أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حواس محمود - المثقف التوليفي














المزيد.....

المثقف التوليفي


حواس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 1407 - 2005 / 12 / 22 - 07:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن الأزمة الثقافية العربية الراهنة لا تقتصر على العوامل الموضوعية من بنى تحتية ، وظروف اقتصادية وسياسية محلية وإقليمية ودولية فحسب وإنما – بنظري – تتركز أيضاً في جاني ذاتي هو المثقف نفسه ، فلا ننكر أن هناك مثقفين في العالم العربي يشهد لهم بالباع الطويل ، والجهد المثابر في الإنتاج الفكري الذي يتقاطع في تلويناته ومشاربه الإيديولوجية والفكرية المتعددة في ملامسة واقع معني مشخص ، ويستخلص من هذا الواقع استنتاجاته المنطقية بنسبة كبيرة ، ولكن نجد أن الساحة الثقافية العربية قد ابتليت وبخاصة في الفترة الأخيرة – التسعينات حتى الآن – بنوع من المثقفين يعتمدون على الجمع والكم لا النوع والكيف ، وعلى التوليف والإعداد لا التأليف والإنتاج ، وعلى السرد والوصف لا النقد والتحليل ، فتأتي نتاجاتهم جافة جامدة خاوية من الجمال الأسلوبي والمتعة الأدبية ، وفائدة لمضمون واضح مفيد ، وهذه الفئة من المثقفين همها الأوحد هو التمظهر والاستعراضية ، وتبيان العضلات الثقافية ، ويتحول دماغ المثقف " التوليفي " إلى خزان هائل من المعلومات الثقافية تتراكم هذه المعلومات وتتداخل في دماغه ولا يستطيع تهدئتها إلا بإفراغها في ورق أبيض ناصع ولو على عجل لأن المهم ليس دقة ورصانة النص المكتوب ، وإنما كمية النتاج الذي أثمر بضغط معلوماتي تراكمي هائل ، وهكذا دون قدرة هذا المثقف على إدخال الكم المعلوماتي في مصفاة النقد والتحليل والمحاكمة والمنطق للخروج منها بنتاج نوعي عميق ومتميز ، يقول جون لوك ( تصوروا جون لوك في زمانه ) : " إنه لمن المؤكد أن المعرفة كان من الممكن أن تصل إلى درجة أكبر من الرقي والتقدم لولا اصطدام محاولات العلماء المجدين بعادة سخيفة هي استعمال التعابير والمصطلحات غير المألوفة وغير المفهومة والمصطنعة التي زج بها في العلم وجعل منها فن قائم بذاته إلى درجة أن الفلسفة وهي المعرفة الحقيقية للأشياء أصبحت غير مقبولة ولا ملائمة للأحاديث والمجتمعات الراقية " ويقول أيضاً : " لقد حسب ولمدة طويلة بأن أشكال الكلام المهمة وسوء استعمال اللغة هما من خفايا العلوم ، وبالتالي ظنوا أن الكلمات الصعبة أو ذات الاستخدام المغلوط وغير ذات المعنى يجب أن تكون دليلاً على الثقافة العميقة والسمو في التأمل ، وهكذا أصبح من الصعب إقناع أولئك الذين يستعملون هذه الأساليب أو الذين يستمعون إليهم بأن هذا الغموض هو مجرد غطاء للجهل (1) " ومداخلة على قول لوك نقول : إذا كانت الكتابة التوليفية الغامضة المليئة بالمصطلحات الغربية غير مقبولة في أيام لوك ، فكيف يمكن أن تكون مقبولة في أيامنا هذه ؟ في ظل الموجة العولمية الهائلة والمحملة بالكم الكبير والهائل من المعلومات والإشارات والرموز التي تتطلب ذهناً متفتحاً واعياً قادراً على فرز الغث من السمين ، ونتساءل ألا تتعاضد الثقافة التوليفية مع الثقافة الإعلامية العولمية – إن جاز التعبير – في إبعاد المتلقي عن الاهتمام الثقافي الرصين الواعي والحصيف ؟ ثم ألا تشكل الكتابة الغامضة التجميعية عاملاً مثبطاً لنهل الثقافة الجادة والملتزمة ، وانزياحاً وهجرة من المستوى الثقافي إلى المستوى الإعلامي بسلبياته العديدة ؟
إن معظم الكتابات التوليفية تأتي جامدة هامدة غير ممتعة للقارئ الذي يحاول جاهداً فك طلاسمها ورموزها ومصطلحاتها – الجديدة عليه – والمتكاثرة بين سطر وآخر ، ولكن دون جدوى ، يقول – في هذا الصدد – الدكتور علي حرب – " فرب مقالة قصيرة تنطوي على جدة في الطرح والتناول ، أو على صعيد الفهم وأداة المعرفة ، في حين هناك كتب ودراسات مطولة هي مجرد تراكم لا تنطوي على جدة في التفكير أو إناء للمفهوم (2) " وإذا كان الغموض الزائد في الشعر مسألة غير مقبولة فكيف يمكن قبولها في المقالة والدراسة ، إن الوضوح والشفافية ضرورية في أي خطاب نثري خاصة ، وإنه يتوجه إلى شريحة واسعة من المهتمين بالثقافة والمعرفة ، وإذا كانت ذريعة المثقف التوليفي أن كتابته للنخبة لا للجمهور ؛ فهذه ذريعة واهية وغير مبررة وغير منطقية لسبب بسيط وهو أن رجالات عدية من النخبة الفكرية يكتبون بأسلوب غير توليفي أي بأسلوب تتحقق فيه المتعة والفائدة معاً ، وهذا هو المطلوب .
الهوامش :
جون لوك – عصر التنوير – فلاسفة القرن الثالث عشر – ترجمة د . فؤاد شعبان – مراجعة ناظم الطحان – وزارة الثقافة السورية 1980 م .
علي حرب – أوهام النخبة أو نقد المثقف – بيروت – المركز الثقافي العربي – 1998 – ص 133 .



#حواس_محمود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة الفساد الثقافي
- رؤية الواقع بين الايديولوجيا والابيستمولوجيا
- الاصلاح حاجة آنية ملحة
- اقتصاد المعرفة
- الرأي العام
- الثقافة والمثقفون
- الشاعر عبد الله كوران النجم الساطع والرائد المجدد لفي الشعر ...
- الثقافة والتقانة حوار أم صراع
- بلند الحيدري هل ظلمه النقاد
- - حول تفجيرات عمان الأخيرة- الثقافة المفخخة
- العالم العربي والمجتمع المدني


المزيد.....




- بارقة أمل حول العالم.. هل ستنجو السلاحف البحرية من الانقراض؟ ...
- -رونين-.. جرذ عملاق يُحطم الرقم القياسي لموسوعة -غينيس- في إ ...
- -لا نعرف إلى أين نحيل الحالات المرضية الصعبة-، طبيبة من غزة ...
- انقلاب حافلة تقل فريق كرة قدم للأطفال في كازاخستان
- ضبط شخص دهس رجل أمن عمدا في الكويت
- وزير خارجية مصر يسلم رئيس تونس رسالة من السيسي ويستعرضان تحر ...
- إعلام عبري: عدد الإسرائيليين الموقعين على عرائض تدعو لوقف ال ...
- قنابل أوروبية في السودان: طريق المرتزقة من الإمارات إلى السو ...
- ترامب يهدد بالتخلي عن جهود السلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا إ ...
- وثائق اغتيال روبرت كينيدي تشمل ملاحظات الفلسطيني سرحان سرحان ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حواس محمود - المثقف التوليفي