|
القدس كما هي في المشهد اليومي 13
محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 4867 - 2015 / 7 / 15 - 12:08
المحور:
الادب والفن
الاثنين 26 / 11 / 2007 يوم طويل قضيته في القدس القديمة. ابتدأ يومي من حيّ وادي الجوز. مضيت ماشياً في شارع المقدسيّ، وهو الشارع الرئيس في هذا الحيّ المليء بالكراجات. أحضرت الكاميرا معي لتصوير مشاهد من القدس. حاولت التقاط صورة لحيّ وادي الجوز، فلم يظهر المشهد على شاشة الكاميرا. أيقنت أنّ في الكاميرا خللاً ما. مشيت في شارع الزهراء وذهبت إلى المكتبة العلميّة في شارع صلاح الدين. اشتريت الصحف وكتابين آخرين أحدهما لرجا شحادة باللغة الانجليزية عن المكان الفلسطيني الذي رصده من خلال مشاويره الشخصية في الجبال والأودية ومختلف الأماكن المحيطة بالمدن الفلسطينية. عدت إلى شارع الزهراء، وجلست في الكافي يوروب. شربت عصير البرتقال وبقيت ساعة في المحل، قرأت أثناءها في كتاب رجا شحادة. غادرت الكافي يوروب إلى البلدة القديمة. دخلتها من باب العامود. التقطت صوراً لبعض الأمكنة فيها. استجابت الكاميرا للتصوير في الظلّ. أكثر أماكن البلدة القديمة وأسواقها لا تدخلها الشمس لأنها مسقوفة أو شبه مسقوفة. مشيت في طريق الواد، في طريق الآلام، في سوق باب خان الزيت. دخلت سوق الحدّادين. هنا في هذه السوق، كانت محالّ تجارية لبعض الحرف اليدوية: صنع الأحذية، تبييض الأواني النحاسيّة كالصحون والطناجر، تجليخ السكاكين بأنواعها المختلفة. الآن لم يعد لهذه الحرف وجود، والسوق أصبح اسمها سوق اللحّامين. دخلت سوق العطّارين الموازي لسوق اللحّامين من طرفها المحاذية لسوق البازار. في سوق البازار إسرائيليون كثر ذاهبون إلى الحي اليهودي في منطقة باب المغاربة، أو قادمون منه. لم تكن سوق العطّارين مكتظّة بالناس. غادرتها وذهبت إلى سوق الدبّاغة. اتجهت إلى كنيسة القيامة. لم أمكث فيها سوى دقائق. كان هناك سيّاح وسائحات. وثمة صلوات عند مدخل الكنيسة وداخلها. غادرتها ومشيت في سوق حارة النصارى. ثم عدت إلى سوق الدبّاغة. جلست في مقهى البلدة القديمة الذي تصطّف موائده وكراسيه فوق طريق البيمارستان الصلاحي. كان الطقس معتدلاً، وأنا لا أملّ التجوال في أسواق المدينة، ولا أشعر بالسأم.
الخميس 29 / 11 / 2007 أمضيت ساعتين وأنا أتجوّل في أسواق القدس القديمة. وكنت أحمل الكاميرا استعداداً للتصوير. أعترف بأنني لست مصوّراً بارعاً. مع ذلك صمّمت على التقاط مشاهد من البلدة القديمة لعلّني أعود إليها في المستقبل. ابتدأت المشوار من باب الساهرة. مشيت في طريق القادسية، التقطت صوراً لأبواب قديمة وشبابيك ولأدراج تفضي إلى أزقّة معتمة. دخلت درب الآلام وفيها الكنيسة الصلاحية. التقطت صوراً لبعض مشاهد في الكنيسة. دخلت طريق الواد وصعدت درب الآلام الصاعد نحو سوق خان الزيت. التقطت صوراً لبيوت مشيّدة فوق الدرب بشبابيك صغيرة حالمة، وتبلورت الفكرة في ذهني: سألتقط صوراً لشبابيك القدس. رحت أذرع المدينة من جديد، ولا تركيز لديّ إلا على الشبابيك. لاحظت تنوّعاً مدهشاً في شبابيك القدس القديمة. ثمة شبابيك مفردة. يستقرّ شبّاك وحيد على حائط، فيبدو مثيراً للشفقة، حينما تظهر على مقربة منه في بناء مجاور، شبابيك متجاورة كلّ شبّاكين على حائط واحد، وأحياناً ثمة ثلاثة أو أربعة شبابيك متجاورة على حائط واحد. ثمة شبابيك صدئة بفعل الزمن. وشبابيك لها حمايات من قضبان حديد صارمة. شبابيك مغلقة بأباجورات متجهّمة. وشبابيك مواربة وأخرى مفتوحة. ثمة مزهريّات ورد في بعض الشبابيك، ونساء يظهرن لحظة في فضاء شبابيك أخرى، ينظرن نحو الأسفل ثم يغبن. ثمة شبابيك مستطيلة الشكل من النمط المعروف في العمارة العثمانية في المدينة، وشبابيك مربّعة. شبابيك صغيرة تشبه شبابيك السجون. وشبابيك أخرى مشرعة على ما في الداخل كما لو أنها متحرّرة من أيّة ضغوط اجتماعيّة أو قيود. أوحت لي شبابيك المدينة بتصوّرات عدّة.
