أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكاتب التّونسي: محرز راشدي - المَقَامَةُ اللَّعْبيةُ المُؤجَّلَةُ














المزيد.....


المَقَامَةُ اللَّعْبيةُ المُؤجَّلَةُ


الكاتب التّونسي: محرز راشدي

الحوار المتمدن-العدد: 5239 - 2016 / 7 / 30 - 21:15
المحور: الادب والفن
    


حدّثنا عيسى بن هشام الإفريقيّ التّونسيّ قال: بينما كنت في مقهى من مقاهي البلاد، صفر اليدين من الخيال ومن الزّاد، أجالس رفقة من أفلس العباد، منهم المزارع والإسكافيّ والحائك والحدّاد، إذ دخل رجل خمسينيّ، وانتبذ مقعدا قصيّا، وضرب على الطّاولة بيد، فتطاير الغبار وبان جليّا، وحملق في النّادل مليّا، وقال له: "فدتك نفسي يا أخانا، هلاّ أتيتنا بقهوة سريعة فنترشّفها على عادة أبينا، وهلّا اجتلبت غليونا ندخّنه على سنّة الأوّلين، ولا تنس المنفضة أكوّم فيها ما احترق من أحلام الحالمين، بل هات النرّجيلة، فقد جاشت من نفسي مراجلها، وأراني في حيرة أكابدها، وفي فورة أصارعها...انطلق يا هذا فإنّ التأنّي من عادات البلهاء، ولا تكترث بطلبات الغوغاء، فإنهم أعداء كلّ عنقاء..."، فأجابه النّادل والابتسامة التّجارية لا تفارقه، والكلمات السّوقية قلّما تناكفه: "سأوافيك بما طلبت، وأجازيك على قدر ما أعطيت، وأجافيك كلّما أمسكت، وأنت رجل ذو منزلة، وهذا باد من الهيئة ثمّ الكلمة، وإنّ الوقار والعقار ليسا تقاربا في الإيقاع، ولقد وقعت في نفسي موقعا حسنا، فأنت من الهامشيين متن ومزن".
فبادله الرجل الابتسامة، وأعطاه الإشارة، وبدأ ينظر في زوايا المكان، ويترصّد آلة الميقات والزّمان، ويرشق بنظراته الجالسين والواقفين، الذّاهبين والآيبين، ويعدّل بين الفينة والفينة من موقع الرّؤية، وفي كلّ مرّة يغيّر الموضع والبؤرة، ولا يكفّ عن الهمهمة والنّحنحة، إمعانا في استحضار الكاريزما، وحرصا على استدعاء الميكانيزما، فقد حدّثته نفسه بأنّه شخصيّة، وبأنّ النّادل مجرّد وسيلة ومطيّة.
والحقّ أنّنا في بهتة، فنحن فئة صغيرة، حياتها على ذات الوتيرة، الوجوه معروفة، والأسماء معلومة، والألقاب محفوظة، والكنيات مسكوكة. والحقّ أقول لكم: " إنّ هذا الرّجل صاحب سحنة غريبة، وعين بليدة، وابتسامة تليدة، وأذن عنيدة...العين منه اصطدمت بحول وحشيّ، والحاجب كارثيّ، والأنف من فرط ضخامته تخاله مطّاطيا، وسنابل الشعر من مناخره استفزازيّة، والشّارب هتلريّ، والصّلعة بقعيّة، والفراغات في الرّأس عشوائيّة، أما الكرش فكثبانيّة، واللّباس كلاسيكيّ بألوان فلكلوريّة....".
ولقد عقدت ورفقتي مجلسا ضيّقا، وتباحثنا أمرا ليس هيّنا، وتدارسنا وضعا جليلا، ولم يرجع النّظر حسيرا، وانتهينا إلى قرار حاسم، وهو أن نُشرك السيّد الباسم، ونورّطه في لعبة الورق، بتعلّة رفع السأم، وطرد القلق، ثمّ نستدرجه إلى الحديث في خطبه، ونعرف منه مراهم العيش، ودراهم المعاش، وليونة الرّكب، وسيولة الجيب. ثمّ نذهب به شأوا في اللّعب، ونحن أهل ظرف وأصحاب ملحة ولعب، ونتزوّد بالشّرب، ونستزيد من منابع العبّ، ونعقد مع النّادل البشوش صفقة، وهي غنيمة لا سقطة، ونتحايل على هذا "الفلان" حتّى يبقى عبرة لــ"علّان"، فمُقامنا مقام لهو وزهو، ومجمعنا مجمع غمز وهمز، وملتقانا ملتقى حكاية ونكاية، وسبلنا سبل مناورة ومداورة..ويبدو أنّ جليسنا المُرتقب لمجة مستساغة المذاق، ورغيف من بلاد الواق واق، وصيد يفتح لنا الآفاق.



#الكاتب_التّونسي:_محرز_راشدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
- -الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
- -الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
- فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
- أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
- إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
- الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو ...
- -ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان ...
- تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال ...
- جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تكرِّم المؤسسات الإع ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الكاتب التّونسي: محرز راشدي - المَقَامَةُ اللَّعْبيةُ المُؤجَّلَةُ