أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - كتب التفسير وأسباب المزول (8)















المزيد.....

كتب التفسير وأسباب المزول (8)


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4640 - 2014 / 11 / 22 - 11:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يُميّز كتب تفسير القرآن ذكر أسباب نزول بعض الآيات ، وهذه الأسباب تكشف عن 1- أنّ الآية كانت تأتى لاحقة للواقعة التى حدثت بالفعل على أرض الواقع 2- المستوى الثقافى لذلك المجتمع البدوى / الرعوى / الصحراوى الذى خاطبه القرآن ، وبالتالى مستوى عقلية سكان هذا المجتمع ، من ذلك – مثلا – الأسئلة الساذجة والبديهية عن أمور مُـتعلقة بخصوصيات المرأة مثل (الحيض) والمدة الزمنية التى ينبغى على المرأة مراعاتها بعد وفاة زوجها أو بعد الطلاق حتى يتسنى لها الزواج من آخر. فمثلا آية (والمُطلقات يتربصنَ بأنفسهنّ ثلاثة قروء) (البقرة/ 228) وعن سبب نزولها قال ابن إبى حاتم ((حدثنا أبى حدثنا أبو اليمان حدثنا إسماعيل يعنى ابن عياش عن عمرو بن مهاجر عن أبيه أنّ أسماء بنت يزيد السكن الأنصارية قالت : طـُـلقتُ على عهد رسول الله ولم يكن للمُـطلقة عدة فأنزل الله حين طـُلقتْ أسماء العدة للطلاق ، فكانت أول من نزلتْ فيها)) وفى رواية أخرى قال خلاد بن النعمان بن قيس الأنصارى : يا رسول الله فما عدة التى لا تحيض (مثل المُسنات) وعدة التى لم تحض (مثل الطفلة التى لم تبلغ وهذا دليل على أنّ الرجال كانوا يتزوّجون من بنات فى سن الطفولة) وعدة الحبلى ؟ فأنزل الله ((واللائى يئسنَ من المحيض من نسائكم)) (الطلاق/4) وعن فلان عن فلان عن أبى عثمان بن سالم قال : لما نزلتْ عدة النساء من سورة البقرة فى المطلقة والمتوفى عنها زوجها قال أبىْ بن كعب ((يا رسول الله إنّ نساءً من أهل المدينة يقلنَ قد بقى من النساء لم يُذكر فيها شىء. قال : وما هو؟ قال : الصغار والكبار وذات الحمل فنزلتْ واللائى يئسنَ)) أما ابن عباس فقال : فلما بيّن الله ما عدة النساء اللائى لم يحضنَ ، قام معاذ بن جبل وقال : يا رسول الله ما عدة النساء اللائى يئسنَ من المحيض ؟ فنزل (واللائى يئسن من المحيض) فقام رجل آخر وقال : أرأيتّ يا رسول الله فى اللائى لم يحضنَ للصغر ما عدتهنّ ؟ فنزل واللائى لم يحضنَ (عدتهنّ أيضًا ثلاثة شهور حيث جمعنَ مع اللائى يئسنَ من المحيض) فقام رجل آخر وقال : أرأيتَ يا رسول الله ما عدة الحوامل؟ فنزل ((وأولات الأحمال أجلهنّ أنْ يضعنَ حملهنّ)) (المصدر: تنوير المقياس من تفسير ابن عباس ل الفيروز أبادى صاحب القاموس- الناشر مصطفى البابى الحلبى بمصر- عام 1950- ص358، 359)
