أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الإيمان بفكرة الله ضار والإلحاد هو الحل والتغيير















المزيد.....



الإيمان بفكرة الله ضار والإلحاد هو الحل والتغيير


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4664 - 2014 / 12 / 17 - 09:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- لماذا نحن متخلفون ( 30 ) .

كتب الزميل المحترم شامل عبد العزيز مقالا فى الحوار بعنوان ( لا الإيمان ولا الإلحاد هما الحلّ ,, الإيمان والإلحاد لا علاقة لهما بالتغيير ) تجدونه على هذا الرابط
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=445318
يرى الأخ شامل أن لا علاقة للإيمان أو الإلحاد بتطور المجتمعات وتقدمها لأرى أن الزميل العزيز جانبه الصواب وأنه يميع القضايا بشدة ولا أريد القول أنه يغازل المؤمنين على حساب الحقيقة والواقع فقد وقع فى خطأ كبير يتغاضى عن السبب الجوهرى الماثل أمامنا للتخلف والجمود ليمنح الطمأنينة للمؤمن أو قل يصرفه عن أسباب تخلفه وهوانه .
بدايةً يخطأ الأخ شامل عندما يتصور أن الأفكار بمنأى عن الحياة ليعتبر الإيمان والإلحاد أفكار فلسفية فى قاعات الدرس والمهتمين بهكذا جدل , بينما الحقيقة أن هناك علاقة جدلية بين الأفكار والواقع فلا توجد فكرة مشعلقة بالهواء بل مرتبطة بالأرض مُعبرة عن معنى وجدوى بل مصالح حيوية .

تعتبر فكرة وجود الإله من الأفكار التى حظت بأكبر ميديا ورواج وإستهلاك للجنس البشرى لتهيمن على عقول الكثير من البشر منذ البدء وحتى الآن لتطوف بكل العصور بغية الوصول لفهم لغز الوجود والحياة ليستأثر هذا الجدل بعلم الفلسفة والميثولوجيا والإنثربولوجى .
لن يكون بحثنا عن تفنيد وجود الإله فقد إعتنينا بهذا فى مقالات سابقة كثيرة بسلسلة " خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم " وسلسلة " نحو فهم الوجود والحياة والإنسان "ومازال هناك المزيد لتأكيد أن الإله لا يعدو سوى وهم خيالى إنسانى وفكرة حافلة بالتناقض والثقوب ولكننا سنعتنى فى هذا البحث بتأثير الفكرة على الفكر والسلوك الإنسانى , وهل هى فكرة ضارة أم مفيدة , هل هى جالبة للتطور والرقى الإنسانى أم مؤصلة للتخلف والتدهور الفكرى والحضارى .

فكرة الإله شديدة الثراء كونها توائمت مع إحتياجات الإنسان النفسية فى ظل جهله وصراعه مع الوجود الطبيعى .ولكن لا أرى أن فكرة الإله جاءت حصراً من أجل تفسير غموض الوجود والحياة بل لتلبية حاجات نفسية داخلية عميقة لتتخلق مفردات فكرة الإله وليضيف كل جيل رؤى وإحتياجات إضافية تتحمل طموحاته وجهله وقد تعرضت فى سلسلة "لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون" للكثير من فسيفساء النفس البشرية التى كونت الفكرة لتصل لحالة تجسيد الوهم .

أتصور أن فكرة الإله باحثة عن معنى فبالرغم من إنعدام وجود الإله كوجود مُتحقق ليبقى فى إطار فكرة أنتجتها المخيلة الإنسانية لتفى حاجاتها النفسية فى ظل حالة العجز المعرفى فى مواجهة الطبيعة والحياة ومحاولة إدراكها إلا أن هذه الفكرة تصبح حية وذات صدى طالما تمنح الجدوى والمعنى فلا يهم هنا أن تكون فكرة صحيحة أو خاطئة ,بمعنى إذا كان هناك من يرى بأن فكرة وجود إله ذات جدوى فى حياته فليكن الإله موجود طالما يمنح الجدوى أما من يرى أن فكرة وجود الإله ليست ذات جدوى فستكن فكرة متهافتة ليس لها معنى ولا اهمية فى البحث عن وجودها أو عدم وجودها .
ليس معنى ذلك أن فكرة وجود الإله ذات جدوى حقيقية ,فلا جدوى بناء على وهم وتهيؤ وحالة غير موضوعية فى التعاطى مع فكرة تفى حاجات نفسية متوهمة وكما ذكرت أن سلسلة " لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون " تعطى تحليل للكثير من الأسباب النفسية التى تطلب الإيفاء تتوهم أن الإله هو المانح لحالة الإستقرار والتوزان النفسى .

يكون لأى فكرة فى الوجود مغزى من ورائها وهدف ومعنى ..فهل مردود وجود فكرة الإله فى عصرنا الراهن لها مردود إيجابى أم سلبى .؟!
فرضية الإله فى نشأتها الأولى كانت ذات جدوى فى ظل جهل معرفى هائل ورغبة فى إيفاء أغراض وإحتياجات نفسية لتملأ فكرة الله هذه الفراغات عن جدارة وتمنح الإنسان التوازن النفسى وسط حالة من الخوف والألغاز والصعوبات التى يواجهها .ولكن هل إمتداد هذه الفكرة لتمد ظلالها على عالمنا المعاصر تكون بذات جدوى أم ضارة بوجودها وحضورها .
لنا ان نخوض فى توهم المؤمنين بجدوى فكرة الإله قبل الاعتناء بأن الإيمان بهذه الفكرة ضارة ومدمرة ومشوهه لنفسية وذهنية الإنسان بحيث لا تترك مجالا إلا خربته ودمرته عندما تحل منهجية وفلسفة الفكرة لتطلب التواجد والحضور .

فكرة الله أضحت فكرة بلا جدوى .
عندما أبدع الإنسان القديم فكرة الإله وضع فيها كل الجدوى فهو الذى يمنح الخير والبركات ويضرب بالألم , هو المعتنى والضار , الحامى والمبتلى , المُنعم والمُشقى , لتتبدد هذه الصورة مع التطور المعرفى للإنسان مُدركاً أن كل الأمور هى لظروف مادية موضوعية ,فالكوارث والأمراض والأرزاق نتاج للوجود مادى لا تنتقى أحد ولا تتعمد إيذاء أحد إلا من يضع رأسه تحت مقصلتها سواء بإدراك أو غير إدراك .
دعونا نتعامل مع هذه الجزئية بمنطق واضح وصادم لنقول ما جدوى اعتقاد البشر بوجود الله فى حياتهم – ماذا يستفيدون من هذا الإعتقاد .؟!
أى فكرة فى الدنيا بلا معنى ولا جدوى تكون عبثية ولا يهم كونها حقيقية أو خاطئة فهى لا تقدم شيئا ومن هنا سنطرح سؤال : ماهى جدوى الإيمان بالله فهى لا تمنح أى ميزة إضافية للمؤمنين به , فالشمس تشرق على الملحدين والمؤمنين , والمصائب والكوارث والشقاء ينالها الكافر والمؤمن فلا إستثناء للمؤمن عن الملحد , الصحة والمرض لا تفرق بين مؤمن وملحد , الرفاهية والشقاء من نصيب الإثنين فلا تختص الأرزاق ورغد العيش بالمؤمنين بينما يحظى الملحد على الشقاء وشظف العيش بل فى كثير من الأحيان نجد حظوظ الملحدين أعلى من المؤمنين ولا يعنى هذا نعمة الإلحاد بقدر أننا أمام ظروف موضوعية مادية نتعاطى معها فتكون الحظوظ لمن يحسن فهمها والتعامل معها .
من هنا نجد أن الإيمان بوجود إله ليس ذى جدوى ولم يمنح المؤمنين به أى ميزة تفاضلية فى الحياة , فوجودنا وفق معادلات الوجود المادى ولا وجود لفكرة وهمية تمنحنا ميزة أو حظوظ وافرة من السعادة والهناء أو الشقاء .
الإنسان كائن نفعى برجماتى لن يعتنى بفكرة إلا بجدواها ومن هنا ندرك عدم جدوى الإيمان بوجود الله إلا فى أمل الحياة بعد الموت متوهماً أن فكرة الإله ستمنحه البقاء والخلود فهذا هو سر الإيمان ولتنصرف كل العبارات السخيفة المرواغة المزيفة المتصوفة المبررة ,فلو لم يكن الأمل فى وهم الإحياء بعد الموات ما كان لهذه الفكرة أن يعتنى بها إنسان دقيقة واحدة .
فكرة وجود إله أضحت بلا جدوى ولكن مازالت تحظى بالوجود تحت إلحاح البعث والخلود وكسر شوكة الموت وبفعل عجلة القصور الذاتى فالأفكار لا تموت فجأة بل تستمر فى البقاء بالرغم من زوال الأسباب الموضوعية التى خلقتها.

