|
لماذا الأنهيار المفاجئ للجيش العراقي في الموصل
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4480 - 2014 / 6 / 12 - 17:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الاستعجال في توزيع المسئولية أو إلقائها على طرف ما أو تعميم استنتاجات غير حقيقية تزيد البلبلة في النفوس وتحقق الهدف الأساسي منها وهو تسعير الحرب النفسية ضد القطعات المقاتلة ومن وراءها القاعدة الساندة والمؤازرة وهو الشعب , تجميع وتصنيف المعلومات ثم الفرز والتبويب وربط النهايات مع بعضها وأعادة بناء المشهد من أجزائه المتفرقة بعد ترك التخيلات والتوهم هو الذي يجعلك تقترب كثيرا من الحقيقية أو تكاد . لا يعرف الكثيرون أنه حتى مساء ليلة الاثنين كان هناك إنذار( ج ) لقطعات الجيش والشرطة والتهيؤ والاستعداد كامل والقادة الكبار كانوا يعملون ضمن الأطر القتالية الأعتيادية وهم مطمئنون من جاهزية القوة القتالية لمواجهة أي طارئ أو محاولة هجوم على الموصل , التقارير الواردة للقيادة أن هناك تحركات متفرقة في بعض أحياء وأطراف الموصل فقط الهدف منها التأثير على نتيجة الحسم في سامراء . أسباب وملاحظات • الجهد الأستخباري لم يكن مركزيا بل من خلال استخبارات الفرق والألوية والأفواج ومن خلال قيادات العمليات المختصة وحتى دون الفحص عن المصادر أو التأكد من العامل البشري المشرف على الجمع والإرسال وعدم وجود منهجية في التحليل أصلا . • التشتت في القيادة وعدم وجود غرفة عمليات حقيقية واحدة تجمع وتجتمع للتنسيق وأصدار الأوامر العسكرية مركزيا وبإشراف القيادة العامة للقوات المسلحة ,تضم أيضا قوات البيشمركة والصحوات . • الثقة المفرطة التي سادت القادة والأمرين وخاصة أن الكثيرين منهم لم يتابعوا التحركات المعادية ولا التصريحات ولا حتى متابعة الجو العام الذي كان مهيئا للقبول بفكرة أخراج الجيش من الموصل ومن يروج لها وخاصة أن أستكراه وشيطنة الجيش كانت عملا علنيا ومقصودا وموجها من أعلى السلطة الإدارية ومن القوى السياسية التي كانت تروج هذا الشيء خدمة لأهداف مؤجلة يفترض أن يتنبه لها المعنيون بالأمر . • عدو وجود تعاون حقيقي وجاد ومخلص ومشترك ومنسق بين الجيش والقوى الأمنية من جهة وبين البيشمركة والقوى التابعة للإقليم أولا لانعدام الثقة السياسية بين حكومة المركز وحكومة الإقليم وعدم شعور الأخيرة بأن المصلحة الوطنية العراقية أكبر من الأهداف والنزاعات المرحلية كما أن المناكفات والنزاعات السياسية التي تتعلق بالموازنة وتصدير النفط والكثير من القضايا لم تتصرف بها الحكومة المركزية بعقلانية وهي تعلم أن الخطر يتعاظم يوم بعد يوم وعليها أن تحشد الدعم بدل التفريط بالكثير من عناصر القوة لديها . • المحاصصة والطائفية والرغبة بالمناطقية في توزيع قوات الجيش العراقي على المناطق والساحات جعل مثلا من الفرقة الثالثة كمثال التي يمتد موقعها من الحي الصناعي في الموصل لمنطقة ربيعة الحدودية عمقا وانتشارا كانت تحت قيادة وولاء للإقليم وليس للقيادة العامة للقوات المسلحة والتي هي تحت أمرتها , القائد والضباط ومنتسبي القطعات التابعة لها وبمسبة عالية جدا خليط من الأكراد ومن أهالي المحافظة ولا سلطة حقيقية عليها من قيادة العمليات , هذه الفرقة مخترقة ومسيطر عليها تماما من قوى الإقليم ومن القوى التي اخترقت الموصل عبر قاطع عملياتها والمسئولة عنه وهي التي مهدت وأعطت عنصر المفاجأة لبقية القوات المسلحة بأن أنسحبت وهربت وسلمت كامل أسلحتها لهم وهرب القائد إلى أربيل والجنود إلى أهاليهم ومنهم من أنظم لداعش لأنه أصلا جزء منها . • ضمن الخطة كانت غرفة القيادة في هذا الوقت وخاصة غرفة الأركان مهيأ تماما ومسيطر عليها وموجهة من قبل الزمر المقاتلة التي عرفت كيف تخترق هذه المؤسسة فصدرت نداءات لكافة القطعات وبشكل متسلسل أو للشرطة وقوى الأمن الداخلي بالانسحاب وترك الموقع حالا وأعطتهم الخيار بترك الأسلحة والمعدات دون أن تحدد مثلا جهة