وعن أسباب إلحاح العرب فى سؤال محمد عن عدة الكبيرة والصغيرة والحامل ، كتب أ. خليل عبد الكريم أنهم ((لا يُريدون أنْ يعملوا عقولهم أو يجتهدوا فى استكشاف الحلول لمشكلاتهم وابتداع مفاتيح لمغاليق معضلاتهم ، بل يرفلون إلى محمد لينوب عنهم فى كل ذلك وهذا مسلك القاصر ونهج العاجز وطريق البليد)) وعن الزواج من البنات وهنّ فى سن الطفولة كتب ((أليس مُستغربًا فى ذياك المجتمع المُـدهش أنْ تـُنكح طفلة لم تبلغ العاشرة ؟ وقد أخبرتنا كتب السيرة المحمدية ، أنّ (محمد) وهو فى الخامسة والخمسين أو قريبًا منها دخل على الطفلة عائشة ولم تبلغ الثامنة؟)) (خليل عبد الكريم- النص المؤسس ومجتمعه- السفر الأول- دار المحروسة- عام 2002- من ص257- 262)
وجاء فى تفسير الجلاليْن عن اللائى يئسنَ والصغار ما يلى ((وفى غير الآيسة والصغيرة فعدتهنّ ثلاثة أشهر)) ثم وردتْ جملة غريبة وغير مفهومة عن الإماء - أى الفتيات والسيدات اللائى كــُـتب عليهنّ أنْ يعشنَ فى مجتمع تحكمه منظومة العبودية- فإنّ عدتهنّ ((قرآن بالسنة)) (تفسير الجلاليْن : جلال الدين المحلى وجلال الدين السيوطى- شركة الشمرلى للطبع والنشر- بتصريح من مشيخة الأزهر ومراقبة البحوث والثقافة الإسلامية برقم 330 بتاريخ 15/7/79 فى تفسيرهما لسورة البقرة)
ولأنّ الآيات كانت تأتى لمعالجة وقائع مُحدّدة لذلك نزلتْ آية ((ليس على الأعمى حرج)) (الفتح/17) والملاحظ أنّ تلك الآية أضافتْ مع الأعمى الأعرج والمريض ، ولم تشملهم فى صيغة واحدة تنص على ذوى الاعاقة ، وكان سبب نزولها كما ذكر الطبرانى عن يزيد بن ثابت قال : كنتُ أكتب لرسول الله إذْ أمر بالقتال فجاء رجل أعمى فقال : كيف لى وأنا ذاهب البصر (أى فاقد البصر) فنزلتْ الآية. وأخرج البخارى فى صحيحه عن زيد بن ثابت أنّ رسول الله أملى عليه ((لا يستوى القاعدون من المؤمنين والمجاهدون فى سبيل الله)) (النساء/95) فجاء ابن مكتوم وقال : يا رسول الله لو أستطيع الجهاد جاهدتُ ولكنى أعمى فأنزل الله (غير أولى الضرر) وقد أورد أ. خليل عبد الكريم قائمة بها العديد من المصادر التراثية (أمهات كتب التفسير وأسباب النزول) التى تؤكد أنّ آية (أولى الضرر) أملاها محمد على زيد بن ثابت بعد ملاحظة ابن مكتوم ثم أضاف أ. خليل ((ولو أننا لا نـُسقط من حسابنا التدنى المعرفى والثقافى الذى جعلهم لا يعون أنّ استحالة عسكرة ذوى الأعذار ترقى لرتبة البديهيات ومن ثمّ فلا ضرورة للنص عليها)) (255)
ولما نزلتْ آية ((وإنْ تبدوا ما فى أنفسكم أو تـُخفوه يُحاسبكم به الله)) (البقرة/284) فكما كتب أحمد ومسلم وغيرهما عن أبى هريرة قال : جاء أصحاب رسول الله إلى النبى فجثوا بين يديه للركب وقالوا : يا رسول الله إنْ كنا نؤاخذ بما أبدينا وأخفينا لقد هلكنا. فقال الرسول : أتـُريدون أنْ تقولوا كما قال من قبلكم : سمعنا وعصينا ؟ قولوا : سمعنا وأطعنا. ثم أنزل الله ((آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون.. إلى وقالوا سمعنا وأطعنا)) (البقرة/285) وهذا الحديث رواه مسلم وغيره عن ابن عباس . وذكر الواحدى أنّ على رأس الصحابة الذين جاءوا إلى محمد وأبدوا له تلك الملحوظة أو ذلك التحفظ : أبو بكر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل. وهذا الحديث رواه مسلم عن أبى بكر بن أبى شيبة عن وكيع. وذكر النسائى أنّ ابن عباس أكد أنّ المسلمين حزنوا