سيندهش البعض من تصينفى لفكرة الله كفكرة ضارة وسينتقد البعض مبدأ ضرر الفكرة فطالما نعتبر الإله فكرة وليس وجود فلا يجوز نعت الإله بأنه ضار. لأقول ان ضرر الأفكار أكثر فداحة من ضرر الشئ الموجود بل أكثر ديمومة وإستنزاف وجلب للألم والضرر مثل تواجد فكرة العنصرية لدى بعض الجماعات البشرية فهى تنتج ضرر دائم ومستمر متمثلاً فى حضور الفكرة .

أرى الإيمان بفكرة الإله ذات تأثير شديد السلبية على تطور الإنسان وحريته وكرامته بل الإيمان بفكرة الإله تنال من البشرية فى عصرنا الراهن على وجه الخصوص .
تناولت فى هذه السلسلة من " لماذا نحن متخلفون" مظاهر شتى من الأسباب الموضوعية التى تؤسس للتخلف فى عالمنا العربى لأعتبر بحثنا اليوم هو العمود الفقرى للتخلف فهو من يمد الدماغ والخلايا بكل جينات التخلف والإنتهاك لتبقى لها الديمومة والصيرورة لذا كان حرياً أن يتصدر هذا البحث مقدمة هذه السلسلة ولكن هكذا تتوارد الخواطر .

الله كمفهوم خاطئ لفهم الوجود والحياة .
فكرة الله تقدم نظرة خاطئة مُضللة لفهم الوجود فهى تعبر عن جهلنا لفهم وإدراك الحياة ,فكل ما نجهله نضعه على شماعة الإله الذى أنتج هذا الفعل لتتشكل فلسفة فكرية فاسدة مارسها الإنسان القديم ويستمر المعاصر يمارسها حتى الآن لتحميل شماعة الله كل الحيرة والجهل المعرفى والإكتفاء بذلك فليس هناك أسهل من أن الإله فعل ذلك ,فالإنسان القديم فسر كل الظواهر الطبيعية بأن الآلهة أنتجتها بينما الإنسان المعاصر وضع أيضا أسئلته الحائرة الغامضة عن كيفية تكوين الخلية الحية والوظائف الكيميائية الحيوية ليترجم هذا فى إبتداع فكرة التصميم الذكى التى لا تزيد عن إبداء الدهشة .
فكرة الإله هروب من جهلنا والغموض الذى يحيط بنا ليكون محصلة هذا نتائج سلبية يظل الإنسان أسير مربعات جهله بينما لو تحرر منها وكسر هذه العزلة التى قيد نفسه بها سيقضى على جهله فهكذا تطورت البشرية عندما دخل الإنسان المعمل بدون أن يقحم فكرة الإله فى عمله وأبحاثه .
تكون فكرة الله ضارة على المستوى البحثى كونها تصرف الإنسان عن البحث والمعرفة وتدفعه إلى الركون والتعاطى مع الإجابات الكسولة المتعسفة لتبعده عن مشقة وصعوبة وهموم البحث فيكفي القول أن هناك صانع أراد هذا حتى يتخدر المؤمن ويهرول إلى سريره طالباً النوم اللذيذ .
الإنسان الحديث وصل إلى المنهج العلمى المادى لفهم الوجود فحل الكثير من الغموض ,وعندما أقول المنهج العلمى وليس العلم فله معنى مهم يجب الإعتناء به حيث طريقة التفكير والنهج والأداء ,فنحن بالمنهج العلمى وصلنا إلى إلغاء المربعات التى كان يقطن فيها الإله كإجابة عن الأسئلة الغامضة الجهولة ,فلم يعد هناك إله للمطر ولا للخير والنماء ولا داعى لوجود إله للأعاصير والرياح والرعد لأنها كلها ظواهر مادية إستطعنا أن نردها لفعلها المادى ونضعها فى قانون ومعادلة بل يُمكن التنبؤ بها وتسخيرها وفقا لقانونها فلم يعد هناك شيئ مستحيل إدراكه فلا داعى لفكرة الإله التى تطلب الجهل المُحبط .

تزداد ضحالة فكرة الإله وضررها عندما تخدر الوعى الإنسانى عن التناقض والأسئلة الغامضة فما أن يواجه المؤمن تناقض أومشهد فج غير مفهوم أو غير منطقى مع معتقداته حتى يسارع بالقول هناك حكمة إلهية لا ندركها وبذا يُخدر وعيه عن الإدراك والبحث النزيه ليرزح تحت ظلام الجهل وعدم إقتحام الغموض والتناقض ..الإنسان لم يتطور ويعىّ الحياة والوجود إلا عندما تخلص من هيمنة فكرة حكمة الإله المجهولة .

العملية الإيمانية فكر شمولى فاشى لا يقبل أى حرية فكرية أو حراك فكرى حتى لو فى داخل المنظومة الإيمانية ذاتها بمعنى أنها لا تقبل إيمانك بالله وإنصرافك عن الإيمان بالغيب أو باليوم الآخر أو بالروح مثلا فبالرغم من ايمانك به إلا ان هذا لن يكون مقبولا وسيتم التعسف بك لتضيق الدوائر أمام تنوع الرؤى الفرعية الصغيرة مثل ما بين المذاهب الدينية المختلفة كما الحال بين السنه والشيعة فى الاسلام , وبين الكاثوليكية والارذوكسية والبروتستانت فى المسيحية فنحن أما منهجية الإقصاء والشمولية الحادة
يصيب الإيمان بفكرة الإله الإنسان المؤمن بحالة من التبلد والجمود والميوعة فهو لا يتوقف أمام أى اشكالية بل يمررها ليفقد الدهشة والقدرة على التفكير لذا تفقد الشعوب التى تعيش فى شرنقة الايمان بالإله القدرة على الابداع فهناك حالة من الخمول والجمود والتسليم قد تمكنت من ذهن ونهج وسلوك فلم يعد يكترث بالمشاهد ليمررها فحسب .. الانسان كونه كائن مندهش إستحق وسام الإنسانية ودون ذلك فهو بشر أو قطيع .

سحق إنسانى بلا معنى .
لنا أن نتوقف عند المفهوم الإيمانى الأول الذى يسلب الإنسان إنسانيته ,فهو جاء رغماً عنه بدون إرادته ووُضع فى إختبار إلهى رغماً عنه ومطالب بالعبادة والتضرع للإله وإلا الإنتقام الإلهى وعذابه .. هذا المشهد الإيمانى الذى يقبع فيه المؤمن وينصاع إليه ينال من قيمة الإنسان لتهدر فى داخله مفهوم الإرادة والحرية ليصل به الحال إلى الإستسلام للأقوياء وكل من يمتلك مفردات القوة المفرطة .

