|
ايران..ومأزق تظاهرات العراقيين
وميض احسان
الحوار المتمدن-العدد: 4909 - 2015 / 8 / 27 - 15:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ايران ومأزق تظاهرات العراقيين.. وميض احسان ليس بالامكان غض النظر عن طبيعة الزيارة وتوقيتها التي قام قاسم سليماني، قائد الحرس الحرس الثوري الايراني، الى مدينة كربلاء مؤخراً، والرسالة المقصود ايصالها الى كل القوى الشعبية والدينية في العراق، وحتى الدول الاقليمية. في السابق كان الرجل حاضراً في العراق بكامل نياشينه وهو بعيد عنه يخطط من طهران، مستعيناً باذرع حزبية وجماعات ميليشاوية طائفية لم تتردد عن اعلان ولاءتها للقيادات الايرانية، وسط اعتراض وطني مكتوم وقبول حكومي لم تكن دواعيه خافية على العراقيين، لكن الرجل استوطن العراق بشكل علني ودائم منذ احتلال داعش للاراضي العراقية، بوصفه القائد العسكري المنقذ للبلاد، وهذه المرة وسط اعلان الميليشيات والحكومة عن فضائله ونصائحه، من خلال ايهام العراقيين بانه لولا ايران وجهود سليماني لتقدم داعش الى احتلال بغداد.! زيارة سليماني الى كربلاء تبدو استكمالاً لزيارة المالكي لطهران، وهرولة جماعات التحالف الوطني، بدون استثناء، للقاء خامنئي والقيادات الايرانية لمناقشة الاوضاع في العراق، في ضوء التظاهرات الشعبية التي ارتفع سقف مطالبها من توفير الخدمات الى محاربة الفساد والمطالبة باصلاح النظام وحتى تغيير بنية النظام نفسه، الامر الذي استشعر الايرانيون من خلاله بأن التظاهرات ستلقي بظلالها الكثيفة على ولاءات احزاب السلطة لهم مما يؤدي الى صحوة وعي شعبي يؤسس الى بداية النهاية لهيمنة ايرانية مطلقة على كل مفاصل الحياة العراقية، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. زيارة سليماني لكربلاء وسلوك الاحزاب الخاضعة لايران انما هي رسائل مكشوفة مفادها ان مرجعية شؤون العراق تبقى في ايد ايران وليس غيرها. الكل يدرك ان ايران بمشرعها الديني الطائفي انما تعيش في الماضي دون التحسب انها بذلك تتحدى عوامل الجغرفيا واحكام التأريخ وتقلبات الوعي الوطني، وتصر على اقناع اتباع المذهب الشيعي في الدول العربية والاسلامية، بان تحمل على عاتقها رسالة المذهب، وتحقيق مصالح الطائفة، وان صراعها ينبع من تبنيها الديني للمذهب ولا يتعلق بمتطلبات مصالحها السياسية، وهي بذلك تعتمد على تنفيذ استراتيجية تقوم على تغليب الهوية الطائفية على الهوية الوطنية، واستغلال الاحزاب الطائفية الموالية لها في التلاعب بالروايات التأريخية وتغطية كل مقاصد الصراع على السلطة، وهي بذلك تستعيد في العراق وبعض الدول الاسلامية تجربة حكم العرق الفارسي في ايران لمدى قرنين من الزمن، على الرغم من ان العرق الفارسي لا يشكل سوى ثلث الشعوب الايرانية. والكل يدرك ايضاً، الزيف المتنامي في ادعاءاتها، لاسيما القوى السياسية والقبيلية في مناطق التوترات الطائفية التي باتت من اشد مظاهر تهديد وحدة المجتمعات في الدول العربية، مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، تلك القوى التي تنكرت هي الاخرى لمصالح بلدانها فانخرطت في المشروع الايراني من اجل مصالحها الضيقة. الجزع الذي ألم بالعراقيين من سوء الخدمات واستشراء الفساد وتلاشي مقومات الدولة الحقيقية هو من دفعهم الى الخروج في تظاهرات شعبية خلت من الشعارات السياسية، وقفزت بوعي بارع فوق كل مظاهر الطائفية، الامر الذي اهتزت له كل ثوابت القوى العراقية الايرانية الهوى، والطائفية التوجه، التي تتنكر بلباس الدين، والتي تراهن عليها ايران لجعل العراق "عاصمة الامبراطورية الفارسية". ولعل شعار" إيران برّه برّه العراق تبقى حرّه" الذي رفعه المتظاهرون بكل جرأة، يكشف حقيقة الخلل في المنظومة السياسية العراقية، وفي مقدمتهم حزب الدعوة الحاكم وتحالفه الوطني، الذي دأب خلال الثلاثة عشر سنة الماضية على ربط العراق بايران، سياسياً واقتصادياً وحتى اجتماعياً، بطريقة التبعية الخالصة، وفي الوقت نفسه، فان مدلولات الشعار هو من ايقظ مشاعر الخوف لدى ايران وهلع احزابها داخل العراق، وهو ما دفع زعماء التحالف الوطني العراقي! وقبلهم المالكي، الى حزم حقائبهم والتوجه الى ايران لاجراء عملية جراحية سريعة لازمة التظاهرات الشعبية. ولقد تبدت اولى نتائج العمل الجراحي في تصريحات فرسان ساستنا العراقيين والمسؤليين الايرانيين على حد سواء، فالمالكي وصفها بانها ضد التوجه الاسلامي، وباقر صولاغ وصفها انها لا تمثل العراقيين، والعامري لم يتردد عن اتهامها بالخيانة العظمى بوقوف جهات خارجية وراءها، ومسؤول ايراني وصف من اطلقها جهات غير مسلمة! والحكيم يتهمهم المتظاهرين بالارهاب عند اعلن بأن داعش من يقف خلفها... وكل ما يجري حتى هذه اللحظة من ظاهر الوضع في العراق، وكل ما سيجري في الايام القادمة من باطن لقاء المالكي وقيادات تحالفه في طهران، سيكون تحدياً تاريخياً اما المتظاهرين من جهة، وتحدياً وجودياً لهيمنة طهران وولاءات احزابها في العراق.
#وميض_احسان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحشد الشعبي في العراق ..الى اين؟
-
من يوقف الصدأ؟
المزيد.....
-
المغرب.. كشف تفاصيل ضبط خلية -الاشقاء-
-
الجيش الأمريكي يعلن استهداف -أحد كبار قيادات- تنظيم تابع لـ-
...
-
مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تعيين دوغ بورغوم وزيرا للداخلية
-
مباحثات إيرانية قطرية حول اتفاق وقف إطلاق النار بغزة ولبنان
...
-
ترامب يعلق على تقارير سحب القوات الأمريكية من سوريا
-
روبيو: ترامب مقتنع بضرورة حل الصراع في أوكرانيا بالوسائل الد
...
-
واشنطن: استمرار الصراع يدمر أوكرانيا ويفاقم خسائرها في الأرا
...
-
المغرب.. تفاصيل دقيقة حول الآليات والمواد والمساحيق التي تم
...
-
الولايات المتحدة تخطط لفرض رسوم جمركية على الصين بسبب -شحنات
...
-
روبيو: عرض ترامب شراء غرينلاند -ليس مزحة-
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|