عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 5321 - 2016 / 10 / 22 - 01:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لأنّ الكتابة عن الفساد الآن ، تُعَدْ لصيقةً جداّ بهذه الحرب ، وليست بعيدة عنها .
و من أجل مقاربة مختلفة ، لتشريح عاملٍ ، هو من أهم عوامل دعم الارهاب ، والحرب ، في هذا البلد ، وتمويل استدامتهما ، أيّا ما كان الشكلُ أو الوسيلة .
لهذا كلّه .. ليس لديّ ما أقدّمهُ لكم ، ونحنُ نحاربُ الآن (على كلّ الجبهات ، وضدّ جميع الأعداء) .. غير هذا النصّ .
انّ موضوعا ً حساسا ً وخطيرا ً كموضوع الفساد في العراق لا ينبغي ان يكون خليطا ً من التهريج والهستيريا وفوبيا الموضوعات المحرّمة. ان الاقتصاد السياسي للفساد لا يعني تبنّي تسقيط الخصوم (كدالة هدف) في اي نشاط معرفي (او بحث اكاديمي). ان الباحثين لا يسقطون خصومهم ، ولا يفترض ان يكون لديهم خصوم باستثناء الظاهرة التي يتصدون لدراستها وتحليلها - وترويضها واخضاعها لمنطقهم- في نهاية المطاف.
و تأتي الحلقة المفرغة لاستدامة "عملية" الفساد في العراق، من سعي الأطراف والقوى، والعناصر والعوامل المؤسِّسة لها والمُستفيدة منها، إلى الإعلان الدائم عن نيّتها في مكافحتها، ومُحاولة تفكيك "ديناميكياتها" الذاتية، التي تستمّد منها (هذه القوى بالذات) أسباب وجودها واستمرارها في الاستحواذ، والسيطرة ،على مصادر الثروة والسلطة. و بسبب ذلك لم تنجح الأطر "الاجرائية" المعنيّة بمراقبة التصرفات المالية والإدارية، في السلطتين التنفيذية والتشريعية في العراق (مجلس النوّاب ، ديوان الرقابة المالية، هيئة النزاهة، ومكاتب المفتشين العموميين، ووحدات التدقيق الداخلي في دوائر الدولة كافة) في ادارة آليات وسياسات فاعلة، أو تحقيق نتائج ملموسة قادرة على كسر هذه الحلقة المفرغة، التي تسمح باستمرار عملية الفساد (والافساد)، واستدامتها .
لهذا تمكنّت "مؤسسة" الفساد (من خلال بنيتها التكوينيّة الشاملة ذاتها) ، من الالتفاف على هذه التشكيلات الإدارية، واحتواءها. بل ونجحت في جعل شُبهات الفساد تحوم حولها، وتُجرّدها من مصداقيتها. وتنزعُ ثقة الناس عنها، الى الحدّ الذي باتتْ فيه التشكيلات الإدارية لمكافحة الفساد جزءاً من المشكلة، وليست جزءاً من الحلّ. وأصبح القسم الأكبر من عملها يدور حول التفاصيل، وليس المحتوى. و حول النتائج، وليس الأسباب. وفي محاولتها لتحقيق انجازٍ ما بهذا الصدد، باتتْ تقوم بعمليات مُلاحَقَة، وإنزال عقاب (ذات طابع إعلامي) تستهدفُ بها الفساد الصغير، والفاسدين الصغار، في حين تقفُ عاجزةً عن المساس بمنظومة الفساد الكبير، ورؤوسها الكبيرة ،المتعددة الأذرع والأوجه والقدرات .
انّ "منظومة" قِيَم ، و ميكانزمات "مؤسّسة" الفساد هذه ، هي التي تقف وراء حروبنا المستدامة ، و خرابنا الطويل الأجل ، أكثر من أيّ شيءٍ آخر .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