وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 5072 - 2016 / 2 / 11 - 15:18
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
( 1 ):( ان اول استعمار تم في تاريخ البشرية يتمثل باستعمار المراة ووضعها في وضع منحط ودوني )الباحث في الانثروبولوجيا الدكتور فالح مهدي من كتابه :
( الخضوع السني والاحباط الشيعي : نقد العقل الدائري ) – ط 1 – 2015 – الناشر : بيت الياسمين للنشروالتوزيع – القاهرة.
( 2 ) يكتب الباحث د . فالح مهدي في مقدمة عنوانه عن تدجين المراة مايلي :
( قوانين العراق القديم تقدم لنا صورة مذهلة عما يمكن ان نطلق عليه انثروبولوجيا وسوسيولوجيا القانون من الناحية التاريخية, فلا زواج بلا عقد , ولا شرعية للاولاد بدون زواج .
العالم القديم يشترك باعتباره العائلة والزواج العمود الفقري للقوانين القديمة . ولو نظرت الى قوانين حمورابي والقوانين الاشورية , فستجد ان الاحوال الشخصية تشكل عمودها الفقري .
ويمكننا تطبيق نفس البديهية على القوانين اليهودية والاسلامية وقانون مانو الهندي ).
لقد توصل الباحث د . فالح مهدي الى ان اول استعمار تم في تاريخ البشرية يتمثل باستعمار المراة .ووضعها في وضع منحط ودوني . اساطير بلاد مابين النهرين ( العراق القديم ) تقدم صورة لاستعمار الرجل للمراة . ان ادب تلك الحضارة صاغه الرجال الذكور من كهنة وكتبة المعبد السومري والبابلي والاشوري . فالالهة عشتار ثنائيةالطابع .فهي آلهة الحب وفي نفس الوقت آلهة الحرب , المانحة والغادرة .وفي الاسطورة الاغريقية فتحت ( بندورا ) صندوق الامراض والكوارث . ولم تبتعد الديانات التوحيدية عن هذه النظرية وتابيد دونية المراة .
لقد خلق اله التوراة (ياهو)حواء من ضلع معوج لادم , ولم يخلقها من طين او من تراب , وقد دفعته حواء الى اكل الثمرة المحرمة , وهي التفاحة رمز لعصر الزراعة ,بحسب الباحث د خزعل مهدي , وفي قانون مانو نجد النص التالي :
( اعطى الله للمراة الغضب وقلة الشرف , المكر والسفالة ).
نجد في قانون مانو قسوة لاوجود لها في القوانين الاخرى . فالارامل نادرا مايرثن ازواجهن . وقانون مانو يقسم الارث مابين الاولاد والزوجة . وتذهب بعض الاعراف وحتى قانون مانو الى عدم جدوى استمرار المراة في في الحياة بعد وفاة زوجها , حيث كانت تغطى بالحطب وتحرق في لحظة مراسيم حرق زوجها .
ولم يبطل تلك العادة البربرية الا المستعمر البريطاني ( الرحيم ) عام 1829 .
الاسلام لم يخرج عن هذا التراث كثيرا ,فيرجم الزانية والزاني حتى الموت , كما هو الحال في ايران اليوم , او ان يجلدا مائة جلدة قد تؤدي بهما الى الموت .
كل الديانات قامت بتقنين وقوننة الجنس .
لقد نصت المادة ( 129 ) من قانون حمورابي ( شريعة , ناموس ) على مايلي :
( اذا اضطجعت امراة مع رجل آخر غير زوجها , فيوثق الاثنان ويرميان الى النهر ).
لقد اعطى قانون حمورابي الزوج الحق في ان يعفو عن زوجته . ان المشرع يقوم باخراج المذنبين من دائرة الايمان , فالحيز الدائري يضع النظافة في اعلى قائمة القيم .
الماء ينطوي على معاني الغسل والتطهير لكي يبقى الحيز الدائري نقيا . كما كان بامكان الملك العفو عن عشيق الزوجة اذا قام الزوج بالعفو عن زوجته .
في سفر التثنية من التوراة نجد ان الرجل ,الذي يضبط في فراش امراة متزوجة يتم رجمهما حتى الموت .
في الاسلام نجد تشريعات مشابهة . ففي سورة النور ( 2 )يجلد الناكح والناكحة مئة جلدة , وهي عقوبة موت بطيء .
