|
نبذة عن تاريخ السلاجقة الأوائل
محمد يسري
الحوار المتمدن-العدد: 4926 - 2015 / 9 / 15 - 21:57
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
العالم الإسلامي قبل السلاجقة كان قيام الخلافة العباسية في حد ذاته بمثابة انتصار للفرس على العرب، فقد تطلع الفرس إلى شغل مناصب الدولة الكبرى، فكان أغلب الوزراء العباسيين من الفرس، ووصل النفوذ الفارسي في البلاط العباسي إلى أبعد حد، في عهد الخليفة "هارون الرشيد" عندما استطاعت أسرة "البرامكة" أن تسيطر على مقاليد الامور في الدولة. ومنذ عصر الخليفة المعتصم 218-227هـ/833-841م، بدأ النفوذ الفارسي في الدولة العباسية في التراجع أمام نفوذ العنصر التركي، وبمرور الوقت سيطر القادة الأتراك على دولة الخلافة، بل إنهم سيطروا على الخليفة العباسي نفسه. وكان من الطبيعي في تلك الظروف أن ينقسم العالم الإسلامي إلى عدد من الدول المستقلة عملياً والخاضعة اسمياً لسلطة الخليفة العباسي في بغداد، وفى أوائل القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، ظهرت على الساحة السياسية أسرة حاكمة جديدة استطاعت أن تفرض سيطرتها على الخلفاء العباسيين في بغداد وأن تحكم باسمهم، وكانت تلك الأسرة هي أسرة "بنى بويه"، وظل البويهيون مسيطرين على الخلافة العباسية حتى أواسط القرن الخامس الهجري حيث استطاع السلاجقة أن يقضوا على دولتهم وأن يحلوا محلهم.
أصل السلاجقة ينتسب السلاجقة إلى "سلجوق بن تقاق" وكان سلجوق أحد زعماء قبائل الأتراك الغز، ويبدو أن والده "تقاق" كان يعمل وزيراً في خدمة أحد ملوك الأتراك في بلاد ما وراء النهر وقد ورث ابنه سلجوق هذا المنصب عقب وفاة أبيه فكان قائد في جيش ملك تركي يدعى"بيغو"، أما عن موطن السلاجقة الأول فقد كان في بلاد "تركستان"، وكان ارتحالهم عن تلك البلاد في أواخر القرن الرابع الهجري، ويوجد خلاف بين المؤرخين والباحثين حول السبب الذي دفع بالسلاجقة إلى هجرة موطنهم الاصلي والتوجه صوب البلاد الإسلامية. وقد استقر سلجوق وعشيرته بعد هجرتهم في مدينة "جند" التي اتخذها قاعدة وعاصمة لحكمه، وكانت الأوضاع السياسية فيما وراء النهر، ملائمة لنمو قوة السلاجقة، فقد كانت تلك البلاد ميداناً للصراع بين الدولة السامانية وما حولها من قوي ودول، واستغل سلجوق تلك الظروف للحصول على بعض المكاسب، فقام بالتحالف مع السامانيين ضد أعدائهم واستطاع بذلك أن يثبت أقدامه في موطنه الجديد. وتوفى سلجوق بمدينة جند عن عمر يناهز المائة عام أو مائة وسبعة عام وترك سلجوق أربع أبناء له هم إسرائيل -ميكائيل -موسى -يونس وفى 421هـ/1030م توفى "ميكائيل بن سلجوق" فخلفه ابنه طغرلبك في قيادة السلاجقة. تكوين الدولة السلجوقية كان اعتلاء طغرلبك لكرسي زعامة السلاجقة، بمثابة إعلان لعهد جديد من تاريخ تلك القبائل التركمانية، فقد استطاع طغرلبك أن يوحد جميع قبائل السلاجقة تحت رايته وسيطر على بلاد ما وراء النهر وبلاد خراسان ،وفى عام429هـ/1037م دخل مدينة نيسابور وأعلن نفسه سلطاناً ،ثم توج السلاجقة جهودهم العسكرية بالانتصار على الغزنويين في "دندانقان" عام431هـ/1039م ، وكانت تلك المعركة بمثابة نهاية لحكم الغزنويين في إقليم خراسان كله ، وكان من الطبيعي أن يحاول طغرلبك أن يتصل بالخلافة العباسية في بغداد وأن يستمد منها شرعية حكمه، ولذلك كتب رسالة إلى الخليفة العباسي القائم ، وشرح في تلك الرسالة الظروف والأوضاع السياسية التي مرت بها الدولة السلجوقية كما إنه طلب من الخليفة الاعتراف بالدولة الجديدة ،وكان الخليفة العباسي في ذلك الوقت يعاني من الاضطرابات والانقسامات التي جرت بين قادة الأسرة البويهية، فلم يجد أمامه من حل، سوى أن يرسل في طلب مساعدة السلاجقة . وفي447هـ/1055م، وصل طغرلبك إلى بغداد ملبياً دعوة الخليفة، واستطاع أن يقضي على جميع الأخطار التي تهدد دولة الخلافة، فقام الخليفة العباسي بتلقيب طغرلبك بلقب "ملك المشرق والمغرب"، واعترف به سلطاناً على جميع المناطق التي استطاع أن يفرض سلطانه عليها. وتوفى طغرلبك في عام 455هـ/1063م بالري وتم دفنه بمرو ولما كان عقيماً لم ينجب، فقد كان من الطبيعي أن تحدث مشكلة حول مسألة وراثة العرش السلجوقي عقب وفاته، ولكن سرعان ما انتهت تلك المشكلة بعد وصول "ألب أرسلان" للحكم عام 456هـ/1063م.
#محمد_يسري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحشاشون...قراءة تاريخية مختلفة
-
ملاحظات حول الدراما التاريخية التركية
-
ما هكذا تورد الإبل يا جنبلاط
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|