|
مادة الخمر مكروهة والتحريم يقع على السكر
مصطفى راشد
الحوار المتمدن-العدد: 5081 - 2016 / 2 / 21 - 17:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الخمر أختُلف فى تعريفه فمنهم من قال أن الخمر لغة : - هى كل ما خامر العقل وغلبه أى ذهب به وفى الاصطلاح الفقهى : - الخمر أسم لكل مسكر وهناك رأى اٌخر يعُرف الخمر لغة وشرعاً : - بقوله هو كل مسكر سواء كان من العنب أو غيره والخمرُ قد يكونُ منَ العنبِ أو التمرِ أو العسلِ أو القمح أو الشعيرِ أو الذرةِ أو البصل أو البطاطا أو التفاح او القصب او الكمثرى او التين أو غير ذلك. ولتحديد وضع الخمر فى الاسلام ، إن كان محرماً أم لا ، سوف نناقش الآيات والأحاديث المتعلقة بموضوع الخمر بالشرح والتفسير، حتى نستطيع الوصول للرأى الفقهى لوضع الفتوى بوضوح واطمئنان وثبات الحجة : - اولا : - قوله تعالى فى الآية 219 من سورة البقرة ( يسأ لونك عن الخمر والميسر قل فيهما أثم كبير ومنافع للناس واثمهما أكبر من نفعهما ) ( ص ) والآية هنا توضح أن الخمر والميسر فيهما أثم ومنافع لكن اثمهما أكبر من نفعهما ، وهذا ليس بنص تحريم بل يضع الخمر فى درجة المكروه ، لأن نصوص القرآن عودتنا على الالفاظ القاطعة الواضحة اذا كانت المسألة تتعلق بالتحريم مثل قوله تعالى فى سورة البقرة 173 ( حُرِّم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير) وكذا الاية 3 من سورة المائدة وايضا قوله تعالى فى الاية 96 من سورة المائدة ( وحرم عليكم صيد البرما دمتم حرما ) وكذا سورة النحل الاية 115 ، مما يعنى أن الخمر مكروه وليس محرما وإلا لماذا لم تقل الاية حرم عليكم الخمر . ثانيا : - قوله تعالى فى الاٌية 43 من سورة النساء ( يا أيها الذين أمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) ( ص ) وقد نزلت هذه الاية بعد أن كان بعض الصحابة يصلُّون وهم فى حالة سكرٍ مزرٍ فيخطئون فى قراءة الآيات -- ويفهم ضمنيا من الآية هو أن السكر حتى الغياب عن الوعى ممنوع اثناء الصلاة ونص الاية لا يمنع فى غير اوقات الصلاة كما أنه دليل قاطع على تحريم السكر وليس مادة الخمر وإلا كانت الآية قالت ولا تقربوا الصلاة وأنتم شاربى الخمر لأن المعنى العكسى أنهم كانوا يؤدون الصلاة مع شرب الخمر دون السكر لأن التحريم أو النهى ورد فى السكر . ثالثا : - قوله تعالى فى الآية 90 من سورة المائدة ( يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فأجتنبوه ) ( ص ) وهنا الآية واضحة فى طلب الإجتناب وليس التحريم والإجتناب يأتى فى الكبائر والصغائر أما التحريم يكون فى الكبائر فقط ،وهذا لا يدل على التحريم بل يضع الخمر فى درجة المكروه. وفرقُ كبيرُ بين حكم المحرم والمكروه رابعا : - قوله تعالى فى الآية 91 من سورة المائدة ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكُم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدّكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ) ( ص ) . ايضا لم تقطع هذة الاية بحرمة الخمر والميسر بل تطالبهم بالتوقف عنهما حتى لا تصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة ، ثم يأتى القرآن ليؤكد أن الخمر ليس محرم فى ذاتة بل فى علة الوقوع فى السكر الذى يصد عن ذكر الله وعن الصلاة بقوله تعالى فى الآية 15 من سورة محمد ( مثل الجنة التى وعد المتقون فيها أنهار من خمرٍ لذةٍ للشاربين ) ( ص ) أى أن الخمر سيكون بالجنة ولا يقول لى احد بوجود فرق بين خمر الجنة وخمر الدنيا لأن الكلمة واحدة فى كل الأيات ولا فرق بينهما إختلاف فى النوع وغير ذلك تأويل بلا أساس خامسا : -بالنسبة للأحاديث الواردة فى تحريم الخمر أو بيعها فهى بالكامل غير صحيحة ومنقطعة ونتحدى من يقول بغير ذلك بالنسبة للحديث الذى رواه مسلم رقم 3733 بأن كل مسكر حرام. ابتداءً نتحفَّظ على سند الحديث لأن التحريم وهو أعلى درجات