فواد الكنجي
الحوار المتمدن-العدد: 4619 - 2014 / 10 / 30 - 08:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في ظل ما يشهده العالم اليوم من تفشي ظواهر الفوضى والسلوك المنحرف وبنمو التيارات المتطرفة فليس من المستغرب اذا ان نستمع بان الفلان الفلاني ممن تلطغت ايديهم بدماء الابرياء ان ينالوا جوائز كانت ذت يوم تمنح لصناع السلام واصحاب الفكر والمعرفة والعلم كاستحقاق لجهد انساني لخير وسلام وتطوير العالم .
فليس من المستغرب اطلاق ، ان ياتينا في ايامنا هذه ، خبر منح (ابو بكر البغدادي )او (ايمن الظواهري ) او من لف لفهم ، جائزة الفلان الفلاني ... ولما لا ... طالما اليوم اصبحت الجوائز هدف لشراء الذمم باموال الاثرياء وبقرارات سياسية واستخباراتية ..!
فاليوم ان تمنح جائزة ابن الرشد للفكر الحر ، والتي كان انطباعنا عنها بكونها جائزة تمنح لمستحقيها من ذو اصحاب الفكر والمؤمنين بالفكر الحر - بقياس موقع ( الحوار المتمدن )- الذي منح له جائزة ابن الرشد تقديرا لجهد الفكري الرصين ونشر الثقافة والحوارالانساني في المجتمع، وبما يبذله القائمين باصداره ونشره. الموقع، الذي يقف في قمة الهرم من بين المواقع الفكرالحر ليس في الشرق الاوسط فحسب بل في العالم ، هذا المنبر الذي استحق بجدارة هذه الجائزة ، وهذا الكلام لا نقوله لاننا ممن يكتب في الموقع .
الحوار الممدن ، موقع رصين يمنح فرص للحوار الديمقراطي بطرح وجهات نظر مختلفه حتى وان تناقضت مع توجهات الموقع وهو امر الذي جعله نقطة استقطاب المفكرين والكتاب وكل المؤوسسات لاعلامية في منطقتنا ،تاخذ مقالات الكتاب من موقع ( الحوار المتمدن ) وتنشرها في مواقعها وصحفها ، والكثير مما نشر في الموقع المذكور تم ترجمته ونشره في الصحف الاجنبية ، وهذا ما جعله منبر حيويا لا يمكن تجاهله ، ولهذا استحق جائزة (ابن الرشد ) وبما يستحق وسيستحق اكثر من ذلك ....
ومن هذه الخلفية ادركنا قياس التي تاخذ به مؤوسسة (ابن الرشد للفكر الحر) لمنح جوائزها ، ولكن فوجئنا موخرا بقرار هذه المؤوسسة ، مؤوسسة ابن الرشد للفكر الحر، حين منحت جائزتها الى ( راشد الغنوش ) من بلاد تونس ..! وهنا نسال كيف ... ولماذا ..؟ وهل راشد الغنوش في موقع يستحق هذا التقدير ...؟ كيف يتم تقدر من لطغت ايديه بدماء الابرياء من الشعب التونسي الشقيق ...! فهو من حكم عليه عام 1981 وتم سجنه 11 عام ، وفي 1987 سجن مرة اخرى وصدر قرار بالسجن المؤبد بحقه ، وفي عام 1991 ايضا صدر قرار اخر بالسجن مدى الحياة ، وفي عام 1998 ايضا صدر قرار بالسجن مدى الحياة ، وكل هذه العقوبات اتت بحقه بكونه متورط في اعمال ارهابية على الاراضي التونسية ، وليس من اجل مطالبته بالحرية والديمقراطية والسلم المدني في المجتمع .
فالغنوش ، هو موسسي الحركة الاسلامية التونسية المتطرفه ،ولاحقا غير اسم حركته الى حركة النهضة ، والمعروف عن الغنوش انه ناشط لدى الاوساط الاسلامية في العالم وهو من نشطاء الاخوان المسلمين والمدافع عن اخونة (المرسي ) لدولة المصرية ، كونه الاخر له نفس التوجهات (باخونة الدولة التونسية ) فهو مؤمن بتوجهات الحركات الاسلامية في المنطقة ومن يرفع ويروج شعارات ونداءات بالجهاد في سبيل الله ، او اقامة دولة اسلامية ، وعلى هذا الاساس استطاع ان يجند الاف من الجماهير التونسية في التنظيمات معضمها سري وبربط الدين بالسياسة من خلال اقرارهم – كتوجهات اخوان المسلمين - بان الرسول اسس الدولة الاسلامية الاولى بالمدينة وبالتالي فالخليفة هو حاكم ديني ودنيوي ولذا - وحسب توجهات هؤلاء – يصبح مؤسسة الخلافة نظاما مقدسا لا يجوز التفرط في اقامتها على غرار ما يدعو الارهابي ( ابو بكر البغدادي ) .
