سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 4949 - 2015 / 10 / 8 - 17:03
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (47) .
الإنسان أبدع فكرة الإله لتفى إحتياجاته النفسية والوجدانية والمعرفية , وليَعبر بها دوائر الغموض والألم والحيرة من وجود متصادم غير معتنى فكانت الفكرة تعبيراً حقيقياً عن تلك الإحتياجات تبغى ملاذ وراحة وأمان فى عالم مادى يقذف بقسوته .
تتمدد الفكرة لتتسلل وتستوعب كل مفردات الجهل الإنساني وليتماهى الإنسان فيها ليرفع سقوف أوهامه حداً يصل بمنح الفكرة حالة من الإستقلالية والوجود بالرغم أنها فكرة كل صورها ومفرداتها وبنائها جاء من الدماغ . !
سيكون نهجنا فى تفنيد وجود إله من المعطيات والفرضيات التى تساق عنه فمنها سنحظى على التناقض والخلل الذى ينفى وجوده , فلن يكون لنا تصور خاص ننقد على أساسه خارج معطيات فكرة الله بل من أحشاءها ومكوناتهاوفرضياتها ومفرداتها ذاتها .
قدمت حتى الآن ستة أجزاء :
- خمسون حجة تفند وجود الإله-جزء أول 5 من 50 .
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=446913
- خمسون حجة تفند وجود الإله-جزء ثان 6 إلى 20 من50 .
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=447489
-خمسون حجة تفند وجود الإله-جزء ثالث 21 إلى 26 من 50.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=448534
- خمسون حجة تفند وجود الإله-جزء رابع 27 إلى 34 من 50
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=451943
- خمسون حجة تفند وجود الإله – جزء خامس 35 إلى 40من 50
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=454325
- خمسون حجة تُفند وجود الإله–جزء سادس41إلى47
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=466347
- بإسم العقل ننهى هذه السلسلة وأضيف 5 حجج إضافية – جزء سابع من 48 إلى 55 .
* 48 - الأول والآخر , البداية والنهاية .
- أطلق الإسلام على الله صفتى الأول والآخر ففى الحديد 3 ( هُو الأَول و الآخِرُ وَالظَاهِر وَالْبَاطِن وَهو بكل شَيء عَلِيم ) ولتدخل هاتين الصقتين فى أسماء الله الحسنى , ولا يختلف الحال فى الكتاب المقدس فالرب هو الأول والآخر والبداية والنهاية , ففى سفر الرؤيا1: 17 (فلما رأيته سقطت عند رجليه كميت، فوضع يده اليمنى على قائلًا: لا تخف أنا هو الأول والآخر والحي وكنت ميتًا. وها أنا حي إلى أبد الآبدين آمين ) وفى نفس سفر رؤ1: 7، 8 (هوذا يأتي مع السحاب وستنظره كل عين والذين طعنوه وتنوح عليه جميع قبائل الأرض، نعم آمين , أنا هو الألف والياء، البداية والنهاية، يقول الرب الكائن والذي كان ، والذي يأتي القادر على كل شيء) .
- مقولة أن الله هو الأول والآخر مقولة غير صحيحة فهى تنسف ألوهيته وأبديته وأزليته , فالأول والأخر تتعامل مع المُحدد والمحدود , فكلمة الأول تعنى بداية كمية محددة وكذلك الآخر تعتنى بنهاية هذه الكمية , بينما لايصح التعامل مع اللامحدود واللانهائى بالأول والآخر , فاللانهائى ليس له بداية ولا نهاية , وللتقريب فأنت لا تستطيع أن تحصل على عدد أولى ونهائى فى سلسلة أعداد لا نهائية , لذا كلمة الأول والآخر تنسف الأزلي الأبدى فلا يصبح لها أى معنى , كذلك البداية والنهاية كلمتان تعتنى بحدود .
- لو تأملنا فكرة الأول والآخر من زاوية اخرى فسنجد إختلال أيضا وفق معطيات الأسطورة الدينية .. لن نتناقش فى الأول فلم يكن هناك أحد موجود ليرى هل سبقه أحد أم لا , ولكننا سنخوض فى الآخر فوفق إيمان المؤمنين أنهم سيبعثون ويعيشون الخلود ( خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفف عَنْهم الْعَذاب ولا هُم يُنْظَرونَ ) البقرة ١-;---;--٦-;---;--٢-;---;--. ( للَذِينَ اتَقَوْا عِنْدَ رَبهِمْ جَنَاتٌ ... سَنُدخِلهُم جَنَاتٍ تَجرِي مِن تَحْتِهَا الأنهَار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعدَ اللهِ حَقًا) النساء122 . فخالدين فيها أبداً تعنى الأبدية أى اللانهائية , فكيف يستقيم هذا مع كون الله هو الآخر فكل البشرية صالحيها ومفسديها خالدين فيها أى لن يكون هناك آخر إلا إذا لحس الله كلامه بعد ذلك وألغى الخلود وحينها يُفترض أن لا يكون الآخر كما أسلفنا فليس للأزلى آخر .
