محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4842 - 2015 / 6 / 19 - 09:21
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لكل كائن حي خريطة خاصة (ثلاثية الابعاد) تمثل المحتوى الجيني أو الصبغي لخلاياه أو ما يسمي (جينوم ) توضح إسلوب ترتيب الحمض النووى داخل كل خلية بشكل يتميز به كل كائن ويعتبر بصمته التي يورثها بعد ذلك لنسله .
((الحمض النووى هو نوع من الجزيئات الحيوية المتواجدة في منتصف خلايا الكائنات الحية الذى يضبط فاعلية الاداء الكلية للمنظومة وأهداف اواسباب تواجد كل خلية وهو الذى يحمل المعلومات الجينية خلال إعادة الانتاج)) . و(( الحمض النووى يحتوى علي تعليمات جينية توضح التطور البيولجي للكائن وتشمل ايضا التعليمات الموروثه المنظمة لاداء وظائفه الحيوية المتنوعه .))..(( وهو يعتبر بذلك وسيلة تخزين طويلة الأجل للمكونات الوراثية و الوظائف الاساسية لجزئيات ال (دى .إن.إيه ) التي من خلالها أصبح من الممكن الحصول علي المعلومات اللازمة لبناء البروتينات أوالحمض النووى حامل الصفات الوراثية)).
بمعني أن(الجينوم) و ما يحتويه من حمض نووى و(دى.إن.إية ) هو الشفرة التي يمكن التوصل من خلالها لصفات الكائن الوراثيه ووصفه وإستنساخه بل وإمكانية تعديل هذه الصفات ..مع توقع لسلوكه و قد يكون مستقبله .
كل الكائنات الحية من البكتريا او الجرثومة .. وصولا الي البشر لها خريطتها الجينية التي تعتبر كلمة السر التي تدل عليها .. فهل للكون الذى نعيش فيه خريطته الخاصة به أيضا . هل له (جينومه ) الذى يميزه عن اكوان أخرى لازالت بعيدة عن معلومات البشر .
السؤال بصورة أخرى هل الكون كائن حي ؟
يتميز الكائن الحي بسبع صفات(وظائف ، ملامح ) الحركة، النمو، الحاجة الي طاقة ، التكاثر ،الاستجابة للمؤثرات ، التكيف و العمليات الحيوية المستمرة ( حيث تحدث في أجسام الكائنات الحية جميعها تفاعلات كيميائية ضرورية للتغذية والنمو وإصلاح الأنسجة التالفة وتحويل الطاقة إلى شكل يمكن الاستفادة منه ،في عمليات البناء والهدم أى التي يتم بها تحطيم الجزئيات المعقدة إلى جزئيات بسطية التركيب؛ فينتج منها طاقة. ).
والكون الذى نعرفه .. يحمل جميع هذه الملامح .. فالعلماء المعاصرون .. يستطيعون بحسابات معقدة معرفة الزمن التقريبي( لولادة ) او تواجده و كيف تواجد من مادة شديدة الكثافة .. إنفجرت إنفجارا مدويا مذهلا ..و يعرفون ..أن نهايته أيضا .. ستكون عندما يتغلب ثقب أسود علي وظائفه الحيوية التي تبقية متواجدا فيمتصة .. ويدمجه في صورة أخرى محولا مكوناته المعقدة ألي جزئيات بسيطة تمنحه طاقة فائقة .. و نحن نعلم أن هذا الكون في حالة حركة دائمة و مستمرة و خطره .. تجعله ينمو .. ويتمدد .. و قد تجعله .. يتقلص .. ويزوى طبقا لمعادلات شديدة التعقيد كما لو كان هناك حمض نووى للكون يضبط إيقاع حركته و نموة .. ووظائف كل جزئية من مكوناته .
و الكون هو مصدر الطاقة و مستهلكها .. سواء كانت الحرارية او الضوئيه او الموجية .. و ما كوكبنا و جميع كائناته .. الا جزء مرتبط بشكل لا يقبل الفصل .. مع منظومة طاقة واسعة .. لا حدود لها و لا قبل لنا حتي علي تقدير حجمها .
في الكون كل لحظه .. توجد نجوم و كواكب تفني في غيرها و تذوب و تتحول لاخرى فيما يشبه الميلاد و الموت .. و توجد حركة نمو .. و تحلل .. و إستجابة .. للمؤثرات الخاصة بالجاذبية و الطرد والدوران .. في تناغم .. مذهل .. لا نراه الا تحت الميكرسكوب الالكتروني عند فحص حركة الخلايا و مكوناتها في عينة من جسد حي .
