أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - «داعش».. توحيد للعالم الآن فقط!














المزيد.....

«داعش».. توحيد للعالم الآن فقط!


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 4576 - 2014 / 9 / 16 - 08:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انطلقت عواصم الغرب منذ بعض الوقت تعلن بصوت لاهث، دعوتها للوقوف في وجه "التسونامي" الإجرامي الجديد "داعش"، الذي يمثل ظاهرة خطيرة في الحقل الأكثر حساسية، أي في حقل الأديان والعقائد والأيديولوجيات، فهذه جميعاً تبرز هنا بصفتها حقولاً مغلقة بإطلاق لا تحتمل قراءة متحركة أو قراءات متعددة ممكنة، فإما أن تأخذ بها جزءاً وكلاً، وإما أن تأخذ مكانك بمثابة حالة مطلقة ومغلقة وغير قابلة للاحتمالية ولا للتأويل، بصيغة ما وبوجهة ما، فإن موقفاً من هذا النمط يُعرّف بذاته من دون غيره.

إن قيام المسلم ببذل جهد صادق في قراءته وتأويله النص القرآني المقدس، يعتبر مدخلاً مقبولاً، مع حثّه على الاجتهاد وتدخل هنا كذلك الفكرة المستنبطة من الحديث النبوي القائل أن «القرآن ذو وجوه متعددة، فخذوا بوجهه الحسن»، لتعمق أبعاد القراءة القرآنية (الحسنة).


ذلك جميعاً يجعل أمثال "داعش" حالة أو قراءة أو أمراً مستعصياً على البشرية وخارجاً عن القراءة الحسنة وما عليها، وهذا بدوره يضع الناس المؤمنين في آخر فسحة من عنق الزجاجة، مما يُخرج الموقف من المنظومة الدينية الإسلامية والمنظومة الأخرى الإنسانية النبيلة.

ما وصل إليه "داعش"، وما يطالب به يُمثل حالة تعجيزية بحد أقصى، وهذا يعني أن (داعش) نفسه يمثل ضحية الفساد والإفساد والظلم والاستبداد والإفقار، الذي عمّ العالم واخترقه، والملاحظ الطريف أن هذا الواقع الهائل في ظلاميته ومأساويته هو الذي يُراد له الآن أن يوحّد العالم تحت راية (مكافحة الإرهاب)، لماذا يعيش هذا العالم في ذعر مريع؟ لأن الموس وصل إلى ذقونهم جميعاً! والحق، إذا ما تتبعنا تاريخ الإرهاب بدقة، وجدنا إحدى مراحله ماثلة في مداخل ومظاهر متعددة، منها الدولة الطبيعية الطائفية بسلطة استبدادية تلتهم ثروة المجتمع وحق العمل وعدالة العمل ومصداقية المدرسة وشفافيتها، معاً مع تكريس إعلام الوطن والشعب والبناء لخدمة رؤوس أو رأس الدولة والمجتمع، ومع قضاء فاسد يلتهم الحق والحقيقة ويزج في السجون عشرات ألوف الشرفاء والمهمشين… الخ، إن مجتمعاً يقوم على الحرية والعدالة والمدنية والديمقراطية والمساواة هو الذي يحول دون نشوء الفساد والإفساد والاستبداد والإفقار والإذلال والتهميش والتجهيل المعرفي والثقافي، ومن ثم الإرهاب وهذا ما هيمن على المجتمعات الرأسمالية الاستعمارية والأخرى المتخلفة والمخلَّفة والمحكومة من قبل آليات النظام الأمني الاستبدادي واستئثار بالثروة والسلطة والإعلام والمرجعية المجتمعية.

هكذا نضع يدنا على قاع الإرهاب وجذره، إنه مجتمع القلّة الفاسدة المجرمة التي أثْرت وتُثري على حساب الأكثرية الكادحة. هذه القلة التي قد توظف الهوية الطائفية أو الدينية أو الإثنية في خدمة التأسيس لتفكيك مجتمعها وإفقاره وإذلاله وتهميشه من طرف أول، إضافة إلى أنها قد تستفز هذا المجتمع وتورّد له أنماطاً من المشكلات والاستفزازات ذات الديمومة الزمنية من طرف آخر، تلك التي تبرز منها مثلاً مأساة الشعب الفلسطيني، ومن ضمنه أطفال ونساء، وكذلك مأساة الشعب السوري الذي يعيش مأساة إجرامية غير مسبوقة، ومن ضمنها صورة تهز الأعماق لطفل بعمر ستة أو سبعة أعوام، وهو نائم بين قبرين لأمه وأبيه.

الإعلان عن تشكيل قوات عسكرية عالمية لمواجهة "داعش" أمر مشروع وفي غاية الأهمية، ولكن من دون غض الطرف عن كون الإرهاب الذي يهز العقل والضمير والإنسانية والذي يعيشه العالم، لم يأت من "داعش" فحسب، بل هو ذو تاريخ أسود أنتجته وكرّسته وعمّمته مرجعيات العصابات الدولية خصوصاً في البلدان التي تقوم على جهود عصابات متخصصة بالقتل والذبح، الذين يبرزان بمثابة استراتيجية دولة أو بعض دولة، إن "داعش" تعبر عن أكثر الجرائم خِسّة وشناعة، ولكن الفريق الآخر الذي يحصر الإرهاب في حقل الغرب الراهن ويبرر بلداناً من الشرق ليست بعيدة عن المشاركة في الحرب ضد الشعب السوري وفي سبيل تكريس نمط من الإرهاب الدولي.

ليس ثمة ما يسمح بتسويغ أعمال الطرف الآخر من المعادلة، أو ما يُخفي أعمال هذا الطرف الآخر، كلاهما، الغرب والشرق متورط بأعمال إرهابية موجهة إلى الشعب المظلوم، وعلى أرضه، ويبقى القول حاسماً بأن الدعوة إلى تأسيس قوة دولية مضادة لداعش، إنما كان على من يُطلقها ألا يسوغها، لأن الأيام والسنين السابقة عليها لم تكن تخلو من أعمال إجرامية قام بها الغرب وألحق عبرها الأذى الهائل بحياة وحقوق شعوب عربية مكافحة، في فلسطين وفي العراق وفي سوريا ولبنان وغيرهما، إذن، لنقل دعوة لتوحيد العالم عبر إسقاط قوى الشر والإجرام والإرهاب في كل العالم، ومن أجل تحقيق شعار العصر: الحرية والعدالة والكرامة والمساواة في مجتمعات وأوطان من نمط وموطن حر وشعب سعيد!



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التخلي عن المشروع الديموقراطي!
- معركة التنوير العقلاني
- سوريا..هل باتت «أم الكوارث»؟
- تنوير إسلامي مبكر
- أسئلة في التداول الراهن
- سوريا ومرحلة الصَّوملة !
- القضية الفلسطينية.. و«الربيع العربي»
- حُطام عربي حقاً.. ولكن!
- العرب.. النهضة والإصلاح الثقافي
- خسائر الشعب السوري
- غياب حُسن الجوار!
- أطفال سوريا في بلدان الاغتراب
- ثلاثية التقسيمية والطائفية والثأرية!
- العلمانية والسياسة والدين
- الشعب الفلسطيني والمشروع الإسرائيلي
- أين مجلس الأمن والمحكمة الجنائية؟!
- سوريا الجديدة.. خطوات التأسيس
- تلويث الدين بالسياسة
- ثلاثة أعوام على المخاض السوري
- سوريا ويوم المرأة العالمي


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - «داعش».. توحيد للعالم الآن فقط!