تكون فكرة الله ضارة على المستوى الإجتماعى والإنسانى فعليك أن تقبل بإرادات وخطط مقدرة من قبل كائن سماوى أراد هكذا أمور ,فبؤسك وشقائك ومرضك ليس نتاج ظروف مادية من الممكن تعديلها وتطويرها وتجاوزها ولكن وفق إرادة مَخططة مُدبرة مُريدة أرادت هكذا أمر وعليك الإستسلام لها وعدم التمرد بل الخضوع لمشيئتها وشكرها على أفعالها .!
هنا تصبح فكرة الإله شديدة الضرر فى أنها تسلب وتستلب الإنسان وتكبله عن الحراك والتغيير ورفض الواقع السئ المؤلم الذى يعيشه ويزداد ضررها عندما تصنع مظلة لكل الطغاة والمستبدين فى أن ينعموا بحياة هانئة بسحق ومص دماء البسطاء والمهمشين فلا يملكوا من أمورهم شيئا سوى التسليم للإله الذى خطط وقسم الأرزاق ورسم الأقدار , وحتى تنفيس الغضب سيتم توصيفه بأنه مشاعر حقودة حسودة ليست مطلوبة فهناك إله سينتقم منك لأنك حملت فى داخلك مثل هكذا أحاسيس خجولة ليست بذات جدوى .!!

نفسية العبيد .
هذا التأمل كان فى مرحلة الصبا حيث إستوقفنى مشهد من فيلم أمريكى لأجد إسقاطه فى الواقع مع تغيير طفيف لتنتابنى حالة من الإستنكار والقرف إكتفيت حينها بهذه الحالة الشعورية لعدم القدرة على التحليل والغوص فى أرجاء المشهد بحكم حداثة السن..هو مشهد من فيلم امريكى يصور الحياة فى عصور العبودية القديمة حيث الأسياد والعبيد لتعتنى برصد حياة عبد قانع بعبوديته إلى أن يُقتل ابنه على يد السيد الأمير فينتابه الحزن والألم والغضب لتمر أيام قليلة ويشهد هذا العبد موكب سيده محمولاً على عرشه فيخر العبيد سجوداً إلا هو يقف ويتسمر فى مكانه يرمق الأمير بغضب شديد متذكراً إبنه المسفوك دمه .. يلمح أقرانه العبيد حاله فيشدونه كى يسجد حتى لا يستجلب غضب الأمير مذكرين إياه أن الحياة والخير الذى ينعمون فيه هو من نِعم الأمير ليرضخ للركوع ويسجد رغماً عنه .
يتكرر هذا المشهد فى الواقع عندما توفى صديقى ذو الإثنى عشر ربيعاً لتشيع جنازته فى موكب يعمه الحزن والأسى والفجيعة لأمه المنكوبة وأهله وكل محبيه ليزداد فجاعة المشهد الحزين بصورة الأب الذى إنتابته حالة من الهياج والغضب الصارخ الغير متحفظ ليندد بالله الذى قطف حياة ابنه بقوله : إنت ظالم .. ماذا فعلت لك .. أخذت منى ولدى وحيدى لا أملك فى الدنيا غيره ..إنت ظااااالم .
يحاول إخوته تهدئته ومنعه من الإسترسال فى بوحه الغاضب بتكميم فمه ولينهره شقيقه بقوله أنت هكذا تكفر بالله و يحثه على الإستغفار إلى أن يرضخ الأب الملكوم بالإستغفار والبكاء .
لم أجد فى هاذين المشهدين حينها إلا التطابق فهذا عبد يسجد لسيده الذى قتل ابنه وهذا أب ملكوم يخر مستغفراً الله الذى إنتزع ابنه ليكون إنطباعى حينها إستنكار المشهدين وإستقباحهما مع تكوينات سلبية تجاه الله تضاف لرصيد سابق مما إستوقفنى .

الإيمان بفكرة الله بمنظور عبوديته والخضوع له شكل منهجية داخل المؤمن تؤسس لقبول الذل والرضا بحالة دونية لتتشبع نفسية المؤمن بهكذا نهج فى التعاطى مع فكرة الإله لتمتد ويتم إستحضارها عند التعامل مع أى قوة مفرطة بل يمكن إعتبار حالة العبودية الفكرية تجاه فكرة الله أكثر ذلاً من جيل العبيد الأوائل لتتشكل نفسية دونية حقيرة ترضى بالذل وتتمرغ فى مستنقع الإهانة ,فإذا كان العبيد الأوائل رضخوا وإستعبدوا تحت ضغط قوة باطشة ماثلة للعيان ليرتضوا بالذل حفاظاً على حياتهم فما معنى ذل الإنسان المعاصر الذى يرضخ لقوة غير حاضرة يتوهم أنها تصيبه بالألم فبدلا من أن يعلن غضبه وثورته عليها يخر ساجداً ليردد كالأبلة " الحمد لله" .

يزداد ضرر الإيمان بفكرة الإله عندما تتأسس نفسية الخنوع والتمتع بالإذلال , فالمؤمن يناله البلايا من الإله وفقاً لإيمانه وليس أمامه سوى أن يحمد ويشكر الإله على إذلاله وآلامه ,فأى رفض لهذه الآلام والإذلال هو كفر بالإله ستكون عواقبه وخيمة ليرضى المؤمن بالمذلة والإنسحاق والدونية متوهماً أن حياته ترتهن بأوامر القابع فى السماوات فلا قدرة له ولا يحق الرفض والإستياء والإستنكار لأقداره المؤلمة .لتتدرب النفس البشرية على قبول الخنوع والإذلال من أقوياء الأرض بل الإحتفاء بهم مثلما رأينا الشعب العراقى يحتفى بصدام حسين بل يحتفل بعيد ميلاده فهكذا تأثير الفكرة على الإنسان ليسقطها ويتعامل بها فى مشاهد أخرى فقد تدرب فى مركز تدريب الإيمان بالإله ,ولكن للدقة أقول أن فكرة الإله البدئية جاءت من طغاة البشر فأرادوا الهيمنة والسطوة لأيدلجوا نهجهم من خلال فكرة الإله .

إن فكرة الإله هى امتداد لفكرة السيد والعبد أو للدقة هى إسقاط فكر الأسياد على فكرة الإله فيصبح إستعبادهم للبشر هو نفس منهج السماء فهكذا هى طبيعة الحياة والوجود " أسياد وعبيد " لتتشكل منظومة ثقافية تجتر الذل والهوان والحقارة لتُبقى السيد سيداً والعبد عبداً.
يتكلل الشعور بالدونية والإنسحاق عندما تُضم لصفات الإله "المُذل المتكبر" لتترسخ فى النفس البشرية قبول الذل والمهانة , فالذل من الله ولا رد لأهواءه أو قل أقداره فعلى الإنسان قبول حالة الذل بنفس راضية لأن عدم الإذعان لها يعنى تمرد على الله المُذل مما يعنى عواقب وخيمة لهذا الإنسان المتمرد .

من نفسية العبيد يُحقر الإنسان ذاته .
الفكر الإيمانى بقوة خارقة قاهرة باطشة لم يجلب الخوف فقط بل إستدعى حالة دونية تقلل من قيمة الإنسان لذاته لدرجة التحقير .. فتعاطى المؤمن مع ألوهية الإله يحاط بسياج من الغموض والتابوهات والتحذيرات منذ نعومة الأظافر لتقتل روح الفكر والسؤال ,,فهم يروجون أن الإنسان كائن ضعيف محدود العقل لا يقدر أن يستوعب الإله فلا تفكر ولا يسأل السائلون عن أشياء تسؤوهم فعقولكم ضعيفة واهنة قاصرة مهما فعلتم .
من هذا التابو يترسخ فى الداخل الإنسانى إحساس بالعجز وإحتقار لقدرات العقل وجدوى العقلانية وقدرات العلم ليتجمد عقل المؤمن فهناك معرفة لن يدركها وحكمة لن يستطيع سبر أغوارها ليحظى العقل على الشلل العظيم .
أيا كانت دوافع و أصول الحالة النفسية للشخصية الدينية إلا أن هذة الدوافع هي المسئولة عن فقدان الثقة وإحلال حالة من الدونية والعجز تصل لإحتقار ذاتى غير واعى والميل للنقل بدلا من مغامرة العقل الذى تجمد ,فحراكه سيجلب المتاعب والتصادم مع شعور عميق بالعجز لذا لا نحظى بإبداعات من عالمنا المؤمن البائس فالعقل تجمد ليترسخ شعور داخلى بتحقير حراكه وإنتاجه .