عندما سمعوا الآية 284/ البقرة (وإنْ تبدوا ما فى أنفسكم) حتى جاءتْ الآية 286/البقرة ((لا يُـكلف الله نفسًا إلاّ وسعها)) وأردف المُـصنّـف أنّ الحديث أخرجه الحاكم وابن جرير أى الطبرى عن الزهرى وأنه حديث صحيح الاسناد. وعن الفخر الرازى أنّ ابن عباس قال : لما نزلتْ هذه الآية جاء أبو بكر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل إلى النبى وقالوا : يا رسول الله كــُــلِفنا من العمل ما لا نـُطيق .. الخ فأنزل الله (لا يُـكلف الله نفسًا الخ) وبالتالى تمّ نسخ آية (وإنْ تبدوا) وقال النبى ((إنّ الله تجاوز عن أمتى ما حدّثوا به أنفسهم ما لم يعملوا أو يتكلموا به)) وكتب القمى النيسابورى : عن ابن عباس وأبى هريرة لما نزلتْ (وإنْ تبدوا) إلى آخرها اشتدّ ذلك على أصحاب رسول الله فأتوا إليه ثم بركوا على الركب وقالوا : أى رسول الله.. كــُـلفنا من الأعمال ما نطيق : الصلاة.. الخ وقد أنزلتْ عليك هذه الآية ولا نـُطيقها.. إلخ حتى أنزل الله (لا يُـكلف الله نفسًا إلاّ وسعها))
وعن آية (وإنْ تبدوا) وتفاصيل ما حدث بعد ذلك كتب أ. خليل عبد الكريم أنّ ((الذين أصابهم الذعر منها إلى درجة أنْ بركوا على الركب هم سادة غطاريف ، لا عبدان أو موالى ولا بغاث أوشاب أغمار)) (المصدر السابق- من ص268- 271)
وعن الآيتين ((والذين هـُمْ لفروجهم حافظون0 إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين)) (النور/5، 6) فإنّ القرطبى فى تحليله لزواج المتعة (أى إجازته والموافقة عليه) وأنه كان فى بداية الدعوة للإسلام (حيث كانت مُباحة ثم حرّمها الرسول) زمن خيبر ثم حللها (أجازها) فى غزوة الفتح ثم حرّمها (تفسير القرطبى- المجلد السابع ص4498)
وآية ((فما استمتعم به منهنّ فأتوهنّ أجورهنّ فريضة)) (النساء/24) محل جدل كبير بين السُنة والشيعة حول مسألة (زواج المتعة) أى الزواج لمدة مُحدّدة (يوم ، أسبوع ، شهر الخ) السُنة ترفضه والشيعة تؤيده . فأهل السُنة يرون أنّ الرسول حرّم هذا الزواج بينما الشيعة الإمامية يرون أنّ الرسول لم يُحرّمه وأنه مورس فى عهده ثم فى عهد أبى بكر وبداية عهد عمر الذى حرّمه بعد ذلك. ويستندون إلى أحاديث وردتْ فى كتب السُنة أشهرها عن جابر بن عبد الله الأنصارى وعمران بن حصين ، والخلاف بين الشيعة والسُنة أنّ الأخيرين يرون أنّ المتعة المقصودة فى الآية هى (الزواج الشرعى) بينما الشيعة يرون أنها مطلقة استنادًا إلى قراءة لابن عباس وعبد الله بن مسعود الذين أيدوا مفهوم المتعة على إطلاقها ومعهم سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب وابن جريج وغيرهم . كما أنّ فقه السنة لا يُعاقب على زواج المتعة ولا يعتبر المتعة (زنا) وهذا الفقه لا يُواجهها (فى حالة إتيانها) بأية عقوبة كما ورد فى كتاب (فقه السنة) للشيخ سيد سابق الذى كتب ((إذا عقد الرجل على امرأة ودخل بها ثم تبيّن فساد الزواج لسبب من الأسباب ، وجب المهر المسمى كله ، لما رواه أبو داود أنّ (بصرة بن أكتم) تزوج امرأة على أنها بكر فدخل عليها فإذا هى حبلى فذكر ذلك للنبى فقال : ((لها الصداق بما استحللتَ من فرجها)) وفرق بينهما . ففى هذا الحديث وجوب المهر المسمى فى النكاح الفاسد كما أنه تضمن فساد النكاح وبطلانه إذا تزوجها فوجدها حبلى من الزنا)) (السيد سابق- فقه السنة- المجلد الثانى دار الفتح للإعلام العربى – عام 2000- ص105، 106)
