أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد طولست - هلوسة من أين لك هذا؟














المزيد.....


هلوسة من أين لك هذا؟


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4950 - 2015 / 10 / 9 - 11:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هلوسة من أين لك هذا؟

لا نختلف بحال من الأحوال حول أن حب المال طبيعة إنسانية وواقع بشري. لكن يبدو أنه يفوق عند البعض كل التقديرات، ويتعدى كل الحدود المسموح بها ، إلى حد يتحوّل من كونه إحدى وسائل التمتع والاستمتاع ، كنعمة وحق مشروع يتم توظيفه ايجابا ، وتقاسمه مع الآخرين بالقدر المتاح، والممكن والمعقول من العدالة والمساواة ، إلى إله ومعبود ، يبالغ الكثيرون في عبادته وتمجيده وكنزه في الخزائن والصناديق، فيصبح قيدا أعمى وسلاسل خانقة معرقلة لكل تنمية.
فتنقلب موازين الحياة ومكاييل المنطق ومقاييس الضمير ويتم تغليف القيم و الأخلاق الإنسانية بما يتناسب والطمع الذي جبل عليه الإنسان، فيبالغ الناس في عبادة المال بادخاره وكنزه وحبسه في الصناديق. ويأكل الإنسان أخاه بمسميّات مختلفة وذرائع زئبقيّة مقنعا نفسه بأنّ ما يفعله حنكة وحذاقة لا يتقنها الكثيرون! فينتفي الصدق وتموت روح الصفاء، وتختنق المودة، وتحل الحسابات القائمة على المصالح المادية المجرّدة من العواطف حتى بين اقرب الناس..لأن للمال قدرة خطيرة على استيطان مراكز التفكير والوعي واللاوعي، واختراق العقل وتجميد القلب والحس الإنساني الصافي، وتغييب الضمير والمنطق، وتحويل الإنسان إلى ما يشبه الروبوهات المتطورة التي لا تخرج عن مساراتها المحددة ، والخطوات المطلوبة منها انتباعها، فتعمل بكل طاقاتها وقدراتها المكرّسة والمسخرّة لخدمة سيد واحد لا شريك له هو المال..
وكلما تضخم المال وانتفخ ازداد الطمع وفتح المرء ذراعيه للمزيد من الأملاك و الأراضي والعقارات والأرصدة المعلنة منها والسرية، وسقطت عنده كل الحسابات إلا المادية منها، لأنّ المادة حين تطغى على نسق وأسلوب الحياة ومنهجية التفكير وترتيب الأولويات تجمّد دفء العلاقات الإنسانية وتقتل فيها الصدق والعفوية و روح الصفاء
وفي هذا الغمار و ذاك الانشغال بخدمة السيد السائد، قد يهمل الإنسان نفسه وبيته وأسرته واقرب المقربين له ويتركهم يتجرّعون الجوع العاطفي والحرمان الذي لا يتخذ الشكل المادي دائما، بل إن هذا العبد المملوك للمال ينسى أن ينظر لنفسه فيأكل أيامه مجترّا الماضي المليء بالمكتسبات متطلعا للآتي القادم بالمزيد، يكدّس ما لديه ويتمسّك بأذيال حياة متناسيا بأنها فانية حياة خاوية إلا من هواية ، بل غواية ، يحاول إخفاءها وتمويهها عن الآخرين. وقد يفقد عبد المال السيطرة أو التحكم في أفكاره وتصرفاته التي لا تصب إلا في مجرى واحد ووحيد هو جمع المزيد وتحصيل ما أمكن حتى لو سرق خبز الآخرين تحت مسميّات تجارية أو اجتماعية أو فكرية أو سياسية...لا يهم المسمى ، بقدر ما يهم النتيجة، فهو يتمسك بما يتناسب وشهيته التي لا تعرف الشبع ، ولا مقدار الطمع الذي عليه أضاع حدود الشرع والضمير والعدالة والمساواة، فيحلل ما شاء، ويحرّم ما جاء متعارضا مع هدفه، ويسنّ قوانينه التي أهمّها ما يؤكد بأنّ سلوكه صحيح وعادل، ولا يهمه أن يتجرّع الآخرون مرارة الألم والجوع والإحساس بالغبن مادامت خزائنه قد امتلأت ... هناك في بلادنا الكثير من هذا الصنف المتنفذين من الناس نشأوا نشأة عادية، وعاشوا حياة أقل من عادية إلى أن ابتسم لهم الحظ فصاروا أثرى الأثرياء. بل مليارديرات يسكنون القصور ويقضون أجازاتهم في المنتجعات السويسرية والشواطئ الباريسية ويتوسدون ريش النعام ويلتحفون بالحرير والديباج وينعمون بخيرات البلاد بلا خوف أو وجل..
فهل نحلم عندما نطالب بالتدقيق في أملاك بعض هؤلاء الذين تمرغوا في ثروات البلاد بعد أن كانوا معدمين. أم أننا نهلوس عندما نطالب بإعادة بعض من تلك الأموال المختلسة لحياض المال العام؟!
سؤال نوجهه للجهات الرقابية والإصلاحية في البلاد التي ستظل يدها مغلولة عن محاسبة هؤلاء وغيرهم في غياب تطبيق تشريع »من أين لك هذا؟« الذي لم يطرح بجدية بعد، رغم أهميته والحاجة إليه.
[email protected]حميد طولست



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألعاب الزمان الرائعة..
- القسم !!
- الحريك السياسي !!.
- عيد المعلم.
- التكريم في مجتمعنا!!
- رؤساء لفاس ومقاطعاتها ، تستحقهم ويستحقونها..
- سعفة -خراء - لأسوء شخصية العام.
- شخصية العام بامتياز !!
- لعنة كراسي المسؤولية السياسية والإدارية..
- اكتساح حزب العدالة والتنمية لرئاسة مقاطعات فاس .
- درس لا ينسى !!
- وطأة الاستسلام ، ومرارة الانكسار ، وفجاعة الاندحار !!
- رسالة عاجلة إلى السيد عمدة فاس الجديد
- تشظي امبراطورية حميد شباط .
- على نفسها جنت مركل !!
- مراسلة عاجلة : تجربة انتخابية مثالية ..
- مفارقات انتخابوية !!
- هل أفشل - PJD -انتفاضة فاس ، بتمكين من لا يرغبون فيه من جهته ...
- حزب المصباح يبيع جهة فاس مكناس..
- مركل درس في الإنسانية والرجولة !!


المزيد.....




- فيديو جديد يظهر لحظة الكارثة الجوية في واشنطن.. شاهد ما لاحظ ...
- عملية سرقة مجوهرات -متفجّرة- في متحف.. كيف نفّذها لصوص الفن؟ ...
- -قلق من جيش مصر-.. سفير إسرائيل يثير تفاعلا بحديث عن القوة ا ...
- حماس وإسرائيل.. إطلاق سراح الرهينتين عوفر كالديرون وياردين ب ...
- -واشنطن بوست-: ترامب يطهر FBI.. إنذارات بالاستقالة أو الفصل ...
- الرئيس الصومالي يعارض اعتراف واشنطن بأرض الصومال
- رسوم جمركية جديدة يفرضها ترامب على الصين، فما تأثيرها؟
- جدل في ألمانيا - هل سقط -جدار الحماية- من اليمين الشعبوي؟
- تقرير: أكثر من 50 ألف مهاجر قاصر مفقود في أوروبا
- مظاهرة في ساحة الأمويين بدمشق تطالب بإنهاء سيطرة -قسد- على ش ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد طولست - هلوسة من أين لك هذا؟