- نقطة اضافية فى السياق ,المؤمنون لا يفطنون لما يقولونه ولعلهم من فرط تعظيمهم للإله لا يُدركون أنهم يقوضون ألوهيته ويصيبونها فى مقتل بمقولة "الله أزلى أبدى" التى تعنى أنه لا يخضع للزمن والذى لا يخضع للزمن لا ينتظر , فلا توجد نقطة بدء , ونقطة إنتهاء , ونقطة إنتظار , أى لا توجد لديه محطات لتتبدد فكرة أنه إنتظر يوم للخلق ومازال ينتظر يوم آخر للإنتهاء "يوم القيامة" , فالأزلى الأبدى يشبه مستقيم لا نهائى يستحيل أن تتواجد عليه أى نقطة مميزة فارقة تحدد فترة تاريخية ونسبه لما قبله ولما بعده .
أرى الأمور لا تزيد عن رؤية بسيطة ساذجة أرادت أن تحتفى بإلهها وتعظمه وتجله فوضعته فى وضعية متميزة كالأول والآخر والبداية والنهاية , كما يأتى هذا فى سياق تفكير البشر فنحن لا نتصور الأشياء بدون بدايات ونهايات وأطراف , علاوة على غياب فكرى تام لفكرة ماذا تعنى الأزلية والأبدية أى اللانهاية فهكذا حدود الفكر الفلسفى لمن رسم فكرة الإله .
* 49- الله والحكمة .
- يدعي مؤلفي الدين أن الإله حكيم يفعل كل شيء بحكمة , وهذا يعني أن الإله لن يفعل شيء بدون حكمة , ولكن هذا غير حقيقى فهناك الكثير من المشاهد التى تفتقد لأى حكمة مثل وجود كون هائل يحتوى على مليارات المجرات والكواكب والنجوم بلا أى معنى ولا حياة إلا على سطح حبة رمل وحيدة "الأرض " فى صحراء كونية شاسعة , بل هذه المجرات والنجوم تتصادم وتنفجر لتبتلعها ثقوب سوداء , ولتسمحوا لى بإرفاق رابط وفيديو , فالرابط لمقال لى كتبته منذ أكثر من أربع سنوات فى بداية عهدى بالحوار وأراه تأملات جديرة بالإهتمام , أما الفيديو فهو لقارئة " منيرة نوار" لم أتشرف بمعرفتها أعجبها مقالى هذا فبذلت جهداً بصياغته فى فيديو لأحمل إمتنان عظيم لها .
تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 11 ) - إنهم يصفعوننا على عقولنا .
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=260488
الله, الدين , الإنسان – سامى لبيب - اعداد منيرة نوار .
https://www.youtube.com/watch?v=mc53avHh70U
- فلنتناول قصة الحكمة برؤية فلسفية منطقية ولنبدأ بتعريف الحكمة , فالحكمة تعنى إكتساب العلم من التعلم أو من التجارب ويقاربها في المعنى كلمة الخبرة , كذلك الحكمة هى عمل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي أي بما معناه وضع الأمور في نصابها , كما تعنى الحكمة ايضا إتقان الأمور , ووضع الشيء في موضعه , والقول الصائب , والحكيم هو كيان عاقل يرجح الامور نحو الصواب بما إمتلكه من خبرات عبر تجاربه في الحياة .
- فلندقق فى هذا التعريف للحكمة لنجده ينافى الألوهية , فنحن أمام إله يكتسب العلم من التعلم ومن التجارب التى يخوضها لتتولد لديه مايسمى الخبرة , فهل الله يُجاهد ليتعلم وليرجح الأمور نحو الصواب بما امتلكه من خبرات عبر تجاربه في الحياة . !
