أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - تأملات فى ماهية الإنسان والحياة.















المزيد.....


تأملات فى ماهية الإنسان والحياة.


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4586 - 2014 / 9 / 27 - 19:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- نحو فهم للوجود والحياة والإنسان (18) .

هذه التأملات الفكرية تأتى لتأسيس فهم موضوعى للحياة والوجود فلكى ندرك ماهية الوجود سعياً لإيجاد مفاهيم صحيحة بديلة عن مفاهيم شائعة مغلوطة تعسفت و توطنت وإستبدت فيلزم بدايةً أن نُدرك انفسنا وآلية تفكيرنا وماهية الإنسان والأفكار والسلوك وكيف تتخلق فى ذاتنا , فمعرفتنا للوجود تأتى من إستقبالنا لهذا الوجود برؤيتنا الذاتية لننتج أفكارنا ,لذا فمن الأهمية بمكان إدراك العقل والفكر وآلية الدماغ فهى الوسيلة الوحيدة حصراُ للتعاطى مع الوجود والحياة.

- الإنسان المعاصر لم يعد يبحث عن الإشباع الجسدى فقط بل أصبح مشاكساً لهذا العالم باحثاً عن فهم الطبيعة والتصالح معها بعد حقب زمنية طويلة كان متوجساً متحفزاً خائفاً منها ليصل الوعى الإنسانى إلى إدراك أن الحياة ليست ذات معنى خارج عن الإنسان .. بالطبع مازال الكثيرون من البشر وخصوصا أسرى الغيبيات والأديان غائبين عن الوعى بهذه النقطة. فمن يرغب فى المشاكسة فليتبعنا .

- ليست لذة الحياة الوصول إلى أعتاب مشاهد نعتبرها حقيقة بل اللذة الحقيقية هى السباحة فى دوائر الغموض ,فالوصول للحقيقة لذة ستنتهى بالركود والركون إليها بتوهمنا أننا وصلنا لمراسيها هذا إذا اعتبرنا أن للحقيقة مراسى وأعتاب بينما السباحة فى الغموض لذة متجددة تعطى معنى ولذة وقيمة للحياة .

- يقع الكثيرون فى فخ أن الكثرة تعنى معيار الصواب فيتوهمون أن شيوع فكرة تعنى صحتها وهذا مخالف بالطبع للمنطق والعقل والعلم ,فالعالم بأكمله مثلا كان يظن ان الأرض مستوية والشمس تتحرك حول الأرض فى قبة السماء .. من يرتمون فى حضن فكرة الكثرة والإجماع بأنها تعنى صحة الفكرة يخدرون أنفسهم من حالة شك وإرتياب تعتريهم .

- العجز عن تحديد الطريق الصحيح لا يُبرر السير في الطريق الخاطئ ولكن للأسف الكثير ينتهجون هذا النهج فى التعاطى والتفكير ليمارسوا الزيف مع أنفسهم أو قل إعطاء راحة ووهم لنفس حائرة ونشهد هذا الامر فى الدينيين فتجدهم يعتنون بنهج الآخرين ليرونه خاطئ ليبرروا لأنفسهم سيرهم فى الطريق الخطئ . حجب الحقيقة أو غيابها سواء جهلا ً أو زيفاً لا تجعل من الزيف حقيقة .

- سؤال " لماذا " سؤال خطير ذو حدين أما يخطو بنا نحو التطور والوعى وإما يأسرنا فى قوالب وجمود وتخلف .. سؤال " لماذا " عندما يتمحور بحثاً عن غاية ومعنى فهذا يعنى توجيه السؤال وأسره وفق رغبات وغايات نريدها وعندما نسأل " لماذا " باحثين عن السبب الموضوعى المادى الوجودى فسنخرج من دائرة الجهل والتخلف .

