|
رسالة من شيطاني من ايام الرسائل الورقية
يوسف ابو شريف
الحوار المتمدن-العدد: 4766 - 2015 / 4 / 2 - 09:39
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
عزيزي إنسان منذ ان سقطت من السماء ملعونا وانا في انتظار أبدي بان يخاطبني آدمي حديثا خارجا عن نطاق اللعنة والتبرؤ، معترفا بوضعي الطبيعي في حياته كمكون من تكوين ذاته وراع له حين تصعب عليه قراراته. وطال انتظاري لسماع إنسان يعترف بان انسانيته لا تكمل الا بشيطانيتي، وحبه بلا كرهي باهت، ونوره بلا ظلامي خافت. وها انا اليوم أكافأ على طول انتظاري وأجني بعد طول صبري غلال كلماتك التي أشعلت في داخلي نارا كنت اظنها اوشكت على الخفوت، وأسالت حمما تدفقت في عيني حسرة على أيامي التي خلت، وبهارجي التي بلت .... وحركت في الرغبة بالخروج عن الصمت الذي كاد يقضي علي وعلى حلمي بان املا منكم جهنم افترشكم بها تحتي قبل ان اقضي حكمي الابدي خالدا فيها، وانا اليوم ابعث لك بخطابي هذا لابث همي وحزني الى البشرية من خلالك بعد ان أتعسني ما وصل اليه حالك من ارتفاع الى علو الفضيلة والترفع عن دنائة الرذيلة اي إنسان تلقيت رسالتك الي حين كنت احزم أمتعتي راحلا عن الدار التي عاش فيها مكري مع ضعف انفسكم ونمت فيه حيلتي على جنوح رغباتهم وشذوذ شهواتكم، لأَنِّي لم أعد قادرًا على دفع اجرة ذلك البيت الذي بنيت سقفه من انانيتكم ودفنت في قبوه ضمائركم. فأنا اشعر اليوم بعد ان أطل علي العالم الحديث ببهرجته وألوانه وفتنته وزيفه بان بضاعتي صارت كاسدة ونيراني خامدة وتعاليمي قديمة وشروري عديمة وقد رغبتم عني بنو البشر بعد ان طورتم فسادكم حتى بهت أمامه فسادي وسبقت شروركم سرعة بديهتي وشل حقدكم فيما بينكم قدرتي على ابداع الفتن وتخطي حواجز الزمن. أين انا اليوم من طغيان انفسكم الذي طغى حتى على طغياني وظلمكم لبعضكم الذي تجاوز حلمي وطموحي وحقق لي مالم أعد به السماء من جركم الى الجحيم . وأي عمل ابقيتم لي في هذه الدنيا بعد ان امتهنتم مهنتي حتى بار متاعي وحل ضياعي. ماذا بقي لي اليوم من شيطنتي يامن امتهنتم الكذب وصنعهم له الاَلات فدخلت كل بيت من بيوتكم واقتحمت كل ذرة من عقولكم لتجعل من الطهر رذيلة ومن العهر فضيلة وصارت انفسكم آلهتكم الجديدة تتقربون اليها بذبائح الغرور والظلم وتطمعكم بجنات الشرور والوهم ولت تلك الأيام يا عزيزي ، ايام كان لجبروتي سلطان على قلوبكم ولخبثي بيان في عقولكم ، فكنت أريكم في انفسكم القوة حتى تتجبروا والصحة حتى تتكبروا واغرس في حدائقهم شجرة حب البقاء واسقيها من ماء الطمأنينة الزائفة والأنانية الراجفة وانسيكم ان لكم نهاية وفناء، وثواب وجزاء ثم أجركم الى أوساخ الرذيلة كما يجر الذباب الى بيت الخلاء، واتلاعب بوعيكم كما الكرة في يد الأطفال واغسل لكم بعد هذاغبار الوقوع في المعاصي باوحال التورط في الكبائر. كم من الملوك بنوا ممالكهم من طوب عجنته لهم، وسجلوا أسماءهم في مجلدات التاريخ خالدا من اقلام، حبرها دماء اسالوها بمشورتي. وكم من الوعاظ عاشوا مبجلين مرفهين منزهين مرفوعين على اكتاف عدائي الذي رتقوا منه عيوبهم، وملؤوا جيوبهم، وطهروا باسمه حروبهم، حتى اذا تمكنوا من قلوب الناس وآمنوا مني المكر والوسواس اتخذوا من مكاني المهجور منبرا، ومن حقدي المهزوم صليبا، وفاقت مقدرتهم مقدرتي على بث الكراهية وقادوهم الى كسر الشرائع التي نذروا أنفسهم لحفظها، فاسكنوا الباطل مساكن الحق، وأطعموا النجاسة طعام الطهر ، وطوعوا النصوص وبرأوا اللصوص وجرموا الأبرياء وحللوا البغاء بنصوص السماء. ثم