|
يا بخت من زار وخفف
رينا الحناوي
الحوار المتمدن-العدد: 5012 - 2015 / 12 / 13 - 18:59
المحور:
الادب والفن
تجاوزت الساعة العاشرة مساءاً ، وتجاوزت حرارتى ال 39 درجة وأصبحت غير قادرة على التنفس مع كحة مستمرة وألم شديد بالصدر ، إنها اعراض الإنفلونزا اللعينة ، حاولت مراراً وتكراراً الهروب منها ولكنها لاحقتنى بخبث ومكر شديدين ... تكررت محاولات العلاج بالتيليو والينسون والكراوية ورجل الغراب وعين العفريت ، ولكن أصبح من الواضح أن أسطورة العلاج من الطبيعة هراء ... وأن الفارماكولوجي يكسب . ذهبت فى منتصف الليل الى طبيب الإستقبال فى إحدى المستشفيات ، كان يبدو أنه حديث السن وحديث الخبرة ، ولكن لا بأس ، فالأمر لا يتعدى دور برد ، وبعض المحاليل والمضادات الحيوية كفيلة بإنهاء الأمر حتى لو قام بها " تومرجي " أو حلاق الصحة ، وبالفعل إستقر بي الأمر الى ما توقعته ثم روشته بها قائمة من الأدوية الكفيلة بإنهاك فيل ضخم وليس فيروس إنفلونزا غلبان لسه بيشق طريقه فى الحياة ، ولكن زي ما قلت قبل كده الفارماكولوجي يكسب . وبعد ليلة ليلاء ... وكالعادة انتهى بى المطاف الى الفيسبوك لأخبر الاصدقاء بما حدث فى كلمة واحدة الفيسبوك كاتبها ومجهزها للناس الغلابة اللى فى حالتى " أشعر بالمرض " ، وانهالت التعليقات طالبة من الله الشفاء السريع و التدخل العاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، وانهالت الرسائل التى تدعم و تدعو بمزيد من الصحة والعافيه ،،، إلى هذا الحد والأمر جميل يبعث على السرور وسرعة الشفاء ، فاهتمام الأصدقاء شيء رائع محبب للنفس ، كنت من حين لأخر أتابع كل هذا بيدين مرتعشتين وعينين مرهقتين من فرض التعب والإعياء ، وأتمنى أن أتماثل سريعاً للشفاء لكى أرد على جميع الأصدقاء الرائعين . وإذا بالأمر فجأة يتحول مساره لشىء غريب لم أفهمه ولا أستطيع تفسيره حتى الان ، سوف تسألنى ماذا حدث ؟؟؟ ، ولكن قبل ان أجيب دعنى احكى لك عن اصدقائى من ذوى الجنسيات الاوروبية والأمريكية فقد وصلتنى منهم رسائل مكونة من ثلاث الى أربع كلمات يتمنوا لى الشفاء وأنهم آسفين على ما أمر به ، ولم ألاحظ رسالة أخرى منهم إلا بعد يوم أو يومين يؤكدون لى دعمهم ، ويطلبون مني أنني لو احتجت أى شىء لا أتردد فى طلبه منهم ، ولم يعقبوا ولم ينتظروا منى أى رد مطلقا وهو أمر طبيعى جدا لأنهم يعلمون أنهم يراسلون إنسان مريض ، وبالتأكيد غير قادر على التواصل معهم الآن ، دعونا نعود سريعا لأصدقائنا المصريين فكنت أرى الرساله الاولى بتمنى الشفاء ، ثم تتوالى بعدها الرسائل فى شكل لوم وعتاب وتأنيب تصل لخناق و زعيق وتهديد " إزاى أنا اسأل عليك وانت ما تردش عليٌ ، إنت فاكر نفسك إيه " ، ثم تجد أخر رسالة بقطع الصله والصداقة والمعرفة لأنك مردتش على سمو عظمة جناب فخامته فى التو واللحظة ، وكل هذه الرسائل فى غضون ساعات قليله ومن أشخاص من المفترض أنهم على قدر من العلم والثقافة ، كنت أتابع من حين لاخر هذه الرسائل بعينين زائغتين من فرط التعب والمرض والإرهاق و أتعجب !!! . هل هى حالة فردية ؟؟؟؟ ... لا مطلقاً وهذا ما أزعجنى وصدمنى أنها حاله جماعيه من عدد كبير من الافراد !!! . وهنا أتسائل ما كل هذا القدر من القدر من الإحساس بالعظمة والنرجسية والتجبى على الغير ؟؟؟ ما كل هذا القدر من عدم الثقة بالنفس وبالآخر ، ومن اهتزاز القيم والمعايير ، ما كل هذا القدر من عدم الالمام بالاصول والإتيكيت ، بل دعنا نقول - وبما انهم يدعون مراراً وتكراراً انهم شعب متدين بطبعه - ألم يأمرهم دينهم بالاستئذان وان لم يُؤذن لهم او قيل لهم ارجعوا عليهم بالرجوع !!! . يبدو ان عدم تقدير الاخر و احترام ظروف الغير هى سمة عامة في الجميع ، وتطغى على جميع الظروف والمناسبات ، ويبدو ان الأنانية والنرجسية وصلت لمرحلة أنه لا استطيع مجرد السؤال على شخص دون أن يرد لى ما قدمته له فى التو واللحظة ... إنها انهيار المعايير والقيم وانفلات الحدود بين المستحب والمكروه ، فأصبحنا لا نعلم متى نتكلم ومتى نصمت ، متى نزور الآخر ومتى نرحل عنه ، متى نكون موجودين ومتى ننسحب بانفسنا بعيدا ، فقد تحولت فى لحظة من شخص مريض طريح الفراش الى انسان مُذنب مُلام لابد أن يقدم الاعذار وفروض الولاء والطاعة لمن تنازل وسأل عليه !!! ... انه شىء مضحك مبكي فى نفس الوقت ، كل شىء هرب منا وتاه عنا حتى ابسط مبادىء التعامل والحب والإيثار . قد يتخيل البعض أننى مستاءة من سؤال الأصدقاء واطمئنانهم علىّ وأقول لهم ياريت تقرئوا المقال مره أخرى ... فهناك شعره بسيطة جداً كما قلت بين المستحب و المكروه . ده حتى المثل المصرى القديم قالك " يا بخت من زار وخفف " . ويجعله عامر... #بهـــيه رانيا الحناوى
#رينا_الحناوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تامر الشهاوي ... مرشح من زمن الفرسان
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|