|
فريدا كايلو إيقونة الأزياء
فيء ناصر
الحوار المتمدن-العدد: 4884 - 2015 / 8 / 1 - 15:28
المحور:
الادب والفن
يستضيف كالري (مارتن هوبن/ Michael Hoppen ) في لندن معرضاً تسجيلياً صورياً لأزياء ومقتنيات الرسامة المكسيكية فريدا كايلو، وكانت هذه المقتنيات قد جُمعت في غرفة في شقة الفنانة وأقفلت هذه الغرفة عقب موت الفنانة بأمر من زوجها الفنان دييغو ريفيرا. بقيت هذه الغرفة ومحتوياتها مقفلة كما أراد دييغو ريفيرا ولم تُفتح إلا عام 2004 بعدما إرتأت إدارة متحف فريدا كايلو في مكسيكو ستي على جمع مقتنيات الفنانة وضمها الى متحفها الفني.
من ينظر الى لوحات فريدا يعرف إنها تضع نفسها في مركز اللوحة، لوحاتها الذاتية لها مذاق سوريالي خاص، فهي ترسم نفسها كما لو إنها ترى ذاتها من بعيد أو كمن يرى نفسه في حلم فنطازي ويدوّن ذلك الحلم بفرشاة وألوان. مظهر فريدا كايلو المميز، شعرها الأسود الذي تكوره فوق رأسها، حلقها الكبير المعلق في إذنيها والزهور التي تزين بها شعرها، حواجبها الكثيفة التي تركت دون تشذيب، والشعر الخفيف فوق شفتها العليا، كل هذه التفاصيل صارت جزءاً من شخصيتها المميزة، كما عذابها الإنساني بين الألم الجسدي وإغتراب الفنان الأبدي. لو تمعّنا أكثر في لوحات فريدا الذاتية سنكتشف سريعاً إسلوبها الخاص بإختيار ملابسها، فهي لبست وبإصرار الملابس التقليدية للمرأة المكسيكية لكنها طوعتها بما يلائم ذوقها وإسلوبها الخاص، مشدات ملونة للجزء العلوي من جسمها وتنورات طويلة والجزءان يتميزان بالتطريز والتخريم وبألوان حيوية تضج بالحياة. إسلوبها المميز في إختيار أزيائها كان بمثابة بصمتها التي وقعت بها صورها الفوتغرافية الكثيرة والتي شكلت إسطورتها كفنانة وإنسانة فيما بعد. إرتدت فريدا كايلو في لوحاتها وصورها الفوتغرافية أزياءاً كانت تتناقض كلياً مع الموضة السائدة في الثلاثينات والأربعينات والتي تميزت بالطراز الناعم الأملس للوجوه والثياب وقد تأثر وإستلهم العديد من مصممي الأزياء ثياب فريدا كايلو، مثل المصمم الفرنسي جان بول غوتييه والمصمم مارك جاكوب وبيت الأزياء الشهير دولتشي آند غابانا. كان هوس فريدا كايلو بالأزياء الغريبة واضحاً وجلياً لكل من عرفها وعندما توفيت عام 1954 عن سبعة وأربعين عاماً قام زوجها الفنان دييغو رفيرا يإقفال الغرفة التي تحتوي ملابسها ومقتنياتها الشخصية ولم تفتح هذه الغرفة الا بعد خمسين عاماً، تم حفظ هذه المقنيات والثياب في متحف فريدا في مكسيكو ستي كما تمت أرشفت ما يقارب 300 قطعة من هذه المقتنيات صورياً، والتي يعرضها الان كالري مارتن هوبن في لندن لموسم معارضه الصيفية. صور مقتنيات فريدا كايلو بكاميرا الفنانة الفوتغرافية اليابانية (أسيوجي مياكو)، والتي صورتها عندما عُرضت للجمهور أول مرة في متحف فريدا كايلو. تكشف صور هذه المقتنيات هوية فريدا كايلو الإنسانية والفنية وإسلوبها وتفردها رغم عوقها الجسدي. الصور المعروضة تظهر ملابس فريدا التي أحبتها وإرتدها الى أن بُليت، مثل ثوب السباحة الفيرزوي اللون الملئ بالثقوب والذي