عبد الكريم وشاشا
الحوار المتمدن-العدد: 1271 - 2005 / 7 / 30 - 07:40
المحور:
الادب والفن
العاصمة: شهور من الهذيان والحمّى المنقوعة بالرؤى الفتاكة.. أضغاث من الأحلام الكاذبة والأسرار الميتة. زاروب موحل أتضاءل في طينه الأسود تدوسني أرجل ضخمة من البلادة العابثة، تصنع من صدري الكسيف مجثما لقسوتها، حتى البحر، هذا الرائع تكلّح فجأة في وجهي بظلمة قاتمة لم تتحمّلها روحي المهزوزة، فلاذ جسدي بالفرار دامعا منكبا في قيعانه الخربة...
كل يوم أحتمي بالبحر، أقتطع قطعة كبيرة منه وأبتلعها، آكلها ببطء مصطخب، شعاع أزرق ينساب ويدلف في؛ بحر في الخارج وبحر في الداخل، فأهدأ قليلا، تحملني موجاتي إلى جزر نائية، رمال وشموس خالدة لا تنطفئ أبدا..
في صباح ما:
صباحك غادر هذا الصباح أيها البحر!
جمهرة من الناس غير مألوفة تنتظرني. تركض في اتجاه تم تكر إلى اتجاه آخر. متوترة وهلعة..
ماذا تريدني أن أفعل أيها البحر.. ركضت معهم، وفي أحد نتوءاتك الصخرية، كانت جثة شمعية مستلقية استلقاء جنينيا، لفظها جوفك، تلطمها أمواجك.
صحت دون وعي: من كشط الجثة من أدمتها ؟!
أجابني أحدهم: إنه البحر، البحر يفعل أكثر من ذلك.
استدرت، ركضت بعيدا.. جسدي يتساقط..
وكنسر جنوبي جريح، نزلت فوق سطح إحدى العمارات ب "أكدال" .
أنزل إلى "أكدال" ولا أختلط بالأكداليين، أتفرج فقط، وهم يتبادلون الحديث باستعراض فرنسية متكلفة. يأتون بكلاب صغيرة جدا وغريبة، لا أعرف من أي مختبر استولدوها؛ لا يطلقونها أمامهم إلا لكي ينهرونها بالفرنسية أمامنا بصوت عال! يصرون على أن يرتدوا جلدة فرنسية نقية، فروة باريسية لسنجاب إفريقي. ماذا يخفون هؤلاء البابليون الجدد وقد تبلبل لسانهم. سدوميون يقدمون مؤخرة المعمدان لا رأسه إلى كبش فحل على قرنه برميل نفط. "أكدال" سالومي العاهرة وأنا يهوذا الأسخريوطي، أقف على الجمر، أنتظر من خيانتي أن تشتعل لأنصب لنفسي محرقة تليق بي...
#عبد_الكريم_وشاشا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