- فلنتناول الأمور من زاوية اخرى , فمقولة أن الله حكيم فهذا يعنى أنه مقيد بقانون وفعل الحكمة وهذا يعنى أن الإله ليس حر لأنه مُلزم ومُلتزم فى أفعاله بقانون الحكمة , وهذا يناقض قدرته ومشيئته المطلقة فلا يستطيع أن يفعل شئ يخالف نظام الحكمة .
- هناك نقطة اخرى فى فكرة الحكمة هذه وهى معايير الحكمة , فإذا كانت الحكمة إتقان الأمور ووضع الشيء في موضعه و القول الصائب فهنا من يحدد معايير الإتقان ووضع الأمور فى موضعها الصحيح والقول الصائب , فإذا قلت الله فهو قول خاطئ كونك وضعت إلهك يخوض تجارب منها الفاشلة ليتعلم منها ويستنبط الصائب منها لتنفى ألوهيته بعدم علمه المطلق ووقوعه تحت التجربة والإختبار , كما عليك أن تفطن أن إستنباط الأشياء الصائبة مرهون بتأثرنا بها بما تجلبه علينا من نفع لنختارها ونتحاشى الأشياء الخاطئة المجلبة للألم , فهل الله كذلك .؟!
- يدعي مؤلفي الأديان أن الإله هو من وضع قوانين الطبيعة بحكمته , فإن كان يدعون بصفة الحكمة للإله فهذا يجعل الإله يقع تحت قانون المادة التي تتحكم فى تصرفاته بإلزامه أن يفعل أى شيء وفق قانون المادة , وبهذا لن يختلف الإله عن الطبيعة بوجود قوانين تَحد وتُلزم أفعال كل منهما , ومن هنا فالإله مُسير بقانون الحكمة مثل الطبيعة التي تعتبر مسيرة بقوانين .
* 50 - الله حيّ .
- الله حيّ مقولة تُردد دوماً وعندما تستغرب من هذه المقولة ستجد الدهشة فى عيون المؤمنين ليقولون : وهل تتصور الله ميت .؟!
يا سادة مقولة الحيّ تعنى أنه يتغير ويتطور فى كل لحظة بحال مغاير عن اللحظة السابقة ولن نقول أنه ينمو ويتنفس ويشرب ويتكاثر فهكذا كلمة حيّ . إذاً دعونا نعتنى بكلمة حى التى تعنى التغير والتطور والتبدل وسننصرف عن معنى أن الله حي يأكل وينمو وتكاثر , فهل الإله كذلك ؟!
- مقولة أن الله حى تنسف ببساطة فكرة الكمال لتجعله غير كامل , فالحى يتغير ويتبدل حاله والكمال ثبات مثالي المحتوى لا يقبل أى زيادة أو نقص , لذا توصيف الله بالحيّ إنساني عن جدارة يُثبت أننا من نرسم آلهتنا ليمنح الإنسان فكرة الإله صفاته , فلم يدرك أن من المُفترض أن الإله ذو طبيعة مغايرة أى أن كل الصفات التى نطلقها عليه ليست بذات معنى ومنها الحى , ولكن ماذا نقول عن خيال فطرى إنسانى برئ لم يفذلك الأمور حينها ليأتى الأحفاد ليقولون غير محدود وغير مادى وذو طبيعة مغايرة .. الإشكالية أن الإنسان خلق فكرة الله ومنحه صفاته ومنها الحيّ فليس من المعقول أن يكون الخالق ميت أو جماد فيصير الخالق أقل من المخلوق ولكن هذا لا يستقيم مع فكرة الكمال الكلى .
* 51 - الله والعقل والفكر .
- من الطرائف التى تندهش لها القول أن الله عرفوه بالعقل وعندما تستخدم عقلك لمعرفة الله يقولون لك أن عقل الإنسان محدود ويستحيل له أن يستوعب الله الغير محدود .!
- من الاقوال المنسوبة للإله فى خطابه للبشر ألا يعقلون و ألا يتفكرون , وهذا يعنى ان الله يعقل فليس من المعقول أن يحث على العقل ويسخر من الذين لا يعقلون ويخلق كل هذا الخلق ثم نجد الله لا يعقل , كما ليس من المعقول أن يكون الإنسان عاقل ويفكر ويفتقد إلهه للعقل والفكر بل سيكون الإله العظيم كلى العقل بكل تأكيد لتصب فى نفس الوقت مع الحجة التى يعتمدونها ويروجون لها فى تفسير الوجود والحياة بأنه إحتاج لمصمم عاقل لينفوا قول الملحدين أن الوجود مادى غير عاقل جاء من الفوضى والعشوائية .. إذن أنتم ترون الله عاقل ولكن وفقا لمفاهيم وتعريفات التعقل والتفكر ومعطيات الإله فلن يكون الإله عاقل يفكر !! . لماذا ؟.