- لا يكون الغافل هو الإنسان البسيط والأمى والجاهل بل من يمارس الحياة من خلال ثقافة منغلقة تتجاهل الوجود والواقع وتهرب من المنطق لتنسحق فى ثقافة ترفض الماثل أمامها وتفترض المثال والمثالية .

- العلم هو إدراك الوجود والواقع المادى الموضوعى ليسلم به البشر دون إختلاف كوجود وواقع ملموس فمثلا يدرك كل البشر أنه لا حياة بدون الماء أما المعرفة فهى إدراك بعض البشر وتصديق كل البشر بها دون معاينة مثل معرفة كل البشر بوجود الإلكترون والذرة .. أما المعتقد فهو ما ينبئ به فرد سواء يطلقون عليه نبى أو داعية أو كاهن ليؤمن مجموعة من البشر بما يطرحه إما تلقيناً أو تقليداً أو إنتماءاً أو خوفاً دون معاينة أو إثبات لأطروحاته مثل إعتقاد بعض البشر بأن البقرة حيوان مقدس أو أن الإله يحبهم أو إصطفاهم وسيمنحهم جنه فى عالم أخروى بعد أن تذوب أجسادهم فى الطبيعة .

- عندما نحاول البحث فى الوجود فهذا يعنى البحث عن رؤية الإنسان وإحساسه وإنطباعاته وإنفعالاته فهو الكائن الوحيد الذى يستقبل الوجود بوعى ليسقط عليه رؤيته وأحكامه وتقييماته لذا يكون فهمنا للوجود هو البحث فى أبعاد الإنسان النفسية وآفاق ومحددات تفكيره ومدارات وآليات الدماغ التى تتحرك حصراً لإيفاء حاجاته الجسدية والنفسية بإنتاجه للأفكار كوسيلة .

- يكون منهجنا الحياتى منذ الإنسان البدئى وحتى الآن هو كيفية أن نحظى على اللذة والأمان و تجنب الألم . ولا تكون وظيفة للدماغ غير ذلك ,فالعقل لا ينتج أفكار وإبداعات إلا لتلبية هذا المطلب الوحيد فمهما تعقدت وسائل الحياة لن تخرج وظيفة الدماغ عن تلبية هذا المطلب الوحيد الحصرى .
الله فكرة أنتجها العقل البدئى نتيجة عجزه المعرفى فى تلبية رغباته وأحاسيسه فى الحصول على أكبر قدر من اللذة والأمان وتجنب الألم ليصل بخيالاته وجهله وكسله بتوهم تلك المتعة من خلال أسطورة وقصة فنتازية .

- الحياة مجموعة هائلة من الإنطباعات فنحن نختزن كل مشهد وصورة بإنطباع يكون هو موقفنا وتقييمنا للمشهد الوجودى يؤطره الحاجة والإشباع والأمان ويتحدد الإنطباع وفق قطبى اللذة والألم , ليتم إختزان الصور والإنطباعات فى أرشيف الدماغ لنستدعيها عند الحاجة .. الأفكار هى مجموعة صور هائلة يتم لصقها بطريقة منطقية أو خيالية لتحقق حالة من الأمان النفسى .

- أفكارنا تعبير عن وجودنا فهى تعبير عنا ولسنا تعبير عنها ومن هذه النقطة إنحرف بشر كثيرون وبددوا حياتهم فداء أفكار وخيالات وتصورات الآخرين ظناً منهم أن الافكار خارج إنتاج الإنسان .

- الفكر هو إيجاد علاقات بين الأشياء لنمارس هذه العملية حصرا بآلية الدماغ وإن كنا لا ندركها بشكل واعى صارم من كثرة العمليات التى نتعامل بها , ومن هنا ليست العلاقات التى نتعامل بها ذات حقيقة فهى رؤيتنا وإنطباعاتنا وتجاربنا الحسية لذا أنتجنا المقدس كإنطباعات وعلاقة الإنسان مع الوجود بزاوية رؤية ذاتية إنتقائية .

