|
العراق امام مفترق طرق طائفي
أحمد محمد العبدي
الحوار المتمدن-العدد: 4803 - 2015 / 5 / 11 - 00:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نحن نمر باصعب مرحلة في تأريخ العراق المعاصر، بعد 2003، فما جرت من صراعات داخلية بين احزاب وتنظيمات عراقية واجنبية افضت الى تدمير البنية التحتية للعراق واحتراب وتهجير طائفي وتمزيق النسيج الاجتماعي لكن لم يصل المشروع الى النهاية المظفرة التي خُطط لها. لذا استبق المشرعون الأجانب قرارا يفضي الى تقسيم العراق في وقت لم يفكر العراقيون بذلك رغم كل ما جرى. ولم يجدوا اسهل من الخلاقات بين الطائفتين المسلمتين الشيعية والسنية وسيلة لتنفيذ قرارهم سيء الصيت وهذه سابقة لم تحدث من قبل، إذ وضع مستقبل العراق أمام مفترق طرق خطير جدا؛ إما أن نعيش اخوة في الدين وشركاء في الوطن ونسعى لبناء عراق موحد قوي يلبي حقوق المسلمين وكل الطوائف العراقية، او نفترق الى عراق طائفي مجزء ضعيف تنهشه الذئاب التي تحوم حوله من كل الجهات. السؤال الذي يثار هو: أيحق للسياسي ان يجر - الطائفة - الى تقسيم الوطن سيما وان أغلبية الأحزاب الطائفية ولائها لدول الجوار؟! وهذا يتعارض مع اهداف ديننا الاسلامي الحنيف الذي سعى ويسعى الى وحدة الامة. ولو صح ذلك فلماذا لا تقسم دول الجوار تلك التي تعيش بها طوائف مختلفة؟ أم أن هذا القرار يسري علينا ولا يسري عليهم؟ ترى ما السبب في ذلك؟؟ وكما هو معروف في الفقهة الديني ان المسلم مهما كان مذهبه فانه ملزم بتنفيذ اركان الأسلام الخمسة ( الشهادتان، الصوم، الصلاة، الحج والزكاة) وطقوس العبادة الالزامية هي علاقة ايمانية بينه وبين خالقه، سبحانه وتعالى، في نهاية الامر فإن العقاب أو الثواب يقرره الله وحده، عز وجل، ولا دخل لباقي العباد في ذلك اي بمعنى أدق ان الثواب له والعقاب عليه كما ورد في الاية الكريمة (ولاتزر وازرة وزر اخرى ). اما الوطن فهو مُلك الجميع يشترك فيه كل العراقيين بغض النظر، عن الدين او القومية كالمسلمين، بكل مذاهبهم، والمسيحيين، بكل تلاوينهم، والشبك والايزيدية والمندائيين وغيرهم. وعليه فأن العلاقة بين المواطن والوطن علاقة، حقوقية، وطنية وجمعية وهي ليست مُلك السياسي وحده أنما هي علاقة عامة تمثل حقوق الشعب العراقي برمته بمعنى اوضح ان المواطن ( السياسي وغير السياسي) هو جزء من الوطن، وليس العكس، اي انه ليس مالك وحيد له ولا يحق له التصرف بممتلكاته وارضه، بل على العكس تماما، أنه هو وغيره اينما كان موقعه السياسي او انتمائه الطائفي ملزم بان يحافظ عليه ويصون وحدته، ومثل قرار التقسيم الخطير هذا يجب ان يكون ضمن استفتاء شعبي شامل، وليس تصويت برلماني او اصفاف حزبي، غير ذلك سيكون مردوده سلبا يدفع ثمنه الشعب العراقي بأكمله. وهناك سؤال موضوعي ما ذنب باقي الاقليات من التقسيم ؟ يمكنني القول أن المواطن الذي لا ولاء لوطنه لا خير فيه ويصبح خارج الارادة الوطنية وينظر له ابناء بلده بإزدراء واحتقار ويتهم بالعمالة او الخيانه وقد تصل عقوبته الى الاعدام في حالة ثبوت الفعل، وفق القانون العراقي، ومعمول به في بعض من بلدان اسيا وافريقيا وجزء من الولايات الامريكية. كما اسلفت ان علاقة المواطن بربه هي علاقة ايمانية لا يحق له ان يجيرها على الوطن. فالمسلم الشيعي له الحق ان يعتز بانتمائة لمذهب جعفر الصادق، عليه السلام، والمسلم السني له الحرية ان يتمسك بأي مذهب من مذاهب اهل السنه شرط ان لا يتعارض ذلك مع الانتماء للوطن وان لا يؤثر على ولائه، والاهم من هذا وذاك، أن لا يحرفه هذا الانتماء الطائفي عن وطنيته ويمضي الى ضالة العماله، بحجة حماية الطائفة، ويصبح ذليلا لهذه الدولة او تلك. لابد من التذكير، ان نفع ذلك، ان من يبيع وطنه يبقى رخيصا في نظر تلك الدول ايضا ويُعامل باحتقار وازدراء ذلك انه ببساطة شديدة لا يمتلك قيم وممسوخ الوطنية وخاصة وان تلك الدول تعتز بوطنيتها وبالتالي ينطبق عليه المثل القائل ( الما بيه خير لأهله ما بيه خير للناس ). ان من يرخص نفسه لمستنفع الخيانة يستحيل عليه ان يخلص لغيره وكتحصيل حاصل أنه سيخسر وطنه ويخسر نفسه ويخسر من جنده ويلاحقه العار هو وعائلته ويعيش مهانا ويموت ذليلا. مناشدة لكل العراقيين الغيارى على وحدة العراق! أناشدكم كمواطن عراقي حريص؛ أن بلدنا في خطر حقيقي ومن هنا يتوجب علينا ان نتكاتف ونتماسك وان ننسى خلافاتنا مهما كانت دينية ، قومية ، سياسية لئلا يتمكن هؤلاء من تفريقنا، لا سامح الله، وغير ذلك ستنحرون جميعا، كالخراف المنذورة لتقسيم العراق، كما نُحر الذين من قبلكم. وعندها لا ينفع الندم ولا التبريرات. اقول لكم يا اصحاب القرار! كفاكم تناحرات ومهاترات وتصريحات لم نجنِ منها سوى المأسي والويلات. أن بلدنا وضع على سكة التقسيم وتحركت العربات باتجاه مفترق الطرق بدفع خارجي وداخلي..فعليكم ان تتحملوا مسؤولياتكم الوطنية، قبل فوات الآوان، تلك التي اقسمتم بها عشية استلام مناصبكم " بأنكم ستحافظون على وحدة العراق" لقد حان موعد تنفيذ ذلك القسم ايها المؤمنون الوطنيون..هبوا وقفوا جميعا وقفة العراقيين النشامى لتوقفوا مسيرة تلك العربات الماضية الى نفق مظلم ولو بقيتم في مساجلاتكم لن يغفر لكم الشعب العراقي هذه المساومات غير الوطنية مهما كانت المبررات وستتحملون وزر النتائج المدمرة التي تنجم عن التقسيم. فأن استمريتم بخلافاتكم واصراركم ستقدمون العراق كعكعة جاهزة الى الدخلاء ولن يقسموها إنما ستحملون بأيديكم السكاكين لتقسموا العراق الى دويلات وتقتطعون وطنيتكم وهنا لابد أن احذركم من غضب الشعب العراقي. لكن لابد ان تعلموا جميعا اننا كشعب عراقي عشنا اطياف متنوعة وسنبقى نعيش تحت خيمة العراق شعب واحد.
#أحمد_محمد_العبدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-تعرضوا لقسوة لا تتصور-.. شاهد بايدن يتحدث عن تاريخ العبودية
...
-
قرب حدود سوريا.. فيديو يظهر تدريبات قوات عراقية يثير تكهنات
...
-
عالمة روسية: الرغبة في الحفاظ على النظام والاستقرار ساهمت في
...
-
المغرب.. تفاعل كبير مع واقعة الاعتداء على سائق تاكسي كان يق
...
-
استسلام جنود أوكرانيين من اللواء الرئاسي عند وصول الجيش الرو
...
-
مقتل طبيب فلسطيني واحتراق أكثر من 15 خيمة بقصف إسرائيلي على
...
-
كوريا الجنوبية.. البرلمان يستعد للتصويت على عزل رئيس البلاد
...
-
مراسلتنا: الجيش السوري يفشل هجوم التنظيمات المسلحة على مدينة
...
-
محكمة أمريكية ترفض الدعوى المرفوعة ضد هانتر بايدن بعد العفو
...
-
زعيم المعارضة في كوريا الجنوبية يحذر من استفزاز محتمل ضد الج
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|