|
بين خطاب الرفض ورفض خطاب الرفض تنزلق القضية الوطنية نحو المجهول
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 4629 - 2014 / 11 / 10 - 16:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كيف يمكن اعتبار خطاب الملك بمناسبة مرور تسعة وثلاثين سنة على استرجاع الساقية الحمراء ، ومرور خمسة وثلاثين سنة على دخول وادي الذهب بعد انسحاب موريتانيا منه بفعل ضربات البوليساريو ؟ هل يمكن اعتباره خطاب الوداع ؟ او خطاب الانتحار ؟ او خطاب الطلقة الاخيرة ؟ او خطاب الامل ؟ او يمكن اعتباره خطاب رصاصة الرحمة التي تطلق على رأس الجريح ؟ ثم هل من حرر هذا الخطاب وأعطاه للملك لقراءته ، كان غرضه اللعب على الصورة امام الشعب قبل المجتمع الدولي ام كان يقامر بالتأثير سايكولوجيا ونفسيا على المآل الاسود الذي ينتظر القضية الوطنية ، خاصة وان جميع المؤشرات تشير الى ان الخطة الاممية لفصل الصحراء عن المغرب ، قد اكتملت اشواطها ماديا وموضوعيا ، وانه لم يبق غير حلول ابريل 2015 لوضع نهاية لصراع عمر لأكثر من تسعة وثلاثين سنة خلت ، من خلال التمسك بالقرارات الاممية ، من قرارات مجلس الامن ، الى قرارات الجمعية العامة للام المتحدة ؟ وهل فعلا من حرر هذا الخطاب الرافض لكل شيء خارج الحكم الذاتي الفاشل منذ ثانية النطق به ، يريد ان يرسم صورة كاريكاتورية ل ( غضبة ملكية ) على الامم المتحدة ؟ وهل ( الغضبة الملكية ) قادرة على التأثير على الامم المتحدة لتبني فقط وجهة نظر المخزن من القضية الوطنية ، خاصة وان بنكيمون رفض استقبال الملك على هامش اشغال الدورة 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة ؟ وهنا نتساءل بعد خطاب الملك يوم 6 نونبر 2014 ، ورد بانكيمون يوم 7 نوفمبر من نفس السنة ، والذي كان رافضا للخطاب الملكي ، هل اصبحت المواجهة اليوم بين المخزن وبين الامم المتحدة كما اعلنت عن ذلك رئيسة بعثة المينورسو السيدة كيم بالدوك الكندية الجنسية ؟ ان جميع هذه العناوين تصلح لتفسير التوجه العام الذي سار عليه الخطاب ، لأنه إذا عدنا الى خطاب اكتوبر 2013 عند افتتاح الملك لدورة الخريف التشريعية ، سنجد ان الملك في الجزء المخصص للصحراء يتحدث عن : ( لا يمكن التعويل على اي شيء ) ( يجب انتظار اي شيء ) . وهذه الصراحة بعد صراحة الحسن الثاني حين قال ( ملكنا الصحراء ، لكن لم نملك قلوب الصحراويين ) ، هي اعتراف بالنفق المسدود الذي دخلته قضية الصحراء ، واعتراف بالفشل الدريع لجميع المقاربات التي اعتمدها المخزن منذ استقلال ايكس ليبان الخياني والى اليوم . ان الاعتراف بالفشل يعني ارجاع القضية الوطنية الى مربع الصفر الذي كان قبل 1974 . وهو ما يدفع الى السؤال عن سبب الفشل المخزني في تدبير نزاع الصحراء المغربية ، رغم التضحيات الجسام للشعب المغربي وليس للمخزن الذي وظفها في سبيل تقوية وجوده . ان المفارقة هنا بين الخطابين ، ان المخزن في خطاب اكتوبر 2014 ، كان يحاول تحضير الشعب المغربي نفسيا لتقبّل انفصال وشيك وحتمي ، بسبب المجتمع الدولي المسيطر على الساحة ، وليس بسبب المخزن الذي