- عروس البحر والتنين الحارق كائنات خرافية لا وجود لها فى الواقع وكعملية تخيلية تم تجميع بعض الصور ولصقها لتنتج لنا أشكال من وحى خيالنا الخصب ,فعروس البحر جاءت من لصق صورة لجذع وذيل سمكة مع صورة لوجه وصدر إمرأة ,والتنين الحارق لصق صورة لورل أو تمساح بعد تضخيمه وإستدعاء صورة النار لتخرج من فمه - اذن هى صور خرافية أجزائها من واقعنا المادى .
من الغباء والتعنت والغفلة أن نجعل من عروس البحر او التنين الحارق أو الفيل الطائر وجود ونتماهى فيه ثم نمارس تضليل أنفسنا بالقول إن عقولنا المحدودة لا تستطيع أن تستوعب عروس البحر أو التنين الطائر وليتفذلك البعض مطالباً أن تبحث له عن دليل عدم وجودها فعجزك عن الإتيان بدليل بنفى وجودها يعنى وجودها كما يزعمون ..الشيء غير الموجود لا يحتاج إثبات أو عدم إثبات وجوده لأنه ببساطة غير موجود ويزداد التهافت عند الحديث عن وجود غير مادى فعلى المتوهم بوجوده أن يعطينا أولا تعريف لماهية الغير مادى وكيف توصل لإدراكه .

- الإنسان حاول أن يصيغ الحياة من خلال نظريات وقوانين وسلوك ونظم تترجم الواقع لصور فكرية مجردة لذا تكون النظريات والقوانين زاوية رؤيتنا ورصدنا وتقييمنا وملاحظاتنا ومراقبتنا للأشياء لنصيغها فى علاقات .ولكن أصحاب الفكر المثالى الميتافيزيقى قلبوا الآية فحولوا الصورة الفكرية إلى وجود فاعل ومؤثر ومستقل .

- لا تولد المواقف مع الإنسان بل تَتخلق المواقف من بوتقة الحياة تحت عدد لا حصر لها من الإحتمالات ليكون أصحاب المواقف المنطقية والمتهافتة من حصيلة حظوظهم من الطبيعة والجغرافيا والتاريخ , فمهلا ايها المتعجرفون الغافلون .

- لا يوجد معنى للأشياء بعيداً عن وعى الإنسان ,فالطبيعة تقذف بمشاهدها فى المشهد الوجودى بدون أن يكون لها أى مدلول أو معنى ,فالزلازل والبراكين والأعاصير والأمطار بلا معنى بدون تقييم الإنسان فنحن من نسقط المعنى والإنطباع على الأشياء وفق تقييماتنا للألم واللذة .. لا تخرج أى فكرة عن وعى الإنسان وإنطباعه ليخلق منها المعنى فمن الأهمية بمكان أن نعى هذا الأمر فقد شط الإنسان كثيرا ليتصور المعنى كحالة مُستقلة عن المشهد بل هناك من جعل الإنطباع خالق للمشهد وليس نتاجه .!

- فى مقال لى بعنوان "الله وورق الشجر" أثرت فكرة عن مدى منطقية إيمان المؤمنين بزعم أن المعرفة الإلهية المطلقة تعى سقوط كل ورقة شجرة من تريليونات المليارات من أوراق الأشجار فلا تسقط واحدة منها إلا بإذن الإله منذ البدء وحتى نهاية الحياة لأقول فى تأملى هذا أن الإنسان فكر فى هذه الفرضية الغريبة ليس لتمجيد فكرة الإله فى الأساس بل لإيجاد معنى للحظات حياتنا التافهة بأنها ذات معنى واعتناء .