وزواج المتعة باب من الأبواب المهمة فى مسألة استغلال النصوص الدينية ، حيث أنّ السُـنة يُحرمونه تحريما مطلقــًا والشيعة يُحللونه تحليلا مطلقــًا ، مع مراعاة أنّ الطرفيْن يستندان إلى نفس النصوص القرآنية والأحاديث النبوية ، ولكنهما ينتهيان إلى نهايتيْن متناقضتيْن . وقال أهل السُنة أنّ زواج المتعة (بغاء) فيرد الشيعة عليهم ((إنكم أول من يعلم أنّ المتعة أبيحتْ فى عهد الرسول ، ومارسها الصحابة ، فهل يجوز بعد ذلك وصفها بالبغاء؟ عودوا إلى البخارى ومسلم وسُنن أبى داود وابن ماجه والنسائى والترمذى وموطأ مالك ومسند ابن حنبل وسوف تجدون فيها جميعًا توثيقــًا بأنّ الرسول قد أحلّ المتعة فى حياته وأنّ بعض الصحابة مارسوها برخصة من الرسول . وأقوى أحاديثكم يا أهل السُنة التى تستندون إليها فى تحريم المتعة هو حديث معبد بن سبرة الجهنى عن أبيه سبرة وهو الحديث الذى تكرّر فى صحيح مسلم بطرق مختلفة إحدى عشرة مرة وتكرّر أيضًا فى كتب السنن والمسانيد ، وفى هذا الحديث أنّ الرسول قال ((يا أيها الناس إنى كنتُ قد أذنتُ لكم فى الاستمتاع بالنساء وأنّ الله حرّم ذلك.. إلى آخر الحديث)) وفى بداية رواية ابن سبرة قال ((أذن لنا رسول الله بالمتعة فانطلقتُ أنا ورجل.. الخ)) والبخارى فى صحيحه ذكر أحاديث المتعة تحت عنوان (باب نهى رسول الله عن نكاح المتعة آخرًا) وكان تعليق ابن حجر العسقلانى فى كتابه (فتح البارى) على لفظ (آخرًا) أنّ ذكر هذا اللفظ يعنى إباحتها أولا. كما أنّ الباب المُـناظر فى صحيح مسلم أكثر وضوحًا فى إثبات حله فى عهد الرسول صراحة حيث ذكر أحاديث المتعة تحت عنوان (باب نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم أبيح ثم نسخ واستقر تحريمه إلى يوم القيامة) وأنّ قولكم يا أهل السُنة بأنّ الرسول حرّمه فى سبعة أزمنة وسبعة أمكنة أمر لا يستقيم ، وحجة عليكم وليستْ لكم لسبب بسيط وهو أنّ تحريم الرسول لها سبع مرات لا يحتمل إلاّ وجهًا من وجهيْن : الوجه الأول أنه حرّمها ثم أحلها ثم حرّمها ثم أحلها وهكذا سبع مرات. أما الوجه الثانى فهو أنه حرّمها سبع مرات ولا ذكر للحل فيما بين المرات السبع ، ومعنى هذا أنّ المسلمين خالفوه ست مرات، ومع مراعاة أنّ من خالفوه كانوا من الصحابة.
فكان رد أهل السُنة على الشيعة بحديث أخرجه عبد الرازق عن على قال (( نسخ رمضان كل صوم ، ونسخ المتعة الطلاق والعدة والميراث)) ومعنى الحديث أنّ الزواج الدائم بأحكامه التى ترتب عليها ميراث الزوجة وعدتها وضرورة الطلاق للانفصال عنها قد نسخ هذا الزواج المسخ الذى لا ميراث فيه للزوجة ولا عدة لها ولا ضرورة لطلاقها إذا انتهى الأجل.
