجاع وطن " . لو تمعنت في خلفية اللوحة ألم تر الكوكب ؟! محمد هالي : قوة الطبيعة باقية مهما عظمت الحروب و الصراعات لكن على الفكر ان يتعقل الأحداث و يتجه الى منبع الصواب . نسرين شبيب : لهذا فالتعبير بالرسم هو الصواب نفسه ! محمد هالي : اللوحة رومانسية بامتياز و قابلة لقراءات متعددة ، كما قرأ هايدغر لوحة بانكوك " حذاء فلاحة " لهذا أستعين بك لأفهم طلاسم الغموض الذي يكتنف اللوحة .. و ها أنت تظهرين جوانب كثيرة للانفتاح على التأويل المنطقي للوحة . نسرين شبيب : هذا ما يسرني ، اثارة الجدل حول لوحة ما، يترجم نجاحها ، يمكن للمتلقي أن يقرأها حسب فلسفته ومفهومه ورؤاه المتعمقة . محمد هالي : الفنان مقود الحقيقة الخفية وسط الالوان .. نسرين شبيب : ولكن القراءة الصحيحة ، دائما تكون لمن صب كل احساسه عليها، بما في ذلك المؤثرات والمكان والزمان وأخيرا فيبقى العمل ترجمة لميراث الفنان ذاته . محمد هالي : انا الآن احرك الصورة في عدة اتجاهات ، أخفي الجسد تارة، و تارة أخرى أخفي الرأس .. فتتراءى لي صور عديدة، و أذا دخلت في الـتأويل سأتيه في بحر فكرك الواسع ..! نسرين شبيب : حرك اللوحة في كل الاتجاهات .. تستطيع ان تخفي راسها حينا ، أو جسدها حينا اخر .. لكنك لا تستطيع ان تخفي نارية الألوان المنعكسة على راسها وجسدها وقدميها الغارقتين .. محمد هالي : جميل، ألم يكن الكائن فوق الأرض كيفما كان صنفه: امرأة من الأسفل .. لكن الرأس هو الكتف ، بمثابة جنين وسط رحم الأرض ! نسرين شبيب : من التراب والى التراب نعود ، هذه هي الحياة ، نولد أطفالا من رحم امهاتنا ، لنعود أطفالا الى رحم الارض . محمد هالي: الارض حبلى بكائناتها أحياء او أمواتا ، لكن رحم الكائنات لا تستقبل الا الاحياء ! نسرين شبيب : وانما ما هو جميل في هذه الحياة عند ولادة كل لوحة . محمد هالي : لكن تميز اللوحة هي إثارة الفضول لمعرفة الغامض فيها .. نسرين شبيب : الانسان يولد مرة واحدة ويموت مرة واحدة . وخلال هذه الفترة كنت أولد من جديد مع ولادة كل عمل ، لماذا هي متميزة ؟ محمد هالي : لكونها تثير أسئلة كثيرة .. و إذا توفرت لي الظروف سأقوم بتأويل مكوناتها .. نسرين شبيب : هي مختلفة بعض الشيء عن أعمالي السابقة ، ربما لأن الإنسان يمر عبر سلم الحياة .. وربما في احدى هذه الادراج .. استوقفتني محطة ما . محمد هالي : لنقل إنها كانت وليدة نضج فني ؟ نسرين شبيب : ربما تكون اختمار لحالة ما . محمد هالي : الإنسان كالسنبلة ، يبدأ ضعيفا .. ثم يتقوى ذهنيا ، ليقدم عطاءه الإبداعي في أرقى صوره و نقده لما هو سائد بلغة رمزية جميلة . نسرين شبيب : لازلت في طور الاكتشافات ، ولازلت اجهل ألوان الحياة .. محمد هالي : المبدع يتجدد دائما ، كلما اكتشف شيئا وضعه جانبا ، أي في قالب النسيان ، لكي يولد من رحم ذهنه ما يراه جميلا ..
#محمد_هالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زمن التزاحم
-
-عري التزمت-
-
-تيمة الجمال- من خلال حوار فايسبوكي مع المبدع عادل المتني، و
...
-
-الارض و المطر- من خلال حوار فايسبوكي مع الشاعر عبد الله سلي
...
-
حوار مع الشاعر ايوب مرعي ابو زور
-
حوار مع المبدع عادل المتني: الشعر و الفلسفة
-
-الفلسفة و الشعر- من خلال حوار مع الشاعر السوري عبد الله سلي
...
-
حوار فايسبوكي مع الشاعر السوري مرة اخرى (8)
-
حوار فايسبوكي مع الشاعر السوري عبد الله سليط (7)
-
حوار فايسبوكي مع الشاعر و الفنان عادل المتني(6)
-
اثنان في واحد
-
حوار فايسبوكي مع الموسيقار و الفنان كاردو بيري
-
اليسار المغربي و التعليم أم التعليم بدون يسار؟
-
صرخة مجنون العرب
-
حوار فايسبوكي مع الشاعر عادل المتني(4)
-
حوار فايسبوكي مع خالد الخياطي (3)
-
كاترينا أو سوريا كما تصورتها قصيدة عادل المتني(4)
-
حوار فايسبوكي مع الشاعر عادل المتني (2)
-
-كاترينا- المتنية أو سوريا كما تصورها الشعر(3)
-
-كاترينا- المتنية أو سوريا كما تصورها الشعر(2)
المزيد.....
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|