احمد الحمد المندلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 5062 - 2016 / 2 / 1 - 11:17
المحور:
الادب والفن
بسم الله الرحمن الرحيم
التسلق نحو الأسفل ..
قصة قصيرة
بقلم/احمد الحمد المندلاوي
** تسلق إحدى القمم العالية هرباً من أشياء كثيرة تجلب له ألوان التعاسة،و لا يرغب أن يبقى هكذا الى نهاية عمره الخمسيني أسيراً لأمور تافهة،و معلقاً بحبال واهية...
في لحظة ما قرر أن يتحرر من كلّ قيد و صفد يريد أن يعكر مزاجه ، و يخالف خلجات نفسه.
لذا تراه باحثاً عن عشٍ جديد يأوي اليه بلا اكدار ؛ آوى الى هذه القمة الحصينة ليبني له صومعة فيها بعيداً عن هزاهز الحب العنيفة ..و تباريح الهوى ؛ليهجر ميدانه الى الابد..
عاش هادئاً مريحا لا تلدغه عقارب الجفاء و لا أفاعي الهجران سعيداً بتأملاته الملونة التي جمعت بين الخيام وبابا طاهر كلٌّ منهما يتبطّأُ رباعياته في مربد هذا الفضاء..والحلاج الدرويش ينتظر بلهف الشروع بتلاوة الاشعار ليعبا في كشكوله العحيب شيئا منها.
و ذات صباح رأى منطاداً زاهياً تسلل الى ثنايا صومعته بهدوء؛ و بلا اذن تلمس أركانه الرقيقة ليجد علامة للدولة الصانعة فلم يعثر على شيء غير كلمتينِ (الإنسان- القدر) ، الصمت خيّم عليه ..ثم خاطب المنطاد الزائر بلا دعوة:
- ماذا جاء بك الى هنا أيها المنطاد الجميل ؟ هل جئت لتزاحمني ..ام تبحث عن وكر أكثر سعادة في هذه الصومعة المنسلخة من أتربة الأرض .أم ما دافع مجيئك الى هنا تاركاً وراءك المصابيح الملونة و الأزاهير والوجوه المشرقة و ضجيج الاطفال ..أم وراء الأكمةِ ما وراءها ؟ أم هناك في جعبتك أشياء من الصعب الخوض في غمارها ؛أو التحدث عنها..تكلم أيها المنطاد الأبله؟؟
غادر المكان فوراً .. و ارحل الى حيث شئت بعيداً عني.
صمت بعد هذا الهذر من الكلام لانه يخاطب جماداً،حتى و إن كان زاهياً جميلاً يبقى جماداً بلا روح..المهم عنده إنه أفرغ شحنات كانت تنقر في ذاكرته ..يكاد احياناً يسمع اصوات النقر من حشاياه.
بانت على ابتسامة هزيلة..ساخرة من نفسه حيناً و من المنطاد الفضولي حيناً آخر . وفي أثناء هذا المعمعان راوده سؤال جدّي :
- أنا سعيد و مرتاح في صومعتي هذه ..في أعالي الجبل فكيف بي اذا ما حلقت بهذا المنطاد الى قمة أشم،وأبعد من هذه .. قد تقارب الثريا ... اذاً سأمتطي ظهر هذا المنطاد الزاهي باحثاً عن سعادة أشمل و هناء أكمل للروح نائياً عن تباريح الجوى و سراديب الألم ..
ما ان ركب المنطاد حتى سقط الى الأرض فتعثر بحب جديد!!
احمد الحمد المندلاوي - 1/2/2016م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