فردّ الشيعة عليهم : وصفتم زواج المتعة بأنه مسخ ونحن نراه زواجًا شرعيًا. وقولكم بأنه لا زواج بغير إمكانية حدوث الطلاق مردود عليه فى الحالات التالية من الزواج الدائم وفى نفس الوقت لا طلاق فيه 1- الأمة (العبدة) إذا اشتراها الرجل وتزوجها 2- الزوجة المُلاعنة 3- الزوجة (المُرتدة) 4- الزوجة الصغيرة التى أرضعتها أم الزوج 5- الزوجة الصغيرة التى أرضعتها زوجته الكبيرة 6- زوجة المجنون إذا فسختْ عقد زواجها منه 7- الزوجة التى ملكتْ زوجها المملوك بأحد أسباب المُلك ، فى كل تلك الحالات تبين الزوجة من زوجها بدون طلاق ، ويضاف إليها حالة تاسعة هى حالة الزوج (المرتد) فإنّ زوجته تبين منه بدون طلاق.
وبالمثل هناك حالات من الزواج الدائم لا توارث فيها مثل 1- الأمة (العبدة) إذا كانت زوجة 2- الزوجة القاتلة 3- الزوج القاتل 4- الزوجة (الذمية) 5- الزوجة المعقود عليها فى المرض الذى مات فيه زوجها ولم يدخل بها ، ففى هذه الحالات ثبت أنّ الزواج لا يقضى بالتوارث ولا الطلاق.
كما أنّ تفسير الطبرى (جامع البيان فى تفسير القرآن لأبى جعفر محمد بن جرير الطبرى – دار المعرفة- بيروت- المجلد الرابع- ص9) أورد حديث على بن أبى طالب الذى قال فيه ((لولا أنّ عمر رضى الله عنه نهى عن المتعة ما زنا إلاّ شقى)) ومعنى كلام على واضح لا لبس فيه ، إذْ ذكر صراحة أنّ الذى نهى عن المتعة هو عمر بن الخطاب ، ونص كلام على فيه إشارة واضحة إلى أنّ عمر أغلق بابًا من أبواب الرحمة وفتح بابًا من أبواب الشقاء وذكر ذلك فى بلاغة مشهورة عنه. وإذن فإنّ عمر هو الذى حرّم زواج المتعة وليس الرسول. كما أنّ البخارى (المُعتمد لدى السُنة) أورد حديث محمد الذى قال فيه ((أيما رجل وامرأة توافقا فعِشرة ما بينهما ثلاث ليال فإنْ أحبا أنْ يتزايدا أو يتتاركا تتاركا)) ومعنى الحديث أيما رجل وامرأة توافقا ، أى تقاربتْ مشاعرهما وتحابا ، فمن حقهما أنْ يقضيا ثلاث ليال فى المعاشرة وهو المستفاد من لفظ (العِشرة) بينهما وبعد ذلك إذا أحبا أنْ يتزايدا تزايدا دون تحديد المدة ، فقد يتزايدان يومًا أو شهرًا أو عامًا كما يشاءان ، وإذا أحبا أنْ يتتاركا تتاركا (أى انفصلا) دون تحديد لشىء (لمزيد من التفاصيل : كتاب "زواج المتعة" للراحل الجليل فرج فودة - الدار العربية للطباعة والنشر- عام 93- من ص18- 42) وفى ص13 أورد حديث الإمام الشافعى الذى قال فيه ((لا أعلم شيئــًا أحله الله ثم حرّمه ، ثم أحله ثم حرّمه ، سوى المتعة)) وعن النووى عن المازنى قال : ثبتَ أنّ نكاح المتعة كان جائزًا فى أول الإسلام ثم ثبتَ فى الأحاديث الصحيحة أنه نـُسخ وانعقد الاجماع على تحريمه ولم يخالف فيه إلاّ طائفة من المبتدعة)) وأضاف النووى ((والذى استمتع فى عهد أبى بكر وعمر (قبل قراره بالحريم) لم يبلغه النسخ)) وقال ابن عباس ((إنما كانت المتعة فى أول الإسلام حتى نزلتْ إلاّ على أزواجهم أو ما ملكتْ أيمانهم)) وقال ابن حزم فى المحلى ج11 ص141 ((لا يجوز نكاح المتعة وهو النكاح إلى أجل وكان حلالا ثم نسخها الله على لسان رسوله نسخًا باتــًا إلى يوم القيامة)) (المصدر السابق- ص 260، 261)
