محمود عساف
الحوار المتمدن-العدد: 4581 - 2014 / 9 / 21 - 08:18
المحور:
الادب والفن
عرفته منذ ما يزيد عن عشرين عاما وكان يعمل في شركة زيوت عاملا لا اكثر وكان بسيطا جدا ونمت بيني وبينه علاقة لا يمكن ان اسميها صداقة او صحبة او معرفة بقدر ما انني انحاز الى الكادحين ، وكلما كنت اذهب الى الشركة اراه واسلم عليه وامازحه واستفسر عن احواله فعرفت انه يقطن في المخيم مع والدته المريضه وهو يرعاها ويقوم على خدمتها على الرغم من ان له اشقاء وشقيقات .
وبعد مرور سنوات انقطاع بسبب اغلاق الشركة عرفت من اناس يعرفونه انه اصابه مرض نفسي او حالة نفسية عريبه ولكنها ليست خطيرة وبكامل قواه العقلية ولكنه لا يعمل ، ومن خلال ترددي الدائم غلى المخيمم عرفت بيته وبالصدفة كان مقابل بيت صديق لي ازوره دائما ، وفي كل مرة اكون في المخيم وعلى مدار سنوات عديده عندما كان يراني ينادي بأعلى صوته بأسمي واقف الى ان يتقدم مني احيانا يطلب سجارة واحيانا دينارا وهكذا ، واتحدث معه وخلال حديثي اراه يذهب فجأة فأساله الى اين ذاهب فيقول لي : ان موعد دواء والدته قد حان موعده ويجب ان تأخذه .
وارى صديقي يبتسم ابتسامه غريبه واسأله لما تبتسم فيجيبني ان والدته قد توفت منذ سنوات وهو دائم الحال كلما حان موعد دوائه ، فعجبت لهذه الأنسانية لدى هذا الشخص البريء والذي يتعامل مع موت والدته بكل عنفوان الحياة .
هذا اليوم زارني صديقي ... وقال لي ان صاحبك قد مات ؟
قلت له من ؟
قال : زياد قد مات ووجدوه جالسا على باب غرفته ورأسه متكيء على الباب .
نعم مات زياد ... ذهلت ... وحزنت لموته ... وسعدت له ان مات ... فقد اراحته حياة الخلود ... عن قسوة اشقائه .... وتنكر جيرانه له حتى في جنازنه .
نم قريرا يا زياد فأنت الآن تحتض والدتك .
#محمود_عساف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