محمد بهى
الحوار المتمدن-العدد: 5198 - 2016 / 6 / 19 - 00:04
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
صدر عن غرفة الأحوال الشخصية والميراث بمحكمة النقض بالرباط بالمغرب ، حكم أقل ما يمكن أن يوصف به هو أنه اجتهاد غريب بكل المقاييس , و"لا يستقيم بأي شكل , لا منطقا ولا عقلا ولا قانونيا ولا دينيا ولا طبيا ولا علميا " ، بحيث يجيز التعدد الزوجي للزوج بمبرر رغبته في إنجاب ولد ذكر فيما زوجته لا تلد سوى الإناث ،
وجاء في القرار المعلل الصادر بتاريخ 23 يونيو 2015 في الملف الشرعي عدد 276/2/1/2015، الخاص بطلب التعدد وموافقة الزوجة، أن "رغبة الزوج في إنجاب مولود ذكر، هي مبرر موضوعي واستثنائي". بمراعاة المادتين 40و 41 من مدونة الأسرة .
ولو أن أحدا من القضاة البمكونين لهيأة المحكمة اطلع أو تمكن من تذكر دروس مادة العلوم الطبيعية لقسم الثامن إعدادي , لكان له الفضل في تجنيب المحكمة هذه المسخرة التي لا تليق بقضاة يقررون في مصائر الناس .
فالتلاميذ المواظبون بالقسم الثامن من سلك الإعدادي بالتعليم المغربي يعرفون على وجه اليقين بأن الخلية الجنسية المسماة بالمشيج لدى المرأة والرجل تحتوي على 23 صبغي , وأن الصبغي رقم 23 هو الصبغي الجنسي المسؤول عن تحديد جنس الجنين . لكن إذا ما كان هذا الصبغي بالنسبة للمرأة هو X دائما , فإن الأمر يختلف بالنسبة للرجل بحيث يمكنه إما أن يكون X وإما أن يكون Y بنسبة احتمال تساوي 50%. بحيث يترتب عن التقاء المشيج الذكري بحسبما إذا كان X أو Y بالمشيج الأنثوي X (أي الإخصاب) , إما تشكل بيضة تحتوي على زوج الصبغي الجنسي XX الذي سيعطي جنين أنثى , وإما أنه سيعطي الزوج الصغي الجنسي X Y الذي سيعطي جنين الذكر.
وأخذا بالاعتبار لمعطيات هذا الدرس من مقرر ال 8 إعدادي فإن الرجل يصبح هو المسؤول الرئيسي عن جنس الجنين وليس العكس ,
وبالتالي كيف يعقل أن هيأة المحكمة اتخذت من الجهل حجة قانونية , محولة الجهل المعرفي إلى "مبرر موضوعي واستثنائي" وبنت عليه حكما قضائيا مكلفا ,
لا أدري إن كان ثمة فتحة أمل تسمح بإعادة النظر في هكذا حكم كاريكاتوري , لكن لنتصور أن يتم تحويل نفس المبرر الموضوعي والإستثنائي" الذي أجيز بمقتضاه التعدد للرجل إلى ناحية المرأة , بحيث يصدر القضاة حكمهم لصالحها بما يسمح لها بتغيير الزوج حتى لا نقول تعدد الأزواج .
على الأقل فإن العلم سيكون حينها إلى جانب القضاة عوض المسخرة التي وضعوا أنفسهم فيها ...
#محمد_بهى (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