-ماهو الفرق بين معنى وجود الإنسان ومعنى وجود الدودة .؟! ..الفرق الوحيد هو إدراك الإنسان للحدث الماضى والحاضر لوجود ذاكرة ومحددات عقلية تتعاطى مع مفردات زمكانية مختلفة قادرة على تسجيل المشاهد وإختزانها وترتيبها ومن هذا التميز أدرك الإنسان تميزه وتفرده ومفارقته للطبيعة .. ولكن كل هذا يتبدد عند الموت فيتعادل ويتساوى الإنسان والدودة فقد تلاشت كل كفاءات العقل والذكريات والأفكار والأحلام والتميز ولكن قد نختلف فى شئ فنحن نقيم مراسم دفن وشاهد على قبورنا ليلتهمنا دود الارض بينما الدودة عندما تموت فليس لها قبر.. نحن خلقنا عالم آخر لأننا نرفض أن نكون دودة بلا شاهد على وجودنا ومن هنا نعيش فى ابراج عاجية تحطمها دودة فى القبر .

- لو تأملت نهجنا فى التفكير ستجد تعسفنا فى التعاطى مع الحياة والوجود بغباء وبرجماتية شديدة فنحن لا يعنينا المعرفة وإيجاد معنى للأشياء إلا فى حدود حياتنا المتأرجحة بين اللذة والألم الباحثة عن اللذة والأمان والمتحاشية للألم فمثلا نقول أن الشمس موجودة لتمنح أرضنا الحياة والضوء والدفء ولم نسأل انفسنا لماذا تسقط الشمس على المريخ أيضاً وماجدواها قبل وجودنا , كذلك قولنا أن القمر موجود لينير عالمنا الأرضى ليلاً ولم نسأل انفسنا لماذا يوجد أربعة وستون قمر لكوكب المشترى بالرغم أنه كوكب خرب مهجور لا يقطنه أحد .
نحن نعيش وجود عشوائى غير منظم ولا معتنى لنبحث له عن معنى وغاية بعد أن تواجدنا فى مشهده لنرمى العقل والمنطق عند أقرب صندوق قمامة حينما تخرج الصور عن دوائر إحتياجاتنا .

- فهمنا المغلوط للوجود وخلقنا للخرافة والأوهام أننا نرى الإنسان مشروع ومضمون وجوهر الحياة وليس موضوع من مواضيع الحياة .

- الحياة كالألوان نمارس إسقاط مجموعة مختلفة من الألوان ولكن هل هناك معنى لأى لون فيها.. أن تلون لأنك تسعد بهذا الفعل وكفى فهكذا هى الحياة ممارسة لمزج ألوان مع بعضها فتسعد بهذا المزج وتتماهى فيه دون أن يكون لأى لون فيها معنى .. نحن نمارس خلق معنى من مجموعة الألوان حتى يمكن قبول الحياة والعيش فيها ولكن تذكر إنك من وضعت المعنى لذا فلتعيشه بوعى وتستمتع به ولا معنى لتقديسه .

- الإنسان الكائن الوحيد الذى يقلق فالحيوان لا يقلق بل يتوجس ويخاف من اللحظة بينما الإنسان يختزن الخوف والتوجس ليسقطه على لحظة مستقبلية ليمارس القلق.
بقدر كون القلق مزعج إلا أن الإنسان حقق وجوده وتطوره من قلقه لينهج طريقين فى تجاوز القلق إما دراسة أسبابه الموضوعية ليتجاوز قلقه ويتطور أو بتخدير ذاته بحلول إفتراضية كقلق الموت فالإنسان لم يدع قلقه يفترسه فى ظل جهله ليخلق وجود يعبر به قلق الموت ولكن هل يعنى هذا ان قلق الموت قلق حقيقى فليس كل قلق يجتاحنا صحيحاً بل هو اسقاط إنطباعاتنا وإحساسنا على الوجود ليخفى سوء فهم وغرور ونرجسية تحت الجلد ناشئة عن وعينا المفارق .

