أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - سيد القوافي ... وداعاً














المزيد.....

سيد القوافي ... وداعاً


سميح مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 4554 - 2014 / 8 / 25 - 07:43
المحور: الادب والفن
    



من الصعب علي الكتابة عن الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم بضمير الغائب بعد أن رحل عن دنيانا إلى هجرة الخلود ... بعد أن قاوم المرض العضال ، بقدرة خارقة ، سخر بها من المرض ومن الألم ومن الموت نفسه ، وعبر عن ذلك في أيامه الأخيرة وهو على فراش الموت بكلمات لم يسبقها مثيل :

أنا لا أُحبّكَ ياموتُ ... لكنني لا أخافُكْ
وأدركُ أن سريرك جسمي ... وروحي لحافُكْ
وأدركُ أنيّ تضيقُ عليَ ضفافُكْ
أنا... لا أحبكَ يا موتُ
لكنني لا أخافُكْ !

كلمات منغمسة بالذات المحاصرة بالمرض والمعاناة والمكابدة ، تحتشد في نسيج لوحة شعرية نادرة بلغة جميلة واضحة ومؤثرة ، تعبر عن آفاق دلالية رحبة للمقاومة والتحدي وعدم الخوف من الموت ، و تؤكد بلا لبس ولا غموض بأن الراحل الكبير ظل وفياً للمقاومة والتحدي ومجابهة الصعاب حتى أخر لحظة في حياته .

وهذا يؤكد على ما تميز به من شجاعة استثنائية طيلة مسيرته الحياتية في التعبير عن مواقفة الوطنية وأفكاره ، و في كل ما كتب من أعمال إبداعية شعرية ونثرية ومسرحية... كان يتوخى فيها دائما مقاومة المحتل والانحياز الكامل للوطن .. وقد ظل من فجر صعوده حتى رحيله في عشق دائم لوطنه ، في صوته اجتمعت كل الأصوات في تمجيد الوطن والتغني به ، وحين رزق بإبنه البكر سماه " وطن " ولقب منذ ذلك الوقت ب " أبو وطن " .

لكن الساحة الحق والأوسع لتعلق شاعرنا الكبير بالوطن إنما كانت بالتصدي عمليا للإحتلال البغيض ، فقد نزل إلى هذه الساحة في مطلع شبابه ، حين رفض التجنيد الذي فرضته اسرائيل على الطائفة الدرزية التي ينتمي إليها ، وقد اعتقل عدة مرات وفرضت عليه الإقامة الجبرية من قوات الإحتلال بسبب مواقفه الوطنية والقومية .

كان راحلنا وثيق الصلة بالوطن ، بقي فيه لم يخرج منه ، تشبث طيلة عمره بترابه ، جعله المحور الأساسي في تجربته الإبداعية ، مزجه في قوافيه وأشعاره منذ بداية مسيرته وحتى نهاية أيامه ، تمرد من أجله على المحتل الغاصب ، ورفع عالياً راية المقاومة ، حتى أنه في أخر أيامه ظهر في فضاءات عربية وفلسطينية على أثر الحرب على غزة ، وهو يردد بصوته الهادر ، بحس متوقد مشبوب العاطفة بعض قصائده مثل قصيدة : يا عدو الشمس ... " يا عدو الشمس لكن لن أساوم / وإلى أخر نبض في عروقي سأقاوم " .

بدأ صعوده يظهر بوضوح مع بواكير مرحلة " شعر المقاومة " واكبها مع رفاقه من مجايليه : راشد حسين ، و توفيق زياد ، و محمود درويش ، جمعهم مشترك المقاومة الثقافي الوطني ، وانتعشت بهم الحركة الادبية الفلسطينية ، تكاملت أطرافها وعناصرها في الداخل والشتات ، وقدمت للادب العربي الكثير من الخوالد الإبداعية ، الناطقة بالمعاني والدلالات الوطنية ، التي ما زالت محفورة في ذاكرة ووجدان الفلسطينيين والعرب وأحرار العالم ، ترجمت الى عشرات اللغات العالمية ، و يرددها الصغار والكبار في كل المناسبات .

ليس هناك أكبر من الفراغ الذي يتركه الشعراء الكبار ، والفراغ الذي يتركه غياب شاعرنا الكبير على درجة كبيرة ومؤثرة ... رحيله خسارة جسيمة لفلسطين وللأمة العربية ... وعزاؤنا أن مآئره ستبقى خالدة من بعده ، ستسعفنا أشعاره بقبس من جذوة حضوره ... ستبقى أشعاره من بعده على مدى الأيام ، ستتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل ، ستمدهم بعواطف ومشاعر لا تنضب بحب فلسطين .

و يقيني أن الشعر الذي ردده الشاعر الكبير بنبراته الصوتية المتميزة طيلة حياته مدرعاً بوهج المقاومة ، سوف يتردد صداه في كل المناسبات الفلسطينية في الزمن الحاضر والآتي ، ستردده الحناجر ضد الإحتلال والهيمنة والعنصرية ، ومن أجل العودة والحرية .



#سميح_مسعود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفلة من غزة
- جريدة الاتحاد الحيفاوية عرفتني على بعض جذوري في فلسطين
- أبو العلاء المعري رهين المحبسين
- قراءة في كتاب : مارغاروش ( ومضات من حيفا )
- المتشائل بين المسرح والرواية
- كلمات عن شعر حزين
- الأخوة بين أبناء الشعب الواحد
- مأساة الهنود الحمر
- قصيدة للرصافي في افتتاح الجامعة العبرية
- قصيدة غير وطنية للشاعر معروف الرصافي
- كتاب : رؤية معاصرة لحياة وأعمال المطران غريغوريوس حجّار
- أيام في جبال الأوراس
- من حيفا أستمد حروفي
- سيدة القصة القصيرة
- القاصة الكندية أليس مونرو
- الموسيقى حلالٌ حلالْ
- حيفا يا عشقي الأزلي
- أيامٌ في حيفا
- لماذا فشل حكم الإخوان في مصر ؟
- في ذكرى رحيل الشاعر محمود درويش


المزيد.....




- شطب سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين السوريين -لإنكارها الجرائ ...
- -لإنكار الجرائم الأسدية-.. نقابة الفنانين تشطب سلاف فواخرجي ...
- شطب قيد سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين في سوريا لـ-إصرارها ع ...
- بمناسبة مرور 50 عامًا على رحيلها.. بدء التحضيرات لمسرحية موس ...
- “بيان إلى سكان هذه الصحراء”جديد الكاتب الموريتاني المختار ال ...
- فيديو جديد من داخل منزل الممثل جين هاكمان بعد العثور على جثت ...
- نقابة الفنانين السورية تشطب قيد الفنانة سلاف فواخرجي
- قلعة القشلة.. معلم أثري يمني أصابته الغارات الأميركية
- سرقة -سينمائية- في لوس أنجلوس.. لصوص يحفرون نفقا ويستولون عل ...
- الممثلة الأميركية سينثيا نيكسون ترتدي العلم الفلسطيني في إعل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميح مسعود - سيد القوافي ... وداعاً