أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - استخدام الفلسفة كعلاج نفسي















المزيد.....

استخدام الفلسفة كعلاج نفسي


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 4582 - 2014 / 9 / 22 - 20:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تلقى كتب المساعدة الذاتية للفيلسوف آلان دي بوتون صدى واسعا كنوع من العلاج النفسي ومصدرا اضافيا لمساعدة الناس في استخدام الفلسفة في حياتهم اليومية ومعالجة مشاكلها بشكل خلاق وفعال.

اكتسبت الفلسفة سمعة بكونها موضوعا يتسم بالتعقيد والغموض و عدم الفائدة. فكتب الفلسفة عادة, كما يعتقد, يمتكلها الرجال البيض الكبار السن التي يكدسونها في مكاتب مغطاة بألواح الخشب. فترتبط الفلسفة بطرح غامض لأسئلة كبيرة, مثل: هل نحن موجودون؟ ماذا تعني الحياة؟ ليس هناك شيء صواب أو خطأ؟ وكل هذا يمكن أن يبدو محبطا، غير عملي، وربما لا طائل منه.

ولكن على مدى السنوات العشر الماضية أو نحو ذلك، جعل آلان دي بوتون، فيلسوف وكاتب ومذيع التلفزيون السويسري- البريطاني، مهمته اعادة تصنيف الفلسفة وتخليصها من تجريدها وجفافها وزخارفها الأكاديمية من اجل استعادة قيمتها في الحياة اليومية. تتصف كتبه بذكائها وغنى كلماتها وسهولة قراءتها. بعض كتبه (في المصادر تحت) اصبحت الأكثر مبيعا في المملكة المتحدة. في عام 2008، أسس "مدرسة الحياة"، وهي مؤسسة تسعى إلى تقديم "أفكار جيدة للحياة اليومية". ومنذ ذلك الحين، تم توسع مدرسته باضطراد وتاسست فروعا لها في, اضافة الى لندن, مدن أوربية رئيسية أخرى مثل باريس وأمستردام. ويخطط الآن لفتح فرع للمدرسة في الولايات المتحدة خلال العام المقبل.

تعرف مدرسة الحياة نفسها بكونها "الفضاء الدافئ" الذي يستضيف الدروس والمحاضرات. تتشاور المدرسة أيضا مع المؤسسات ذات الاسماء الكبيرة وتبيع "الكتب والادوات" لمساعدة أي شخص يمشي من خلال أبوابها لتحقيق "حياة أكثر غنى نفسيا او عاطفيا". إنها الفلسفة التي تقبع على حدود العلاج. خذ على سبيل المثال، تصف المدرسة العلاج بالقراءة Bibliotherapy او ب "الفنون البصرية" لعلاج العلل النفسية، حيث يصف المعالجون النفسيون قراءة رواية او ممارسة الرسم بدلا من استخدام الادوية. وهذا الاتجاه ينسجم مع التطورات الحاصلة حاليا في مناهج تدريب الاختصاص في الطب النفسي, حيث توكد بعض المدارس على الاهمية الفائقة لتضمين مناهحها العلوم الانسانية والفلسفة, فمثلا هناك مجموعة خاصة في الكلية الملكية للطب النفسي في المملكة المتحدة لمعالجة الارتباط بين الفلسفة وطب النفس, وهنالك دوريات وكتب اكاديمية تختص في دراسة هذه العلاقة (بعض اسمائها في المصادر).

