منعم وحتي
الحوار المتمدن-العدد: 4815 - 2015 / 5 / 23 - 08:33
المحور:
الادب والفن
يُحْكى أن عجوزا، كان يملِكُ مِنْظارا في منزله المتواضع، المتواجد في قرية بسيطة، يتفقد به الأماكن النائية، و قدوم الغُرباءِ، طلوع الفجر و أعشاش العصافير، فطبيعة القرية خلابة، و أهلها كُرماء.
قرية صغيرة، مُنغلقة على ذاتها، فسكانها بِحُكْمِ عدم انفتاحهم على القرى البعيدة، قواعد عيشهم مرتبطة بالعادة أكثر من التلاقح مع معيش الآخر، عُمدة القرية هو الوحيد المُخَوَّلُ بالعلاقة مع النافدين في بقية القرى، و زيارة مبعوثيهم للاصطياف بالقرية.
ذات خريف، و العجوز يتأمل حركية القرية و عصافيرها بِمِنظاره العجيب، لَمَح أحد النافدين في القرية المُجاورة، يُغَرِّرُ بِفَلاَّحَةٍ بسيطة، ترغيبا و ترهيبا، أمام أنظار حَرسِ العُمْدة و حمايتهم لهذا الوحش،....
جمعت الفلاحة، ثيابها الرَّثة، و هي مُلقاة على الأرض، بعد أن قضى موفَدُ عمدة القرية المُجاورة وَطَرَهُ، و الطريق سالكة لعودته لأن التعليمات تقتضي أن لا يٌمَسَّ زوارُ العُمدة المميزون.
كان مِنْظار العَجوز الشاهِدَ الوَحيد على مجزرة آدمية، كان جسد الفلاحة المسكينة مُعتركها، و كما عادة القرية الصغيرة في إذاعة الأخبار، هَرَعَ العجوز إلى سوق القرية، متأبطا مِنظاره، و شرع في الصراخ، حتى تجمع القوم، و باشر سَرْدَه لتفاصيل الحادث، و بدا البعض يُخفي وجهه، و يشمت في الراوي حين الوصول لمقاطع الاعتداء الجنسي على الفَلاَّحَةِ، فأتباعُ العُمدة يملؤون السوق، و حتى فقيه القرية بدأ يستنكر أحاديث العُرْيِ عند العجوز، و المتلَصِّصُون يتلذّدون داخليا و يَسُبون صاحب المِنظار.
أفتى الفقيه بخدش الراوي للحياء العام، و على صُراخُ المتلَصِّصِين بضرورة مُحاكمة العجوز، و بضرورة تكسير بِدْعَةِ المِنظارِ الذي خلق الفتنة، و زعزع استقرار القبيلة. انهالوا على الراوي ضربا مُبْرحا و تَشَظى المنظار تحت رفسهم البهائمي.
ضاعت حقيقة المُزارعة البسيطة وسط الجهل المُقَنَّنِ، و ظل زوار الليل يعيثون فسادا في أجسادِ المُزارعات المُياومات، لَحما رخيصا على قارعة الطريق، تحت حماية العُمْدةَ و حاشيته.
جمع العجوز القطع المُتناثرة لمنظارِه، و ضمد جراحه، وقرر ابتياع منظارٍ جديد، لأن في الغد حكاية جديدة، و عصافير تُغرد من جديد.
ملحوظة لها علاقة بما سبق : أي تشابه للحكاية مع فيلم "الزين اللي فيك"، أو آل سعود، أو فيدوراتنا أصحاب النياشين، فهو مقصود !
ارفعوا أيديكم عن منظارنا، وعالجوا الواقع بدل المتخيل، فالقاعُ يزدَحم.
منعم وحتي / المغرب.
#منعم_وحتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