فرط بأخطائه المتكررة في القضية الوطنية ، مثلما فرط في الصحراء الشرقية وفرط في سبتة ومليلة والجزر الجعفرية . والمخزن حين ينقلب بدرجة 360 في خطاب 6 نوفمبر 2014 على خطاب اكتوبر 2013 ، معلنا تمسكه بمغربية الصحراء ، وان المسألة تتعلق بمسألة وجود وليس بمسألة حدود ، فذلك لاستشعاره بقرب الخطر الذي سيداهمه في ابريل 2015 . هذا من جهة ، ومن جهة اخرى ، وهو الذي يعرف ان وجوده مرتبط ومرهون بالمصير الذي ينتظر الصحراء ، فانه يريد ان يسبق الاحداث المتسارعة محليا ، حيث تتوسع يوميا قاعدة المطالبين بالاستقلال ، وامميا حيث تنصص جميع القرارات الاممية على الاستفتاء المؤدي الى تقرير المصير ، ليظهر امام الشعب بمظهر المخزن الوطني المدافع عن حوزة التراب الوطني ، حتى يجمع ائتلافا من حوله بدعوى مواجهة العدو الخارجي ، ويصبح او يتحول هو ، من عدو رئيسي للشعب ، الى عدو ثانوي كما كان الامر في اواخر 1974 . وهنا يكون المخزن قد نجح في الالتفاف على جميع اخطاءه المضرة بوحدة التراب الوطني وبوحدة الشعب المغربي ، وعوض ان يدفع الحساب ، سيختبئ وسط الشعب حتى يفلت بجلده من المحاسبة عن الجرائم المقترفة في حق الصحراء ، من خلال المواقف المختلفة والمتناقضة التي كان يأخذ بها منذ خمسينات وستينات القرن الماضي والى اليوم . فهل سينجح المخزن بهذه الخطاب الرافض لكل شيء خارج حل الحكم الذاتي الذي تصدأ في رفوف المخزن ، ان ينتصر على الامم المتحدة وعلى المجتمع الدولي الذي تعترف فيه 39 دولة بالجمهورية الصحراوية التي هي عضو كامل العضوية بالاتحاد الافريقي ، ويعترف فيه العالم بالبوليساريو كحركة تحرير وإعلام ، حيث توجد مكاتب للجبهة بكل عواصم ومدن الدول الاوربية والأمريكية والأسيوية وبواشنطن ونيويورك ؟ ان اول رد على المخزن الذي حرر الخطاب ، وأعطاه للملك لقراءته ، كان الامين العام للأمم المتحدة السيد بانكيمون . لقد اكد هذا على ان الامم المتحدة ماضية بكل حزم في البحث عن حل لمشكلة الصحراء الغربية طبقا للشرعية الدولية التي تمثلها القرارات الاممية من مجلس الامن الى الجمعية العمومية . ولتسريع وثيرة الاتصالات بين اطراف النزاع ، طالب باستئناف المفاوضات المجمدة على قدم المساواة ( ساوى بين المغرب الدولة وبين الجبهة الشعبية كمنظمة انفصالية ) في اقرب وقت ممكن . لكن الخطير هو حين رفض الشروط المخزنية لاستئناف المبعوث الشخصي للامين العام السيد كريستوفر رووس ، فجدد فيه ثقته ، ودعا رئيسة بعثة المينورسو السيدة كيم بلدوك الى التوجه الى مدينة العيون لمزاولة اشغالها ومهامها دون موافقة المخزن الذي اعترض على هذا التعيين الذي لم ’يستشر فيه . اما الناطق الرسمي باسم بانكيمون السيد ستيفن دوجارتش ، فقد اكد انه استمع جيدا الى خطاب الملك ، وان الامم المتحدة ماضية في عملها من اجل ايجاد حل نهائي لنزاع الصحراء طبقا لقرار مجلس الامن 2152 الصادر في 2014 . امّا إذا علمنا ان مكتب الامين العام للأمم المتحدة بصدد البحث الدقيق في تسريبات كريس كولمان 24 ، والتي تؤكد بالأدلة القاطعة ان المخزن قد استخدم الاموال