الاثنين 3 / 12 / 2007 لم أتمكّن من دخول رام الله هذا الصباح. عندما اقتربت من حاجز قلندية لاحظت حركة غير عاديّة، وثمة إطلاق نار. وقفت مجنّدتان في وسط الشارع وأخذتا تعيدان السيّارات المتوجّهة إلى رام الله عبر الحاجز، من حيث جاءت هذه السيّارات. علمت بعد دقيقة من أحد الأشخاص الواقفين هناك، بأنّ الحاجز الإسرائيلي تعرّض قبل قليل لإطلاق نار من مقاومين فلسطينيين. ابتعدت وقرّرت الدخول إلى رام الله عبر حاجز بيتونيا. لكنّ جنود الحاجز منعوني من الدخول. كانت كلّ المداخل إلى رام الله كما علمت في ما بعد مغلقة. عدت إلى القدس وجلست في مقهى ومطعم الكافي يوروب. شربت عصير البرتقال وقرأت الصحف. ثم قمت بجولة في البلدة القديمة، وكان تركيزي كلّه منصبّاً على شبابيك المدينة، والكاميرا في يدي جاهزة لالتقاط الصور. شعرت بأنني أصبحت أكثر معرفة بهذه الشبابيك. كان الطقس بارداً بعض الشيء، والغيوم تملأ السماء على نحو ينذر بهطول المطر. دخلت مناطق مهجورة في القدس القديمة، وبخاصّة في منطقة طريق الواد. لم أجرؤ على التوغّل في تلك المناطق لأنها موحشة، ولأنّ المستوطنين موجودون هناك. رأيت البيوت التي استولوا عليها وعلى أسطحتها ترفرف أعلام إسرائيل. رأيت بؤس الأزقّة التي يسكنها المقدسيّون، وبؤس المتاجر التي لا يأتيها إلا قلّة من الزبائن، بسبب ضعف حركة الناس هناك.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القدس كما هي في المشهد اليومي12
-
القدس كما هي في المشهد اليومي11
-
القدس كما هي في المشهد اليومي10
-
القدس كما هي في المشهد اليومي9
-
القدس كما هي في المشهد اليومي8
-
القدس كما هي في المشهد اليومي 7
-
القدس كما هي في المشهد اليومي/ 6
-
القدس كما هي في المشهد اليومي/ 5
-
القدس كما هي في المشهد اليومي/ 4
-
القدس كما هي في المشهد اليومي/ 3
-
القدس كما هي في المشهد اليومي/ 2
-
القدس كما هي في المشهد اليومي/ 2
-
القدس كما هي في المشهد اليومي/1
-
القدس في السير والشهادات واليوميات
-
القدس والنص السردي الغائب
-
الفنان عادل الترتير/ البدايات كانت في القدس
-
فنان مقدسي اسمه فرنسوا أبو سالم
-
القدس والثقافة والتراتب الاجتماعي المقلوب
-
القدس وتبدلات شارع صلاح الدين
-
ثقافة معزولة في مدينة محاصرة
المزيد.....
-
أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
-
الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم
...
-
التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
-
التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
-
بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري
...
-
مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
-
الكويت توزع جوائز الدولة وتحتفي باختيارها عاصمة للثقافة العر
...
-
حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60
...
المزيد.....
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
المزيد.....
|