- العقل والتفكير يعتنى بترتيب المشاهد والأحداث وإختيار الافضل والمناسب وفق للمعطيات التى لدينا فى عملية تنتقى الأفضل والأكثر دقة وتوازن بين المعطيات مُستجيبة لمحصلة القوى , ليقوم العقل بالتعاطى مع مشاهد مختلفة بترتيبها وفرزها وتنظيمها وفق إحتياجاته ورغباته وأولوياته .. إذن العقل هنا يتعامل مع أمور خارجة عنه ليتأثر بها ويتفاعل معها فينظمها بطريقته ,بينما المُفترض أن الإله لا يكون كذلك فلا يتأثر بظروف خارجية عنه ولا يتفاعل معها فلا تكون الظروف أشياء مستقلة خارجة عن خلقه ليتعاطى معها وتؤثر فيه ويتأثر بها فالمُفترض أنه خالقها .
- العقل يتأثر بالعوامل الخارجية فيوازنها ويرتبها وفق أولوياته وإحتياجاته ووفق محصلة القوى المؤثرة دوماً , والمفترض ان الإله لا يتأثر بالعوامل الخارجية ولا يوازنها ولا يخضع لمحصلة قواها ففى هذه الحالة لن يكون الله عاقلاً لكماله ونزاهته عن التأثر والخضوع والتوازن .
- كما لنا أن نسأل : هل الله يفكر لتكون الإجابة لدى المؤمنين بالتأكيد الله يفكر فإذا كان الإنسان يفكر فمن المؤكد أن الإله يفكر بل صاحب فكر كبير كما تروى قصة الخلق ذات الأيام السته أنه يفكر وكذا نزول الانبياء والأديان هو تفكير .
قصة ان الإله المفترض يُفكر ويَعقل لن تجعل منه إله ازلى أبدى خالق وستنال من فكرة الألوهية ذاتها . لماذا ؟
- معنى التفكير أنه مقيد بمحددات فهو لن يستطيع أن ينزل بالإنجيل والقرآن مثلا قبل التوراة أو ينزل بتشريعات فى زمن غير مناسب لها أو يخلق بدون ترتيب , فالتفكير مُلتزم بقواعد ومُحددات لا يستطيع أن يحيد عنها .. قد تقول أنه يراعى تطور المجتمعات الإنسانية وظروفها فهذا مانسميه مُحددات التفكير ولكن هذا ينال من فكرة مشيئته وحريته وهيمنته المطلقة ويجعله خاضعاً لمحددات لا يستطيع الفكاك منها , فلك أن تختار هل الإله يُفكر ليرتب ذهنه وفقاً لمحددات وتوازنات وشروط خارجة عنه لا يستطيع أن يتجاوزها أم مُبرمج يسير على برنامج موضوع منذ الأزل لا يحيد عنه أم يستطيع أن يكسر كل المحددات وهنا سيفقد حكمته وعلمه المطلق .
- إن التفكير والتعقل محدد بمحددات لا يمكن الخروج عنها كما ذكرنا لأنه فى حالة التحرر منها نقول عنها تفكير غير عقلانى , ومعنى أن الإله عاقل ويفكر أنه مُلتزم بمحددات لا يستطيع الحياد عنها ومن هنا تسقط فكرة حريته ومشيئته وقدرته المطلقة فهى مقيدة بمحددات .!
- إذا كان الله فوق الزمن أبدي أزلي لا يُفنى ولا يَتحول فهو لن يفكر لأن الفكر خاضع للزمن ولتوالي الأحداث كما أن التفكير له بداية ونهاية ليقفز العقل المُفكر من فكرة لفكرة فى زمن محدد لذا يصير الله جزءاً من آليات الزمن ويفكر كالإنسان فقد دخل فى المحددات والمحددوية لذا القول بتحرره من الزمن كأبدى أزلى لن تجعله يفكر .
