أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد النمري - الإنهيار المتسارع للدولار















المزيد.....

الإنهيار المتسارع للدولار


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 4713 - 2015 / 2 / 7 - 19:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الإتهيار المتسارع للدولار

كتبت مؤخراً عن أهم وأخطر مسألة في الإقتصاد السياسي المستحدث حتى لا أقول الحديث وهي إزاحة القيمة الرأسمالية (Value) من البضاعة أو السلعة، وهي مكمنها الطبيعي والقانوني الوحيد، إلى النقود التي لا تحمل أية قيمة بذاتها ـ باستثناء النقود المعدنية ـ إلا أن أحداً من القرآء، وأظنهم بالآلاف لم يعر أي اهتمام للموضوع رغم أنه مثل انعطافاً حاداً في مسار العالم . علّق عدد قليل منهم في غير موضوع المقال لكن أحداً لم يتطرق إلى المسألة الأهم والأخطر المطروحة للبحث . أنا أفهم أن المثقفين بعامة لا يميلون إلى البحث في علاقات الإنتاج ونظام الإنتاج الماثل طالما أنه "نظام" الطبقة البورجوازية الوضيعة والمثقفون شريحة رئيسية منها، لكنني لا أفهم ولا يجوز أن أتفهم إنكفاء السياسيين عن تناول المسألة المطروحة سلباً أم إيجاباً طالما أن كل سياسي لا يُوصف بالسياسي إلا لأنه مهموم يتطوير نظام الإنتاج أو تغييره، فكيف بهم يتجاهلون قلب نظام الإنتاج عاليه سافله دون أن ينبسوا ببنت شفه !؟ لا يمكن تفسير ذلك بغير أنهم يقرؤون ولكنهم لا يفهمون، هذا إن لم يكونوا رجعيين متواطئين على مستقبل الإنسانية .

التجاهل المطبق لمسألة بهذه الأهمية الكبرى من قبل مجندي البورجوازية الوضيعة ومنتحلي الماركسية والشيوعية لا يعبر عن جهل مطبق فقط بل يعبر أيضاً عن مقاومة واعية وغريزية كذلك لتقدم وتطور قوى الإنتاج . لسان حال هؤلاء القوم لا ينفك يصلي كيلا يتقدم التاريخ . التقدميون أكانوا شيوعيين أم براغماتيين يجب ألا يسكتوا على هذا الموقف الرجعي والمعادي للإنسانية التي رافعتها القوية الوحيدة هي نمو قوى الإنتاج والتي أصيبت بمقتل عندما قرر زعماء العالم الرأسمالي الخمسة الأغنياء (G 5) إزاحة القيمة من البضاعة إلى النقد في العام 1975 بعد أن تأكد لهم انهيار النظام الرأسمالي في العالم .
نفر من منتحلي الشيوعية اختبأ وراء ضبابية ذلك القرار وغموضه المقصود ليدعي أن القرار لم يزح القيمة من البضاعة إلى النقد ؛ لكن هذا النفر لم يقدم تفسيراً آخر للقرار رقم 11 من إعلان رامبوييه ولم يأتِ على ذكر قرارات هيئة مديري صندوق النقد الدولي التي انعقدت في جمايكا تبعا للقرار وقدمت تفسيراً واضحاً له، مثل إلغاء الغطاء الذهبي للعملة كما كانت تقتضي معاهدة بريتون وودز 1944، وقد تقرر إلغاؤها، وتمكين الدولة من تحديد القيمة الثابتة لعملتها بغض النظر عن كل المتغيرات (!!) أي أن سعر النقد في السوق لم يعد هو الدالة على ملاءة الدولة وثرائها أو فقرها، حيث بإمكان الدولة التي لا تنتج ما تحتاج كالولايات المتحدة أن تكون عملتها وهي الدولار ملك العملات أو بريطانيا المفلسة لكن حنيهها يساوي 1.5 دولاراً !!
حسناً، ليجهد هؤلاء القوم الرجعيون في حجب أشعة الشمس الساطعة بغرابيلهم المهترئة ! وبالمقابل يقدم الشيوعيون والبراغماتيون حقائق ساطعة سطوع شمس الظهيرة تغشى أبصار هؤلاء الرجعيين فلا يستطيعون حجبها أو الإفلات منها وترغمهم على التعامل معها والصدوع لمقتضياتها .