والرشاوى لشراء مواقف بعض المسؤولين الدوليين لمساندة الاطروحة المخزنية الميتة حول الحكم الذاتي ، ادركنا حجم الخطر الذي يداهم المخزن ، و ادركنا المصير الخطير الذي ينتظر القضية الوطنية . بل ان المؤشرات الحالية من خلال تحليل التطورات الحاصلة بالساحة الدولية ، تفيد بإمكانية اعتراف دول اوربية بالجمهورية الصحراوية مثل السويد ، الدنمارك ، البرازيل ، كما ان فوز حزب اليسار الراديكالي ( باديموس ، اي قادر ) بالانتخابات القادمة ، سيكون نبئا مسيئا للقضية الوطنية التي لا تصل اهميتها عند الاسبان للأهمية التي يشكلها اقليم كاتالونيا الذي صوت فيه من اصل مليون ناخب 7،80 في المائة لصالح الاستقلال . هذا دون ان ننسى تعيين الامين العام للأمم المتحدة للسيد خوسي راموس هورت رئيس تيمور الشرقية سابقا ، على رأس فريق مراجعة عمليات السلام بالأمم المتحدة . ان كل هذه المعطيات الفاقعة للأعين ، تفيد بالخطر الداهم للقضية الوطنية ، حيث ان ابريل 2015 سيشهد حلا لا يخدم الوحدة الوطنية ، كما لا يخدم الوحدة الشعبية للجماهير المغربية . ان تدخل مجلس الامن طبقا للبند السابع في معالجة القضية مع اتجاه اعضاء مجلس الامن الدائمين وغير الدائمين لتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الانسان ، مع تخويل الامم المتحدة مهمة الاشراف على تصريف الموارد الطبيعية بالأقاليم الجنوبية ، لأنها اقاليم حسب القرارات الدولية ، تدخل ضمن الاقاليم الخاضعة لتصفية الاستعمار ، عجلت بالمخزن في سباق مع الزمن الى القاء خطاب 6 نوفمبر 2014 قصد الالتفاف على الخسارات القادمة ، وتحميل المسؤولية في كل ما حصل الى ( العدو الخارجي ) ، وتناسي العدو الداخلي الذي يمثله المخزن العتيق الذي فرط في الصحراء الغربية ، كما فرط في الصحراء الشرقية ، وفرط في سبتة ومليلية . ومثل اواخر 1974 ، يحاول من خلال رفض كل القرارات الاممية ، ورفض الالتزامات التي التزم بها سابقا ، وكانت مضرة بالوحدة الترابية وبوحدة الشعب ، وبخلاف خطاب اكتوبر بالبرلمان في 2013 الذي كان تحضيرا نفسيا لإقناع الشعب بإمكانية استقلال الصحراء ، ،، لخ ، فانه مرة اخرى يحاول استغلال الحس الجماهيري المغربي بخصوص التراب الوطني ، لتكوين حلف وراءه كمحرر وطني ، للالتفاف على اي معارضة شعبية تطالب بالحساب عن المآل الخطير الذي استحالت اليه القضية الوطنية . لكن هيهات وهيهات . ان مصير المخزن اليوم مرهون بالمصير الذي ستبلغه القضية الوطنية ، قضية الشعب المغربي ، من جماهير وجيش وقوات مساعدة وشرطة . ان قضية الصحراء المغربية اليوم ، هي البوابة الرئيسية للقضاء على المخزن العدو للديمقراطية الظالم والفاسد ، وهي البوابة الرئيسية للدخول الى الدولة المدنية الديمقراطية . ان نهاية المخزن تعني نهاية الانفصال للصحراء . ان المواطنين المغاربة الذين يطالبون اليوم بالانفصال ، فذلك لرفضهم لنظام المخزن القروسطوي الفيودالي والاوليغارشي . وغدا حين سيتم التأسيس لدولة المؤسسات والعدالة والمساواة والحق ، فلا احد سيقبل بالدولة الوهمية التي ستكون ورما خبيثا في خاصرة الضلع