الأحكام فى الشريعة الأسلامية لا يكفيه حديث يصدر عن أحد أو بعض الرواة— لكن على اى حال فنص الحديث لا يحرم الخمر فى حد ذاته بل يحرم السكر أى الوقوع فيه . ونحن إذ نفتى بعدم حرمة الخمر فى الاسلام قد وضعنا أمام أعيننا قوله تعالى فى الآية 116 من سورة النحل ( ولا تقولوا لما تصفُ ألسنتكمُ الكَذبَ هذا حلالُ وهذا حرامُ لتفتروا على الله الكذبَ ) ( ص – كما أنه لا يوجد حد لشارب الخمر فقد إختلف فقهاؤنا القدامى فى عقوبة أو حد الخمر لعدم وجوده كما فسروه وهل هو حد أم تعزير ، لأن القرآن لم يأت بحد أو عقوبة لشارب الخمر مطلقاً ، كما أن هؤلاء الفقهاء إختلفوا فى حجم العقوبة وعدد الجلدات ، فذهب الأحناف ومالك إلى أنه ثمانون، وذهب الشافعي إلى أنه أربعون، وعن أحمد روايتان، قال في المغني: وفيه روايتان إحداهما أنه ثمانون، وبهذا قال مالك والثوري وأبو حنيفة ومن تبعهم، حيث قد روي أن عمر إستشار الناس في حد الخمر فقال عبد الرحمن بن عوف: إجعله كأخف الحدود ثمانين- فضرب عمر ثمانين وكتب به إلى خالد وأبي عبيدة بالشام. لذا وجدناهم يستندون فى وضع حد لشارب الخمر رغم إختلافهم طبقاً لما ورد وروي عن أنسٍ ابن مالك رضي الله تعالى عنه: «أنّ النّبيّ (ع) أتي برجلٍ قد شرب الخمر، فجلده بجريدتين نحو أربعين )) ومع أهمية الموضوع لإقراره بعقوبة وحد فنجد الحديث لم يذكر لنا اسم هذا الرجل الذى وقع عليه هذا الحد ، ورغم أن هذا الحديث ضعيف إلا أنهم أرادوإنزال الحكم والحد به ، كما أنه لا يمكن أن يكون الحد بقرار بشرى . وهذه رواية آخرى عن السّائب بن يزيد قال: «كنّا نؤتى بالشّارب في عهد رسول (ع) وإمرة أبي بكرٍ، فصدراً من خلافة عمر، فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا، حتّى كان آخر إمرة عمر، فجلد أربعين، حتّى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين». – ورغم أن هذه الرواية ضعيفة إلا أنها توضح التخبط فى تحديد عقوبة شارب الخمر فالسائب ( ض) يقول فى عهد الرسول (ع) وعهد أبى بكر كنا نأتى بشارب الخمر وننهال عليه بأيدينا ونعالنا، وفى بداية عهد الخليفة عمر كان يجلد أربعين ، حتى كثر وزاد شاربى الخمر فجلد الخليفة عمر ثمانين ،مما يعنى أن الخليفة عمر أتى بشريعة غير الشريعة المحمدية والعياذ بالله مما يبين جهل هؤلاء الفقهاء وكذب بعضهم على الله وضعف وتخبط هذه الروايات ، وأنه لو كانت عقوبة الخمر حداًّ ما كان لعمر أن يغيرها ، { تلك حدود الله فلا تعتدوها } ( البقرة 229 ) . ايضاً يعنى أنه لو كانت توجد عقوبة أو حد لشارب الخمر لما إختلفوا فى نوعية العقوبة وحجمها بهذا الشكل --- لكن لأن الفقهاء قد بنوالمسألة من البداية على خطأ حينما حرموا الخمر دون أن ينص القرآن على ذلك ، فكان لزاماً أن يضعوا له عقوبة وحد . ايضا كيف تكون الخمر كمادة محرمة والرسول الكريم والصحابة كانوا يشربون النبيذ وهو نوع من الخمر كما يقول المعجم اللغوى وايضا الرسول الكريم توضأ به وهذه هى بعض الأحاديث التى ذكرت ذلك عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستسقى، فقال رجل: يا رسول الله، ألا نسقيك نبيذا؟ فقال: بلى. قال: فخرج الرجل يسعى، فجاء بقدح فيه نبيذ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا خمرته[1] ولو تعرض عليه عودا. قال: فشرب»[2] رواه مسلم . - حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا القاسم يعني ابن الفضل الحداني حدثنا ثمامة يعني ابن حزن القشيري قال لقيت عائشة فسألتها عن النبيذ فدعت عائشة جارية حبشية فقالت سل هذه فإنها كانت تنبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت الحبشية كنت أنبذ له في سقاء من الليل وأعلقه فإذا أصبح شرب منه رواه مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينقع له الزبيب، فيشربه اليوم، والغد، وبعد الغد إلى مساء الثالثة، ثم يأمر به فيسقى أو