أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حاجم - (رحلة الهروب وقلق التساؤل) قراءة في رواية ( كوثاريا) للروائي العراقي نعيم آل مسافر














المزيد.....


(رحلة الهروب وقلق التساؤل) قراءة في رواية ( كوثاريا) للروائي العراقي نعيم آل مسافر


محمد حاجم

الحوار المتمدن-العدد: 4764 - 2015 / 3 / 31 - 00:15
المحور: الادب والفن
    



أن تعود إلى الماضي؛ لتحفر في ذاكرة الوجع وتخرجه من جديد بحلة مغايرة ، أن تدخل بواطن نفسك ، بكل ما تعرف من مصاعب ومطبَّات تواجهك ، أن تؤطر لمرحلة معينة من حياتك لازالت ترسباتها تطفو في كل يوم إلى العلن؛ لتخرج بمحصلة نهائية في سبيل اكتشاف ( ذاتك ) ، إذا أنت تدخل بوابة المغامرة القصوى في سبيل الحياة ، وما تطلب أن تكون عليه تلك الحياة وتتمنى ، وأن يكون دليلك لاكتشاف الذات هي من خلال التماهي مع ما يطرحه ( النص الأدبي ) ، من قضايا تعالج واقعك وتحاكي ما أنت عليه من حال ، هنا يدخل اليقين أنك لا تعاني وحدك فالهمُّ كما صوره النص هو هم جمعي يعالج ظروف المجتمع وطبقاته كلها .
إذا لا مناص من الركون إلى الرأي الذي يؤكد على أن هناك خيط من التواصل والتفاعل ، وعملية من التأثر والتأثير بين النص الادبي والمجتمع ، فالأدب باعتباره مظهرا من مظاهر النفس الإنسانية ، وجدت فيه هذه النفس مجالا لطرح أفكارها ، والتصريح بهمومها ، ومتنفسا للبوح عن معاناتها ، وتصوراتها عن الحياة بعيدا عن الرقيب والمحاسِب ، فهو بهذه الحالة ملتصق بذات مبدعه الذي هو جزء من مجتمعه وبيئته ، يتفاعل معه بقوة لأنه بتماسٍ مباشر بمحيطه الاجتماعي ، لذلك يتسائل الأستاذ جبرا إبراهيم جبرا في كتابه ( الحرية والطوفان ) فيقول : ( إذا لم يكن الأدب إنسانيا فمن العسير أن نفهم ما هو .؟ ) ، لهذا نجد ونحن نقرأ نص ( كوثاريا ) ، للكاتب ( نعيم آل مسافر ) ، أن هذه الرواية تدخل في ظل هذا النطاق الإنساني للأدب ، فهذه الرواية قد أماطت اللثام عن كثير من القضايا التي تدور داخل البنية الاجتماعية ، وقد أخذت مادتها من علائق الاتصال بين الفرد والمجتمع من جهة وبين الفرد ونفسه من جهة أخرى ، فالمجتمع بكل حمولاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، والفرد بكل تطلعاته ومخاوفه من المجهول وصراعاته مع الحياة ، كل تلك الأشياء كونت المادة القصصية لهذه الرواية ، ولعل أهم ما يلحظ هنا هو علاقة الفرد بالسلطة الحاكمة وتأثيرها على نفسه ، لذلك يواجهنا بطل ( كوثاريا ) بقلق دائم وبناء نفسي متهالك ؛ لشدة الآثار التي تركتها عليه مخلفات التسلط والاستلاب لحريته وقمع لصوته ومنعه من التعبير عن رأيه ، هذه الصورة من المعانات ظلت تلاحقه بكل فصول الرواية ، لتتجسد بشخصية ( سمير ) ، الذي هو الآخر صورة مصغرة للقائد ( الضرورة ) ، تحمل ذاكرته هذه الصورة بخوف مطبق لتسيطر على تاريخه بصورة كبيرة ، كلما عاد إلى ماضيه تراءت أمامه ، وهي مطبقة على حاضره ممتدة التأثير إلى مستقبله المجهول ، تشتد ذروة المعانات على ( البطل ) ، وهو يعاني تجاذبات خطيرة وعدم انسجام بين ما يحدثه به عقله الباطني والذي كان يشير عليه بالتمرد والثورة ، وبين إرادته التي كانت تخونه دائما ، والسبب هو أن صنم الخوف من ( سمير ) قد استفحل عليه ، ملاحقا إياه من مكان لأخر ، حتى لو هرب إلى ( قلب الله ) ، أو إلى ( جزيرة النحاس ) ، هذه اللحظات الآنية من المعانات ربطها بصورة موفقة مع قضية نبي الله ( إبراهيم الخليل ) ، وكيف انه امتلك إرادة التغيير مع نفسه وأدى به إلى تحطيم أصنام العبادة لمجتمعه .