لنعد بمجندي البورجوازية الوضيعة ومنتحلي الماركسية والشيوعية إلى العام 1974 . في ذلك العام تحققت الإدارة الأميركية من انهيار النظام الرأسمالي في حصن الرأسمالية الحصين وهو الولايات المتحدة، وسينهار يالتبعية في مختلف أصقاع العالم . فكان أن استنجدت الإدارة الأميركية بالدول الأربعة الأخرى الغنية وعقد وزراء المالية للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان محادثات في مكتبة وزارة الخارجية في واشنطن، سمّيت محادثات المكتبة، في نوفمبر 74 وقرروا كل ما ورد في إعلان رامبوييه لأول قمة للخمسة الأغنى أو الأعظم في العالم (G 5) في نوفمبر 75 .
نعود بهم إلى العام 74 لنسألهم عن سعر أونصة الذهب حينذاك . بعد أن يعود هؤلاء إلى مراجعهم سيفيدون أن سعر أونصة الذهب في العام 1974 كان 74 دولاراً . ثم نسألهم عن سعرها في العام 2011 ليفيدوا بعد الرجوع إلى المراجع الدولية أن سعرها وصل إلى 1900 دولارا، أي أن سعرها تضاعف أكثر من 25 ضعفاً خلال 37 عاماً . هل يتفضل مجندو البورجوازية الوضيعة ومنتحلو الماركسية والشيوعية فيفسروا لنا هذا الارتفاع المجنون في سعر أونصة الذهب ـ والذهب هو المعاير الثابت الوحيد للعملة !؟ لماذا الدولار سنة 2011 يساوي أقل من أربعة سنتات من دولار 1974 !؟ أين ضاعت ال 96 سنتاً الأخريات !؟
لا يمكن لأحدهم أن يجادل بأن كمية الشغل لإنتاج أونصة الذهب تضاعف 25 مرة حيث في واقع الأمر أن كمية الشغل باتت أقل ولو بمقدار نظراً لتحسن أدوات الإنتاج وشروط الإنتاج في مناجم الذهب . ولا يمكن الإدعاء أن كلفة إعادة إنتاج الشغل تضاعفت 25 ضعفاً بسبب تحسن مستوى حياة العامل ؛ علينا أن نقر بتحسن مستوى حياة العامل لضعفي المستوى السبعيني أو حتى لخمسة أضعاف وهو ما يعني أن دولار العام 2011 يساوي 20 سنتاً فقط من دولار السبعينيات، فأين ضاعت الثمانون سنتاً الباقية !؟
هذا السؤال هو وحده الإمتحان الفيصل للذين ينفون انهيار النظام الرأسمالي في سبعينيات القرن الماضي . لئن استطاعوا تفسير ضياع 80% على الأقل من قيمة الدولار خلال العقود الأربعة الأخيرة تفسيراً علمياً معتمداً فستكون ساعتئذ افتراضاتهم حول النظام الرأسمالي الإمبريالي المتوحش الماثل اليوم هي حقائق مستوجبة التسليم بها، وإن عجزوا عن ذلك فعليهم التسليم بانهيار النظام الرأسمالي الإمبريالي كما توقع الرفيق الأعظم ستالين في وقت وشيك، وكما أعلنت الأمم المتحدة في العام 1972 .

قيمة النقد في الدولة الرأسمالية لا تحددها الدولة أو السلطة الحاكمة بل تحددها القيمة الشرائية للنقد أو مقدار مبادلته بالبضاعة، السوق الحرة هي ما يحدد القيمة التبادلية للنقد، أي أن البضاعة أو مقدار ما تختزنه البضاعة من شغل هو وحده ما يحدد القيمة التبادلية للنقد وبالتالي سعره في الأسواق . الإثراء المتواصل في الدولة الرأسمالية يتأتى فقط من دورة الإنتاج الرأسمالي .. ( نقد1 ـ بضاعة ـ نقد2) . يمتلك الرأسمالي المال (نقد1) يشتري به ساعات عمل يحولها إلى بضاعة ثم يحول البضاعة، أي ساعات العمل المختزنة فيها، إلى (نقد2) الذي هو بالتالي أكثر من (نقد1) بفارق فائض القيمة المتأتي من ساعات العمل التي لم يدفع ثمنها الرأسمالي . من هنا فقط تتكاثر النقود في الدولة الرأسمالية محتفظة بقيمتها أو حتى بقيمة أكبر مقارنة بغيرها من النقود .
لا يمكن تفسير فقدان الدولار الأميركي 80% أو أكثر من قيمته مقارنة بدولار السبعينيات دون الأخذ بعين الاعتبار أن الدورة الرأسمالية لم تعد تعمل أو تدور . أو أن 80% من قيمة الدولار صرفت على أعمال لا قيمة تبادلية لها مثل أعمال الخدمات بمختلف أنواعها كخدمات الأمن والتأمين والصرافة والتعليم والصحة والثقافة والمعلوماتية ..ألخ . حنى الخدمات الضرورية لتأهيل البضاعة للمبادلة فهي بمثابة خدمات ضائعة . تصل السلعة إلى السوق وهي تحمل في جوفها خدمات كثيرة كالتغليف والاعلان والنقل والصيرفة والتخزين والجمارك والتخليص حيث تضاف كلفة كل هذه الخدمات إلى القيمة التبادلية للسلعة لكنها لا تضيف شيئاً إلى القيمة الاستعمالية لها وهو ما يدل على أن جميع تلك الخدمات في جوف السلعة إنما كانت من مقتضيات النظام الرأسمالي بدليل أن من يستعمل السلعة يود أن كل تلك الخدمات لم تستخدم حتى يتكلف بها دون فائدة . بل إن كل تلك الخدمات التي لم تكن ضرورية لتسويق السلعة ولم تدخل في جوف السلعة إنما عادت أكلافها على السلعة ذاتها وعلى أكلاف الخدمات في جوف السلعة .

