منتظر العمري
الحوار المتمدن-العدد: 4599 - 2014 / 10 / 10 - 21:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التاريخ هو السجل الذي يحتوي كل شاردةُ و واردة ، كل المجموعات البشرية تمتلك تاريخ حتى حديثة التكوين منها فأنها تمتلك تاريخ الأمس .
والتاريخ يكتب صفحاته رجال ، فأما أن تكون هذه الصفحات في سجل التاريخ صفحات سوداء او تكون بيضاء ، وبطبيعة البشر دائما ما تترسخ في أذهانهم الصفحات السوداء نتيجة الألم الذي يصاحب هذه الكتابة . وما بين السواد والبياض ، خرج لنا هناك أشخاص لهم بصمات الى يومنا الحاضر تدل عليهم ويتذكرهم ابناء جلدتهم ويقيمون لهم شتى انواع الاستذكار عرفاناً بدورهم لأنهم كانوا رجال بناء في أمتهم ، والمجموعة البشرية التي ينتمون لها ودائماً ما يطلق عليهم عبارات تعبر عن الدور الكبير الذي لعبوه كالمصلحين ، المؤسسين ، المحررين وغيره من التسميات . و ما بين السواد والبياض خرج لنا ايضاً افراد سجلهم التاريخ لأنهم كان لهم دوراً سلبياً في مجتمعهم وصناع بلاء للأبناء جلدتهم ، ودائماً ما يحتفلون ويستذكرونه ، يحتفلون بمناسبة اسقاطه والخلاص منه ، ويستذكرونه حتى يكون عبره للجميع ، ان لا يسمحوا لشخص ما ان ينحى منحاه . وكذلك ان يذكروا من يقوم بدوره في الحاضر ان لا يسير مسيرته لان مصير من سبقه الى الان شاخص في الاذهان .
وعلى مر الزمان ونتيجة لتراكمات الماضي انقسمت المجتمعات الى قسمين منها من استفاد من ماضيه (تاريخه) بكل ما فيه من سلبيات وايجابيات ليصنع مستقبله ، والأخر لم يستفد منه ولم يستطيع التغلب على اخطاءه في الماضي وبقى اسير المشاكل ذاتها وتتكرر فيه مشاهد المأساة من جيل الى اخر . أغلب التجمعات البشرية الشرقية هي مازالت لم تحفظ الدرس ولم تتمكن من التغلب على مشاكلها التاريخية وتنطلق ، مما بقيت تنتج رجال بلاء دائماً ما يجدون الارضية الملائمة لنمو بلائهم وطغيانهم ، بل وان هذه الارضية تمدهم بكل الامكانات ليطفوا اكثر فأكثر مما اخرج لنا طغاة (دكتاتوريات المنطقة العربية) في زمن قل فيه الطغاة والثورات . بل انتقل العالم الى تأسيس المؤسس . ويجاد المحددات التي تقطع الطريق على ظهور رجال البلاء وفتح الطريق امام رجال البناء . علينا كمجتمعات عربية عانت ومازالت تعاني ان تؤسس الارضية المناسبة التي تكون على اساس الاتعاظ من الماضي المرير . هذه الارضية هي التي يُعتمد عليها في المستقبل في ايجاد رجال يعتمد عليهم يتركون صراعات الماضي ومشاكله ويستقبلون المستقبل ليصنعوا لهم تاريخ يفتخرون به .
#منتظر_العمري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