ملحوظة :
قصدتُ ببيان الخلاف والاختلاف بين السُنة والشيعة حول (زواج المتعة) التأكيد على ظاهرة تبديد الوقت والجهد بين الفريقيْن ، وعدم الالتفات إلى قضايا العصر الحديث ، ليكون المقابل العودة إلى كهوف الماضى ، وإلى صحراء العرب وإلى البنية العقلية للعرب ، تلك البنية التى كانت مشغولة بالغزوات ونهب ثروات الشعوب المُـتحضّرة وكانت وسيلتهم (الوحيدة) للترفيه عن أنفسهم هى ممارسة الجنس ، سواء كان عن طريق الزواج الشرعى (الجمع بين أربع زوجات) أو عن طريق منظومة (ملك اليمن) بدون تحديد لعدد الإماء والأسارى (العبيد من النساء) أو عن طريق (زواج المتعة) مقابل الأجر، وبدون تحديد مدة زمنية مُحدّدة ، وهو الزواج الذى أخذ شكلا (عصريًا) فى جزيرة العرب فى السنوات الأخيرة ، تحت عدة أسماء لعلّ أشهرها (زواج المسيار) ناهيك عن (الزواج العرفى) الذى يرفضه أغلب السُـنيين ، ويعتبرونه شكلا من أشكال (الزنا) والخلاصة أنه لا فرق بين السُنة والشيعة فى ظاهرة تبديد الوقت ، والابتعاد عن مشكلات العصر الحديث .
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أين يأتى العدو ؟
- هامش على أسباب النزول عن مارية القبطية (7)
- تابع تفسير القرآن وأسباب النزول (6)
- مصر بين الوهم العروبى و(حقيقة أفريقيا)
- تابع تفسير القرآن وأسباب النزول (5)
- تابع تفسير القرآن وأسباب النزول (4)
- تفسير القرآن وأسباب النزول
- لماذا يكره الأصوليون باب أسباب النزول ؟ (2)
- لماذا يكره الأصوليون باب أسباب النزول ؟
- بشأن منح جائزة ابن رشد للغنوشى
- العلاقة بين الإرهاب والغزو والنهب
- الأصولى وتوقف النمو العقلى
- بشر يحاكمون الحيوانات والحشرات (3)
- بشر يُحاكمون الحيوانات والحشرات (2)
- بشر يُحاكمون الحيوانات والحشرات (1)
- دراما حياة ومقتل عثمان بن عفان
- الجمل وصفين وبحور الدم
- القرآن والأحاديث والسيرة والغزو
- هامش على أحاديث وسيرة (نبى) العرب (3)
- أحاديث (نبى) العرب محمد (2)


المزيد.....




- الرجل الأسطورة متحدثا عن أغلى أمنياته: -لو عشت مرة أخرى لكنت ...
- جيش الاحتلال يجند 3 آلاف شخص من يهود الحريديم
- تأثر مارتن لوثر بالإسلام.. تمرد على الكنيسة والثالوث ورفض ال ...
- إسرائيل.. أوامر فورية للجيش بتجنيد 3 آلاف شخص من يهود -الحري ...
- كيف ترى الصهيونية الدينية الضفة الغربية والقدس؟
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع حيوي في إيلات ...
- حرب غزة: قرار إلزام اليهود المتشددين بأداء الخدمة العسكرية ي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تضرب هدفاً حيوياً للاحتلال في إ ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف موقع حيوي في إيل ...
- إلى جانب الكنائس..مساجد ومقاهٍ وغيرها تفتح أبوابها لطلاب الث ...


المزيد.....

- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - كتب التفسير وأسباب المزول (8)