من هنا يتبيّن لنا أن ال 96 سنتاً المفقودة من دولار سبعينيات القرن الماضي إنما أنفقت على إنتاج خدمات لا قيمة تبادلية لها . ما على سياسيي واقتصاديي العصر التوقف عنده طويلاً هو أن إنتاج الخدمات تستهلك الثروة دون أن تضيف إليها نقيرا . إنها تحرك المال وتنقله من جيب إلى جيب، من جيب المريض مثلاً إلى جيب الطبيب دون أن تزيده فلساً واحداً . بعكس الإنتاج الرأسمالي الذي ينقل (النقد1) إلى (النقد2) وهو ما يزيد على (النقد1) بمقدار فائض الإنتاج المجسد لفائض القيمة .
منذ ما قبل ربع قرن ونسبة إنتاج الخدمات من مجمل إنتاج الولايات المتحدة الأميركية هي 80% وربما هي اليوم أكثر . فعندما تعلن الولايات المتحدة أن مجمل إنتاجها اليوم يصل إلى 16.8 ترليون دولاراً فذلك يعني أن إنتاجها من الخدمات، التي لا توفر شيئاً من أسباب الحياة الجوهرية ولا تضيف سنتيماً إلى الثروة الوطنية، يصل إلى 13.44 ترليون دولاراً من الخدمات التي لا تضيف إلى ثروتها سنتيماً واحداً وأن إنتاجها من البضائع والسلع لا يتجاوز 3.36 ترليون دولاراً فقط . شعباً يزيد تعداده على 320 مليوناً ويستهلك من الخدمات ما قيمته 13.44 نرليون من الدولارات لا يمكن أن يكفيه ما قيمته 3.36 ترليون دولاراً من البضائع والسلع لتوفير أسباب الحياة الجوهرية . لذلك تضطر الولايات المتحدة لأن تستورد من البضائع والسلع سنوياً ما يفوق مجمل صادراتها ب 1.0 – 0.75 ترليون دولارا يظهر في عجز ميزانها التجاري سنوياً منذ ما قبل تسعينيات القرن الماضي . ولذلك باتت مدينة للخارج بأكثر من 17 ترليون دولارا لا تقوى على خدمتها مما يدفع بها إلى الإفلاس المحقق، وبات دولارها لا يساوي أكثر من أربعة سنتات فقط من سنتات السبعينيات .

ما لا يدركه السياسيون من مختلف النحل والإقتصاديون على اختلاف تخصصاتهم أن انهيار الدولار الوشيك سيجر العالم، كل العالم، إلى كارثة كونية لن ينجو منها أحد فقد غدا الدولار ملك العملات منذ قمة رامبوييه وعملت سائر الدول على دولرة إقتصادها وعملاتها بما في ذلك الدول الاشتراكية سابقا بعد أن تراجعت عن الاشتراكية وربطت اقتصاداتها باقتصاد العالم . انهيار الدولار المفاجئ سيعمل في الحال على إيقاف عجلة الإنتاج بكل أنواعه وإيقاف الحياة الإنسانية بالتالي .



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البداية من (G 5) في رامبوييه بباريس 1975
- الحزب الشيوعي اليوناني في ضلالة ظلماء
- الإشتباك مع الماركسي العتيد الدكتور حسين علوان حسين
- الشيوعيون المنتصرون أبداً
- الحزب الشيوعي العراقي ينقلب ضد الشيوعية
- كيف يستكلب أعداء الشيوعية!
- رسالة توجيهية من الرفيق علي الأسدي
- أزاهير الربيع العربي لن تثمر
- عبد الرزاق عيد يهرف بما لا يعرف
- فؤاد النمري - الكاتب الماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات وا ...
- الرفيق سابقاً عبد الرزاق عيد !
- نمط الإنتاج الرأسمالي
- البورجوازية في التاريخ
- رسالة مفتوحة ثانية إلى سعد الحريري
- في السياسة والاقتصاد
- في بيتنا تروتسكيُ
- الشيوعيون ليسوا وطنيين
- برهان غليون يرثي انحلال الطوائف
- رسالة مفتوحة إلى سعد الحريري
- الماركسية والخارجون على القانون (تابع 5)


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد النمري - الإنهيار المتسارع للدولار