يوسف العاني
الحوار المتمدن-العدد: 4807 - 2015 / 5 / 15 - 04:24
المحور:
الادب والفن
كان الحـــــــدث مفاجئا واليما .. وكان الحــــديث مـــــرا ، كلماته مخــــتـنـقة في الحـلقـــــــوم كانها مساميــــــــر !
أردت ان أكتب سطرا أبدأ به الحديث .. فكانت الدموع تنهمر مبللة الورقة وكأنها .. تكتب الكلمات بالدمع الساخن المتسكب من القلب المفجوع والنفس الملتاعة ، فما كنت احسب ان هذا الكيان المسرحي المتألق ستواريه التراب بين يوم وليلة .. وكانت في نفسه ألف امنية وامنية .. وان المعاصرة عنده هي الحب المتألق الذي لن يغيب .. غناء بالوطن وللوطن .. وسعيا وراء الآمال الكبار التي لن تضيع ..
هاني هاني مسرحي فريد ..
منذ تعرفت عليه طالبا في أكاديمية الفنون وعاملا معنا في فرقة المسرح الفني الحديث عام 1968م .. كنت أراقب عينيه اللامعتين ! كانت عنده هي الموقع الذي ينفذ من خلاله الى ما يريد .. تلك النظرات الحادة البريئة العميقة النافذة الى الهدف الذي يستوعبه ويتأمله كي يحتضنه حقيقة يضيفها الى ما يريد ان يتعلم منه .. فالمسرح كما كان يفهم : حقيقة انسانية عميقة يكون الابداع حصيلة المعرفة الواسعة التي لاتقف عند حد .. وهكذا ظلت عينه تراقب وتنفذ لتلتقط كل جميل وعميق وحميم ، ليركن في اعماق ذاته النقية الرحبة ، منطلقا لتألق فعله المسرحي الآتي الذي ظل يتقدم ويتقدم ، ويتألق ، وعيناه اللامعتان تتقلصان من جانبيهما لتجمعا الرؤية المكثفة بوضوح ونقاء فني تمتد جذوره عميقة في القلب والروح ..
الحديث عن هذا الفنان المسرحي الذي غاب مبكرا يطول فقد عشت أراقبه طويلا .. طويلا واستمع اليه بحب .. وقبل ان يفارقنا بخمسة أيام رأيت عينين لامعتين قال كلمات سريعة .. ثم ضحك وغاب ! ولم أكن أدري ان عينيه ستغمضان الى الابد !
لقد فقد مسرحنا العراقي قيمة من الابداع والاخلاص والشوق الدائم فيه .. انها خسارة جسيمة حقا .
#يوسف_العاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