أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مها الجويني - المجتمع الذكوري في تونس ، تصنعه النساء














المزيد.....

المجتمع الذكوري في تونس ، تصنعه النساء


مها الجويني

الحوار المتمدن-العدد: 4583 - 2014 / 9 / 23 - 03:07
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


الأخ جالس في الصالون يشاهد التلفاز ، يرن جرس الباب .. الأخت في الطابق العلوي تكوي الثياب .. الأم :" ابنتي الحبيبة رجاء انزلي إفتحي الباب" البنت : "اطلبي من ابنك الجالس يشهاد في ماتش الكورة انا مشغولة" " الام : ما دخلك به ؟ انزلي عيب .. أخوك راجل البيت ..
الأخت تأخرت عشر دقائق في العودة من المعهد لانها ذهبت لشتري مع صديقتها سندويتش من محل جديد ، الأخ إكتفى بالسؤال عن نوع الاكل المعروض في المحل , الأم تأمر ابنها بمراقبة أخته و بالذهاب معها أينما تذهب ..قائلة : راك راجل الدار ... (إنك رجل البيت) .
الأخت تمازح آخاها فتضربه بالوساده ، الأب يضحك الأم تغضب :" عيب تضربي اخوك و عيب تلاعبيه بتلك الطريقة " موجهة نظرة لوم للاب و إستنكار مع عبارات تحمل بين طياتها دعوة بان يعاقب إبنته لفعلتها ، الأب لا يبالي بحديث الأم و يشرح بأن الأمر لم يتجاوز حدود المزاح . الام تقول تلك العبارة التي تعرفها جميع نساء تونس و هي من اشهر الامثال عندنا " المراة كالحافا متطيب كان بالرزام" بمعنى ان الفتاة مثل نبات الحلفا البري القاسي لا يستوي سوى بضرب الحديد و أي حديد انه "الرزام" و هي اداة يستعملها صانعي الحلفا بالوسط و الجنوب التونسي ، و من هنا نستقي ان العنف هو اساس تربية النساء ...
هذه المشاهد ليست بغريبة عنا و رواية الحلفا نعرف تفاصيلها و هي بالمثل تعرفنا جيدا ، فمنذ ولادتنا نفهم باننا لسن بالانسان الكامل ، فعند خبرولادتنا لا نسمع الزغاريد و لا تطهو الام وليمة الكسكي مع ذبح الشاة و لا تأتي جميع النساء لتقديم التهاني "مبروك جاك العازب" ... لتتفاخر الام بوليدها الذكر أمام حماتها و لتزاد حضوة في البيت ، منذ الطفولة ُنربى على اللون الزهري و على الرسوم المتحركة و سندريلا ملساء الشعر ، شقراء البشرة ، هادئة الطبع .. صفات لا أعرفها أنا ذات الشعر الأشعث و صاحبة نكتة و ضحكة عالية و عاشقة لكرة القدم .. و ألف النكت على أبناء الجيران بعد ختانهم ، طبعا نكتي تثير غضب امي و سخطها خاصة إذا كان المختن أحد أبناء العمومة فيكون الرد قاس : عيب قدروا أي أوقفي هذه النكات و احترميه ...
عند الموسم الدراسي تحتفي الأم بنجاح الصبي وتفرح لنجاح البنت ، لان الصبي صاحب مسؤولية وحامل لاسم و لجينات العائلة اما البنت إن نجحت أو خفقت فهي كما تقول احد الجارات"عمارة الغير" أي هي مثل البناية التي نشيدها و نزينها لغيرنا و عليه هي ليست بمحل رهان حسب أمهاتنا .
اذكر جيدا ان يوم الاحد ينام الصبيان لاخر اليوم و عن منتصف النهار يذهبون لبطحاء الحي للعب كرة القدم ، يوم الاحد" الويك اند" الذي نقضيه نحن البنات في ترتيب البيت و غسل الملابس و الطهو و الذهاب الى السوق و في اخر المساء لا نتمكن من مشاهدة برنامج ترفيهي في احدى القناوات لان الأخ الرجل عاد للبيت بعد لعب كرة القدم و إستحم جيدا و إختار الجلوس في الصالون ليشاهد "برنامج الاحد الرياضي" .