الحالة النفسية المتردية التى تعترى المؤمن تأتى خطورتها أنها أضحت بمثابة أيدلوجية وثقافة ومنهج تفكير وسلوك وليس نتاج حالة نفسية طارئة تتأثر بحادث واقع , فالمؤمن يستدعى حالة الشعور بالمذلة والعبودية والدونية من ذاكرته فى تعاطيه مع الله أى يتقمص هذه الحالة كممثل ماهر , فالشعور هنا ليس وليد علاقة حية ملموسة تنتج الشعور بالدونية والحقارة بحكم أن الله غير ملموس وحاضر فيكون ترديد المؤمنين لعبوديتهم وهوانهم هو إستدعاء مشاعر من الذاكرة لتكون الخطورة أن هذا الإستدعاء يمكن جلبه أيضا أمام أى قوى باغية فى الحياة .
يكون أمل الخلاص من هذه الحالة النفسية الدونية بتطوير فكرة الإله لتكتفى كفكرة بائسة لتفسير الوجود وبفك الإرتباط بينها وبين الإنسان فيكون حصارها والحد منها تحرير للإنسان من وضعية مهينة لازمته بإيمانه بفكرة متسلطة إستبدادية .

من هنا يمكن تفسير لماذا تحظى شعوبنا العربية التى تهيمن عليها فكرة الإيمان بعبودية الإله بنصيب وافر من الحكام والأنظمة المستبدة حيث المُستبدون حاضرون دوماً كنتاج طبيعى لسريان ثقافة العبودية فى شرايين هذه المجتمعات لتنبثق عنها وتتولد قدرة على هضم الذل من الحاكم أو أى إنسان ذو بأس , فإذا كنا نتحلى بثقافة العبودية التى تجعلنا ننسحق أمام إله غير حاضر وغير ماثل للعيان لنمرر فمن اليسير بلع مظالم الطغاة فعلى الأقل هم يحملون هروات غليظة ماثلة لعيوننا .

شكر الله و حمده في السراء و الضراء .!
النفسية المتوازنة ستقدم الإمتنان لمن يمنحها الخير والسعادة وستتخذ موقف أمام من يؤذيها وينال منها لتتفاوت درجة هذا الغضب من إنسان لآخر ولكن أن نجد من يرضى بالهوان ويتقبل المصائب ليشكر صانعها فهذا هو الشذوذ والتشوه النفسى أو قل نهج العبيد .
أن يشكر المرء من يقدم له خدمه أو يقدم له منفعة هو سلوك ينم عن الأدب والعرفان بالجميل لكن الشكر يفترض أن المشكور قد تسبب في خدمة أو منفعة لمن يشكر .أما إذا كان الشكر جزاء التسبب في ضرر فهذا إذلال ودونية وحالة مازوخية ,فالمفترض أن الحمد أواللعن مجرد تعبيرات عن مشاعر حرة بالإمتنان أو الغضب لذا فإجبار الله للبشر على حمده والتسبيح له في النفع والضرر لهو قسوة ومذلة و قهر مفرط.
فلنتخيل أبا يضرب طفله علقة موجعة ثم بعد ذلك يأمره بالإمتناع عن البكاء والصراخ لأن الصوت يزعجه بل يطالبه بمدحه والإشادة به فأليس هذا شئ غريب وشاذ ترفضه النفس الأبية عندما يدين الله كل من يئن أو يتوجع ويرفض السؤال المعاتب : ليه عملت كده يارب , فمجرد إعلان الغضب أو الإعتراض على الله حتى في أحلك أوقات الحزن والغضب يعتبر تجديف وكفر بالله وحكمته فليس من حق الإنسان أن يقول للإله "أنت ظالم" بصوت عالي. ليكون الحال المطلوب في قمة الحزن و الضيق القول : الحمد لله على كل حال. !!
هذه النفسية العبودية المشبعة بالمازوخية ستنتج إنسان مشوه نفسياً يستعذب الإستبداد والقهر ليكون هكذا نهجه أمام أصحاب القوة المفرطة لتكون فكرة الإله ضارة على مستوى حياتنا وعلاقاتنا .

التماهى فى الإذلال .
تلك قطعة من صلاة النوم عند المسيحيين وفق كتاب الصلاة المعروف بالأجبية : هوذا أنا عتيد أن أقف أمام الديان العادل، مرعوبا ومرتعبا من كثرة ذنوبي، لأن العمر المنقضي في الملاهي يستوجب الدينونة. لكن توبي يا نفسي مادمتِ في الأرض ساكنة، لأن التراب في القبر لا يسبح. وليس في الموتى من يذكر، ولا في الجحيم من يشكر. بل انهضي من رقاد الكسل وتضرعي إلى المخلص بالتوبة قائلة: اللهم ارحمني وخلصني.
لو كان العمر ثابتا وهذا العالم مؤبدا، لكان لك يا نفسي حجة واضحة، لكن إذا انكشفت أفعالك الرديئة وشرورك القبيحة أمام الديان العادل، فأيَّ جواب تجيبين وأنت على سرير الخطايا منطرحة، وفى إخضاع الجسد متهاونة؟
أيها المسيح إلهنا لكرسي حكمك المرهوب أفزع، ولمجلس دينونتك أخشع، ولنور شعاع لاهوتك أجزع، أنا الشقي المتدنس، الراقد على فراشي المتهاون في حياتي. لكنى أتخذ صورة العشار قارعا صدري، قائلا: اللهم اغفر لي فإني خاطى.
أيتها العذراء الطاهرة أسبلي ظلك السريع المعونة على عبدك. وأبعدي أمواج الأفكار الرديئة عنى. وأنهضي نفسي المريضة للصلاة والسهر، لأنها استغرقت في سُبات عميق. فإنك أم قادرة رحيمة معينة، والدة ينبوع الحياة، ملكي والهي، يسوع المسيح رجائي.
أنا أفزع ..أنا أخشع ..أنا أجزع ..أنا الشقي المتدنس ..انا الراقد على فراشي ..أنا المتهاون في حياتي ..أنا كل أفعالي رديئة و شر وقبح ..انا متهاون في إخضاع جسدي ..انا منطرح على سرير الخطايا ..انا حيوان حقير ..انا دودة أرض تحت جزمتك يا رب ..أنا تراب ودنس و نجاسة !!
لغة دنيئة خارجة من نفس متدنية تنال من الإنسان وتشوه معايير الكرامة والإنسانية لنصل لحالة مرضية تستعذب تحقير ذاتها والتماهى فى دونيتها لتتخلق نظرية وفلسفة تجد حضورها فى شتى مناحى الحياة بتقديم الإذلال لمن يمتلك مفاتيح القوة والطغيان .

الزيف والنفاق .
لا تندهش عندما تجد المجتمعات التى تحفل بفكرة الإيمان بالإله مجتمعات يرتع فيها الزيف والنفاق والتدليس ,فالفكر الأيماني يؤسس هذا فلا يطلب من الإنسان الصدق مع ذاته بقدر تأدية الطقوس والفروض بدون نقاش ولا إحساس ولا معايشة فالمهم ان تنفذ ما هو مطلوب منك بغض النظر إذا كنت مقتنع به ومتعايش معه بوجدانك أم لا . وفى الحقيقة لن نجد من يتعايش فكيف يتم الإحساس والتواصل مع كيان مجهول الماهية والهوية ذو طبيعة مغايرة كما يزعمون ليكون مخاض تلك الحالة المشوشة المزيفة منظومة فكرية تعتنى بالمظهر والمنظر دون الجوهر وللأسف تتسلل لتكون بمثابة منهجية حياة وتعاطى .