- سر تقدم الإنسان وتطوره أن عقله لم يحظى على الأمان والسلام وكلما إرتكن للأمان فإعلم انه فى سبيله للركود والخمول فلا يوجد شئ يهدده لتكون النتيجة قولبة وغيبوبة ونهاية عقل لذا أتصور أن سبب إزدهار الرأسمالية كونها تضع الفرد فيها تحت القلق وغياب الأمان .
الإنسان يتطور من قلق العقل لينتج أفكار تتصارع لتنتج فى النهاية فكرة قوية تُهدأ من نفسه ثم ما تلبث ان تتصاعد فكرة اخرى ..تكون الإشكالية الركون لفكرة والإستسلام لها وتكون المشكلة الأكبر تخديره لذاته بإستحالة الخروج عن إطار الفكرة بالرغم أنها من إنتاجه .

- حضارتنا ورقينا وتخلفنا وبؤسنا نتاج تعاملنا مع الزمن بمفهوم سلبى أو إيجابى.. فنحن إمتلكنا وعياً يجعلنا ندرك اللحظة الماضية لنختزنها فى أرشيف الدماغ كما ندرك اللحظة الحاضرة ونتفاعل معها ,وندرك أن هناك لحظة قادمة مُحملة بالمجهول والغموض .. كل أفكارنا وفلسفاتنا وخرافاتنا نتاج وعينا بالزمن وخوفنا من لحظة قادمة مجهولة تحمل الألم ليمارس البعض عملية الإستعانة بالماضى لمواجهة المستقبل اى الغرق فى الماضى كتعزية عن قلق المستقبل ومن هنا ندرك سر بقاء الاديان لدى البعض ليصير التاريخ وجود فاعل مهيمن .

- نحن كانئات فضولية متطفلة نعتقد أننا ذات معنى مغاير عن معانى الطبيعة ولكننا لا نختلف عن أى طفيل نستقبحه فى الوجود فحياتنا كلها تطفل ,فنحن لا نختلف شيئاً عن جميع الكيانات الحية التى تمارس وجودها على حساب وجود كيانات اخرى لنعيش علي إنتزاع الحياة من موجودات حية أخرى سواء بالبحث عن الطعام من حيوانات وأسماك ونباتات إلى تطفل المُلاك والإقطاعيون على الشغيلة .
يكون تطورنا العلمى إبتكار وسائل ذكية للتطفل وإمتلاك طرق حديثة للصيد والقنص بدءاً من دراسة الحيوان والدجاجة لنوفر أكبر قدر من اللحوم إلى دراسة أوضاع السوق والبورصة .

- نحن خلقنا فكرة الله لتبديد دهشة يعتريها الجهل وعندما نبدد الدهشة بالمعرفة الموضوعية ستزول فكرة الله فنحن نندهش عندما نطل على كل هذه المفردات الوجودية ونرى تكوينها المعقد لنفتح افواهنا دهشة .
الدهشة شئ جيد يطلب البحث لذا أعتبر الدهشة هى الشرارة الأولى للتطور الإنسانى ولكن هناك من يبددون الدهشة بإجابات سهلة متعسفة ليُرَحِلون ويختزلون ويترجمون الدهشة فى فكرة يندهشون فيها .

- مشكلتنا مع الوجود إسقاط الأنا عليه لنتصور أن المسرح جاء من أجلنا فالشمس يؤذن لها من أجلنا وهناك من يسمح بصنابير الأمطار وهناك من ينبت الزرع ويخلق الحيوان من اجل مائدة طعامنا وهناك من يقسم الرزق ويعتنى بحجز مكان فى منتجع سياحى خمسة نجوم مجاناً بل هناك من يوفقنا فى ركل الكرة ومن يلقى بقشرة موز فى طريقنا .!

