|
الآن عادت إيران
ياسين المصري
الحوار المتمدن-العدد: 4873 - 2015 / 7 / 21 - 21:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بداية أود أن أأكد أنني لست شيعيا ولست سنيا، ولست متدينا على الإطلاق. أعتقد فقط بإمكانية تحقيق الإنسانية، رغم صعوبة ذلك. وأحاول أن أتناول الأمور السياسية المعقدة جدًا في منطقة موبوءة بالهوس الديني بحيادية وموضوعية.
******* أبشروا خيرا ياعربان، فقد عادت إيران لتفعل لكم ماعجزتم عن فعله! لقد بدأ التغيير الحقيقي في المنطقة برمتها. فقد أعاد المجتمع الدولي المتحضر إيران الشيعية إلى الساحة السياسية مرة أخرى وبقوة غير مسبوقة بعد أن تخطت - بنجاح منقطع النظير - فترة دامت أكثر من أربعين عاما من العزلة والقطيعة المالية والاقتصادية والسياسية!! فلماذا أعيدت في هذا الوقت بالذات؟ وما هو الهدف من إعادتها؟ وما التنبؤات المستقبلية لهذه العودة؟ وما هو موقف دول العربان والمستعربين (السنة) منها، وفي مقدمتهم مصر؟
أدرك العالم المتحضر فشله الذريع في التعامل مع دول العربان والمستعربين ومع تركيا من أجل وضع حد للإجرام الوهابي السني بزعامة ودعم مالي ولوجستي من دولة آل سعود، والعمل على وقف تناميه المطَّرِد كل يوم، بحيث أصبح يهدد العالم بأسره.
فبدلا من أن تقوم تركيا بخطوات حثيثة في هذ الشأن، انجرفت إلى مستنقع الإخوان المتأسلمين والوهابيين وراحت تقدم لهم الدعم المعنوي والإعلامي، بهدف إعادة بناء الإمبراطورية العثمانية البائد مرة أخرى وفرض هيمنتها على المنطقة.
كما اكتشف العالم المتحضر أنه لا أمل يرتجى من دولة آل سعود لِلَجْم شرورها الوهابية، خاصة وأنها دولة شديدة التخلف وقائمة في الأساس على ثقافة إسلاموية شريرة متأصلة حتى النخاع في كيانها منذ ما يقرب من 1500 عام. فهي إذن جزء أساسي في وجود المشكلة ومن المستحيل أن تكون جزءا من الحل. أنصح القارئ العزيز بالاطلاع على أي من الكتب التالية: كتاب "مملكة الكراهية لمؤلفه دور غورد" ترجمة محمد جليد، منشورات الجمل. 2014 http://www.neelwafurat.com/itempageTablet.aspx?id=lbb229300-207705&search=books
أو كتاب "النوم مع الشيطان" لمؤلفه روبرت باير ، والشيطان يقصد به دولة آل سعود. الكتاب باللغة الإنجليزية على الموقع التالي: http://www.pumpitout.com/audio/Robert-Baer-ing-With-the-Devil/RB-SlepinDev.pdf
ويوجد ملخص له باللغة العربية على الموقع الإيراني التالي : http://www.alalam.ir/news/1545808
ليرى حقيقة السياسة الخارجية لدولة آل سعود وشراكتها مع أمريكا في تكوين الإرهاب التكفيري الذي تعاني منه المنطقة أشد المعاناة في الوقت الراهن.
ورأي الغرب مصر وهي الدولة الكبيرة والمؤثرة في المنطقة، وقد أصابها الهزال والعجز جراء استيلاء العسكر على سدة الحكم فيها منذ عام 1953، مما سمح للجماعات الإسلاموية الإرهابية أن تعيث فيها فسادا وانحطاطا إلى جانب العسكر. وأن أمامها لذلك شوطا طويلا وعسيرا ومؤلما كي تستعيد عافيتها مرة ثانية.
فكان على الدول المتحضرة أن تغير استراتيجيتها تجاه دول المنطقة وأن تخطو خطوات حقيقية على الطريق الصحيح نحو تغييرها وتغيير المفاهيم الثقافية السائدة والمتحكمة فيها.