الكون بحمل كل الملامح التي تخص الكائن الحي .. من حيث القدرة علي التكيف .. ويكفي أن نرى ما يحدث .. في العلاقة بن أجرام المجموعة الشمسية او مجرات سكة اللبانه .. او علاقة المجرات بعضها ببعض .. لنتعرف علي مدى إتساع حجم العمليات الحيوية التي تبقي هذا الكون متواجدا .. متغيرا .. متكيفا مع ظروفه ..
إن للكون بالتأكيد ( جينوم )يحمل صفات الوجود أزلي ولم يبق الا الحصول علي مواصفا تركيبة حمضه النووى .. مع عينة من ال (دى.إن.إية ) الخاصة به .
قدماء المصريون لديهم قناعة .. بأن هذا الوجود تحركة( كلمات القدرة السحرية ) .. التي عندما تمتلكها .. تصبح في حجم و فاعلية الارباب .. وأن لكل كائن ( حي او جماد ) إسم سرى مخفي .. الذى يتيح لمن يعرفه أن يتحكم في صاحبه حتي لو كان بحجم (رع ) العظيم .. فإيزيس مكرت به و عرفت منه إسمه السرى المخفي .. و عالجته من الامراض التي أصابته .
العلم اليوم .. حل محل (كلمات القدرة ) .. لقد أصبح بمقدوره عمل معجزات( تشبه ما نقوم به الان من تواصل رغم بعد المسافات بيننا) .. و ال( دى .إن .إيه ) هو الاسم المخفي للكائنات .. الذى بواسطته .. يمكن التحكم في صاحبة .
فلنكمل تأملاتنا .. إذا كان هذا الكون الذى نعرفة .. يشتمل علي مليارات المليارات .. من الشموس و النجوم و الكواكب .. يتحرك من خلال ( جينوم ) مكتوب فيه .. الوجود والعدم .. الماضي و الحاضر و إمكانيات المستقبل .. فهو يشبه بدون شك ما نراه تحت المجهر الالكتروني لعضو من أعضاء كائن حي و لنفترض أنه ذراع او ساق .. إنه يحتوى علي مليارات المليارات من الخلايا .. و الذرات .. التي قد تكون كل منها مجموعة شمسية .. و عدد منها يمثل مجرة .. و اعداد أخرى تمثل كونا كاملا لا يوجد مسبب لوجوده إلا عنما يوضع بجوار و في تلاحم و تكامل مع أكوان أخرى ، تنتهي الي كائن حي يسعي بصفات معينة .. هل الكروموزوم الضئيل في خلية من هذه الخلايا يستطيع أن يعي ..أين يعيش .
فلنقترب أكثر .. لو أن قبيلة من النمل .. تعيش في .. حمام منزلنا .. فهل تعي أنه بحجمه المذهل نسبيا لها هو جزء من شقة .. داخل عمارة في حي من احياء مدينه .. في بلد تقع بقارة إفريقيا .. التي علي ظهر كوكب الارض الذى هو جزء ضئيل من المجموعة الشمسية ..؟؟ بالطبع .. لا .. هكذا كان حالنا مع بداية الوعي .. لقد تصورنا .. ان الارض مسطحة ..تضيئها شمس تظهر و تختفي جالبة و مانعة الدفء و الضوء .
إذا كان هذا صحيحا .. وهو منطقيا أقرب للعقل .. فما الصفات الوراثية التي يحملها (جينوم ) الكون .. و هل للاكوان الاخرى نفس الجينوم .. أى أن تعتمد علي الطاقة و الجذب و الحركة الدائرية الطاردة و المانعة لتغول الثقوب السوداء و افتراس مفرداته
ثم هل إذا ما إمتلكنا الخريطة الجينية . . للكون ..أن نعرف منها صفات .. المكون الاكبر .. كما لو حللنا لعاب حشرة فنعرف خريطتها الجينية .
هذا السؤال لن يجيب علية العلم .. في المدى المنظور .. قد يكون البعض في مكان وزمان مخالف قد توصلوا إلية .. او في طريقهم للتوصل .. و لكن في حالتنا سنجد أن الفلسفة هي القادرة علي التخيل و الربط المنطقي .
إننا كائنات ضئيلة في كون متسع لمالانهاية له .. قد نكون .. ذراع لكائن ضخم سرمدى العمر .. وقد نكون جزء من شجرة مزروعة في جنة رضوان .. وقد نكون أى شيء .. نحن نجهل من نكون .. ولكن إذا إمتلكنا الخريطة الجينية للكون .. فقد نصبح .. السوبر مان القادر علي التحكم فيه بواسطة جين الالهه .. و ( دى . إن .إية ) (زيوس رب أرباب الاولمب ) بنفسة .. الذى أوجد كائنات مشاغبة .. تصر علي المعرفة .
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