- تتغذى الزهور والنباتات على مواد عضوية متحللة من أجسادنا وأجساد حيوانات وديدان وحشرات لتمنحنا الغذاء والرائحة الطيبة والشكل الجميل..أجسادنا بعد موتها وتعفنها وتحللها ليس لها أى معنى لتكون الفائدة الوحيدة منح الحياة لنبات أو دودة أو المساهمة فى نفط سيارة .. نحن نأتى من الطبيعة وإليها نعود لنساهم فى دورة حياة وجودية أخرى , فالبعث هو بعث الحياة فى كيان وجودى آخر سواء نبات او حيوان أو إنسان وهكذا هى الحياة .

- الغموض الذى يكتنفنا فى فهم سر الحياة والوجود هو أننا ادركنا الحركة وتوهمنا السكون ,وعندما نقول الحركة فيعنى كل تغير ,فالحياة أشكال مختلفة من الحركة لنرى أمامنا حركة فاعلة ونتصور وهماً أن هناك سكون.
تأتى الإشكالية الكبرى من تصورنا بوجود عاقل محرك للأشياء فكما نتحرك نحن ككيانات عاقلة ونحرك الأشياء نتصور أن هناك محرك للأشياء خارج نطاقنا بينما الحركة طبيعة المادة فى ذاتها وكينونتها فلا تستطيع أن تنزع الحركة من المادة وإلا ما صارت مادة لذا فهى ليست بحاجة لمحرك .

- نحن نرى الأشياء بلا حركة إلا من حركات فجائية أو نتصور الحركة فى حدود الحركة الميكانيكية لأننا لا نرصد الشئ فى كل لحظة فيبدو أمامنا ساكن لا يتغير بينما الشئ فى حالة حركة وتغير دائم فى كينونته فلا توجد لحظة وجودية بدون تغير وحركة ولن تتطابق لحظة مع لحظة وجودية اخرى ففى كل لحظة يكتسب الشئ ذرات ويفقد ذرات .ومن هنا جاءت دهشتنا .

- نتصور وهما ً أننا أحرار قادرين على تحقيق مخططاتنا التى نريدها .. وبالفعل نحن قادرين على التخطيط وفعل أشياء وتنفيذ مخططات ولكن ليست حرية مثالية فنحن أسرى الواقع المادى وحريتنا هى الحركة وفق ما تمليه قوانينه الصارمة فلا تستطيع القول أنك تستطيع أن تجمد الماء بدون أن تخفض درجة حرارته أو تقول أنك ستنشأ سد بدون أن تنساق وتتقيد بمعادلات قوى الماء الهيدروليكية .
الحرية هى الوعى بالواقع المادى الموضوعى والتحرك وسط آلياته وما تفرضه علاقاته ومعادلاته لأتصور حرية الإنسان كنقطة تتحرك داخل شكل هندسى محصلة زواياه وأضلاعه تؤثر على مسار النقطة .

- الوهم حالة فكرية نفسية تفترض مجهول يُحقق مقياس الخيالات والعواطف والأحلام، بغية تطويعه لتجاهل وجود مجهول ,فالإنسان بحاجة إلى فقدان جزئي للوعي، أو قل تغييب للوعى ليتجاوز مأساة وألم وإفتعال سعادة حتى ولو كانت وهما فهو فى حالة بحث عن أمان فى ظل حالة جهل وخوف لذا لن تُجدى محاولة إخراج الواهم من وهمه بالعقل والمنطق لأن هذا يعنى ان تخرجه من حالة سلام نسجها حول نفسه لتتركه فى العراء وحيداً ..لن نلفظ الوهم والخرافة والحلول الخيالية بنقد فكرى متماسك وعاقل بل بقتح الطريق أمام الواهمين بتقديم حلول حقيقية لمشاكلهم وإحتياجاتهم النفسية .