الخطوة الأولى كانت توجيه شوكة الإرهاب السني الوهابي إلى الداخل في العديد من دول المنطقة وحصر إجرامه في عقر داره، وتوريط دولة أل سعود في حرب استنزاف طويلة مع جارتها اليمن، بحيث لا تخرج منها سالمة بأي حال من الأحوال. وقد تكلمت عن هذا بالتفصيل في المقال التالي: قراءة للأحداث الجارية في الشرق الأوسط http://www.ssrcaw.org/ar/show.art.asp?t=2&aid=471370
وفي مقالات يجدها القارئ في الموقع الرئيسي للمؤلف على على الحوار المتمدن.
والخطوة الثانية هي الإتيان بإيران الشيعية كشريك استراتيجي فعَّال للغرب بهدف السيطرة على النفوذ السني الوهابي وتحجيمه أمام مد شيعي يبدأ هذه المرة من دول الخليج الفارسي ليعم المنطقة بأسرها، ولا يقتصر على امتداد الدولة الفاطمية الشيعية (909 - 1171) من الحجاز حتى المغرب فحسب. وهنا يجب التنويه إلى أنني لا أقصد بالمد الشيعي أن تحتل إيران المنطقة، ولكن المقصود هنا هو مد ثقافي يغير المفاهيم الكارثية في الثقافة السنية الإجرامية السائدة في المنطقة برمتها.
فالمنطقة برمتها مقدمة الآن على تغييرات راديكالية حادة، سوف تنقل الحدود بين دولها، وسوف تنشأ دول جديدة وتزول دول أخرى من على الخريطة الجغرافية. وسوف ترغم هذه الدول على تتدبر أمر نفسها وتعيد من جديد تشكيل منظومتها الثقافية بنفسه، وإن لم تستطع فسوف يفرض عليها.
بطبيعة الحال يتم دائما إعلام المسؤولين في الدول المعنية في المنطقة بحقيقة الأوضاع وما ستفضي إليه بأسلوب دبلوماسي مبطن. وقد يدرك البعض تلك الحقيقة، ومن ثم يتخذ قرارات من شأنها تغيير الأوضاع في دولته، كأن يطالب علانية الرئيس السيسي في مصر بتطوير الخطاب الديني، بصرف النظر عما إذا كان سينجح في ذلك أم سيفشل، فهذا موضوع آخر.
كذلك كان رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد سباقا ومتفوقا على غيره في جميع دول المنطقة برمتها عندما أصدر مؤخرا مرسوم قانون يقضى بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة كافة أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير. بالإضافة إلى ذلك مبادرته الذكية بتهنئة إيران على الاتفاق النووي بينها وبين المجتمع الدولي.
وقد لا يدرك البغض الآخر حقيقة الأوضاع الدولية وما ستفضي إليه، فيظل على موقفه الغبي أو المتعنت أو المرتعش في محاولات يائسة للمحافظة على عرشه أو منصبه.
إتسمت السياسة الخارجية لإيران خلال فترة العزل والحصار المالي والاقتصادي التي مرت بها بالبراجماتية والذكاء والحكمة، وكأنها كانت تعرف بأن العالم سيلجأ إليها في يوم ما كي تقف أمام الغباء السياسي لدول المنطقة، فلم تدعم الإرهاب في العالم قط، بل ولم تقم بأية عمليات إرهابية من شأنها إثارة حفيظة العالم نحوها. صحيح أنها دعمت حزب الله الشيعي في لبنان، ولكن ذلك لظروف داخلية فقط، أما دعمها لبشار الأسد في سوريا، ودعمها للحوثيين في اليمن فيحسب لها ولا يحسب عليها، إذ ثبت أنه موجه ضد الإرهاب السني الوهابي الذي يعاني منه العالم المتحضر.