هذه الأصنام التي حطمها إبراهيم قد تيقن من عدم فائدتها ، وان الخوف منها هو محض خيال لا محل له بالواقع ، في ( كوثاريا ) قابلتها أصنام داخلية خلقتها ظروف وعوامل الخوف والرهبة الدائمة من المتحكمين والمتسلطين على رقاب الناس ، هؤلاء المتسلطين بكل أشكالهم السياسية ، وأقنعتهم الدينية ، ومراكزهم الاجتماعية ، كل هؤلاء تحالفوا للقضاء على هذه ( العصافير ) ، على حد تعبير الكاتب ، وما ( مردوخ ) الصنم الأعظم عند قوم إبراهيم إلا هو ( القائد الضرورة ) ، الذي امتلك مقادير الحياة كلها ليسلب الآخرين استلابا كاملا ، وكما سقط مردوخ مع أصنامه التي بجانبه بضربة من فأس إبراهيم ؛ لابد أن يسقط الضرورة مع كل أدواته المساعدة له .
هذه رسالة ( كوثاريا ) التي أرادت لها أن تصل إلى كل من يقرئها ، من خلال انثيالات الأحداث السردية ، وربط تلك الأحداث بما يجري على ارض الواقع ، من خلال تفاعل بغاية الدقة رسخته تلك الأسئلة المضمرة والمتكررة في هذا النص الروائي ، كيف يسيطر الخوف على مقادير الحياة من خلال شخص لا يعرف أصله سواء كان ( الضرورة ) أو ( سمير ) ، فكلاهما صورة لصنم مردوخ الذي لا يمتلك من الحقيقة شيء ، كيف من يتحول شخص ( اثني ) الجنس (نبيل ) الذي كان يفعل فيه إلى أمام للصلاة .؟ ، يأمر وينهى ويتحكم بدين الله ، كيف يتحول مجرم خطير مثل ( سمير ) لازلت دماء من قضوا على يده حارة ، إلى متنفذ كبير في الدولة يشرع ويسن قوانين وقواعد للعملية الجديدة ، ويسعى وراء حملته الدعائية للفوز بانتخابات ( ديمقراطية ) ؟؟!! ، كيف يستسلم مجتمع بكامله لإرادة بعض الأشياء الطارئة على الحياة ؟! ، ذلك كله صنه الخوف والرهبة الدائمين على العقل الجمعي لهذا المجتمع ، كل تلك الأسئلة الجريئة طرحتها كوثاريا لقارئها هو يقرر الإجابة إن كان قادرا عليها ، وان لم يكن فـ ( الويل لمن لا تسعفه الأجوبة ) .
كل هذه المشاكل طرحتها كوثاريا ، ببناء سردي اعتمد على الغوص داخل النفس الإنسانية ؛ ليخرج مكنوناتها الداخلية ، سرد اعتمد على عنصر التشويق المستمر ، والخيال الإبداعي الموازن ليحافظ على استقلالية ( كوثاريا ) كنص أدبي وليست وثيقة تاريخية ، دللت تقسيمات الرواية من خلال محطاتها المتعددة على حياة هذا الإنسان ومراحل الوجع المريرة في هذه الحياة .
ولعلنا إذا ما رجعنا إلى عتبات فصول الرواية وهي ( كاتب السيناريو ) ، ( دمى ) ، ( لقاء مع القدر ) ، ( الذات المفقودة ) ،نجد أن كلا منها تؤطر لمرحلة من حياة هذا الشخص الذي تلاعبت به الأقدار ، توالدت معانات كوثاريا لتفرز هذه الفصول وهذه الفصول الأربعة توالدت إلى أجزاء عدة داخلية أيضا ؛ لتدلل على أن المشاكل ما تزال مستمرة مع الحياة ، وصراعات الإنسان في سبيل ترويض هذه الحياة لازالت قائمة تتوالد وتتكاثر في كل يوم .



#محمد_حاجم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الانتصار وإرادة الحياة قراءة في نصي (((انتصار)) و ((شه ...


المزيد.....




- أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
- الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم ...
- التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
- التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
- بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري ...
- مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
- الكويت توزع جوائز الدولة وتحتفي باختيارها عاصمة للثقافة العر ...
- حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60 ...


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حاجم - (رحلة الهروب وقلق التساؤل) قراءة في رواية ( كوثاريا) للروائي العراقي نعيم آل مسافر