لحل الخلاف حول التلفزيون تطلب الام من البنت أو من الاخوات الذهاب نحو غرفهن ، الصبي في عائلاتنا يولد ليكون سيدا الاسرة في المستقبل و حامدا لله بطريقة أو بأخرى على كونه من المجتمع الرجالي ، أذكر مرة أن احد الامهات نادت ابنها ليلعب في بهو المنزل فعلق الابن قاءلا "ستر ربي مجيتش طفلة علاش تدخل فيا" بمعنى من ألطاف الله لم أولد فتاة لما تدعونني للعب داخل المنزل ؟
حينها إبتسمت الام و ضحكت قائلة : ههههههههههه ولدي ولا راجل ـ( ابني اصبح رجلا) ،
حينها قلت في نفسي ، لو كانت ابنتها خارج البيت و رفضت الاذعان لامرها لكان الامر غير ذلك ، أجزم بأنها كانت ستقيم الحي على رأس تلك الصبية و ستلقى ردة الفعل تلك إستحسان الجارات من سيقلن : هاي التربية و لا لوح (هكذا هي التربية) .
وحدها الام هي التي تكرس التمييز ببين الاناث و الذكور ، وحدها الأم هي التي تضخم من الآنا الذكر على حساب الأنا الانثى ، وحدها الام التي تربي جيلا على مقولات : عمارة الغير و نبات الحلفا و ناقصات عقل و دين ... المجتمع الرجالي صاحب الكمال يسكن عقول النساء قبل الرجال ...
و من داخل عقول النساء هل يمكن لنا ان ننتصر ؟ و نثبت بأننا هدية من الله و لسن بلعنة حطت من السماء ؟ من يقنع هاته العقول بان ذواتنا كاملة و لا تحمل بذور العهر فيها ؟ من سيغير هذه النظرة الدونية التي تدور حولنا منذ الصغر ؟ متى تفهم نساء وطني سر هذا القصيد التّونسيات.. هنّ الوحيدات
يعرفن سرّ البقاء..
يعرفن درب المعالي ..
يعرفن سرّ المحبّة و الإنتماء
هنّ الوحيدات
يحفظن لتونس أحلامها
و يظفرن أمجادها.. خيطا.. فخيطا
دون كبير عناء
و هنّ: هنّ.. كما هنّ دوما..
لا ينكسرن أمام الطغاة
و لا ينسحبن أمام الغزاة
و ينشرن في الأرض حبّ الحياة ...



#مها_الجويني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة لثائر الحلفا محمود الغزلاني
- وطن على معبر راس جدير
- هرطقات أنثى خارج السرب
- حاتم التليلي ... وجع هذا الوطن
- فرضيات لنصف عاشق
- طارقي الهوى قلبي
- طقوس الكاهنة
- هي و الفستان الأسود
- لا نريد قطر
- أنا هنا
- أمازيغيات تونس : لا نعترف بغير الأمازيغية هوية و ثقافة و إنت ...
- انت و البقية تفاصيل
- مرافعة في القانون الدولي وفي كونيّة حقوق الإنسان.....يوسف بن ...
- في محاسن الرجال
- محاولة تركيع الإتحاد الوطني للمراة التونسية هي محاولة لإقتلا ...
- مداخلتي في مؤتمر- يناير التاريخ و الدلالات الحضارية- بمدينة ...
- يفرن ... بطاقة هويتي
- أكره شهر ديسمبر
- كلمة سعيد الهنشير للتجمع العالمي الأمازيغي الثاني
- الامازيغية أصل تونس


المزيد.....




- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
- -مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
- اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مها الجويني - المجتمع الذكوري في تونس ، تصنعه النساء