- تقول الأديان أن الله يعلم كل شيء منذ الأزل وإلى الأبد , بل ويعلم حتى خياراتنا التي سنختارها ومصائرنا قبل أن نوجد فهو عالم الغيب صاحب المعرفة المطلقة وهذا يقودنا منطقياً إلى أن الله لا يفكر .. فنحن مثلا نفكر لأنه يوجد لدينا خيارات وأشياء لا نعرفها , ولكوننا نريد إستنباط شيء ما من تجاربنا ألخ .. بينما الله يُفترض أنه لا يوجد امامه خيارات ليفاضل بينها , ولا يوجد شيء لا يعرفه , ولا يريد استباط شيء , ومن هنا فالله لا يحتاج للتفكير , بل إن مقولة أن الله يفكر تتعارض مع صفته بأنه يعلم كل شيء , فإذا كان الله يفكر فهذا يعني أنه يريد استنباط شيء معين ,أو أنه يقوم بتحليل ما لأشياء معينه، وهذا لا يمكن أن يتوافق مع صاحب العلم المطلق .. الله لا يفكر ولا يعقل الأمور لأن التفكير لن يضيف له شيئا بل على العكس فالتفكير يَنفى ويُبدد علمه المطلق ويضعه أمام أحداث مُستجدة تتطلب التفكير واتخاذ خيار .
- هناك نقطة اخرى فى هذه المعضلة فلو تصورنا جدلا ان الله يفكر فهذا يعنى إنه سينتقى وينحاز لرؤية محددة وهذا يعنى أنه كالإنسان , فالأشياء خارجة عنه تمارس تأثيرها وتفاعلاتها لتؤثر على العقل أن ينتقى وينحاز لرؤية فكرية وهذا ينفى الألوهية كون الأشياء والمسائل مستقلة ومؤثرة ليستجيب الإله لأكثرها تأثيراً ومنطقية .
- فى ختام هذه النقطة استغرب من طبيعة الإله الذى يعبدونه فهو لا يفكر ولا يكون هذا إستنتاجنا كما أوضحنا , فالفكر الإسلامى ذاته لا يعتنى بقصة أن الله يفكر بل يعتبره "عليم" لنسأل كيف صمم الخلق إذا كان يعلم ولا يفكر فهذا يجعل الإله كقرص مدمج مدون عليه معلومات لا يستطيع أن يحيد عنها أو يُبدل فيها بفكره ليكون الإنسان أحسن حالاً .!
* 52 - الصانع لا يكون إلهاً .
من وجهة نظر تحليلية إذا كان الله موجوداً فهو ليس خالقاً بل صانعا . لماذا ؟
ذكر الله فى القرآن وفى الكتاب المقدس أنه خلق آدم من طين ولكن هذا القول خاطئ فهذا يسمى صناعة وتحويل وليس خلق , فتعريف الخلق فى معجم المعانى الجامع والمعجم الوسيط والمعجم الوجيز هو : الإيجاد من العدم أى بلا حاجة لعنصر آخر للخلق ولكن الله إحتاج إلى الطين ليخلق آدم كما إحتاج إلى النار ليصنع إبليس وأنه قام بفتق الأرض عن السماء فى القرآن والكتاب المقدس .. يزيد على ذلك ان الكتب المقدسة لم تورد فيها كلمة العدم لنستنتج من ذلك أن الله ليس خالقاً بل صانع وبالتالى فالله ليس إلهاً .
يمكن تفسير ذلك أن مبدع فكرة الإله تصور الخلق كعملية التحويل والصناعة مثل صانع الفخار والفنان الذى ينحت التماثيل , ولم يعنيه بفكره البسيط أن يسأل من أنتج المواد الأساسية , ولا جال فى ذهنه الفكرة المهترئة التى روج لها بعد ذلك اللاهوتيون وأهل الكلام فى الخلق من عدم لإسعاف هذه الفكرة المثقوبة .
* 53 - يستحيل إجتماع الشئ ونقيضه إلا فى الانسان .
- كثير هى الصفات الإلهة المتناقضة وهى إنما تدل على بشرية فكرة الإله ومن رسم ملامحها فهو إستعار الصفات الإنسانية وأسقطها على الإله , فالإنسان كونه محدود تحت الضعف فيمكنه أن يحمل الشئ ونقيضه فيمكن أن يكون قاسى أحياناً , ورحيم ورؤوف أحيان أخرى , ولكن أن تتواجد هذه الصفات المزدوجة المتناقضة فى الإله فهى غير جائزة كون الصفات الإلهية فرضاً مطلقة غير محدودة ولا مُستحدثة ولا مُتفاعلة , فمثلا كيف تتفعل صفتى المذل الرحيم فى الله فى آن واحد , فإذا كان الله كامل وكلى الرحمة فلن تستطيع هذه الصفة المطلقة أن تعذب أو تذل أو تنتقم والعكس صحيح فلو تفعلت صفة المذل فى إطلاقها فلن تسمح بأى مكان للرحمة والرأفة .