بهت لونه من كثرة الإستعمال، عويناتها الشمسية المفضلة، جواربها المرتقة وكذلك فساتينها المكسيكية المطرزة الحواف والتي إستوحتها من ثياب نساء منطقة تايهوانتيبك وهو مجتمع أمومي جنوب شرق المكسيك، إرتدت فريدا هذه الفساتين كرمز للأنوثة القوية والصادمة. صور أخرى لقمصان فريدا معقدة التطريز (الهيوبل) والتي تشتهر بها نساء وسط المكسكيك وتعود الى حضارة الميايا وهي قريبة الشبه من لباس المرأة الفلسطينية التقليدي. الزائر للمعرض الصوري يلاحظ إن إسلوب فريدا كايلو في إختيار ملابسها متطابق تماماً مع شخصيتها وحياتها، فهي كما كل النساء كانت تولي أهمية كبرى لثيابها لأنها تمنحها الشعوربالفرادة، لكنها من جانب آخر إستعملت الثياب كقناع أحياناً وكنوع من جذب الإنتباه إليها والى ألمها الجسدي. تعرضت فريدا في عمر السابعة عشر الى حادث إصطدام في الباص الذي كانت تستقله، هذه الحادثة أصابتها بمشاكل صحية وعوق لمدى الحياة، لكنها بدأت الرسم أثناء الثلاثة أشهر الأولى من وجودها طريحة الفراش في المشفى وكانت ثيابها لها الصدارة في أغلب لوحاتها، كما في لوحتها (بورتريت ذاتي بثوب القطيفة 1926) التي تًظهرها كأنها تصب جسدها المتألم الذي أثقلها في قالب من القديفة الناعمة علّها تخفي عوق ساقييها. قمصانها وثيابها الفلكلورية العريضة لا تبرز هويتها المكسيكية التي تعتز بها فقط بل تخفي تشوهات جسدها، صور ثيابها كأنها تروي سيرة حياتها، المشد العلوي الذي إشتهرت بإرتدائه هو غواية وقضبان للجسد المتألم داخله. وكلما خارت قواها وأصبحت حبيسة فراشها كلما صارت ثيابها زاهية الألوان أكثر، كما في صورتها المدهشة وهي بساقها الإصطناعية بعد بتر ساقها عام 1953 وقبل عام واحد قبل وفاتها. صورة أخرى مؤثرة جداً لحذائها الأحمر ذو الرقبة الطويلة مع ساقها الصناعية تزينه شرائط كثيرة مع أجراس في نهاية الشرائط، كأن الأجراس إعلان متواصل عن الألم في كل خطوة. الزائر يخرج بمحصلة عن فريدا كايلو، هي ليست رسامة متفردة فنياً فقط بل إمرأة مبتكرة في إختيار الثياب والإكسسوارات لإبراز قوتها وضعفها كأنثى، كأنها كانت ترسم إنثوتها بتلك الثياب وتسريحة الشعر والإكسسوارات، ورغم مرور ستين عاماً على موتها لكن إسلوبها الأصيل سيدوم تأثيره طويلاً مثل لوحاتها الفنية.
#فيء_ناصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن (توستالا) المجموعة القصصية لعبد الهادي سعدون
-
رامبرانت الهولندي المدهش
-
مان راي رسام الفوتغراف
-
الفكاهة سلاحاً ضد الكراهية
-
حنوش -يغزل خيوط النور- في لندن
-
لقد أحَطتُ بما لم تحط به
-
أعطني متحفاً وسوف أملؤه
-
عن معرض الفنان علي جبار الأخير
-
أرشيف فرجينا وولف وجماعة بلومزبري
-
هل من عودة أيها السندباد ؟
-
ميزان لموظفي الدولة
-
سعداوي يُعيد بناء الحياة الجحيمية للعراقيين... سرداً.
-
الفلم السينمائي كقصيدة، برايت ستار نموذجاً
-
قمرٌ واحدٌ في كل القصائد
-
ريح من لامكان _الشاعرة الأمريكية انتوني فلورنس
المزيد.....
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|