|
من يصرخ أولا وعض الأصابع
ناصر تليلي
الحوار المتمدن-العدد: 4938 - 2015 / 9 / 27 - 19:53
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
لنعترف أولا بأن من يمتلك القدرة على التحمل هو حتما من سيحقق انتصاره و فرض شروطه على الاخر . فلا الشعر كاف ولا خطب شحذ الهمم وحدها تجدي فما بالكم بتعبيرات فريدوم هاوس السلمية لمواجهة اخطبوط اباطرة المال و منظومتهم في النضال من أجل تامين رغيف آمن مستقر واحد يحفظ كرامة مقهورا واحدا من مفقري و مضطهدي هذا العالم . فمن ينتج الثروات هم العمال والفلاحين التقليديين و جحافل خريجي الجامعات و المعاهد الصنف المحسن لعمال و فلاحي هذا العصر. و من يوزع تلك الثروات بعدالة نرجسية نزقة تعسفية انتجت ما انتجت من مليارات الفقراء و الجياع و المشردين و قلة من المترفين الى حد الملل ...هم قطاع الطرق أصحاب ربطات العنق و البذات الانيقة. في السابق عندما كانت الأمور تحتدم في تلك المواجهة كانت جموع المضطهدين هي من تمارس سياسة قطاع الطرق فتضع يدها على ما انتج من جهدها و عرقها و تستقر الأمور الى حين... الى ان تتشكل مجموعة جديدة من ورثة القياصرة و كهنوت المعبد الهلالي و الصليبي و النجمي و ما بينهم. و هكذا دواليك مستفيدين من كل هزيمة المت بهم على وسع الكرة الأرضية و عمق تاريخها لتجديد سيطرتهم أيضا على مستقبلها. في السابق كان الاحتياطي الاستراتيجي لأجداد أصحاب البذات الانيقة مخازن متواضعة نسبيا من الحبوب واللحوم والنبيذ وجيوشا تقاتل لكنها تجوع و كثيرا من الذهب و المجوهرات التي لا تقاتل و في المقابل كانت الجماهير عند اتحادها هي من تمتلك الاحتياطي الاستراتيجي من الغذاء و جيوشا من السواعد تهزم أكبر الجيوش الجائعة ... في السابق كانت الأمور أكثر وضوحا و بساطة و مع مرور الزمن باتت الأمور متداخلة ومعقدة و أصبح أباطرة الجشع و رأس المال اكثر خبثا و نضوجا . انهم يمتلكون الان احتياطي استراتيجي للصمود يمتد الى عقود ولعل اهم ما طورته منظومتهم هو تحويل الذهب و المجوهرات الى قوة راس المال النقد و البنوك و البورصات و من ثم طورت منظومة قوانين معقدة فألبست محاكم التفتيش قفزات من حرير. فقانونيا يموت الكثيرين على أبواب المستشفيات اذا وصلوها و الأكثر يموت لعدم قدرته الى وصولها... يرهن الفلاح ارضه وتفتك منه ارضه... يطرد المستأجر من منزله اذا تأخر عن دفع الايجار ... يطرد العامل و الموظف من عمله تعسفا أو مزاجا لرب العمل.. يلقى القبض على الفقراء اذا تناولوا ارخص الكحول على الأرصفة ..حتى المومس الفقيرة لها عذاب الدنيا و الاخرة ...يحشر الفقراء في المواصلات العامة كالسردين و ان تخلف احدهم عن الدفع يساق الى الشرطة ...يذهب الموظف الى السجن و يطرد من منزله ان تأخر بسداد قرضه للبنوك...... تقطع الكهرباء ان لم يسدد فاتورته و يقطع الهاتف و الانترنت ....الخ الخ... لقد استطاعت منظومة راس المال المتوحش احفاد الطغاة و القياصرة ان تزج جموع العامة المنتجة في دوامة ماكينة الاستهلاك اليومي فأفقدتها اهم احتياطي استراتيجي للصمود و هو عدم قدرة البقاء على قيد الحياة خارج السرب و القطيع ...و بالطبع نجحت أيضا منظومة راس المال المتوحش تلك بحماية نفسها بأحزمة من السماسرة الطفيليين وضعتهم على راس المؤسسات الأمنية و المصرفية و القضائية و الإعلامية و الثقافية و نجحت في اختراق الأحزاب المعارضة والمجتمع المدني و مهمشي المجتمع و العصابات و المافيات . نعم ان مقومات الصمود في لعبة العض على الأصابع هي لصالح طغمة المال فلديهم من الويسكي الفاخر و الكافيار و القصور و السيارات و اليخوت و منتجعاتهم الخاصة و طوابيرهم الخامسة و السادسة ما يكفيهم لعدة عقود في لعبة الصبر و تسفيه التحركات المطلبية و في المقابل فان المواطن العادي اذا غاب عن عمله او الفلاح ترك ارضه فانهم لن يستطيعون الصمود سوى لعدة أيام او أسبوعين على الأكثر. ان اباطرة المال و في مسرحية هزلية في صراعاتهم او لنقل لعبتهم المفضلة يحاولون الإيحاء بانهم منقسمون و لكنهم في الحقيقة قبضة رجل واحد تواجه مجاميع مفقري و مضطهدي العالم الذين تفرقهم الأديان و الاثنيات و الجهل و التخلف و شعوذيات بعض الثوريين و منظمات حقوق الانسان . لا يوجد ادنى شك بصدقية نوايا المناضلين الثوريين من اجل العدالة و الحرية و الكرامة و لكن هناك شك كبير و كبير جدا بالعقل و المفاهيم الجامدة الصخرية التي تحركهم ..انه القرن الواحد و العشرون يا رفاقي... و لن نستطيع مواجهة ذلك الوحش المتغطرس الا بتفكيك شيفرة بقاءه و صموده علينا ان نتصالح مع من ندافع عنهم لا ان نحقق انتصارات ذهنية على بعضنا البعض علينا ان نفتح الباب واسعا لأوسع ورشة عمل فكري و قاعدي و الخروج من دوامة الحلبة المرسومة لنا ....علينا ان نبدأ بالتفكير جديا حول جدوى القوانين التعسفية .
#ناصر_تليلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليس عسلا انه سم زقوم
-
قفزة حرة نحو العقل
-
سيمفونية الديك المذبوح
-
أسرائيل 1/2/3
-
باب جهنم
-
الياذة رأس المال
-
ثوار خارج القفص الثوري
المزيد.....
-
مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا
...
-
مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب
...
-
الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن
...
-
بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما
...
-
على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم
...
-
فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
-
بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت
...
-
المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري
...
-
سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في
...
-
خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|