أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا لاغة - النهضة و النداء يضعان أقدامهما في مرحلة ما بعد التاريخ














المزيد.....

النهضة و النداء يضعان أقدامهما في مرحلة ما بعد التاريخ


رضا لاغة

الحوار المتمدن-العدد: 4969 - 2015 / 10 / 28 - 13:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خلافا للأسلوب الذي يراد أن يزاح به الإسلام السياسي في المنطقة العربية ، و الذي ترك خلفه ويلات و كوارث عصفت ببراءة الحلم العربي في حياة ديمقراطية، رفعت حركة النهضة في تونس شعار : المحافظين بدلالاته التكتيكية التي نزعت حجاب الدين لتكشف عن قفص فولاذي تموضعت فيه سياسيا و اجتماعيا بمعزل عن جوهرها السحيق الذي هجرته كأفق مرحلة مضى زمانها.
كان الزمان السياسي للاتجاه الإسلامي في الحقبة البورقيبية و النوفمبرية يعاش بصفته كزمن عبور إلى الدعوة . إن جوهر الفعل السياسي يستخرج آنذاك معياريّته من الدين ؛ لذلك اتّخذت مسألة التأسيس الذاتي للحزب شكلا حادا يبتعد عن مواضعات الحياة الحداثوية اليومية عبر الانتصار العابرــ نكوصاــ من الحداثة إلى السلف الصالح.
إن الإسلام السياسي في الساحة الوطنية يعي نفسه في تعارضه مع عصر تجاوزي لصورة ماضية .؛ إنها صورة تسعى إلى إثبات نفسها بوصفها ما سيكون ذات يوم. جاءت اللحظة و دخلت حركة النهضة مسرح الحكم المتجذّر في البيروقراطية التي يشتمّ منها رائحة تبعث على الغثيان . بيروقراطية نسجت صلة قرابة مع المنظومة القديمة كمظهر لتحيّز الحداثة. و الطريف أن هذا التقارب لا ينكشف إلا بتحطيم لحظة التديّن نفسها.
إن سمة الرّاهن السياسي لحركة النهضة يقوم على معاني مطاطية من ذلك : الموضة ، الإثارة ، الالتصاق باليومي ، لذة الاندهاش ، تذوّق اللحظة ، شاعرية القول، عطر الطلاق مع الماضي الممتلئ بالتشدد العنيد، الصورة اللماعة للنجم ...و هلم جرّ.و ما تنفك تتالى الأحداث المنفتحة على مستقبل ما بعد حداثي ، حتى رأينا الحركة تنزع ، كما الأفعى جلدها، لتتنازل بذلك عن جوهر يقف بلا حراك على عتبة الزمان و يقطع مع الصورة الأبديّة لتراث كان يؤطّر الحركة كفاعلية ثورية للإسلام . هذه الصلة الجديدة فضحت النرجسية الخفيّة لوعي منتسبيها المتمركز أصلا حول الدين. فصرنا نرى شخوصا رومانسية في الحزب بتعييناتها الحداثية العاكسة فوجدنا ، و قد دهشنا مما وجدنا، المرأة السافرة التي تجلس بلباس غير محتشم و تارك الصلاة و بزناس المال و الفهلوي ( اللي يجيب روحو ) . لقد صارت جهود القادة واجهة تولّد في ذاتها و بانسجام غريب فسيفساء لصورة كلية مجردة عن العقيدة و الدين. من المؤكد أن هذا التهجين الأسطوري للمصالحة مع الحداثة يسطع في حلة مقززة عبر الانسياب المستسلم للنداء الذي يلهث وراء قبر الحراك الثوري برمته . إن هذا " التدافع" الممسوخ جعل من السياسة معبودا بدل الواحد القهار؛ فحرص كل طرف ( النهضة و النداء) ــ و بشكل مضمر و مخادع ــ أن يظهر كنتاج متكامل لهذا الحلف الرخيص ( وزير في حكومة السيد الحبيب الصيد).
لا شك أن هذه الوضعية اللاأخلاقية للانتفاع السياسي، جعلت حماسة أنصار حركة النهضة ، و لهم الحق في ذلك، تخبو في مسرح الأحداث السياسية. لقد تسرّب إليهم نسيج من الوسواس الذي جعل منهم قواعد مسلوبة ، مغلوبة على أمرها و منسلخة عن التاريخ التضامني لطور تأسيس حركتهم.
إن خلل التوازن بين الماضي و الحاضر المعاش يتراءى في غوص الحركة في ظلمات النفعية السياسية و الارتزاق السياسي ؛ و لكنها تبرر ذلك بمسميات براقة تحاك بلذة الإثارة و مذاق التحديث: المصلحة الوطنية هي التي تملي... بلّوط.
إن هذا التواشج و التلاحم و حتى التزاوج ، الغير شرعي، بين النهضة و النداء يدعونا إلى طرح السؤال التالي:
لم تنقسم الحداثة على نفسها ؟ هل من موحّد لها عبر مؤتمر تأسيسي يجمع الحزبين؟
من الممكن جدا أن يصبح السيد الباجي أمين سر حركة النهضة ، إن لم يكن و من الممكن أيضا أن يصبح السيد راشد الغنوشي الرئيس الشرفي للنداء، لا فرق؟ طبعا دوما نتحدث في حدود رسم الخطوط الأساسية للفعل السياسي المنجز لكلا الحزبين بوصفهما قوة مصالحة موجهة نحو المستقبل ، نحو المنظومة القديمة ...
هكذا يجد الصراع المغشوش بين النهضة و النداء حلاّ أنيقا صلب بوتقة كلية تعاليمها : إن عصرنا لم يعد يهتمّ بمعرفة أي شيء عن الدين . إن حدسنا انتهى إلى الانفصال عن العالم الديني نحو الإحساس التافه باللاديني.