الله المتلصص .
يلفت إنتباهى مشهدين الأول هو ما يشاع عن العرب إنهم بحاجة لرقابة صاحب العمل لكى يعملوا بجِد فبينما نجد الأوربى يعمل بهمة وإخلاص دون أن يكون صاحب العمل فوق رأسه نجد العربى لا يمارس العمل بإخلاص إلا فى وجود صاحب العمل إما خوفاً أو نفاقاً .. هذه الظاهرة متواجدة وإن قلت مع التطور الإقتصادى وإعتماد العمل البرجوازى على ال target ولكن هذا يعطينا رؤية عن طفولية الإنسان حينما يتربى على الخوف والنفاق . فكرة الله أسست لهذا المنحى عندما كانوا يقولون لنا ونحن صغار: إحذر فالله يرى أعمالك ويسجل كل هذا ولن تفلت من عقابه..فهل يمكن القول بأن بهذه النهج مررت النخب رؤيتها ومصالحها ومنظومتها السلوكية التى تريدها بإستدعاء فكرة الإله البوليسى المخابراتى الذى يراقب ويرصد ..أتصور من الأفضل لنضوج الإنسان أن يعمل بإجتهاد وبما منوط به بدون أن يكون هناك رقيب فوق دماغه .

سيكون مرعباً أن تعيش تحت رقابة كائن سادي نرجسي عنيف .!
أن تتصور أن يكون الله موجوداً يعني أن تلغي كل شيئ إنساني نبيل فيك وتظل تردد المدائح لشيئ لا يشبع متقرباً لكائن بعيد، معفراً وجهك بالتراب لينتشي ذلك الكائن الجبار!! شئ سخيف بالفعل وآثاره السلبية كبيرة عندما يعيش الإنسان تحت إحساس أنه مراقب فى كل همساته وسكناته فى ظل إحساس أنه مُخترق بلا خصوصية وهذا ما نتلمسه بالفعل فى قلق وإكتئاب من يُراقب بواسطة اجهزة امنية سيادية . الاعتقاد بوجود كائنات عاقلة خفية معنا أينما كنا سواء ملائكة أو جن أو الله للرصد والتجسس والتدوين والإحلال والإلتباس هو شيء مزعج وعبثى أيضا فكيف يستطيع الشخص أن يعيش متوازناً وهو مؤمن بأنه مراقب في كل لحظة .

أتصور أن هذا سبب عجز المؤمن الفكري كونه مصاب بدرجة من درجات الوسواس القهرى والقلق المرضي، يكون مستواها على حسب درجة إيمانه بهكذا خرافات بحيث لو تطرق أحد لموضوع يخص معتقده تجده يبدي ردة فعل لا عقلانية تجاه الآخر قد تصل في بعض الحالات إلى الاعتداء والإيذاء، ويستحيل أن يؤثر عليه أي أحد بأي فكر أو منطق، ولو ادعى البحث والتفكير سيدور في حلقات مفرغة، والسبب هو أن فكره محجور ومراقب عليه داخليا، فهو لا يستطيع أن يفكر بحرية بسبب هذا الوسواس والقلق .

تشترك الأديان جميعا فى تحقير الحياة الدنيا وذمها فى مقابل إعلاء شأن فكرة العالم الآخر ,فالأديان الإبراهيمية ترى العالم فانياُ ساقطاً بسبب فكرة الخطيئة الأولى أو العصيان للأمر الإلهى بالنهى عن الأكل من الشجرة المحرمة ، هذا العصيان الذى تسبب فى طرد الإنسان من الجنة وسقوطه إلى عالم الشرور والمعاناة . كذلك بقية الأديان تعزف تنويعات على هذه المقطوعة السخيفة , فلن تجد إيمان واحدا يثمن الحياة وينظر لها بفرح .وأتصور أيضا أن الأقوياء فرضت هذه رؤية لأدلجة فكر البسطاء فى سبيل إخضاعهم وصرفهم عن التمرد ومنحهم حلم وهمى بحياة أخرى .

المؤمن بفكرة الله لا يكتفى بحالة تحقير الحياة وتبديدها فداء الإعداد لوهم قادم فقط ليعيش حياته متوجساً قلقاً فى حالة تحفز من المؤامرات التى تُنسج له بداية من الشيطان ليتماهى فى تحفزه وتوجسه ليصل إلى وجود مؤامرات بشرية تريد النيل من إيمانه ليعيش أسير حالة فوبيا الخوف والتوجس بدلا من أن يفتح صدره للحياة بشجاعة ,ولتمتد فكرة المؤامرة على مجمل حياته الطبيعية .

الإيمان مرض نفسى ,فالمؤمن يعشق جلاده ويتماهى فى تقديم كل فروض الطاعة والتمجيد والتسبيح له ليصل به الحال إلى عشق السلاسل التى تقيده لتجده يفتخر بقيده وسجنه وعبوديته للسجان وكلما إزداد إيماناً مارس قهر ونبذ من يرفض قيود السجان ليستشاط غضباً من هذا الملحد المتبجح الذى يرفض الرضوخ للسجان .. إذا كانت فكرة الإله صحيحة فيكفى أنه سجان حتى ترفضه .

تكريس الديكتاتورية والإستبداد والتفرد بالحقيقة من خلال الوحدانية.
فكرة الله هى ترجمة وأدلجة الأقوياء والطغاة لنهج الحياة التى يريدونها فهى فكرة مُستبدة مُتفردة بالحقيقة رافضة لتواجد أى فكرة بجوارها لتناهضها بقوة ويزداد شراسة الفكرة عندما تبحث عن وحدانيتها أو ما يسمونه التوحيد فهى ترفض أى آلهة أخرى مشاركة أو معاونة لتطلب من مريديها عدم قبول أى شركاء لها بل مناهضة من يشرك بآلهة اخرى مع الإله , فالله غيور متفرد . بينما المعتقدات التى تسمح بوجود آلهة أخرى تجدها أقل شراسة وتصادم , فالحياة والوجود فى رؤيتهم تتحمل آلهة اخرى لذا يكون التنوع متاح وقابل للتعايش السلمى .

فلنتوقف أمام حالة الحدة والتشنج التى تعترى المؤمن عند تعامله مع الملحد لتتلمس حالة من العداء والبغض والتعالى لا تخلو من الغلظة والفجاجة تتكلل بصب اللعنات والسباب بالرغم أنه لا يوجد مايبرر كل هذه العدائية سوى أن المؤمن يحمل بين ضلوعه نهج إستبدادى إقصائى حتى النخاع .
المُفترض أن جوهر الخلاف بين الملحد والمؤمن بسيط يدور حول وجهة نظر كل منهما فى تفسير الحياة والوجود , فبينما يفسر المؤمن وجود قوى ميتافزيقية شاخصة ذات عقل وإرادة يُسميها إله خلقت الكون والوجود والحياة ,لا يرى الملحد هذا التفسير صحيحاً ,فلا يوجد أى إثبات على وجود إله وأن الأمور تتمحور فى ظن وإستنتاج ووهم فقط يجتاح المؤمن , فالوجود وفق الملحد هو مادى وكل أسبابه فى داخله - لذا إذا كان جوهر الإختلاف بين الإيمان والإلحاد فى تفسير الوجود فما الداعى لكل هذه الحدة والعداء التى يكنها المؤمن للملحد لتدفعه لإضطهاده بل طلب رقبته لمجرد أن له نظرية ووجهة نظر مغايرة فى أسباب الحياة .!
حدة المؤمن لها ما يفسرها لو بحثنا فى أثر الإيمان فى نفسية وسلوكية الإنسان , فالإيمان بوجود إله كما حددت ملامحه الميثولوجيا أنتجت فى النهاية حالة نفسية وذهنية مُشوهة ومُخربة ,فالإيمان بفكرة الله أعطى إجابة مبتسرة عن سر الوجود فقط وغمر أتباعها بحالة دونية ونفسية مُشبعة بثقافة الإستبداد والإقصاء لتنال من إنسانية المؤمن ليكون العداء للملحد تمظهر بسيط من مظاهر خرابها .

