|
حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ !!!
عبدالله محمود أبوالنجا
الحوار المتمدن-العدد: 4695 - 2015 / 1 / 20 - 17:50
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نقول – وبالله التوفيق ومن عنده وحده تكون الهداية لنوره - أن الأصل فى الرسالات السماوية التى أرسلها المولى – جل فى علاه – هو تحقيق العدل والأمن والكرامة والعزة لكل البشر ، سواء فى ذلك من صدق بما جاء به المرسلون من عند ربهم أو من كذب بذلك وأعرض عنه واتبع هواه وأضله شيطانه عن جهل بمراد الله من رسالاته أو عن علم عقلى بمراد الله فى رسالاته الى البشر ، شريطة التوبة الى الله ، واتباع منهج الله ، لكنه – ذلك الرافض لمنهج الله وسنته فى خلقه – يرى أن ذلك المنهج يضر بمصالحه الذاتيه كحاكم أو حتى كمحكوم تكون تبعيته لحاكم يرفض منهج الله لأنه يقوض سلطانه ويهدم مُلكه ، فيتمرد ذلك الحاكم ومن يسيرون فى ركابه وأولهم بطانته ؛ يتمردون على ماأرسله الله من منهاج ربانى ويبدأون حربهم الشيطانية ضد هذا الرسول أو ذاك ممن اختصهم الله برسالاته لابلاغها لخلقه . وقبل أن نخوض فى شرح مراده سبحانه وتعالى من العبارة القرآنية التى صدرنا بها مقالنا ، دعونا نلفت النظر الى أن الوحى الإلهى لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان منه مايحمل أحكاماً عامة لكل المسلمين حكاماً ومحكومين ، ويجب على الجميع الالتزام بها وبتطبيقها ، حتى يتم كمال ايمانهم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وأن البعث حق وأن الجنة والنار حق ، ومنه ماكان توجيهاً خاصاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من المسلمين ، لمعالجة مواقف وأحداث واجهت النبى صلى الله عليه وسلم ومن معه ، فى صراعهم ضد كل من عادى الاسلام والمسلمين وراح يكيد للنبى ومن معه ، ويدبر المؤامرات لحشد معارضى الاسلام من المشركين واليهود والنصارى ، كما حدث فى غزوة الأحزاب التى تآمرت فيها يهود ( بنى النضير ) مع كفار مكة وماحولها وأبرمت معهم اتفاقاً سرياً مفاده أنهم – أى يهود بنى النضير – سيكونون مع كفار قريش لو جاؤوا الى يثرب للقضاء على المسلمين ، فنزل فيهم قول الحق – جل وعلا - ، بسم الله الرحمن الرحيم [ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا سَبِيلا * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَن يَلْعَنِ اللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا] صدق الله العظيم سورة النساء، آية 51 . وهناك تشريعات وأحكام الاهية أنزلها الله – جل فى علاه – على رسوله صلى الله عليه وسلم لمعالجة موقف أو حدث معين ، ومع ذلك فهى – تلك التشريعات – تأخذ صفة العمومية ويجب تطبيقها ، اذا واجه المسلمون نفس الموقف أو الحدث الذى نزلت بصدده تلك التشريعات ، ولكن ليس بواسطة فرادى المسلمين أو بعض طوائفهم ، وانما باجماع المسلمين بعد صدور الفتوى الشرعية من العلماء وتصديق ولى الأمر عليها ، كتلك الآية التى صدرنا مقالنا بجزء من التشريعات التى أنزلها الله فيها على نبيه صلى الله عليه وسلم . والآية كاملةً وردت فى سورة التوبة ورقمها ( 29 ) ونصها هو ، بسم الله الرحمن الرحيم [ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ( 29 ) ] صدق الله العظيم . أما عن شروط تطبيق هذه الآية ، فعلينا الرجوع الى سبب نزول الآية ، قبل الخوض فى تعميم أو تخصيص أحكامها . ذكر ابن كثير سبباً واحداً لنزول تلك الآية وهو أنها نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِهِ بِحَرْبِ الرُّومِ ، فَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ نُزُولِهَا غَزْوَةَ تَبُوكَ . ودون الخوض فى تفاصيل عقيدة الدولة الرومانية آنذاك ، سواء كانوا أهل كتاب أم مشركين من عبدة الأوثان أو غيره ، فمن المعروف للجميع أن الدولة الرومانية كانت تحتل أجزاءً واسعة من شمال الجزيرة العربية ، وكانت تلك الأجزاء متاخمة لحدود الدولة الاسلامية الوليدة فى شمال جزيرة العرب . يعنى بمفهوم الاستراتيجيات الدولية الحديثة ، كانت الدولة الرومانية تشكل تهديداً اقليمياً مباشراً على الدولة الاسلامية ومصالحها الاقتصادية فى تجارتها مع الشام ، شأنها شأن الدولة الفارسية التى كانت تهدد تجارة المسلمين مع العراق ، ناهيك عن تضييقهم على القبائل التى اعتنقت الاسلام فى شمال وشمال شرق جزيرة العرب . ولما لم يكن هناك مواثيق أو معاهدات سلام بين الدولة الاسلامية ودولة الروم ، بل لم يكن هناك اعتراف من الرومان بقيام دولة اسلامية من أساسه ، وسبق ذلك كله وعد الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ولعباده المؤمنين فى الآية رقم ( 9 ) فى سورة الصف ، بسم الله الرحمن الرحيم [ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ( 9 ) ] صدق الله العظيم ، فكانت غزوة تبوك بعد نزول الآية المباركة رقم ( 29 ) فى سورة التوبة ، وكان ذلك ايذاناً ببداية انهيار الدولة الرومانية والفارسية وظهور الاسلام على كل الديانات فى ذلك الزمان .