ظلت إيران خلال الأربعين عاما الماضية تنتظر وتراقب وتتفاوض بذكاء مع الغرب بزعامة أمريكا. وخرجت في النهاية باتفاق حفظ لها ماء وجهها وأعادها إلى حظيرة العالم لتلعب الدور المطلوب منها! والذي عليها الآن أن تلعبه بذكائها المعهود، وهو أن تكون كما يريد لها الغرب ، حليفا استراتيجيا كما كانت في عهد الشاه. ولكن بشكل أقوى، إذ لا يقتصر فقط على تحجيم الدول الواقعة على الخليج الفارسي وفي مقدمتها دولة آل سعود، بل وإرغامها أيضا على تغيير مفاهيمها السياسية الغبية وأسسها الثقافية المدمِّرة.
الدولة الوحيدة التي أدركت هذا الأمر بذكاء هي دولة الإمارات العربية المتحدة، فسارعت إلى مباركة الاتفاق النووي مع إيران، وأصدرت قوانين صارمة من شأنها الحد من نفوذ التأسلم السني الوهابي الإجرامي، كما سبق ذكره آنفا.
أشار الأستاذ مجدي خليل في رده على سؤال لقناة الكرمة عن رأيه في الإتفاق الإيراني الأوروبي إلى نقطة في غاية الأهمية ، وهي ضرورة أن تتخلص مصر من التبعية للسعودية حتى تستفيد من الوضع الجديد في المنطقة.
على مصر إذن أن تقرأ التغيرات الجارية من حولها وتتجاوب معها بالذكاء المطلوب، بحيث تنشئ علاقة سوية ومتوازنة وسلمية مع إيران حتى لا ترغم على الانجراف نحو الهاوية التي ستحل بدول كثيرة في المنطقة، وقد تكون دولة آل سعود في مقدمتها!!
قد يسأل البعض عن دور البترول السعودي؟؟!! إنقضى دوره بالنسبة للدول الغربية بما فيها أمريكا، فأمريكا لديها الآن ولأول مرة في تاريخها اكتفاءً ذاتيًا في إنتاج بترولها، كما أن بترول إيران سوف يحل محل البترول السعودي في تغذية الأسواق الأوروبية بكاملها، وبالفعل دعيت شركات بترول أوروبية للتنقيب في إيران.
#ياسين_المصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكذب الإسلاموي المقدَّس
-
الدواعش والذئاب في زي حملان
-
قراءة للأحداث الجارية في الشرق الأوسط
-
المتأسلمون ومرض الزينوفوبيا
-
تفكير المتأسلمين والديانة الربانية
-
الديانة الهشة تترنح
-
الذكاء والغباء الجمعيان
-
الغابة السوداء والديانة الإسلاموية
-
المرأة والهوس الجنسي عند المتأسلمين
-
العميان الذين لا يَرَوْن من الغربال!
-
المد -الشيزوفرينيي- بين العربان والمتأسلمين
-
الذكاء الشعبي و - ...... !!! -
-
الدواعش والجدار الفولاذي
-
الإنسان بين الخير والشر
-
إذا كان الله موجودا !
-
القتل الإسلاموي بالنيابة
-
ما بعد الهجوم ومصير المتأسلمين في أوروبا
-
الإسلام والإنتقام
-
أديان معلقة بالسماء
-
المقدمة : رسالة إلى القارئ المتأسلم
المزيد.....
-
رئيس وزراء اليابان يخطط لزيارة الولايات المتحدة ولقاء ترامب
...
-
ترامب يعلق على تحطم الطائرة في فيلادلفيا: المزيد من الأرواح
...
-
الدفاعات الروسية تسقط 9 مسيرات أوكرانية غربي البلاد وتدمّر ز
...
-
-فوكس نيوز-: إيران تخفي تطويرها النووي تحت ستار برنامج فضائي
...
-
استخباراتي أمريكي سابق يتحدث عن حرب مع المكسيك -قد تتحول إلى
...
-
OnePlus تكشف عن هاتفها الجديد ومواصفاته المميزة
-
اكتشاف ارتباط بين النظام الغذائي وسرعة الشيخوخة البيولوجية
-
أول هجوم على قوات الاحتلال منذ بدء توغلها في سوريا
-
مجلس الأمن يدين هجمات الدعم السريع في دارفور
-
جامعة أميركية تعلق عمل مجموعة مؤيدة لفلسطين عامين
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|