الامتلاك الذى يعطى الحق فى التعذيب .
عندما يتوقف العقل أمام فكرة الإله الذى يعذب البشر عذاب لانهائى على أفعال محدودة ومحددة زمنية متوعداً بالإنتقام والعذاب الهائل لمن لم يعبده فهل لنا أن نندهش من هذه القسوة والسادية المفرطة .! الفكر الإيمانى يقول لك أن الله يعذب لأنه خلقنا ويمتلكنا فليس لنا فى أنفسنا شئ سوى طاعته وعبادته فلك أن تتوقف أمام مفهوم المالك الذى يحق له أن يعذب لتمتد ظلالها لكل من يمتلك فى أن يعذب من تطوله يده لتبدأ المشاهد الأولى بحق الأسياد فى تعذيب العبيد وتمتد الصور على مدار التاريخ لتمنح الأقوياء الحق فى تعذيب من تطوله أيديهم ونحظى على نماذج مقدسة من الطغاة فهناك مفردة سلوكية تأصلت وتأدلجت وأسقطت تطبيقاتها على مناحى شتى فى الحياة فمن حق المالك أن يعذب سواء أب او زوج أو حاكم أو زعيم .!

فى ظل حالة تهمييش الحياة وتبديدها من أجل عدم قادم تحل الإزدواجية والنرجسية فى الطريق فوفقا للإيمان بفكرة الله ينتاب المؤمن حالة من الغرور والغباء الشديد متوهماً أن الحياة والوجود جاء من أجله فهو محور الوجود وما جاءت الحياة والكون إلا من أجل عيونه الجميلة لتخلق فى داخله غرور أجوف متعالى يلهث وراء التمايز والفوقية .
هذا الفكر الخاطئ بفكرة الإله المُعتنى المُدلل إختلقه الإنسان مع إمتلاكه الوعى المفارق عن الطبيعة وفى ظل حالة نفسية تبحث عن إثبات ومعنى للوجود من خلال الإحساس بالقيمة ولكن خطورة هذا الوعى أنه يخدر الإنسان عن الوعى الحقيقى وإثبات قيمته الحقيقية وإستحقاقه بالوجود فعالم الدخان الأزرق يخدر صاحبه عن إدراكه لحجمه وقدراته ونضاله من أجل أن يكون له قدم راسخة على الأرض ,فالطبيعة لن تلعن أحد أو تزدريه لفهمه الخاطئ ولكن الفهم الخاطئ يأسر صاحبه فى أوهام لن تعينه على تثبيت أقدامه .
فكرة المحورية والتمايز التى هيمنت على الفكر البشرى لا تقبل بتمظهر واحد فستمد ظلالها تطلب التحقيق دوما وخاصة فى واقع معيشى لنجد تحقيق المحورية والتمايز فى فكرة شعب الله المختار وشعب المسيح المخلص وخير أمة أخرجت للناس ولا مانع من حالة تمييز بين المذاهب والطوائف المختلفة فى ذات نفس الفكرة المؤمنة بالتمايز والمحورية .!

الإيمان بفكرة الإله من خلال دين ومعتقد هو رغبة إنسانية فى ممارسة العنصرية والتمايز باحثة عن حالة فوقية ,فما المبرر الذى يجعل مؤمن بالله يحس أنه مُتمايز ومُفضل عن الآخرين لدى الإله والباقى أنجاس وضالين بالرغم أنهم يشاركونه نفس الإيمان بالإله الخالق فألم يفطن أن إيمانه جاء من حظوظ من الجغرافيا والتاريخ ..هو بالفعل كذلك ولكنه تمجيد الإنسان لإنتسابه للجغرافيا والتاريخ كإنتماء وهوية ولا مانع من ممارسة عنصرية وتمايز تنتج عدوانية إقصائية تعطى لذة التمايز والفوقية. لقد صارت الفكرة شديدة الضرر .

إتكالية مسحوقة .
تتردد مقولات على ألسنة المؤمنين على شاكلة " توكلنا عليك يارب " ," إن شاء الله" بشكل متكرر وممل ليتم إستهلاكها على الدوام فى أتفه الأمور مثل لسان حال لاعبى الكرة وكأن الإله سيشاركهم اللعب أو يلهمهم ركل الكرة .. فماذا يعنى " توكلنا عليك يارب" و" إن شاء الله" وماهى مدلولها ووقعها وحضورها .. لماذا لا نقول " توكلت على مجهودى " كتعبير ينم عن واقع حقيقى فأى فعل يقوم به الإنسان هو نتاج مجهوده وقدراته وصراعه مع قدرات الإخرين ,فالله المُفترض لا يركل الكرة.
"توكلنا عليك يارب " و" إن شاء الله" هو تعبير عن حالة نفسية تحتقر ذاتها وتقلل من قيمتها لتمتلك قسط هائل من الهشاشة والمراوغة لا تجعلها قادرة على مواجهة ذاتها وتحمل أخطاءها وإخفاقها ومراجعتها فتلقى المسئولية على الله لتكون هكذا هى مشيئته وترتيبه عندما تتبدد الآمال ويحل الإخفاق والأخطاء لتتبرأ من ضعفها ولا تعترف إنه نتاج سوء تقديرها وأخطاءها . "توكلنا عليك يارب " و" إن شاء الله" ناتج من نواتج نفسية عبودية مهترئة هشة تحتقر ذاتها .

إذا كان الإيمان بأن الرزق هو من السيد الإله كمانح الخيرات بسخاء للبعض وحاجبها عن البعض ,فلا تعرف ما معنى ترديد الفقراء " الحمد لله" وهو المُتعمد حجب الرزق عنهم فألا يعطى هذا إنطباع عن نفسية مُنسحقة تستعذب الذل .. ألا يستحق هذا المشهد الغضب والثورة من الفقير والمحروم على هذا الإله مُحجب الأرزاق بل المُتعمد حجبها ,فما ذنب فقير أن يُحرم من الرزق ليجعله الإله ذليلا للآخرين .. ماذا فعل ليولد فقيراً جائعاً محتاجاً .؟!
تمارس نفسية العبيد فعلها فى نفوس الفقراء والمُنسحقين والمُهمشين فلا ينطلق الغضب والإستنكار ,فنفسية العبيد المستسلمة القانعة بالذل والمهانة حاضرة ليطفوا على سطح الإنسحاق "الحمد لله" وتصل البلادة قمتها عندما يفقد الإحساس بقولها .
مشهد آخر عن هؤلاء التعساء الذين ينالون ألم الدنيا عندما يحتضنوا أبناء معاقين ذهنياً أو جسدياً ليكون قولهم "الحمد لله " !! .. هم يدركون أن ما بهم من بلايا هى إرادة الله ومشيئته والبعض يقول عنها لعناته وفى قول آخر إختباره ورغم ذلك لا يصرخون فى وجه هذا الإله الظالم القاسى فنفسية العبيد تطرد الغضب والثورة ليحل مكانها "الحمد لله ".ولنسأل هنا : هل هذه النفسية المهترئة ستجد صعوبة فى قبول ظلم البشر .
هذه الحالة الإيمانية ذات تأثير مُخرب وضار يصب فى مصلحة الملاك والأثرياء وأستطيع تأكيد أن هذه الرؤية الإيمانية من فعل الأقوياء والملاك لتحصين ممتلكاتهم بإشاعة إن أملاكهم وأرازقهم هى حقوق من الإله لتخدير الفقراء والمحرومين بل جعلهم يعزفون فى سيفونية الإله المانح الرازق .