- أخلاق الإنسان وسلوكه ونظرته للوجود تكمن فى انحيازه لتناقض على تناقض فالحياة والوجود لا يتواجدا إلا بوجود الضدين لنجد أنفسنا قد إخترنا الإنحياز لضد وإعتبرناه مثاليا ليكون الضد الآخر قبيحاً.. أى هو تقييمنا واختيارنا نحن لأحد الضدين كالجمال والقبح , الخير والشر , فهى ليست بناموس ساقط من السماء أو خارج من جوف الارض بل هو تقييمنا الذى غفونا عن كونه من إنتاجنا لنمنحه لكيانات وهمية .

- عبقرية الانسان عندما يبدع ليتغلب على نواقصه وعجزه ولكن هذه العبقرية تتحول إلى تهافت عندما يُثبت عجزه ويؤلهه فلا يَبرح مكانه , فعندما عجز الإنسان عن المرور فى الماء أبدع المركب وعندما عجز عن ترويض الأمطار والفيضان والزلزال أبدع إله لتكون الإشكالية هى أن تماهيه فى عجزه جعله يخلق وجود يعطى حل وهمى يُكرس عجزه .

- قبل بوذا وسقراط والمسيح ومحمد كان هناك عصفور يغرد فى غابات افريقيا .. تمر آلاف السنين ليتوارى بوذا وسقراط والمسيح ومحمد لنجد مازال هناك عصفور يغرد فى غابات إفريقيا .. بوذا وسقراط والمسيح ومحمد نغمات أخرى من الطبيعة سواء جميلة أو قبيحة ولكن سيبقى دوماً عصفور يُغرد .

- الله فكرة خيالية فى رؤوس البشر لقوى يظنون أنها تتحكم فى وجودهم وما كان لهذه الفكرة أن تتواجد فى عدم وجود غايات وصراعات فهى إسقاط وأدلجة الصراع البشرى لتقنين العلاقة بين السيد والعبد , المَلك والرعية , الحاكم والمحكومين من خلال فكرة الإله التى تؤدلج الهيمنة والإستبداد والسادية والتفرد لترسخها وتنزع عنها قوى المقاومة .

- نحن خلقنا فكرة الله لنجعل للحياة معنى لنخلصها من عبثيتها ولكن هل من الممكن أن يكون من أسباب خلقنا لفكرة الإله الإستمتاع بالتعامل مع الغموض وعراك طواحين الهواء .؟!

دمتم بخير .
لو بطلنا نحلم نموت .. طب ليه منحلمش ..ليس شعاراً جميلاً وانما يأتى كرؤية جوهرية لرقي الإنسان .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للنذالة أصول –فى الشريعة –جزء ثان
- ذبح العدل والمساواة والحقوق على مذبح الشريعة الإسلامية -جزء ...
- سوبر ماركت أم تناقضات أم موائمات .
- يلعنكم-الكتابة بالصور-الدين عندما ينتهك إنسانيتنا
- زهايمر-تناقضات فى الكتابات المقدسة-جزء سادس
- داعش المعركة قبل الأخيرة فى صراع الثقافات
- حاجة تقرف..هوا مفيش حاجة حلوة.
- قضيتان للنقاش .. ما العمل ؟!
- منطق الله الغريب !.
- من فلسفة الجمال ندرك ماهية الحياة والوجود والإنسان .
- وإسرائيل أيضا على هدى الحبيب المصطفى .
- على هدى الداعش الكبير .
- داعش الوجه الحقيقى للإسلام ولكنها تفرط أيضا.
- إما تؤمنون بحق إسرائيل أو تكفرون أو تدركون بشرية الأديان.
- مازال ملف حماس مفتوحاً فى أسئلة محددة تطلب إجابات محددة.
- لماذا لا يثور الفلسطينيون على حماس ويعزلوهم.
- نظرياتى فى فهم الوجود والحياة والإنسان .
- فشنك - تسالى رمضانية (5).
- عذراً أنتم لم تنتبهوا-تسالى رمضانية(4).
- تأملات فى مشاعرنا وأعماقنا وزيفنا.


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - تأملات فى ماهية الإنسان والحياة.