أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد وجاني - الموت والديموقراطية














المزيد.....


الموت والديموقراطية


فؤاد وجاني

الحوار المتمدن-العدد: 4677 - 2014 / 12 / 30 - 02:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



“sic semper tyrannis”

"إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" سورة آل عمران، الآية 35 .


إن شعبا لا يطرح على نفسه الأسئلة المصيرية لا يستحق الحرية، ذاك الذي تلهيه الأطعمة والجدران والأفرشة ، تَسلُب نُهاهُ الجيوب، تجذب مُقلَهُ الزينة، ويضِلُّ في دوامة العيش.
هو ليس خاضعا لجاذبية العيش كما الحيوان غير الناطق تماماً ، وفي ذكر الحيوان استثناء، بل مستسلما للنزال الأزلي بين الدنيا والقيم المثلى، وسُميت الدنيا تذكيرا لأنها دنيئة دنيّة.
لا يكلف عقلَه وُسعا للتدبر في قيم العدل والحرية، ولا يسعى نحو تجفيف منابع الظلم والعبودية، إنه الساعي فيها دون قصد، قصير النظر دون تطلع أو مطمح، كالمسافر المتكبد عناءً بينما يستمتع برحلته المستبدون.
إنه الشعب الذي يَرُدُّ لِلإله ما حَمَّله، فإن عنِ الظلم سُئل ، ردد: ما شاء الإلهُ فعل، كأن الإله لم يمنحه إرادة ً ، ما أمره قَط بالتغيير، لم يصنع له عقلا للتدبير، لم يزرع فيه روحا تتنفس بالحرية كحاجة خلايا جسده إلى الهواء.
الموت مصير كل إنسان، كان مآلَ الذين سبقوا ، وسيكون مغبةَ الذين يعيشون أو يحيون الآن، والمؤمن بوجود إله كالذي ينكر وجوده، سِيّان في ميزان الديموقراطية إن لم يؤمنا بالحرية والعدل وكرامة الإنسان. وفي ذلكم الذي يؤمن بالحياة بعد الموت كناكرها المقِر بالمادة فقط، كلاهما يعانيان في صمت، ففيم تنفعهما حياة العبودية والاستسلام للظلم.
كيف يستعبدهم بشر، وكيف يتقبلون ذلك الذل دون أن تتحرك فيهم مشاعر الغضب، ويتملكهم التمرد الذي ليس سوى عودة إلى الطبيعة أو الفطرة البشرية.
إن القيم تتشكل خلال فترات هامة ثلاث من حياة الإنسان. أولاها فترة البصمة، وتمتد من الولادة إلى عمر سبع سنين، ونكون خلالها كقطعة الإسفنج التي تستوعب كل شيء من حولنا، نقبل صحته كما هو ، وخاصة من والدينا. إنها فترة الحيرة والاعتقاد الأعمى، فيها تتشكل الصدمات الكبرى، خلالها نبدأ بتعلم التمييز بين الحق والباطل، و الخير والشر.
والثانية فترة النمذجة، من ثمان سنوات إلى الثلاثة عشر، حيث نقوم بنسخ ما يفعله عموم الناس في بيئتنا وليس مايقوم به الوالدان والأقربون فقط. نقيس خلالها الأشياء الملموسة علينا كاللباس لنرى إن كانت تناسب حجمنا، ونتأثر بمعلمينا وبتعاليم الدين.
والثالثة فترة التنشئة الاجتماعية ما بين الثالثة عشرة والواحدة والعشرين ، نتأثر إلى حد كبير بأقراننا . نطور ذواتنا كأفراد مستقلين خارج البرمجات السابقة، لنصبح نحن. نخضع خلال هذه الفترة إلى تأثيرات أكبر كالإعلام، ونميل فكرا وعقيدة إلى الناس الذين يبدون مثلنا .
أتساءل هل نربي أطفال أرضنا على قيم الحرية والعدل ومجابهة الظلم، هل قمنا بإعادة تربية أنفسنا التي نشأت في بيئة لا تعترف بهذه القيم، وهل نحن مستعدون فعلا لخوض تلك المعركة الضارية ضد بيئة الاستبداد رغم ضآلة زادنا المعرفي والتاريخي بالحرية، ومهما كلفنا ذلك من ثمن؟
هل سنستطيع كشعب التخلص من رواسب بيئة الترهيب والمنع التي أبدعها مصنع نظام الحواجز المخزني؟
في عصرنا ستنقسم الشعوب إلى فئتين: تلك التي تلقي على نفسها واجبات كبيرة وتسعى لتحقيق مطالبها رغم الصعوبات والتحديات، وتلك التي تريد عيش اللحظة فقط دون وزر ، ولا تكلف نفسها أدنى مسؤولية. الأولى مصيرها التقدم ورفاهية العقل والروح، والثانية جزاؤها التخلف والركود بمستنقع التفاهة حتى موعد التجزأ والانقسام.
عودٌ على بدء، إلى الاسئلة المصيرية، ليس تشاؤما إنما وعيا بالخاتمة المحتومة، إلى الموت الذي نخطو نحوه خطواتٍ ثابتة كل يوم دون علم إن كانت بطيئة أو سريعة ، لأننا لم نطلع على صحف الميتافيزيقيا أو الغيب، لنسأل أنفسنا : ما دامت الأيام وإن طالت معدودة، أليس السعي نحو تحقيق العدل والحرية أهمَّ من كل ركام؟
في وضع الموت نُصب أعيننا تصالحٌ مع الحقيقة التي نحاول الفرار منها كل ساعة، وتأكيدٌ على أن تحقيق العدل والحرية والعيش الكريم لكل المواطنين ضرورة إلزامية وآنية، وأن الذي يجب أن يموت قبل أن نموت هو الاستبداد .