تتمثل الصعوبة في استحالة اثبات فعل الزنا هذا بوجود اربعة شهود عدول يرون الفعل كدخول الميل في المكحلة . اما في المسيحية فلا توجد تشريعات في الاناجيل .
في المجتمعات الاسلامية المعاصرة اهملت تلك التشريعات القرانية وتم العودة الى الموروث القبلي والبربري المتوارث , حيث يتم قتل المراة بتهمة ( غسل العار ) حتى على وجهة الشبهة وليس التاكيد .كما مارس بعض المسلمين في دول المهجر قتل بناتهم غسلا للشرف , مثل بعض الاكراد في بريطانيا والمانيا .
يقول الباحث الانثروبولوجي ( كارمل كاسار ) ان الشرف انعكاس لقيم اجتماعية,جنسية , اقتصادية وسياسية . فقد وجد تقارب تلك القيم في مجتمعات متباعدة عن بعضها , كما هو الحال مع الامازيغ ( البربر) في الجزائر ومع سكان كورسيكا وايطاليا واسبانيا .
تعني الرجولة في مجتمع الرعاة في شمال اليونان , الشجاعة , القوة والدفاع عن المراة خوفا من العار . وهذا يعني ان الشرف عند تلك المجموعة اليونانية يخص الرجال في حين ان العار يرتبط بالمراة .
ان الرجل في المجتمعات القديمة , اي ماقبل الصناعية يمثل القيم الايجابية , في حين تمثل المراة القيم السلبية .
في مجتمعاتنا العربية – الاسلامية نجد ان واجبات الرجل اقتصادية اولا ,بينما حقوقه جنسية في الدرجة الاولى . على عكس المراة , فان واجباتها جنسية اولا , بينما حقوقها الاساسية اقتصادية . اذ يعتقد في تلك المجتمعات ان المراة عالة على الرجل , دون الاخذ بنظر الاعتبار انها تعمل اكثر من الرجل . ينظر الرجل الى عمل المراة المنزلي انه عمل ليس له قيمة اقتصادية . لذا يتم النظر الى المراة نظرة دونية .
مفهوم الشرف في الاسلام
لقد اخذ الاسلام بقيم الشرف الدائرية التي وجدت في المجتمعات القديمة كالمصرية والعراقية , والتي تمتد الى اكثر من ثلاثة الاف سنة قبل قيام الاسلام . كما انها وجدت ايضا في شبه الجزيرة العربية قبل الاسلام .
لقد تحول مفهوم الشرف في العصر الحديث عندالعرب من قيم الشرف المتمثلة باحترام الذات , واحترام الاخرين ,والتسامح والابتعاد عن الصغائر , واحترام الكلمة والمواثيق ..الخ وانحصر مفهوم الشرف بالمعنى الدوني المتعلق بالعضو الجنسي للمراة .
يقول د . فالح مهدي (العصر الراهن يمثل ارتداد وبؤس مفهوم الشرف عند المسلمين , فقد تبخرت كل القيم التي تشير الى الشرف , واصبح مرتبطا في المخيلة الجماعية بفرج المراة !).
في ثقافة الشعوب ذات الحيز الدائري ليس عارا ان تسرق او تغش او تزور , او تغزو او تقتل او تهين الاخر ,ولا يدخل في باب الشرف عدم احترام المواثيق والكلمة . فكل شيء يمكن تبريره والتغاضي عنه ( عفا الله عما سلف ).
ان الجنة في ثقافة العالم العالم القديم جنة رجالية ذكورية وجدت من اجل سعادة الرجال . فحور العين وجدت من اجل سعادة المؤمنين . لقد كانت الجنة التوحيدية وفية لقيم الحيز الدائري , فلا بصيص امل يمكن المراة من الاستمتاع برجل من الرجال .
( 3 ): تدجين الرجل :
ان تدجين المراة انطوى من ناحية انثروبولوجية على تدجين الرجل وبدون اخذ رايه , كما عبر عن ذلك الباحث د . فالح مهدي ,اذ يطلق على بسطاء الناس وفقرائهم مصطلحات , الدهماء ,العامة ,الغوغاء .
