|
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -19-
علي دريوسي
الحوار المتمدن-العدد: 4815 - 2015 / 5 / 23 - 16:20
المحور:
الادب والفن
إنّ الحصول على "امتياز" الإقامة الدائمة أو الجنسية "جواز السفر" لبلد أوروبي غربي أو لبلد إسكندنافي أو لبلد أميريكي .. هو الإنجاز الأعظم الذي يناله/يكتسبه شخص ما في حياته .. إنه يضاهي أعلى ما يمكن أن يناله الشخص المقهور من شهادات عليا .. إنّه الإنجاز الذي لا يُقارن بالذهب أو المال .. إنّه الهدف المراد بلوغه بعد رحلة طويلة وشاقة .. إنّه الحلم والقضية .. إنّه بداية الطريق كي يصبح الشخص إنساناً .. إنه الأمان ..
لا يمكن لك أن تتخيل حالة الْفَرَح والسُّرُور .. لا يمكن لك أن تصف الأحاسيس والمشاعر التي تنتابك حين الحصول على شهادة "الجنسية" وما ينتج عنها من جواز سفر وهوية وما ينتج بدوره عنهما من حقوق وواجبات تجاه الوطن الجديد .. إنه فعل الاخضرار والعودة إلى الحياة .. إنه فعل العودة إلى الوطن الأم ..
أنا أتكلم هنا عن شريحة اجتماعية "عادية" مثقفة وأكاديمية أو غير مثقفة وأكاديمية .. وهذه الشريحة واسعة جداً وملونة جداً .. ولها الحق بالحياة .. أنا أتكلم عن المقهورين الفقراء ..
لم أكن يوماً مع الحلول الفردية/الأقلوية وطرق الخلاص الفردي/الأقلوي بل مع الحلول الجماعية/الطبقية وطرق الخلاص الجماعي/الطبقي .. لم أكن يوماً مع ثقافة الهروب الفردي والترويج لها بل أدعم وأشجع وأروّج لثقافة البقاء والرسوخ والثبات وبناء الوطن الأم .. أما عندما تسيطر ثقافة الموت والفناء وتصبح السلطات الدكتاتورية الحاكمة عاجزة عن حماية الوطن والشعب لكنها قادرة في الوقت نفسه على كم الأفواه وتبقى متمسكة بكراسيها المنخورة .. وتصبح الكلمة فقط للإرهاب السلفي بكافة أشكاله .. فأنا حينها مع ثقافة الخلاص الفردي/الأقلوي .. لأنها تشكل نقطة انطلاق للعودة من جديد .. لا للانغلاقية ولا للشوفينية الوطنية الإقليمية ولا للرومانسيات الوطنية .. نعم للعالمية وللانفتاح الوطني والتبادل الثقافي/الحضاري مع الشعوب الأخرى .. نعم لبناء الذات والإنسان في كل بقعة من الأرض ..
عندما أتكلم عن الأهمية الإنسانية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية للحصول على "امتياز" الإقامة الدائمة أو الجنسية "جواز السفر" لبلد أوروبي غربي أو لبلد إسكندنافي أو لبلد أميريكي .. فأنا لا أتكلم فقط عن سوريا والشخص السوري .. بل عن الإفريقي والأسيوي بشكل عام ..
سأفترض أن ماكتبته أعلاه يمثل في حدوده ومعانيه الدنيا فكرة جديدة لم يتطرق إليها الأدب العربي بعد .. فكرة تحمل في ثناياها مشروع عمل روائي عالمي .. مشروع يتوجه بخطابه إلى شريحة المقهورين المهجرين الملاحقين والمهزومين المشردين من قبل الدكتاتوريات العسكرية والأنظمة الإرهابية السلفية وقوى الظلام في كل أنحاء العالم غير الديموقراطي والإنساني .. ولا سيما إذا ما وُضعت هذه الفكرة في إطار تصنيع وتجارة السلاح عالمياً والحرب والسيطرة عى مناطق النفوذ ومشاريع بناء دول جديدة ..
إنّها فكرة روائية واقعية بامتياز .. إنّها خلاصة حوارات المقاهي وخلاصة أماني كل الغرباء/المغتربين المقهورين .. وخاصة أولئك الذين خسروا في أوطانهم كل شيء ..
إنّ الطريق للحصول على الجنسية "الثانية" للبلد المضيف .. طويل ومحفوف بالمخاطر والتضحيات والآلام .. طريق مجبول بالدموع والانتظارات والإخفاقات والتنازلات .. من الصعب وصفه بالكلمات والخواطر ..
ولذا فإن إكتساب الجنسية الجديدة بالنسبة للمقهورين هو الإنجاز الأعظم في حياتهم .. هو التفتح والإزهار والتصالح مع الذات .. هو التحرر من الخوف وآلام الماضي .. هو الإحساس بالانتماء لوطن جديد بديلاً عن وطن أُجبروا على خسارته .. هو الرغبة في تحمل المسؤولية في الوطن الثاني .. هو خلاصة كلمات الشكر للحقوق الممنوحة من البلد المضيف ..