فالغنوش بهذه التوجهات اسس تنظيم للحياة الاسلامية في تونس كما جاءت في مجلة ( المعرفه )التي اسسها تنظيمه في تونس والتي تتبنى شكل الثقافة الاخوانة وروحها بمنطلقات (سيد القطب ) والتي روجوا لها طوال فترة السبعنيات من القرن الماضي .
فالفهوم الذي يتبناه ( راشد الغنوش ) في حركته الاسلامية في تونس يختلف عن مفهوم الدولة الديمقراطية ، حيث - وحسب منطلقات الغنوش – تحل الشورى محل الديمقراطية ، وكلا مفهوميين متناقضين ، فالدولة الاسلامة تعتبر كل قوانينه سماوية التشريع ، وبالتالي ليس من حق ( التونسيين ) المشاركة في صنع القوانين ، لان ذلك يعتبر ضرب من ضروب الشرك وانكار لحاكمية الله . وان الدولة الاسلامية التي يبغي ( الغنوش) اقامتها في تونس لا يمكن ان تسمح بوجود احزاب معارضة الا من خلال مرحلة انتقالية محددة ، وبالتالي فان مطالبة حركته بالتعددية والديمقراطية لا يندرج ضمن قناعات فكرية وسياسية ، فالديمقراطية عند الغنوش ليس هدفا استراتيجيا في مشروع ما يبغي بالقيام به باسلمة واخونة الدولة التونسية، بل هو اختيار تكتيكيا لتمكينهم من الوصول الى الحكم كما كانت اهداف الاخوان في مصر ، وبمجرد استلام السلطة يتم حل كل الاحزاب والمنظمات التي تختف معها فيسود القمع والاضطهاد وتعم السجون بكل من ينادي بعلمانية الدولة ومدنيتها وبكل من يخالفه في الدين والعقيدة .
فاين مؤسسة (ابن الرشد للفكر الحر ) وجائزتها من اراء وافكار الرجعية الشوفينية لـ( راشد الغنوش ) وحركه المتطرفة في تونس ...!
كل الاسف ان نرى من اياديه ملطخة بدماء الشعب التونسي وخريج السجون وصاحب الفكر المتخلف يتوج بجائزة فكرية كجائزة ابن الرشد ...!
فيا ترى هل سنستمع في المستقبل بان محمد مرس و محمد بديع مرشد الاخوان و البلتاجي وصفوت الحجازي واخرن ... يتوجون هم ايضا بجوائز ابن الرشد ..! ولما لا طالما ان التقيم الفكري اصبح امرا ( مزاجيا ) ، وربما سنستمع لاحقا بان كبار الارهابيين واصحاب الافكار السوداء امثال ( اسامه بن لاذن ) و ( ايمن الظواهري ) و ( البغدادي) يمنحوا جوائز ابن الرشد او ارفع منها ..! ولما لا .... طالما هم ايضا اصحاب افكار ، لا فرق ، حينما يتم تكريم على اساس( الافكار ) ، اكان فكرا رجعيا شيطانيا ام فكرا انسانا ديمقراطيا ، حسبنا اننا نمنح جوائز للفكر ، شرا كانت ام خيرا ....!
انها لسابقة خطيرة فتحت مؤسسة ابن الرشد ابوابها والتي خصصت جوائزها لاصحاب (الفكر الحر ) ، وعند هذه النقطة بالذات نقف قليلا لنستفسر ماذا تعني كلمة (الفكر الحر) حسب مؤسسة ابن الرشد....؟
الفكر الحر، يحتمل عدة تاويلات ، منها افكار اجرامية ، ومنها افكار انسانية و..و وكلها تندرج تحت باب (الفكر الحر)، اصحابها احرار بما يملكون من افكار ، ولكن ( الفكر الحر) الذي يفهمه المفكرين والعقلاء هو مفهوم يطلق عن التعبير لفكر المنير بقيم الانسانية النبيلة بقبول الاخر و الحرية والديمقراطية المفعمة بمعاني الانسانية الشريفة ، وهو اتجاه الذي نعتقد جازمين بان مؤوسسة (ابن الرشد) من خلال ما عرفناه عنها ،ومن الذين تم تقيمهم ، ومن خلال تقيمهم لموقع (الحوار المتمدن ) ، ولكننا نفاجئ لاحقا بتكريم من يحمل الافكار المتطرفة السلبية في المجتمع...!
لذا لابد لمؤسسة (ابن الرشد ) مرجعة قراراتها الاخير بمنح جائزتها الى (راشد الغنوش ) لانه لا يمثل باي شكل من الاشكال الجانب الايجابي في المجتمع، فكل اطروحاته بدا باخونة الدولة وانتهاءا باقصاء كل من يخالفة في الدين والعقيدة والفكر ، فكيف يكرم مثل هكذا نموذج ، يا مؤسسة ابن الرشد ...!
#فواد_الكنجي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