لقد دجن الرجل ورسمت له النظم والقوانين والعقائد الدينية مايجب عليه القيام به والمحرم عليه . فلا يمكن الاستمتاع بامراة دون عقد زواج , ودون مراسيم واشتراطات لذلك العقد . ولا يدخل دائرة الايمان دون ختان , ولا يدخل الجنة دون صلاة وصيام وزكاة وحج , ولا يمكنه الصلاة دون وضوء ..الخ .
ان تقنين العمل الجنسي والشهوة الجنسية ادى الى السيطرة الذكورية على المجتمعات القديمة والى قيام عنف رمزي هو نتاج للعقل الايديولوجي في ثقافة العالم القديم .
ان العنف الرمزي يتحول الى راسمال تغذيه الايديولوجيا ,فيمارس نشاطه عبر المعرفة الدينية الاسطورية وبشكل مطلق لايقبل الشك , وسلاحه اليقين اولا وثانيا .
ان من يخرج عن دائرة اليقين يسقط في دائرة الكفر والالحاد , ضمن فلسفة الحيز الدائري والعقل الجماعي ,حيث يتحول ذلك المجتمع الى حيز تآمري ويتم اخراج المتآمر من الحيز الجماعي .
تطرق عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو الى موضوع الشرف عند قبائل الامازيغ في الجزائر , في كتاب يمثل جزءا من اطروحته في عام 1972 , تناول فيه مفاهيم الشرف من خلال الحيز المغلق .
فعلى ضوء تقسيم العمل , وتقسيم الحقوق والواجبات , اي اقامة نظام قيمي . حيث نجد ان كلمة ( فوق ) تشير الى الرجال , وكلمة ( تحت ) تشير الى النساء والحيوانات والاطفال والحبوب .
ان الجزء السفلي من البيت او قاع البيت , او قاع المنزل , ترمز الى الظلام وحيث يتم تخزين مستلزمات البيت الطرية والجافة ,كما تتواجد فيه الحيوانات . ومكان النوم والعلاقات الجنسية وولادة الاطفال , وكذلك الموت .
انه مفهوم ثقافي على النقيض من الطابق العلوي الذي يمثل النور والنبل والاستقامة . حيث يستقبل فيه الرجل ضيوفه .استخدم الجزائرين عبارة نيف – Nif التي تعني الانف , وما يرمز اليه من انفة .الرجل مرتبط بالنور والمراة ترتبط بالليل والظلمة . لذا ارتبطت المراة بالقمر والرجل بالشمس .
ان الولادة طقس والختان طقس , والموت طقس .ان طقس الولادة غير مرحب به في هذا الحيزبالنسبة لولادة الاناث ولا زال القرويون في الهند والصين يقتلون اطفالهم عندما يتاكدون من انوثة الطفل . والختان ليس بطقس عندالنساء . رغم ان ممارسته عند النساء تتم في الخفاء وليس في العلن . كما ان زواج البنت هو للتخلص من عارها وموتها رحمة !.
ان رجال القبائل في الجزائر يعبرون عن امنياتهم بقولهم :
( الله يجعل دارك مفتوحة ) . والدار المفتوحة تشبه المسجد المفتوح على الفناء . والفناء يمثل الشرف والنور والمجد والرجل . في حين ان حوض المنزل اي قاع المنزل يرمز الى الانطواء والظلام والغموض والى المراة .
راقب الانسان القديم الكون ونظامه وظواهره , وانبهر فيه . وقفت الرغبة عصية في وجه نظام الكون . اين نضع الشهوة والرغبة الجنسية والحرمان الجنسي والتي قد تتسبب في القتل ؟
لذا وضع الاقدمون الحيز وفق تصوراتهم عن الكون .فالبيوت السومرية كانت دائرية ثم استطالت , والا ستطالة شكل من اشكال الدائرة , وهي تمثل العودة الى نقطة البداية .
وقفت الرغبة عائقا امام النقاء الجنسي الذي اوجد مفهوم الشرف , الذي قاد الى اصالة النسب !.لذا تركزت الجهود بدءا من السومريين على الحد من الرغبة !.
الارث الثقيل المعادي للمراة لازال ساريا في المجتمعات الحديثة المتطورة . ان الاعتداء على النساء من قبل ازواجهن دفع الحكومة الاسبانية الى تاسيس قسم للامن الداخلي متخصص بمكافحة عدوانية الرجال , علما ان نسبة النساء المقتولات من ازواجهن في اسبانيا وفرنسا وايطالية ليست بالهينة .
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