فى خضم تداعيات حالة الخراب والدونية التى تعترى المؤمن سيفقد الوعى وتتشوش بوصلة الإدراك بالضرورة عن سبب الفقر وقلة الرزق فهكذا إرادة الله ليكون هناك أغنياء ميسورين وفقراء معدمين , فلا تتمرد ولا تحتج ولا تستنكر فهذه أرزاقه وتجاربه وحكمته ليبلع الفقراء والبؤساء ذلهم وتتوه عن عيونهم من يستغلونهم ويمتصون دمائهم , وبذا يتحصن الأغنياء والملاك داخل مؤسسة الإله فهذه حقوقهم ونعم الله عليهم , وليقتنع الفقراء ويتخدرون أن هكذا أرزاق مقسومة فى السماء – الطريف ان الميثولوجيا الدينية التى اعتنت بحفاظ الملاك على أملاكهم لم تخجل أن تجعل الإله يجلس على طاولة يقسم الأرزاق قبل أن يبدأ عملية الخلق لتصدر معنى له دلالة يراد له أن يترسخ فى الأذهان .

العصا والجزرة .
مازالت روح العبودية المنحطة تفرض نفسها على كل سلوكيات المؤمن ليبرز سؤال تفضح إجابته الإنسان البرجماتى المنسحق أمام فكرة الإيمان بإله : فهل يؤمن الإنسان بالله لقناعاته بألوهيته أم رهبة منه وتملقاً له , وهل يمارس الأخلاق لإقتناعه بجدوى الأخلاق أم خوفاً من العصا واشتهاءاً للجزرة .
لن يستطيع أى متفذلك القول أنه مؤمن بجماليات الإيمان والأخلاق فهو خلق وهم الجماليات بعد ان رأى العصا معلقة والجزرة على الطاولة فلولا وهم الملكوت والفردوس والجنه ما آمن أحد , ولولا الجحيم بعذاباته ما بدد وقته فى إيمان لذا تلح الأديان المروجة لفكرة الإله بالملكوت والفردوس والجنه حيث الجزر الكثير أما المُنصرفين عن الإيمان بالله فهناك هراوات وأسياخ غليظة .
لا يمارس المؤمن الأخلاق عن قناعة بمثالية وجماليات الأخلاق الفاضلة فى خلق السلام والتعايش الإنسانى كغاية بل تحت سطوة العصا والجزرة ..فكل من يتفذلك ويدعى أنه يمارس الأخلاق القويمة لقناعاته بجمالياتها هو مزيف يفتقد المصداقية بل يرواغ ليدفع عنه البرجماتية والجبن, فالمؤمن مأمور ومُرغم بالأخلاق رغماً عن أنفه ليعيش فى دوائر الحلال والحرام فيكون تجنبه الحرام كونها ستجلب عليه العصا وهراوات ثقيلة ويكون تعاطيه مع الحلال الذى يمثل الاخلاق الحسنه لأنه سيجلب له جزر كثير.
لا تخرج فكرة الإخلاق لدى المؤمن عن هذا الإطار فلا يعلم فلسفة ومغزى الأخلاق لتجد إنه يستقبح ممارسة علاقات جنسية مع المحارم كون الإله يرفض ذلك وليس لكونه عمل غير مقبول سواء ذكر هذا الإله أم لا . الغريب أن الفكر الإيماني يتيح للمؤمن إرتكاب كافة الجرائم مع وعد بمكافأة مجزية بعد الموت.

القدرية والحياة المتبددة .
نحن نبدد حياتنا وندمرها لنعيش أجواء التعاسة والألم من جراء إيمان غبى بالقدر فكم حياة تبددت وتجرعت العذاب من الإيمان بفكرة الإله المرتب ومقدر الأقدار , فالزوجة التعيسة التى تتجرع المذلة والقسوة من زوجها الفج عليها أن ترتضى فهكذا نصيبها كما يقولون فما تراه العين مكتوب على الجبين فهل لها أن تهرب من قدرها .. تفسد حياتنا ونذوق المُر جراء الإعتقاد بفكرة سلطوية إستبدادية هكذا تخطط وتدبر لتزداد حالة الدونية والقهر بعدم القدرة على الصراخ بهكذا مكتوب بل إنسحاق فى منظومة عبودية ترفع راية " الحمد لله " .!

إدفع ونافق لتمشى أمورك .
المؤمن لديه حالة إزدواجية غريبة لا يفطن لها ولكن عقله اللاوعى يُدركها ويجد سبيلا لإسقاطها , فهو يرى أن الرشوة سلوك لا أخلاقى بينما يعتمد الرشوة كمنهج تعاطى مع الله فيقدم له الصلوات والتضرعات والعبادات والزكاة والعشور ولا مانع من النذور لينتظر أن تسمح هذه التقدمات " الرشاوى " فى أن تمر أموره بسلام وتتحقق أمانيه وترفع فى الوقت ذاته رصيد ودائعه السمائية .
الصلوات والعبادات والزكاة والنذور لا تخرج عن مفهوم الرشوة الفجة .. فلو لم تكن هناك عصا غليظة ومجموعة من الجزر يتم التلويح بها لما أقدم أحد على صلوات وعبادات .. ألا يفسر هذا أننا أمام فعل برجماتى نفعى منافق فج .
هذا المشهد يفسر لنا حالة النفاق والإنتهازية وتفشى الرشاوى التى تعترى المجتمعات الدينية ,فالإنسان يتحرك من خلال ثقافة ومنهج وأيدلوجية فعليك أن تدفع وتنافق القوة الغليظة لتمر أمورك فقد مارسها كنهج مع فكرة الإله بالرغم أنه لا يتلمس حضور الإله كوجود حى ملموس فحرى أن يتعاطى مع هذا المسئول والموظف الذى يلوح بصلاحياته .

الإيمان بوجود إله ليس رؤية مغلوطة لتفسير الوجود فحسب فهذا يمكن تحمله كفكرة تتحمل الصحة والخطأ بالرغم أنها تبدد طاقات وتنحرف بسهم البوصلة عن التعاطى الحقيقى مع الوجود ولكن الخطورة الحقيقية أن فكرة الإيمان بإله كما سوقها الفكر الدينى ورغبات النخب خربت نفسية الإنسان وشوهته ليرتضى بحالة من العبودية والدونية والتحقير لذاته تنتهك إنسانيته , فلا تسأل بعدها لماذا شعوبنا مُنتهكة مُغتصبة مَهدورة فتاريخنا مع الإيمان هو نبع الإنتهاك .

قراءة فى السادية والإنسان والإله .
عندما نخوض فى فكرة الإله سنجد أنفسنا أمام تصويرات عديدة تتصدرها طابع القوة والعظمة والإنتقام المفرط الذى يتجاوز مفهوم السادية ,فلك أن تندهش من حجم الإنتقام الإلهى حسب الأسطورة الدينية الذى لا يجد سقوف تحده ..فإذا كنت منطقيا مع ذاتك سيصعقك حجم العقاب الإلهى المفرط بحكم لانهائيته ,وفى الجهة الأخرى ستجد أفعال وأخطاء إنسانية محدودة زمانيا فلو نسبت الفترة الزمنية التى يقضيها الإنسان على الأرض مع الوجود فى عالم الجحيم المزعوم سنجد أن القيمة تؤول للصفر!!!
يكون العبث كل العبث أن نتصور أن هذه منظومة عادلة كما يدعون بل نكون أمام منظومة سادية شديدة البشاعة لا تمت بقيم العدل المعهودة بأى صلة .