يهراق رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أنه : كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا عبد الله أمعك ماء قال : معي نبيذ في إداوة فقال : اصبب علي فتوضأ قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا عبد الله بن مسعود شراب وطهور : إسناده صحيح والمصدر: مسند أحمد الصفحة أو الرقم: 5/ 295 ايضا جاء فى السيرة الحلبية جـ3 ص459 بانه من كان يضاحك النبى : نذكر فيهم نعيمان كان النبى اذا نظر الى نعيمان لا يتمالك نفسه من الضحك لانه كان مذاحا ومنهم من كان يشاركه فى الخمر واسمه عبد الله ويلقب بالخمار ( ومعنى النبيذ فى المعجم الوسيط جـ2 ص897 النبيذ شراب مسكر يتخد من عصير العنب او التمر ويترك حتى يختمر روى يحيى بن اليمان، عن الثوري، عن منصور بن خالد، عن سعيد بن مسعود الأنصاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم عطش وهو يطوف بالبيت، فأتي بنبيذٍ من السقاية فشمه فقطب، ثم دعا بذنوب من ماء زمزم فصب عليه وشرب، فقال له رجل: أحرام هو يا رسول الله؟ فقال: "لا ايضا نفس الحديث رواه ابن عباس وابن عكرمة زيد بن علي قال الله ابتلاكم بهذا النبيذ، أحل منه القليل وحرم منه الكثير حدثنا روح حدثنا حماد عن حميد عن بكر بن عبد الله أن أعرابيا قال لابن عباس ما شأن آل معاوية يسقون الماء والعسل وآل فلان يسقون اللبن وأنتم تسقون النبيذ أمن بخل بكم أو حاجة فقال ابن عباس ما بنا بخل ولا حاجة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا ورديفه أسامة بن زيد فاستسقى فسقيناه من هذا يعني نبيذ السقاية فشرب منه وقال أحسنتم هكذا فاصنعوا ومن سنن ابو داود (كان ينبذ للنبي صلى الله عليه وسلم الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة ثم يأمر به فيسقى الخدم أو يهراق وهذه رواية صحابي جليل آخر، وهو أبو موسى الأشعري التي قال فيها "بعثني رسول الله أنا ومعاذا إلى اليمن فقلنا يا رسول الله: إن بها شرابين يصنعان من البر والشعير: أحدهما يقال له المزر، والآخر يقال له البتع. فما نشرب؟ فقال: اشربا ولا تسكرا".) الإمام النووي قد بوب بابا في شرحه لصحيح مسلم بعنوان: "إباحة شرب النبيذ قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا (150 الأنعام ونستخلص من كل ذلك أن الإسلام بكل تأكيد لم يضع حد أو عقوبة لشارب الخمر بل جعله من الأعمال المكروهة لأنه يؤدى للمحرم وهو السكر . الشيخ د مصطفى راشد عالم أزهرى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء الإسلام من أجل السلام ورفض العنف
#مصطفى_راشد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النقاب مهين لصورة الإسلام وتحدى لشرع الله
-
الإحتفال بَعيِد الحب من الأمور المستحبة
-
لقمة فى بطن جائع خيرٌ من بناء ألف كنيسة أو جامع
-
الرد على عباس شومان الكاذب الذى نفى عنى صفتى الأزهرية
-
الرد على الكاذب عباس شومان الذى نفى عنى صفتى الأزهرية
-
بلاغنا ضد الجاهل أحمد كريمة الذى أهدر دمى
-
بلاغنا ضد وكيل الأزهر عباس شومان المناصر للإخوان
-
عن الخلايا النائمة فى الأجهزة السيادية بمصر
-
نص بلاغنا ضد الشيخ الكاذب خالد الجندى الشهير بنبوية
-
الحج لجبل الطور أعظم منزلة من الحج للكعبة
-
فتاوى ووجوه منفرة
-
موضة إزدراء الدين فى مصر
-
ضرورة إصلاح القضاء المصرى
-
أسئلة وأجوبة
-
تهنئة المسيحيين وغير المسلمين بأعيادهم
-
أتعرض على الهواء لحملات داعشية بربرية
-
الحُكم على أحمد موسى بالجلد
-
من يُكفر المسيحى واليهودى كافر
-
حوارنا مع جريدة البيان
-
بالفيديو لقاءات تلفزيونية ومع مسؤولين من اوربا مع وفد علماء
...
المزيد.....
-
قائد -قسد- مظلوم عبدي: رؤيتنا لسوريا دولة لامركزية وعلمانية
...
-
من مؤيد إلى ناقد قاس.. كاتب يهودي يكشف كيف غيرت معاناة الفلس
...
-
الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|