مماسبق نخلص الى أن : -;---;-- قتال أعداء الاسلام فريضة على جميع المسلمين حال صدور النداء بالجهاد فى سبيل الله من أولى الأمر . وليس من آحاد الناس ولا من رؤساء بعض العشائر أو الطوائف . -;---;-- فى حال هزيمة الأعداء يتم فرض الجزية عليهم ، اذا لم يدخلوا فى الاسلام ، وفرض الجزية مرهون بتقدير أولى الأمر الذين يستعينون بعلماء المسلمين فى شأن فرض الجزية من عدمه ، وان كان فى رأيى الشخصى أن فرض الجزية وضرب الذل على أعداء الاسلام مرهون باستمرار هؤلاء الأعداء فى كراهية الاسلام وبالتالى عدم ادماجهم فى جيش الدولة الاسلامية بواسطة الحاكم لاحتمال خيانتهم للمسلمين وانحيازهم للأعداء عند نشوب الحرب ، فتكون الجزية نظير تركهم على عقائدهم مع تحصيل حق حمايتهم وممتلكاتهم بواسطة جيش الدولة الاسلامية . -;---;-- ماذا لو سمح لهم ولى الأمر بالاندماج فى جيش الدولة الاسلامية ؟ هذا شأنه هو وحده ، وهو من سيقف وحيداً بين يدى الله فى اليوم الآخر ولن تنفعه يومها روسيا ولا أمريكا ولا باكستان !
أما هؤلاء المتأبلسين الذين يروجون أن قتال غير المسلمين وفرض الجزية عليهم ، يكون من شأن آحاد الناس من المسلمين فى كل زمان ومكان ؛ فهؤلاء من شياطين الإنس الذين توحى اليهم شياطينهم وأنفسهم الكارهة للاسلام وللمسلمين ، كل مايسطرون ومايشيعون لتنفير غير المسلمين من الاسلام وتشريعاته وتشكيك بسطاء المسلمين فى دينهم ، وخاصةً شباب المسلمين الذين تم اغراقهم بكل أنواع اللهو والفساد والافساد فى منوعات الفضائيات وأفلامها ومسلسلاتها بزعم أن ذلك فن وابداع وحرية تعبير وحضارة وتحضر !!!
بقلم / عبدالله محمود أبوالنجا
#عبدالله_محمود_أبوالنجا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سامى لبيب يفسر لنا ديننا على مزاجه !!!
-
الدور المشبوه للدول الصناعية السبع !!!
-
الشعب المصرى فى مفترق طرق !!!
-
أسوان بين الناشطين والاخوان !
-
فتنة أسوان أكبر من خلاف بين قبيلتين !
-
الفرق بين المعارضة الوطنية والمعارضة العميلة !!!
-
هل الداخلية بلطجية كما يزعم الارهابيون والمجرمون ؟
-
مارأى مشايخ قطر فى هذا الاقتراح ؟
-
للصبر حدود يابلد !!!
-
الغرب وموقفه المفضوح من ارادة المصريين !!
-
أنا القائد الأعلى = فجل ياغجر !!
-
الشرعية خط أحمر..ومغالطات الجماعة ومؤيديها !!
-
هل يغدر أوباما بقيادات الجيش المصرى ؟
-
30 يونيو بداية ثورة تصحيح الأخطاء والخطايا
-
الحداثة والتراث الدينى ..والسيد أغونان و30 يونيو 2013
-
كلمة لشعب مصر قبل بداية الطوفان 30 يونيو
-
الأزمة السورية وصراع النفوذ
-
الأصابع القطرية وسدود النهضة الاثيوبية وخراب مصر !
-
نهضة اثيوبيا .... وخراب مصر !!!
-
[ شاعرٌ فاق َ الذُّرىْ ]
المزيد.....
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|