آراء: يقول محمد د.: هل تعني صديقي .. أن ماركيز واستورياس ونيرودا ومحفوظ ..الخ. لم يحققوا مايذكر وأن طرطوراً يحمل باسبور أوربي أكثر إنجازاً بفعل صدفة بحتة؟
يقول نور ن.: حلمي وقضيتي وبداية الطريق كي أصير إنسانا هو شعوري بالأمان في بلدي .. وافتخاري بالهوية السورية .. لا فرحة لي بدون سوريا .. لن أغادرها إلا لأدفن في أرضها .. ومع ذلك لا أعترض على خيار الآخرين الآن في الرحيل .. لكني أرجوه رحيلا مؤقتاً وعابراً .. كي يعودوا غداً ويسهموا في بناء بلدهم المتهدّم ..
يقول أحمد د.: على الرغم من اعترافي وإقراري بالسبق الحضاري والعلمي بين وطني سوريا والبلدان الغربية إلا أنّ هذا السبق لايدفعني مطلقا للعمل من أجل الحصول على جنسية أو إقامة في بلد غربي أو أمريكي يقتل شعبي ويشرده ويقوم بدعم وتثبيت أنظمة تقمع شعوبها ..
يقول أوس أ.: محاولة التأسيس لثقافة البقاء ومحاولة البناء بالإنسان والوطن هي الأهم ياصديقي .. لأن التاريخ لايمنح /أحداً أو شعباً/ هوية مجانية .. وهذا لايعني أن كل من رحل وراء حلمه لدى الغرب مخطئاً .. ولكن أكانت تلك الأوطان التي حلّّ بها المغترب جناناً من الأمان والتحضر في أيامها الغابرة أم أنها خلاصة حروب ودمار كبير حل بخارطة العالم حتى تشكلت .. ماقصدت قوله .. هو أننا يجب أن نبني هنا .. ولو بالبقاء الصامت مؤقتاً فهو أقل الشرور كما يقال .. فعلى هذه الأرض مايستحق البقاء ..
يقول هيثم ز.: أي إنسان وأي أمان هذا في مجتمعات لا يسود فيها إلا قانون المال والاستغلال والشعارات البراقة والمزيفة .. رئيس أكبر دولة يباع ويشرى بشوية دولارات .. لكن للإنصاف كل رئيس شويته على قدر خدمته للصهيونية والماسونية ..
يقول قيس د.: قد أوافقك الرأي في جزئية كبيرة ولكن ياسيدي لايمكن شراء وطن بجنسية أخرى والمغتربون وهم كثر سيدفعون ضريبة الحلم إلى أن يخرج الله أمراً كان مفعولاً .. لأننا بجزء كبير من تعتيرنا كانوا هولاء هم من نلتجئ إليهم حالياً وهذا أصعب مافي الأمر عندما يصبحوا هم الحل .. ولعمري فيهم الخصام وهم هم الخصم والحكم ..
يُضيف نور ن.: حين يُهدر حق الحياة .. يصير الحديث عن كل الحقوق الأخرى مسخرة .. من حق كل من تتهدد حياته بالخطر أن يبحث عن ملاذ آمن .. بل من واجب الإنسانية المتحضرة أن تؤمن له هذا الملاذ .. من الغباء/ وليس من الرومانسة بشيء .. أن نطالب المحاصر في قلب الحريق أن يبقى ويتحدى النار .. كل هذا صحيح .. ولكن إذا قدر لي أن أبقى قرب الحريق لأحاول إطفاءه فسأفعل ولن أنتظر جاري البعيد أن يأتي ويقوم بالعمل عنّي .. نحن لا نختلف هنا .. نحن ننضج معاً أفكارنا لنزداد غنىً .. شكراً لجرأتك في طرح مسائل يهملها الكثيرون أو يخافون الاقتراب منها حتى لا يخونهم البعض أو لا يشكك بوطنيتهم أو شرفهم أو أخلاقهم .. لك كل احترامي وتقديري.
#علي_دريوسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -18-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -17-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -16-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -15-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -14-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -14-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -13-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -12-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -11-
-
حكاية أبو العُلى -3-
-
حكاية أبو العُلى -2-
-
حكاية أبو العُلى -1-
-
كومبارس في مقهى ألماني
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -10-
-
النَّقْصُصَّافِي في ألمانيا
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -9-
-
مقاهي دير الزور .. مشروع لم يكتمل بعد
-
في الطريق من فرايبورغ إلى لندن
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -8-
-
حَمِيمِيَّات فيسبوكية -7-
المزيد.....
-
ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
موسكو ومسقط توقعان بيان إطلاق مهرجان -المواسم الروسية- في سل
...
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل
...
-
-يا فؤادي لا تسل أين الهوى-...50 عاما على رحيل كوكب الشرق أم
...
-
تلاشي الحبر وانكسار القلم.. اندثار الكتابة اليدوية يهدد قدرا
...
-
مسلسل طائر الرفراف الحلقة92 مترجمة للعربية تردد قناة star tv
...
-
الفنانة دنيا بطمة تنهي محكوميتها في قضية -حمزة مون بيبي- وتغ
...
-
دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|