#رضا_لاغة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في أروقة النداء: تهجير اليسار أم قصف الحكومة؟
- هل نتجه إلى فراغ سياسي في تونس؟
- مصالحة أم مضاجعة لثورة الكرامة في تونس؟
- تمثلات نقابية و سياسية رابضة في قلب الهوية
- أي مستقبل نريد؟
- اليمن و الكذب المقصود
- و انتصرنا
- يا ناصريين... ثمة شيء إسمه اليمن...
- اليمن و تجاذب القوى في الداخل و الخارج
- هايدغر و الإنتقال من الميتافيزيقا إلى فلسفة الوجود
- آل سعود و النازية الجديدة
- الدولة الوطنية و المصالحة القومية
- العمل النقابي و سلطة الوساطة: قوة كلمة أم قوة نضال؟
- العمل النقابي و التحزب: تسامح أم تنافس؟
- القوى الناصرية : مستلزمات البناء و مهام عاجلة
- حرب اليمن و الغموض الإستراتيجي
- التقاطعية و جسر الهويّات
- شقوة مخبّأة في قفا خربشة جريئة
- هابرماس و اجتراح مكانة لسوسيولوجيا ذات معنى
- يمنيّ حانق أنا


المزيد.....




- هل يمكن أن يعتقل فعلا؟ غالانت يزور واشنطن بعد إصدار -الجنائي ...
- هيت .. إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم
- ما هي حركة -حباد- التي قتل مبعوثها في الإمارات؟
- محمد صلاح -محبط- بسبب عدم تلقي عرض من ليفربول ويعلن أن -الرح ...
- إيران تنفي مسؤوليتها عن مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات
- سيدة من بين 10 نساء تتعرض للعنف في بلجيكا
- الدوري الإنكليزي: ثنائية محمد صلاح تبعد ليفربول في الصدارة
- تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية وقتال عنيف ...
- هل باتت الحكومة الفرنسية على وشك السقوط؟
- نتنياهو يوافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. هل تصعيد ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا لاغة - النهضة و النداء يضعان أقدامهما في مرحلة ما بعد التاريخ