يسخر البعض من مدرسة الحياة بسبب الارباح المادية التي تحققها المدرسة. ولكن حتى أولئك الذين يسخرون بخصوص الجمع بين الربح والفلسفة يجدون سلسلة كتب مدرسة الحياة موضوعية ومفيدة. ففي كتب صغيرة الحجم، يتم عرض حكمة فلاسفة ومفكرين بشكل سهل الهضم وطازج, والاهم من ذلك هو عرض علاقة الفلسفة بالحياة اليومية وكيفية مواجهة عقباتها. فيتم في هذه الكتب تبسيط الأفكار القديمة واعادة انتاجها بوضوح وببساطة وتعبئتها بين الأغلفة الملونة الجذابة. فالفت المدرسة, من قبل كتاب مختلفين, كتبا ذات خلفية في الفلسفة أو في حقول متداخلة ومتصلة في مواضيع مثل العلاج النفسي, الحفاظ على الصحة العقلية، وكيفية تغيير العالم، و مواضيع الجنس التي غالبا ما تعتبر محرمة أو نمطية. في نهاية المطاف، يحاول دي بوتون اعادة الفلسفة إلى جذورها كمصدر للتنوير وكعلاج لأمراض الحياة اليومية، وكذلك بوضع الفلسفة في متناول كل شخص ذو عقل وتفكير. ف سقراط (الملتحي) انتج الكثير من الفكر الفلسفي ولم يفعل شيئا من اجل ذلك أكثر من التجول في الشوارع لمراقبة واختبار ساخر للمعتقدات والسلوكيات من حوله، فلا توجد كلمات كبيرة أو استشهادات محددة. في نهاية المطاف، يعيد دي بوتون الفلسفة إلى جذورها كمصدر للتنوير وعلاج العلل اليومية.

احد كتب المدرسة يعالج موضوعة الوحدة بشكل ذكي ويتناول الخوف الحديث عميق الجذور من الخلوة او الوحدة. مؤلفة الكتاب, سارة ميتلاند، هي خبيرة في العزلة وتعيش حاليا وحدها في هضبة معزولة تقريبا في اسكتلندا على مدى السنوات ال 20 الماضية. تحاول ميتلاند فهم الخوف البشري من الخلوة، وكيفية التغلب على الخوف منها لحصد العديد من امتيازات العزلة، مثل الإبداع، والتناغم مع الطبيعة، وفهم أعمق لأنفسنا.

في احد كتب المدرسة يتناول أستاذ الدين كريستوفر هاميلتون بشكل منهجي مجموعة مختارة من الاشكاليات التي نواجهها نحن الجميع في: اسرنا، الحب، أجسامنا الهشة والضعيفة, حتى الموت. في مقدمته، يصف هاملتون كتابه بأنه جزء من "التقليد القديم والنبيل باستخدام الفلسفة كعلاج". ويوضح كتابه أن الخط الفاصل بين الاثنين معتم وغير واضح. فلقد ولد علم النفس من الفلسفة (يعتبر الفيلسوف الامريكي وليام جيمس مؤسس علم النفس الحديث).

على الرغم من أن اللغة المستخدمة لوصف عقول البشر والعواطف أصبح أكثر تخصصا بشكل مطرد وتقني في الاعوام الاخيرة مما كان عليه الحال قبل آلاف السنين، ولدينا طرقا جديدة لقياس نشاط الخلايا العصبية أو الكشف عن تحيز اللاوعي في الطريقة التي نفكر بها، فان أسئلة بخصوص المعنى تظل وثيقة الصلة بالفلسفة من أي وقت مضى. فعلى الرغم من أن التفاصيل وسياق الحياة قد تغيرت منذ عهد أفلاطون، يبقى السؤال الفلسفي الأكثر أهمية: كيف يمكن أن أعيش حياة جيدة؟

في هذا الصدد تفرق الفيلسوفة هانا آرندت بين الحقيقة والمعنى. فاكتشاف الحقائق هو من اختصاص العلم, اما المعاني فهي من اختصاص الفلسفة او العلوم الانسانية. فمثلا الالم الذي يشعر به الشخص جسديا هو شعور ذاتي قد لا تكون له علاقة مباشرة او غير مباشرة بمقدار التلف العضوي. فالالم قد يكشف عن محاولة الجسم للحوار مع النفس. اي انه الدليل على الخطأ الدامغ لثتائية ديكارت في الفصل بين النفس والجسم, حيث ادت هذه الثنائية الى مشاكل لا حصر ولا عد لها سواء اكان ذلك على مستوى العلم او على صعيد حياتنا اليومية. ففي حياتنا اليومية, يسأل المريض دوما عند شعوره بالالم عن السبب العضوي للالم. وكلاهما, الطبيب والمريض, قد يصابان بالحيرة والقنوط عندما يكون السبب العضوي غير موجود او غير كاف لتفسير الشعور بالالم. والاثنان يقعان في خطأ فلسفي عندما يخلطان بين السبب العضوي المحتمل, حيث ان تشخيصه هو وظيفة الطب او العلم, والالم كشعور نفسي لا يستطيع العلم الوضعي لمفرده, وفي عديد من الاحيان, تشخيص اسبابه او فك طلسمه.