الجنوبي من المغرب العربي . ان انشاء مثل هذه الدويلات سيكون منفذا سهلا لتدخل الامبريالية والصهيونية في اضعاف الضعيف وتجزيء المجزأ . ان شعار تقرير المصير كان حقا مشروعا لمّا كانت الصحراء تخضع للاستعمار الاسباني ، لكن حين استردها الشعب المغربي ، اضحى هذه الاستعمال بمثابة حق يراد به باطل . ان الدول الامبريالية تستعمل حق تقرير المصير كوسيلة وكغاية فقط بالبلاد العربية ، لكن لماذا رفض تقرير المصير بإقليم القرم ، وبكتالونيا ، وبالباسك ، بالبوسنة والهرسك ، وبفلسطين ... ؟ ان الوحدة الشعبية ضرورية للحفاظ على المغرب القوي ، ولبناء دولة الشعب لا دولة الاشخاص والعشائر . ان التقسيم وفصل الصحراء عن المغرب سيكون اضعافا للمغرب ، وإضعافا للدويلة المزمع اقامتها على اراضي مغربية . إذن من المسول عن ضياع الصحراء الغربية ، وضياع الصحراء الشرقية ، وضياع سبتة ومليلية والجزر الجعفرية . هل الشعب ام المخزن ؟ الجواب واضح ، والجواب على الجواب يقتضي الوحدة لمواجهة المخزن عدو الجميع .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الى المدعو عبداللطيف الشنتوفي ( المدير العام ) للمديرية العا
...
-
وهم وهراء انفتاح المخزن : حصيلة الانفتاح من 1974 الى 2014 قم
...
-
الواقع السياسي الراهن : محدداته المرحلية واحتمالاته المقبلة
...
-
لا يا جلالة الملك ما كان ان تميز بين الناس هذا مغربي وطني وه
...
-
بين خطاب الملك في 10 اكتوبر 2013 وخطاب 10 اكتوبر 2014 المنتظ
...
-
فاشية -- مخزن
-
تأثير استفتاء اسكتلندة واستفتاء كاطالونيا المرتقب على الاستف
...
-
حكومة صاحب الجلالة ، معارضة صاحب الجلالة
-
ولّى زمن الخوف ، فإذا جنّ الليل ، سدّد طلقاتك بلا تردد
-
حين تخلى المخزن عن مسؤولياته
-
القمع بالمغرب
-
الشعب الصحراوي - الصحراء الغربية -- الاستفتاء لتقرير المصير
...
-
بدأ العد العكسي لنزاع الصحراء ( الغربية )
-
مخزن = اقطاع -- فاشية -- اعدام -- ارض محروقة
-
ظهور المذاهب السياسية والصراع الطبقي في الاسلام
-
الى ... ك الخليفة ... ميتا
-
تقرير قانوني -- فبركة الملفات الكبرى -- محنة قادة الكنفدرالي
...
-
هل لا زال لمثيْقِف ( المثقف ) اليوم وعي طبقي
-
سبعة واربعون سنة مرت على النكسة - هزيمة 5 جوان 1967 -
-
- الائتلاف من اجل التنديد بالدكتاتورية بالمغرب -
المزيد.....
-
المحكمة العليا الروسية تزيل تصنيف “طالبان” كـ-جماعة إرهابية-
...
-
ما ردود الفعل في إسرائيل على رفض “حماس” مقترح وقف إطلاق النا
...
-
الخارجية الأمريكية توضح لـCNN مصير سفينة قمح متجهة إلى اليمن
...
-
غارات ميناء رأس عيسى.. ماذا قالت أمريكا وجماعة الحوثي؟
-
موتورولا تعود لعالم الحواسب اللوحية بجهاز منافس
-
أطعمة تعزز صحة الأسنان
-
لماذا يجب أن تتوقف عن ممارسة التمارين الرياضية مساء؟
-
دراسة صادمة.. تغير المناخ قد يحرم الملايين من الدم المنقذ لل
...
-
تطوير -راديو فضائي- للبحث عن أشكال خفيفة للمادة المظلمة
-
الصين تجسّ نقطة ضعف الولايات المتحدة
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|