صالخ برو
الحوار المتمدن-العدد: 4647 - 2014 / 11 / 29 - 14:44
المحور:
الادب والفن
على هامش الوقت كان الخوف معتدلاً مع تضاريس مساءٍ شتائي في عانة المدينة، إذ كانت النافذة الخشبية مفتوحة كعادتها أيضاً، والرياح تعبث بها كما تشاء، أتاحت الفرصة لدخول كائن ما، شبيه بالظلام داخل المنزل المسكون بعبق الخيال، وثمة فتاتان نائمتان بثيابهما على سرير واحد، داخل لوحة، لا تزال رطبة، مثبتة على الجدار المجاور للنافذة، إذ تحسستا بمرور ظل ذي رائحة غريبة، يعبرهما، فاستيقظتا مفزوعتين من أثره، وراحتا تهمسان معاً، وعندما عرفتا وجهة سير الكائن، هي الغرفة في الجهة المقابلة لهما، قفزتا من اللوحة مسرعتين، مبللتين بالألوان التي لطخت أطراف الجدار، وموقع خطواتهما على الأرض، متجهتين نحوه تتوسلان، بصرخة مزدوجة، مع انفراج الباب لغرفة الرسام، فاستيقظ مذهولاً فرحاً على سماع الصوتين.
أودت به المنية، قبل أن يقبض روحه ملك الموت، فالتفت إليهما، إذ جعلتاه خائباً في مهمته، انهال عليهما ضرباً بالسوط، حيث مزق، وأذاب شكل الثياب عليهما، وهمَّ خارجاً بعد لعنة.
وما إن مرت برهة من بكائهما، اجتمعت عصافير الضحى، على زوايا النافذة من جهة، وتكرار قرع باب المنـزل من جهة أخرى، فأسرعتا قفزاً إلى داخل اللوحة، وارتمتا على السرير عاريتين، بطريقة عشوائية، وراحتا تلوذان بنوم ألم عميق.
بعد مرور عام، اجتمع الظن في قاعة معرض فني، لبيع اللوحات، حيث تصادف ذكرى رحيل الرسام في ظروف غامضة، فقدرت تلك اللوحة، بثمن بخس جداً، لكثرة الإباحية والفوضى التي فيها، هذا ما أوضحه النقاد في عصرنا، فاقتناه سائح فرنسي على ما أذكر، ثم وضعت في متحف اللوفر بفرنسا.
#صالخ_برو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