يقول مؤلفو المدرسة أنه لا ينبغي للفلسفة أن تكون للخاصة او طنانة. فيمكنها ان تتمتع ايضا بالبساطة والطبيعية و ان تطرح الأسئلة عن أنفسنا والعالم من حولنا، وذلك باستخدام المنطق والشك كأدوات. انها عملية البحث عن المعنى والتوجيه في كيفية التصرف. انها الفضول والحس السليم، وتنقل عبر مئات السنين التجربة الإنسانية. انها وسيلة في السعي وراء الحكمة. لذلك يمكن، ويجب، أن تكون عملية تماما.

فدراسة الفلسفة اليوم تتداخل مع علم النفس، والتاريخ، والفيزياء، والرياضيات. ولكن بالنسبة للأشخاص الذين لا يمتلكون نسخة من جمهورية أفلاطون أو نقد العقل الخالص لكانط، فان اختيار واحدة من هذه كتب هذه المدرسة او ما يشبهها يكن أن يوفر نظرة متعمقة ليست ذات قيمة فقط في الفلسفة، ولكن ما يعنيه ايضا أن يكون الشخص انسانا.

المصادر

1. http://www.theschooloflife.com/shop/how-to-stay-sane/
2- http://www.amazon.com/How-Proust-Change-Your-Life/dp/0679779159?tag=viglink20242-20
3- http://www.amazon.com/The-Consolations-Philosophy-Alain-Botton/dp/0679779175?tag=viglink20242-20
4- http://www.theatlantic.com/national/archive/2014/09/when-philosophy-becomes-therapy/380531/?utm_content=buffer3a369&utm_medium=social&utm_source=facebook.com&utm_campaign=buffer
5- http://www.theschooloflife.com/shop/therapy/bibliotherapy/
6-http://www.brainpickings.org/2014/09/16/hannah-arendt-the-life-of-the-mind/
7-Oxford Textbook of Philosophy of Psychiatry: Edited by Bill Fulford, Tim Thornton, and George Graham
8- https://www.press.jhu.edu/journals/philosophy_psychiatry_and_psychology/



#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا تبرئ السلطة العراقية العراقيين من نقض (!) عهدهم للح ...
- نحن الآن بحاجة الى ماركسية سيزيفية
- الثورة الروسية وعدم اكتمال القرن العشرين 3/3
- الثورة الروسية وعدم اكتمال القرن العشرين 2
- الثورة الروسية وعدم اكتمال القرن العشرين 1
- آخر رئيس وزراء لالمانيا الديموقراطية حول البيريسترويكا وانهي ...
- العلوم العصبية والنضال الاجتماعي من اجل العدالة
- كارثة استخدام المحتل لليورانيوم المنضب في العراق
- اعادة اختراع الديموقراطية
- حرب أهلية طائفية هي إرث الغرب المرير في العراق
- الاضطراب النفسي -ما بعد الصدمة- وتأثيره (السياسي) المدمر على ...
- رأس المال في القرن الحادي والعشرين (2)
- رأس المال في القرن الحادي والعشرين (1)
- الولايات المتحدة دولة عصابات واستبداد 2
- الولايات المتحدة دولة عصابات واستبداد 1
- غابرييل غارثيا ماركيز‏ يسرد احداث مقتل الليندي - 4
- غابرييل غارثيا ماركيز‏ يسرد احداث مقتل الليندي - 3
- غابرييل غارثيا ماركيز‏ يسرد احداث مقتل الليندي- 2
- غابرييل غارثيا ماركيز‏ يسرد احداث مقتل الليندي- 1
- -ديموقراطية- الولايات المتحدة تعقم السجينات لخفض التكاليف!


المزيد.....




- تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
- ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما ...
- الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي ...
- غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال ...
- مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت ...
- بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع ...
- مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا ...
- كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا ...
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في ...
- مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - استخدام الفلسفة كعلاج نفسي