أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن الغبيني - الدعلج














المزيد.....


الدعلج


حسن الغبيني

الحوار المتمدن-العدد: 5028 - 2015 / 12 / 29 - 22:37
المحور: الادب والفن
    


أنا غريب وخائف في عالم لم اصنعه؟
( هوسهن)
الدعلج
مثل أصيل مبهم تغلغل في عالمنا ، نحن سكان الأحياء الفقيرة ، سائقو العربات ، والباعة المتجولون ، وهؤلاء الذين التحفوا السماء شردهم الجوع والحصار ، ساكنين بيوت الصفيح والعائشين على هامش المدينة المكتظة بالزحام .كان يهجم علينا مثل غيوم سوداء ، هو قدرنا اللعين قدر أسود يصادر كل ما يجد في طريقه محطماً كل من يقف أمامه، تناثرت البضائع في كل الاتجاهات محطمة واجهات المحلات ، وأصحاب (الچنابر) لا أحد يستطيع أن يصد هجماته بائعو الخضراوات ذاقوا ذرعاً به ، وحمالو السوق أصابهم اليأس ، انكمشوا حول أنفسهم مثل لحمة مشوية ، وهؤلاء الذين قذفتهم المدينة على أرصفة الجوع ، خريجون عاطلون ، قديسون ومجانين محاربون ومنبوذون متسولون وبقايا مقامرين وتجار وعابري سبيل .. لم يسلم أحد من سوط سهيل، ترتعد الحوامل من ظل سوطه حين يطبق بفكه الأسود ليفترس المدينة. كم وكم شهد نهرنا الجميل من دموع ، وعويل حين يهيم علينا مثل ليل حالك السواد والظلمة، عنيف وبارد يقيم حفلته الأسبوعية ، حيث يتقطر الأسى من قلوبنا، نسمع عويل الأرامل وصراخ الأطفال ، ودموع العذارى وحزن الرجال ، هؤلاء الذين أفقدتهم الحروب كل معنى وتخاصم معهم القدر لينقذفوا في زحام مدينة لا ترحم .مثل فئران مذعورة كنا نلوذ بأنفسنا في الأزقة الضيقة هاربين بأنفسنا تاركين بضائعنا نهباً لكلابه المسعورة وهي تلهب بسياطها الجهنمية ، حافرة في داخلنا مرارة الهزيمة وذبول الحياة فينا ، ونعود إلى بيوتنا منكسرين مهزومين نلملم جراحنا ، كان يحتل في مخيلتنا نحن الفقراء مساحة مثل مساهمة الجوع الذي يعوي في البطون ، كنا نلوذ منه هاربين يائسين وهو يرمي أحلامنا في النهر .... أرامل ونسوة دموع وعذارى .. رجال وأحلام ... بضائع وهموم كل شيء يبتلعه قاع النهر .....
نسجت حوله الأساطير ...قالوا عنه إن صدره يتسع ليسع مدينة كاملة ، وصوته مثل زمجرة الرعد وسطوة الطبيعة حين تكون عنيدة وقاسية . كان مخيفاً مثل الريح والعوارض والرعود ، يتناسل ويكبر في الحروب . حسبناه لا يموت خالداً فينا ، هو قدرنا المكتوب على الجبين ، هكذا قالت عنه العرافات ، وتناقلت حكمه الشيوخ ... قالوا عنه لابد أن يأتي عبر الزمن من رحم المجهول ، ينبثق من جوف الظلمة ومن بواطن الرذيلة ينمو، زمنه زمن الحروب وينكر الابن أباه ... وتقفر الدروب لا حدود لطغيانه خالدٌ فينا مثل الزمن لا يموت .... يتناسل في فجيعتنا .. ينذرنا بالغناء مخلفاً وراءه ... دموعاً أوجاعاً وأنيناً .رأيناه في زمن ذبوله وانكساره اقتربنا منه كان الخوف ينخر في قلوبنا . نساء ورجال أرامل وشيوخ ، منبوذون متسولون قديسون وبغايا كلنا انطلقنا لنرى سقوطه وزمن أفول نجمه كنا نحمل المعاول والسكاكين دخلنا نفتش عنه . دخلنا دهاليزه وغرفه – السرية ... رأينا آثار أقدامه انحساره على الجدران، رأينا كلابه المسعورة تلوذ بالفرار تدخل في دهاليزها المظلمة وأقبيتها المصنوعة في الظلام ، صعقنا من هول ما رأيناه من هول ما ترك فينا من ندوب وجروح – دماء وقبور حطام وجماجم وعويل وصراخ مخاوف وهروب . سمعنا صراخنا المخنوق في الأقبية رأينا أحلامنا المشنوقة على جدران قلاعه الملساء . أكثرنا صلابة راح يبكي وينوح ... أكثرنا صلابة أصابته الدهشة .... رأيناه دميماً وقيحاً ... رأيناه وحيداً ومنهزماً ... مثل فأرٍ فر أمامنا تاركاً قلاعه ودهاليزه السرية ... تاركا فينا زمناً باهتاً لا طعم فيه سوى طعم الهزيمة والندوب ومثل مثير راح يبحث عن آثار للظلمة كي يدفن نفسه فيه ..

حسن الغبيني



#حسن_الغبيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النواحة


المزيد.....




- -فلسطين.. شعب لا يريد الموت-.. كتاب جديد لآلان غريش
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 177 مترجمة للعربية معارك نارية وال ...
- الأزمة المالية في كردستان تؤدي إلى تراجع النشاطات الثقافية و ...
- جمال سليمان من دمشق: المصلحة الوطنية السورية فوق كل اعتبار ( ...
- جمال سليمان يوجه رسالة بعد عودته لدمشق عن جعل سوريا بلدا عظي ...
- إبراهيم اليازجي.. الشخصية التي مثّلت اللغة في شكلها الإبداعي ...
- -ملحمة المطاريد- .. ثلاثية روائية عن خمسمائة عام من ريف مصر
- تشيلي تروي قصة أكبر تجمع لفلسطينيي الشتات خارج العالم العربي ...
- حرائق كاليفورنيا تلتهم منازل أعضاء لجنة الأوسكار وتتسبب في ت ...
- بعد غياب 13 عاما.. وصول جمال سليمان إلى سوريا (فيديو)


المزيد.....

- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن الغبيني - الدعلج