هل تحب السادية ؟! .. إذن تعالى أخبرك كيف تستمتع بالسادية .. عليك أن تحضر أحد أبنائك الذى تحبه حبا جماً ولكنه صار عاق أو بمعنى أدق أراد ان يعيش الحياة كما يريدها فلا تكتفى بمخاصمته وعقابه بما يتناسب مع خطأه فهنا لن تكون ساديا بل لكى تتلذذ بالسادية عليك بإحضار سيخ محمى تدخله فى دبره ليخترق رأسه ثم تشويه على نار متأججة كالشاه وتنظر إليه وتضحك منتشياً وعندما يصرخ من الألم والظمأ تعد له كؤوس من الزقوم وتسقيه ولا مانع أن تصب بعض الرصاص فى اذنيه ويمكنك أن تجهز له بحيرة من نار وكبريت ليتم شويه فيها بدل من تقليبه على النار ولكن أنصحك بالتقليب ففيها متعة رائعة عندما تسمع أنينه وصراخه وعندما تجد إبنك قد أصابه التفحم من الإحتراق فبدل جلده حتى يبدأ الأنين مع جلد جديد ولترتفع ضحكاتك لعنان السماء .. ما كل هذه السادية التى تؤمنون بها .. يخرب بيتكم !

الهدف من العقوبة بشكل عام إصلاح المجتمع ,فلن تعيد عقوبة الاعدام المقتول للحياة بل لتداعب نزعة الإنتقام لدى أهل المقتول ولكن من المفترض أن الهدف الاساسي للعقوبة إعطاء امثلة للاخرين تجعلهم يرتدعون عن القتل بشكل او بأخر ورغبة فى إصلاح من أخطأ .. الأمور لا تعدو سوى إسقاط أفكار ورؤى وأحاسيس إنسانية إنتقامية سوداوية على فكرة الإله والإلحاح على تواجدها بغية تبرئة النفس من النقط السوداء التى فى الداخل الإنسانى الوحشى .
الإنسان يصور الإله وفق رؤيته وإحساسه ودرجة تطوره الإجتماعى والثقافى فنجد صورة الإله متباينة لحد ما بين حضارة وأخرى وثقافة وأخرى , ولكن الغريب أن صورة الإله فى المعتقدات والثقافات المختلفة يكون العامل المشترك فيها هى مدى قوة الإله وقسوته فى العالم الأخر .فمفهوم القوة مطلوب تصديرها لجموع البشر كونها شريعة الحياة فلن يرضى الإنسان بإله ضعيف يعبده ويحترمه وتكون القسوة والسادية مطلب إنسانى أيضا .!! فالإنسان فى مراحله الأولى وحتى الأن مازال يحمل إحتراما وهيبة لكل الطغاة ولعل نموذج الشخصيات الإجرامية فى التاريخ مثل هتلر وصدام حسين وستالين تعطينا فكرة الإله البدئية وكيفية إنسحاق الإنسان وتمجيده لكل طغاته وجبابرته .

فكرة الله هى فكرة ضارة تسحق الوجود الإنسانى ..هى فكرة تستخدم لتمرير وشرعنة كل العنف والقسوة والسادية والإذلال والخنوع ...هى فكرة كل الطغاة والجبابرة ..فكرة تمرر القسوة وتستحضرها. فكرة الإله المنتقم السادى منتوج بشرى فى الأساس تم إستدعاءه لممارسة العنف والسادية ولذة الإنتقام.
تدور الدوائر فلا ترحم أحدا فنجد أن فكرة الإله المنتقم والسادى التى ترسخت فى الوجدان البشرى تمد ظلالها على الجماعة البشرية الواحدة فتعطى مظلة فكرية للطغاة لممارسة عنفهم ضد البائسين والمهمشين تحت دعوى الدفاع عن الله بينما هى دفاع عن مصالحهم الطبقية .
تصبح هناك علاقة جدلية مابين الفكرة والإنسان , فالإنسان إبتدع الفكرة لشرعنة القسوة والتوحش ليصبح للفكرة حضور فتهب الإنسان المزيد من التصورات والخيالات الإضافية وتصبح الفكرة حية تفيض دائما برؤى إنسانية جديدة تدفع الدماء فى عروقها وتجعلها حية .لذا عندما نصل بوعى إلى كبح جماح رغباتنا الوحشية والنزول بها إلى أقل منسوب لها فهنا ستسقط فكرة الإله .
بقاء فكرة الإله أضحت فكرة ضارة تنال من إنسانية وكرامة الإنسان تحول دون تطوره كونه يرتد إلى نهج وسلوك ومنظور فكر انسان قديم فى التعاطى مع الحياة .

من الأهمية بمكان إدراك أن هناك فرق بين الإيمان وفلسفة الإيمان كذا هناك فرق بين الإلحاد وفلسفة الإلحاد ولتوضيح هذا نجد هناك من يؤمن بفكرة الإله كفكرة ميثولوجية ولكن نهجه وسلوكه ذو منحى إلحادى بمعنى أنه يتعامل مع الحياة بمفهوم مادى جدلى فيعزى المرض لفيروس وخلل فى وظائف وكيمياء الجسد كذا الظواهر الطبيعية كالأمطار والأعاصير والبراكين والزلازل إلى فهم مادى علمى بينما من يتعامل بفلسفة الإيمان فهو يعزيها إلى الإله كمقدر ومرتب ومخطط ومريد.
الإلحاد أيضا على نفس النهج بمعنى ان هناك من يلحدون كرفض لفكرة الإله لعدم الإقتناع بالأديان لأنها متهافتة وساذجة وحافلة بالأخطاء وكونها المسوقة لفكرة الإله ولكن فى العمق تجد رواسب للفكرالدينى فى مجتمعات إلحادية بتصور قوة متميزة وعلوية مهيمنة مثل تعظيم الحاكم وتبجيله لدرجة التأليه كما نرى مشاهدها فى كوريا الشمالية مثلا وهذا التعاطى الحقير بالإحتفاء بالحاكم حياً أو ميتاً , بينما الإلحاد وفلسفته لا يعتنى بأطروحات الأديان بل بمنهج مادى لفهم الوجود والتعامل معه ولا قدسية لشئ فالإنسان هو كل المعنى والقيمة والغاية .

الإلحاد يحرر الإنسان من القهر والوصاية والخنوع والإذلال فلا قدسية لشئ ولا مكان للتسلط والإستبداد وإنتهاك الإنسان ,فحرية وقيمة وكرامة الإنسان هى كل الغاية والمعنى والقيمة .

دمتم بخير وعذراً على الإطالة .
- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا تستنتج من هذه المشاهد التراثية-الأديان بشرية الفكر واله ...
- فنجرة بق- الصورعندما تحاكم وتدين
- دعوة للخربشة– نحو فهم للوجود والحياة والإنسان
- ماذا لو ؟!- الأديان بشرية الفكر والهوى .
- ليس هذا إسلام داعش بل إسلام الأزهر الوسطى الطيب
- تأملات فى الإنسان والإيمان .
- تنبيط 2-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم
- بالذمة ده كلام – منطق الله 3.
- ضبابية الإيمان أم عبثيته– منطق الله الغريب2
- ثلاثة أسباب لإستحالة وجود إله–خربشة عقل على جدران الخرافة وا ...
- زهايمر2- تناقضات فى الكتابات المقدسة-جزء تاسع .
- بماذا تستنتج من هذه القصص-الأديان بشرية الفكر والهوى.
- مفاهيمنا المغلوطة عن الحياة والإنسان والوجود.
- ثقافة الوحشية وإرادة التوحش لن تترك أحداً
- على الحوار رفض جائزة ابن رشد وردها كموقف إحتجاجى.
- أمتحنكم !-الأديان بشرية الفكر والهوى.
- أبشروا الأرض والمستقبل لكم.
- موائمات وتوازنات ومعالجات سياسية تحولت لمقدس- تديين السياسة ...
- مجتمعاتنا سبابة لعانه بسند ورخصة إلهية- الدين عندما يشوه إنس ...
- الأقوال السديدة فى تفنيد فكرة الإله العتيدة-خربشة عقل على جد ...


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الإيمان بفكرة الله ضار والإلحاد هو الحل والتغيير