- قس على هذا كل الصفات المتناقضة , فالله فى كماله يكون مطلق العدل ومطلق الرحمة , ومطلق العدل يعنى سيحاسب كل إنسان بدقة شديدة , ومطلق الرحمة والمغفرة تعنى أنه سيرحم الجميع ولن يعذب أحداً على الإطلاق لنجد الصفتان يستحيلا أن يتواجدا ويتحققا فى كيان واحد وهذا يعنى عدم وجود هذا الكيان إلا فى خيالنا عندما أطلقنا زمام الصفات من عقالها فأصابت الفكرة فى مقتل التناقض والتضارب والإستحالة .
* 54 - الله محبة .
- مقولة الله محبة يعتنى بها المسيحيون بينما ليست فى قاموس المسلمين , وبالرغم أنها فاقدة المحتوى وتنم عن سذاجة فى الفهم لتقود إلى نفى الألوهية المفترضة مثلها مثل الإله الحكيم إلا أننى أعتبرها أفضل الصفات التى ألصقها الإنسان بالإله .
- أن يقال الله يحب البشر , فهل كان يحب الناس منذ الأزل أم أن محبته هذه مُستحدثة بوجود الإنسان , فلو قلت أنها مُستحدثة فهذا يعنى أن الإله عاطفى يتأثر بالأحداث ويتفاعل معها كحال الإنسان الذى يحب أبناءه بعد مجيئهم ويتبادل مشاعره مع ما هو موجود ليبادل هذا الحب وذاك الكراهية , كما تجعل الإله محدود غير سرمدى فالمشاعر مستجدة , أما إذا قلت أن محبة الله غير مُستحدثة فهى قديمة معه منذ الأزل فى ذات الله وكينونته قبل وجود الإنسان فقد دخلت فى الهزل والعبث , فكيف تتواجد صفة بدون المفعول به , وكيف يتواجد حب فى العدم فلا وجود هنا لموضوع الصفة ولا فعلها .
* 55 - الله والمشاعر .
- الله يغضب وينتقم ويمكر ويتكبر ليستخدم الله نفس المشاعر الإنسانية البحته التي تعتمد على المفاجأة والإنفعال ورد الفعل رغم أنه عليم علماً مُسبقاً مطلقاً بكل ما سيحدث منذ الأزل . فكيف له أن يغضب من ابو لهب والكفار والمنافقين رغم علمه بما سيفعلون مسبقاً , كما نلاحظ أن الغضب والإنتقام والمكر جزء من المشاعر الإنسانية تحدث نتيجة الإنفعال الشديد المنفلت الذى يعتريه الخوف والقلق والترقب فكيف يغضب الله مثلا كصاحب إنفعال , والغريب أن هذا الإنفعال يأتى كرد فعل لحدث يعلمه لينفعل تجاهه !..المشاعر هي ردود أفعال تنتج عن أحداث غير متوقعة إما عن صدمة أوحزن أو غضب أو فرح أو حب أو كره..ألخ, فكيف لإله المطلق القدرة أن ينفعل ليمارس رد الفعل .!
- هل الله ينفعل وقت الحدث أم إنفعل منذ الأزل .. فإذا كان وقت الحدث فهذا دليل على بشرية الفكرة وهوانها فهى أسقطت الإله فى الحدود البشرية , وإذا كان إنفعاله منذ الأزل فلنا أن نتوقف أمام هذه الطبيعة الغريبة الغير منطقية التى تجعل غضبه من الكفار مرافقة لوجوده الأزلى وعن جدوى وتهافت هذا المشهد العبثى .
- إنفعال الله تفقده جلاله وعلمه المطلق , فالمشاعر هى نتاج أحداث مُستجدة تَولد عنها رد فعل , وكون الله يغضب مثلاً فيعنى أنه تفاجئ بالحدث وأبدى رد فعله كالإنسان , بينما المُفترض أن هذ الحدث فى علمه المطلق منذ الأزل لذا من السخف والعبث أن ينفعل على مشهد يعلمه .!
إنتهت هكذا هذه السلسلة التى إعتنت بتفنيد وجود إله من خلال المعطيات والمفردات الدينية نفسها لأعد بسلسلة جديدة لم أحدد أعدادها لتفنيد وجود إله وفق الفلسفة والعلم والمنطق .
دمتم بخير.
من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع " .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