أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ارسم إلهك بنفسك














المزيد.....


ارسم إلهك بنفسك


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4696 - 2015 / 1 / 21 - 23:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لأنهم فيما مضى كانوا لا يعرفون ’الخط‘ بعد، فقد استخدموا ’الجسم‘ وسيلة تجسيد لأمانيهم عن المطلق. وقد سخروا كل الأجسام في متناولهم لكي يجسدوا لأنفسهم منها آلهة شتى. فمنهم من جسد إلهه في شجرة مباركة؛ ومنهم من جسده في نجم أو شمس أو بحر أو قمر؛ ومنهم من جسده في جبل أو صخرة أو حجارة؛ ومنهم من جسده في بقرة أو كبش أو ثور؛ وقد وصل الأمر ببعضهم إلى حد تجسيده في أرواح كانت ذات يوم تسكن أجساداً مثل أجسادهم أنفسهم من آباء وأجداد وعظماء بعدما وارى الثرى عظامهم؛ وبلغ التطرف بآخرين إلى حد تجسيد الصفات الإلهية المطلقة في شخوص أحياء مثلهم من ملوك وشيوخ وأباطرة وحكام ومتنفذين شتى!

كانت آلهتهم صماء خرساء لا تنطق، لكنها كانت حية ومتدفقة وحسية، تشبع الحواس والغرائز إلى حد الثمالة والتخمة؛ فما كانت آلهتهم تتكلم ببعد لكي تملي عليهم الأوامر والنواهي، الأحكام والشرائع. كانت فقط آلهة إغراء ورعب، عن طريق اللمس والبصر الحسي المباشر لا رسائل الخيال والصورة المحورة- بوسيلة اللغة- عن الواقع الحسي الراهن.

ثم حدثت ثورة في تكنولوجيا صناعة الآلهة؛ لقد عرفوا كيف ينطقون ويتواصلون فيما بينهم عبر الإشارات الشفهية والمكتوبة. أخيراً قد تعلموا ’الخط‘. فتعلموا كيف يفكرون وينظموا أفكارهم في خطوط برسومات وتشكيلات شتى. هم ابتكروا ’اللغة‘. وبابتكارهم اللغة بدأت مفردات حياتهم كلها تتغير بسرعة، وتغيرت معها آلهتهم أيضاً. إذ بعدما أتقنوا الابتكار الجديد لم تعد الآلهة الصماء الخرساء الماضية، التي لا تنطق ولا تفقه شيء، قادرة بعد على أن تروي ظمأهم للمطلق. فأخذوا يلقنونها لغاتهم، كيف تنطق، كيف تفقه الأشياء، كيف تتصل بهم. أصبحت الآلهة تفكر كما يفكرون هم أنفسهم وتنظم أفكارها في مخطوطات مثلهم أيضاً. وما كان ينقص إلا رسول لينقل الرسالة!

وجاء الرسل بالمخطوطات الإلهية من عند ربهم، محملة بالأوامر والنواهي، والأحكام والشرائع. كل رسول بلغة قومه. ما هذا بكلامي. هو كلام الرب!

الإشكالية أن ’الجسم‘ مهما كان فان وإلى زوال. وقد كانوا يلمسون ذلك بأيديهم ويرونه بأم أعينهم صباح مساء. فكيف لهذا الفاني الزائل أن يقف للأبدي الخالد، المطلق؟!

ولم تحل الإشكالية بعدما ابتكروا ’الخط‘ ونظموا به خيالهم وفكرهم ومفاهيمهم عن الرب. فاللغة مهما حسنت بدائعها تبقى ابتكار ناقص، تراكمي ودائم التغير. واللغة أقدم من الرسالة. فكيف للمطلق الثابت أن يأمر وينهي، ويحكم ويشرع بوسيلة هي ذاتها تعاني النقص وعدم الثبات؟! كيف تكون وسائله أقدم منه؟! وكيف لمثل هذه الوسائل النسبية الناقصة أن تحتوي الكمال المطلق؟! معضلات حقيقية!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفاشية الدينية والفاشية العلمانية لا تستويان
- حرية التعبير لمحمد وتشارلي
- الإسلام الأزلي وإشكالية الصراع المحتوم
- عرض العصبجية العربية
- وهل فعلاً ثورة 23 يوليو أقامت عدالة اجتماعية؟
- اللادولاتيون العرب
- ماذا يريد الفلسطينيون؟
- علوم الإنسان والأديان
- تبضيع الأنثى
- لعبة الثعبان والفأر
- سويسرا الشرق؟!
- جمهورية كردستان الديمقراطية
- آفاق الديمقراطية في البيئة الصراعية العربية
- العلمانية في الإسلام
- هل صليت على النبي اليوم؟
- المرأة والأقليات العربية بين التحرير والتمكين
- ديمقراطية التوحيد الإسلامية
- جدلية الوحي والتاريخ (10)
- جدلية الوحي والتاريخ (9)
- جدلية الوحي والتاريخ (8)


المزيد.....




- -يا إلهي-.. رد فعل عائلة بفيديو وثق بالصدفة لحظة تصادم طائرة ...
- ماذا نعلم عن طياري المروحية العسكرية بحادث الاصطدام بطائرة ا ...
- إليكم أبرز الرؤساء العرب الذين هنأوا الشرع على توليه رئاسة س ...
- العلماء الروس يرصدون 7 توهجات شمسية قوية
- أسير أوكراني يروي كيف أنقذ الأطباء الروس حياته
- على شفا حرب كبيرة: رواندا والكونغو تتصارعان على الموارد
- ألمانيا تمدد 4 مهام خارجية لقواتها قبيل الانتخابات
- مرتضى منصور يحذر ترامب من زيارة مصر (فيديو)
- -الناتو- يخطط لتقديم اقتراح لترامب بدلا من غرينلاند
- مشهد -مرعب-.. سماء البرازيل -تمطر- عناكب والعلماء يفسرون الظ ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ارسم إلهك بنفسك