|
قصة قصيرة / أنا بحاجة إلى هواء نقي
عبد المجيد طعام
الحوار المتمدن-العدد: 5216 - 2016 / 7 / 7 - 19:28
المحور:
الادب والفن
سألها:" ما هي أحلامك في الحياة ؟ " ردت عليه فقالت :" لقد انتهى عهدي بالأحلام ...بانتهاء عهد الطفولة و المراهقة..أنا أشتغل الآن على تحقيق مشاريعي." ارتسمت على وجهه علامات استفهام كبيرة لأنه لم يستسغ أن توجد حياة بدون أحلام ... الحياة خلقت أصلا لكي نحلم فهو لا يتوقف عن الحلم في يقظته و منامه حتى حديثه مع "سولاي" كان قبل ساعات مجرد حلم وأحس لأول مرة أن الخمسة دراهم التي سيدفعها لصاحب " السيبر" لن تذهب سدى . سولاي... اسم على مسمى، عرفها على الانترنيت منذ ساعات فقط و أشرق حبها في قلبه، سولاي الشابة السويسرية الفائقة الجمال استبدت بأحلام يقظته ... لن يستطيع الليلة أن يطرد وجهها الملائكي من على وسادته سيناجيها و تناجيه، سيتبادلان القبل و سيجعل من فحولته الشرقية ورقة رابحة في معادلة حبه ، عبد الباقي لازال مادة جنسية خام . مرغما أوقف شلال أحلامه و سألها بكل عفوية :" و ما هي مشاريعك ؟" ردت بطلاقة " آه ..مشاريعي ...كثيرة أحاول أن أنظمها قدر المستطاع .. لكنني قررت هذه السنة أن أضبط تقنياتي في القفز بالمظلة ..علي أن أعيد النظر في مواعيدي لأقفز مرات عديدة من ارتفاع شاهق...أنا أشتغل بجدية...لأحقق كل الأهداف.." ابتلع عبد الباقي ريقه و طال صمته، فطبطبت سولاي على الميكروفون و قالت له :" كوكو ..هل مازلت هنا ؟ ...طيب... السنة المقبلة ستكون حاسمة في حياتي لأنني قررت أن أتوقف عن العمل لمدة سنة كاملة لأقوم بجولة عبر العالم على دراجتي الهوائية..هذا المشروع يأسرني لأنني أريد أن أكتشف الثقافات الإنسانية المختلفة..أنا متأكدة من أن الرحلة ستكون ممتعة ... التعب لن يساوي شيئا أمام لذة المعرفة و الاكتشاف..و لكن قل لي أنت ...ما هي مشاريعك في هذه السنة.. ؟" سؤال محرج عمق جراح عبد الباقي الشاب الذي تجاوز الثلاثين من عمره و لازال يعيش في بيت أبويه ،مجاز معطل عن العمل تظهر على وجهه الشاحب كدمات نفسية عديدة ..كان بوده أن يكذب على سولاه لكن عفويته غلبته و أجابها :"..أنا ...لا أحمل مشاريع ...لدي أحلام كثيرة مؤجلة لا تخرج عما كان يحلم به أبي و عمي و خالي....أحلم بوظيفة متواضعة .. أحلم أن تجد لي أمي زوجة مطيعة لا تبيت الملائكة تلعنها ...أحلم أن تكون لي شقة بسيطة، لا يهم إن كانت تحفظ كرامتي أم لا ... أحلم بأن أجد في جيبي نقودا لأؤدي الحساب للنادل.... أحلم بأن ترسلني إدارتي إلى الحج في خريف عمري و أقضي ما تبقى لي من العمر مرتاح البال...أنتظر الموت بقلب مطمئن ..." استغربت سولاي ، لم تفهم أشياء كثيرة ،أحست بغربة هذا الإنسان في هذه الحياة و شعرت بألم حاد يعتصر أحشاءها فأرادت أن تغير الموضوع و تنقل عبد الباقي إلى أجواء أخرى ربما تكون أرحم من هذه الأحلام الغريبة فسألته :"هل مررت بتجربة حب في حياتك ؟" لولا الخجل لقال لها :" أنت أجمل تجربة حب في حياتي... أنت أحلى ما يمكن أن أصادفه في الوجود.. سأظل وفيا لحبك ما حييت.." لكنه تماسك نفسه و قال لها:" آه الحب ... هناك تجربة حب عظيمة في حياتي أحببت امرأة واحدة و سأستمر وفيا لحبها...أنا أحب أمي ..و أكره أبي..أحب أمي لأنها المرأة الوحيدة التي تشعرني بالأمان، كنت و أنا طفل أختبئ وراءها كلما زار ضيف بيتنا..استمررت في مص حليب ثدييها إلى أن كبرت أسناني..لازلت و أنا في الثلاثين لا أطمئن إلا حينما أضع رأسي على ركبتيها ..أتلذذ بمداعبتها لشعري لكنني أكره أبي ، لماذا ؟؟ لأنه كان يسرق مني أمي ليلا ، يقودها إلى الركن المظلم من الغرفة و عندما يتأكد من أن كل إخوتي ناموا يستلقي عليها ... يصدر منه صراخ و يصدر منها أنين .. كان المشهد يرعبني و الأصوات تخيفني و تكاد تخنقني .. كنت أظن أن أبي يأكل أمي كل ليلة و يعيدها إلى صورتها في الصباح ليأكلها مرة أخرى و مرات عديدة، فزاد كرهي له..و أصبحت أخاف من أن يقودني إلى الركن المظلم و يستلقي عليّ ليأكلني..." توسلته سولاي و رجته بأن يتوقف عن الكلام و قالت له:" أكاد أختنق ، أنا بحاجة إلى هواء نقي.." قطعت الاتصال و تركت المكان تتصارع فيه الأحلام و الرغبات ....خرج عبد الباقي من " السيبير" بعد أن حفر كل تفاصيل جسد سولاي في ذاكرته، اتجه إلى البيت و قرر أن يواصل الحديث مع معشوقته التي سكنت وسادته... انتهت 22/06/2016
#عبد_المجيد_طعام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أريدك في الأرض ...قبل السماء....
-
هو أم هي .. ؟؟؟
-
فتوى امرأة / خمس قصص قصيرة جدا
-
القرار و مزبلة النسيان…
-
قصة قصيرة / دمغة أهل الجنة
-
قصة قصيرة / الناعس سيدي الغالي
-
قصة قصيرة / الخيانة
المزيد.....
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|