#فؤاد_وجاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الضيعة والدولة
- هل المغرب في طريقه نحو الديموقراطية؟
- لماذا يزعج فن الراب السلطة في المغرب
- خطاب الحسد
- شيوخ الخليج العربي: أعداء الديموقراطية وكرامة الإنسان
- قطة الملك الأمريكية
- استشهاد المزياني : البلاد التي تعيش دون حرية جسد دون روح
- الرفيق محمد السادس
- المخزن المغربي من جلاد إلى ضحية
- صاحب القفة ومنطق الزيت و السكر
- جمال الثورة..
- المغرب: من النظام الملكي الأبوي إلى الدولة المدنية
- بعض آليات الأيْقَنة الملكية ودروها في فرض السلطة الجبرية على ...
- الخبز أو الملكية بالمغرب
- مشروع دستور -الكراكيز- في المغرب
- فخامة حمار للاعبوش يخاطب الحكام الحمير
- زغردوا ...دستور جديد لمخربستان!
- وصفة البقاء للملوك والرؤساء
- أولى دروس الحرية - قصة قصيرة
- سانتشو بانزا والمالكي


المزيد.....




- لون و-رمزية- شماغ الأمير تركي الفيصل بمقابلة CNN يشعلان تفاع ...
- -لا توجد خطة-.. محلل يصف مشروع ترامب لغزة بـ-غير منطقي- ويؤك ...
- -لم يعد بإمكاننا التحمل-.. فلسطينيون بغزة يناشدون العالم للم ...
- السعودية.. القبض على 3 مواطنين ومقيم يمني والأمن يوضح ما ارت ...
- ما هو حجم الدمار في جنين بعد العملية العسكرية الإسرائيلية في ...
- حزب البديل من أجل ألمانيا وماسك وشركاؤه: حلم السيطرة على الع ...
- خبير يكشف سر الوميض الأبيض خلال الزلزال المدمر في تركيا عام ...
- أستراليا.. إنماء أول جنين كنغر في العالم باستخدام التلقيح ال ...
- -لا مانع من محو غزة وإسرائيل-.. استقالة موظف من وزارة ماسك ب ...
- -نيوزويك-: لأول مرة منذ بدء القتال في أوكرانيا.. طائرة تجسس ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد وجاني - الموت والديموقراطية