|
( دا ) للكاتبة الكردية زهراء حسيني
مؤيد عبد الستار
الحوار المتمدن-العدد: 5032 - 2016 / 1 / 2 - 23:44
المحور:
الادب والفن
صدر في ايران كتاب الكاتبة الكردية زهراء حسيني بعنوان ( دا ) اماه ، والكلمة هي نداء الابناء لامهم ، تقابل ماما في العربية ، وهي مختصر دالكة او دايكه ، استخدمته الكاتبة عنوانا لكتابها الذي ذاعت شهرته بايران وطبع اكثر من 150 طبعة وبالاف النسخ . اقدم لمحة من الفصل الاول والثاني للكتاب بترجمة موجزة ، لما للكتاب من اهمية كون السيدة زهراء حسيني كانت من اسرة كردية تسكن البصرة وانتقلت بسبب الظروف السياسية الى ايران . تروي زهراء حسيني خواطرها باللغة الفارسية ، واختارت الكلمة الكردية دا عنوانا لكتابها الذي حررته الكاتبة السيدة اعظم حسيني . ترجمة موجزة عن الفارسية للفصلين الاول والثاني بسبب نشاطه السياسي نادرا ما كان ابي يعود الى البيت ، زياراته متباعدة ، ولكن هذه المرة طالت غيبتة . كنا نعيش في مدينة البصرة ، نسكن حي الرباط على ضفاف دجلة ، محلة محاطة بالبساتين والنخيل . كان الجيران يسألون امي عن والدي فتجيبهم انه يعمل في القرنة ، وبسبب بعد المدينة فانه نادرا ما يزورنا . محلتنا فقيرة ، لا كهرباء فيها ، نستخدم (لالة) فانوس نفطي للاضاءة ، بينما كان بيت عمي في محلة العشار يضاء بالمصابيح . حين نذهب اليهم نرى اسواق العشار والدكاكين مضاءة وكأن الليل نهارا . في مدينة البصرة كنت اتكلم العربية بطلاقة ، كذلك كانت امي تجيد العربية ، حين تتكلم بها لا احد يعرف انها كردية ، حتى ملابسها كانت مثل الملابس العربية ، ترتدي عصابة على الرأس وعباءة سوداء ، ولكننا نناديها بالكلمة الكردية - دا - وهي تقابل ماما العربية . كان اغلب سكان محلتنا يعملون مثل والدي في صناعة و بيع اكياس الطحين ( الكواني ) او عمالا في الميناء . في البيت كانت والدتي تعد الطعام على البريمس - طباخ نفطي - كان طعاما لايختلف عن الطعام المألوف في المنطقة ، يتكون عادة من السمك الصبور ومرق البامية ، احيانا كانت تردنا بعض المواد الغذائية هدية من الاقارب في ايران ، مثل الترخينة والسمن الحيواني - دهن حر - فيكون طعامنا له نكهة عيلامية. والدي من مواليد عام 1947 م ، يصغر امي بثلاث سنوات ، كان يلعب رياضة الزورخانة بعد الصلاة ، يلعب بالميل - اداة من خشب على شكل مخروطي - ويردد الاشعار الحماسية ، وحينما كان يرد اسم الامام علي في الشعر يردد الصلوات بصوت مرتفع . بعد الصلاة كان يفتح الراديو ، الراديو يفتح فقط حين يكون هو في المنزل ، عدا ذلك لا احد يقترب منه ، كانت له زاوية خاصة . فيما بعد اشترى والدي راديو اكبر ، كان يأخذ وقتا اطول حتى يبدأ البث ، كان يقول : يجب ان تحمي لمباته . طال غياب ابي عن البيت ، وخضع بيتنا لمراقبة الامن السري ، ثم جاءوا يسألون عن ابي ، فالقوا القبض على عمي الذي كان يسكن جوارنا ، طلبوا منه معلومات عن مكان ابي ، فاخبرهم انه لا يعرف اي شيء عنه ، اطلقوا سراحه بعد ايام قليلة ، قال ان جميع الاحداث هي بسبب صدام ، وان احمد حسن البكر لا يحكم ، ليس بيده شيء، صدام شمر ابن شمر . كانت في بيتنا صورة للسيد محسن الحكيم مرسومة في صحن معلق على الجدار ، اشار اليه بيده وقال ان صدام لم يرحم هذا السيد فكيف بنا نحن . بعد ذلك علمنا ان ابي اعتقل في خانقين وهو مسجون هناك بتهمة التجسس لصالح ايران . كنت دائمة السؤال لامي : دا .. متى نرى بابا ؟ ترد علي : انشوفه انشاء الله . اخيرا في يوم ربيعي من عام 1968 م اخذتني امي مع اخي علي لرؤية ابي . كان من عادة الناس السير على اقدامهم ، ولكن لان المسافة بعيدة ركبنا السيارة . اول مرة اركب فيها السيارة ، سيارة قديمة طويلة لونها مثل الماء ، على غير عادتها كانت امي مضطربة ، سألتها : نشوف بابا !! هزت رأسها بالايجاب ولم تقل شيئا . بعد ساعات وصلنا خانقين ، توقفت السيارة امام بناية يحرس بابها حارسان مسلحان ، دخلنا الى البناية ، رأيت فيها غرفا تشبه الاقفاص . التقينا ابي بواحد من تلك الاقفاص ، كانت هيئته قد تغيرت ، افزعني وضعه وحالته ، لم اكن قد تجاوزت الخامسة من عمري يومذاك. لما رأت امي حالته المزرية اجهشت بالبكاء ، ثم رفعتنا الى اعلى الحاجز الذي بينينا وبين ابي كي يرانا. قبلنا ابي . لما رأى ابي عدم ارتياحنا للموقف ، قال لامي لماذا جئت بالاطفال ؟ لم يكن يرغب ان نراه على هذه الحال. بعد هنيهة قال لامي ، حاولي عدم البقاء هنا ، اذهبي بالاطفال الى بلدنا. لم ينقطع بكائي حين عزمنا على فراق ابي ، فهدأني ومسح بيده فوق رأسي وقال بالكردية : نه كَريو دالكَه كم ، لاتبكي يا امي . بعد تلك الزيارة ظللت مشغولة البال ، اتساءل : لماذا ابي هنا ؟ لماذا هو في السجن ؟ فهو ليس من الذين يرتكبون افعالا سيئة . واخيرا توصلت الى نتيجة مفادها ان ابي برئ ، ولانه محب للامام علي زجوه في السجن . فيما بعد ذهبت امي الى القنصل الايراني في البصرة ، حسب وصية والدي ، وطلبت الموافقة على انتقالنا الى ايران ، كوننا في العراق من التبعية الايرانية ، ولذلك كان سفرنا الى ايران سهلا دون عوائق . غادرنا البصرة الى ايران ، وظلت ذكريات البصرة وبيتنا الجميل والجيران لا تفارق خيالي
#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار بين وزير الخارجية الروسي لافروف ووزير خارجية من العصر ا
...
-
منظمات حاربت الشعوب .. واخرى قاومتها ببسالة
-
المقامة الجعفرية في البلاد اليابانية
-
اسقاط الطائرة الروسية ... جرة اذن لبوتين
-
بروفسور في جامعة لوند / السويد : الحرب العالمية الثالثة بدأت
-
العبادي .. في الصيف ضيعت اللبن
-
بغداد تغرق ...مجلس النواب يحاسب... والشعب يقبض من دبش
-
العبادي يقف في منتصف الطريق
-
المقامة المؤيدية في وزارة الخارجية
-
مجلس النواب يغني على دنياه
-
القصف الروسي يحول الاشرار الى اقزام
-
المقامة المؤيدية : اسرق .. اسرق يا مسؤول
-
القصف الامريكي .. ضرب الحبيب
-
فضالة المعيدي
-
مصير الحرامية ...مزبلة التاريخ لا محالة
-
ام ميلاد .. صورة ام عراقية في الغربة
-
سندات القروض الحكومية دين ثقيل في رقبة الشعب
-
اقالة وكلاء الوزارات والمدراء العامين ..من اجل اصلاح فعال
-
العبادي .. وهامش الاصلاح الحقيقي
-
مسرحية المركب
المزيد.....
-
الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم
...
-
التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
-
التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
-
بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري
...
-
مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
-
الكويت توزع جوائز الدولة وتحتفي باختيارها عاصمة للثقافة العر
...
-
حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60
...
-
محاضرة في جامعة القدس للبروفيسور رياض إغبارية حول الموسيقى و
...
المزيد.....
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
المزيد.....
|