افترسوا بعد ذلك أديانهم وتركوهاجثثا بلا روح وصورة بلا حراك ، عزمها قسوة وعدلها هوة، وقلبوا آياتها لدرجة لو ان المسيح عاد اليوم لينهاهم عن عهرهم الذي يرتكبوه باسمه لصلبوه، او استنكر عليهم محمد فظائعهم باسم رسالته لكفروه. فأين انا اليوم منكم ومن جرأتكم على الحق الذي احقته سماؤكم وأقرت به فطرتكم وشروكم تخجل شروري وتشعرني بضعفي وتخلفي؛ تملاوون كروشكم بالحرام ثم تتجشعون شبعا وتلعنونني وتصعدون بأقدامكم القذرة الى علياء دنياكم على كتفي ثم تدوسوني وتتناسوا فضلي في عليائكم، وتحبلون ليلا في سرير لذتي متعة لتلدوا نهارا في سرير النفاق شرفا ثم تأكلون لحم أفعالكم غنا وسلطانا وتلقون الي بعظام الخطيئة لقد أجهدتني محاولاتي اليائسة بالوصول الى مستوى شروركم فانا الشيطان الذي سول لقابيل قتل أخيه، فلعنت لعنة الأبد ونلت من فعلتي ما نلت ولم تحدثني نفسي على تصوير القاتل بطلا او البحث عما يبرئه من فعلته، بل أني ترفعت عنه وتبرأت منه ولم يخطر لي التطبيل له والتبرير لجريمته في حق أخيه، واليوم تسولون لمئات القبابيل بقتل ملايين الهبابيل دون ان يحثكم ضميركم على استنكار افعالهم والناي عن جرائمهم، بل أنكم سخرتم لهم الاقلام وجيشتم الاعلام وصنعتم الأفلام لتصورهم ابطالا فاتحين، ثم نحتم لهم التماثيل ومجدتموهم بالكذب والأباطيل فأي بقاء تطلبه مني وقد غرق سوادي في بحر سوادكم وابتلعتني حيتان كيدكم. اي عزيزي لم أعد اكترث اليوم لحال البشر اهم في غي ام هداية، فمن منهم في غيه فقد كفاني عناء وسوستي بوسوسة نفسه المعلولة ومن رحل الى الهداية فان على الارض من شياطين البشر من يحمل عني وزر غيه ، فان أحتجتني يا عزيزي فستجد سفرائي ومندوبي في كل مكان تذهب اليه ؛في بيتك وبين زوجك وعيالك؛ على شاشة تلفازك ؛ وفي ذاكرة حاسوبك وهاتفك . فان غاب كل هؤلاء عنك فانهم جالسون في مسجدك وكنيستك ، تحت عمة امامك او معلقون على صليب قسيسك فلا تقلق لرحيلي وتمل من غياب الشر بابتعادي فأنا لم اترك وعدي للسماء بالغواية الا حين رأيت من يحمل عني حملها ويداي نظيفتان.
المخلص الشيطان الرجيم
#يوسف_ابو_شريف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة الى شيطاني ... من ايام الرسائل الورقية
-
دنانير أمي
-
للحقيقة طريقة
-
رسائل الى ابناء لم يولدوا بعد من أيام الرسائل الورقية
-
أنا وكلب هايدي
-
سنة أولى سياسة
-
قصة لا دينية جدا جدا جدا
-
ايام الرسائل الورقية 2 لطيفة ونادرة
-
كيف تقضي على الإسلام في 5 أيام بدون أوهام
-
عمى الوان
-
حياة جديدة من رواية طين بلادي رواية لم تنشر بعد
-
رائحة ابطي بين المشوي والمحشي
-
أيام الرسائل الورقية _ مرزوق وحسان
المزيد.....
-
رغم الحذر السائد قبيل قرار ترامب مؤشر أسهم أوروبا يقفز لمستو
...
-
قراءة الإعلام المصري لصورة السيسي في -جيروزاليم بوست- الإسرا
...
-
قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 119 مقذوفا في غضون 24 ساعة
...
-
وزير الخارجية الأمريكي ونظيره السعودي يناقشان مستقبل غزة وال
...
-
فوتشيتش يصف الاحتجاجات في صربيا بأنها محاولة لتدمير البلاد م
...
-
أنباء أولية عن سقوط قتلى في تحطم طائرة في فيلادلفيا الأمريكي
...
-
إعلام أوكراني: سماع دوي انفجارات في كييف ومقاطعتها
-
المبعوث الأمريكي الخاص: إنهاء الصراع في أوكرانيا يصب في مصلح
...
-
تاكر كارلسون: زيلينسكي باع أوكرانيا وتحول إلى خادم للغرب
-
-إم 23- تواصل زحفها شرق الكونغو الديمقراطية
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|