معينة للتجمع أو ما يمكن أن يكون بعد الانسحاب , لا سيما أن المدينة لم تشهد بعد دخول مكثف لداعش وبقية القوى المسلحة , ليفاجأ اعضاء القيادة العسكرية والقادة الكبار أن الانهيار حصل وأنهم معزولون عن القطعات ولا يمكن الاتصال بأحد ولا يعلمون ما الذي يحدث مع هذا تم أخبارهم أن الطريق مغلق إلى بغداد وتولى عناصر البيشمركة تأمين وصولهم إلى أربيل لغرض أكمال العملية المشتركة وتحقيق أهدافها . • الجناح الإعلامي لداعش والقوى المتحالفة معها والقوى النائمة والمرتبطين بها سرا وعلنا فتحوا صفحة الحرب الإعلامية والنفسية , بعدها تم الاتصال بالكثير من الضباط والقادة خارج الموصل لنقل لهم أما أوامر وأما أخبار سبقها مد أعلامي رهيب دفع بالكثير من الجنود والمراتب ترك المواقع والأسلحة دون أذن منهم من هرب لأهله ومنهم من ألتحق بجهات معينة أبناء الجنوب والوسط والوطنين من أبناء الموصل والأكراد حاول أن يفعل شيء لكن عامل الرهبة الإعلامية وصور التكفيري الذباح تركت بصماتها على قرارهم . • لو لم يكن للإقليم دور وعلم وإرادة في الذي حصل كان بإمكانها السيطرة على الموقف وفتح المجال للقوات بإعادة الانتشار من خلال تسهيل مهمة القادة والأركان والضباط أن يرجوا إلى مواقع تسمح لهم بالعمل أو أعادتهم فورا إلى بغداد لمراجعة القيادة ووضعهم تحت تصرف الحكومة وتشكيل غرفة عمليات فورية وحماية ما يمكن حمايته من مواقع ومدن وقصبات لكنها أكتف بالسيطرة على بعض المناطق المتنازع عليها وتجريد بقية القطعات من سلاحها ومواقعها وأمرهم بالانصراف كما حدث في كركوك وبعض مناطقها وبعض مناطق محافظة صلاح الدين وديالى . تجميع الصورة من هذه النقاط ومكن متابعة حركة القوى العسكرية والأمنية والقوى المضادة داعش وبقية المسلمات تتضح الصورة كما يلي :. 1. الجيش العراقي لم يهزم ولم يستسلم ولكن تم الإيقاع به بخديعة شاركت فيها حكومة الإقليم مع داعش مع القوى المؤيدة لها شعبيا ومحليا من بعض القوى الدينية والعشائرية . 2. كانت عملية سامراء التي جرا قبل أيام من أقتحام الموصل حركة تمويهية وأن القيادة العامة للقوات المسلحة لم يكن لها التقدير المناسب لخطورة الحالة وصورت وسائل الإعلام أن ما حدث في سامراء القشة التي قصمت ظهر البعير دون أن تجلس لتحلل وتستفيد من الوضع مما منح الخصوم أن يجعلوا من الجيش والقوى الأمنية يتجهون صوب الهدف المعد من داعش ووضعهم بين فكي الكماشة . 3. لم تكن القيادة العسكرية والأمنية على مستوى التكتيك والمبادرة التي تتمتع بها القوى المساحة المناوئة من داعش وبقية العناصر المهاجمة والتي تتمتع بخبرات قتالية وتنظيمية وتكتيكية أفضل بكثير من القيادات الموجودة التي فرضتها المحاصصة السياسية والتفرد بالقرار العسكري بيد السيد المالكي الذي يجهل تماما معنى القيادة العسكرية وفنونها وأعتماده عبى بعض العناصر الانتهازية والغبية . 4. إنهيار الوضع العسكري جاء نتيجة للفشل السياسي والتمزق الأجتماعي وهو حصاد مر للسياسات الطائفية اللا وطنية والتي جعلت الطائفة والفئة والعنصر فوق مصلحة العراق وشعبه . 5. المعركة الجارية الآن حول الموصل وضواحيها معركة أعلامية بأمتياز وتتطلب من القيادة العسكرية والسياسية أن تفهم نقطة واحدة ومهمة هي أن لا تدع أن تتكرر مأساة الفلوجة والاقتحام الفوري والحاسم وتسليم القيادة إلى قاعد عسكريين من الموجودين في الخدمة أو من القادة الأكفاء في خارج الخدمة ممن لم يتعاونوا ولم يشتركوا بأي نشاط معارض للعراق وتوفير كل الجهد الذي تتطلبه معركة بهذا الحجم وأن أي تأخير أو تهاون ولو ليوم واحد سيحسب أنتصار لداعش ويشجع أطراف أخرى على إعلان موقف معادي عسكري أو مدمي يزيد من الضغط على الوضع نحو التأزيم العالي والغالي جدا مما لا يمكن تلافيه بعد الغد وسيدفع العراق الثمن مضاعف جدا . 6. البدء فورا وخارج أطار المعركة بتشكيل خلية أزمة من كتاب ومفكرين وعسكريين متخصصين والأكاديمين لأعداد دراسة لوقائع ما حصل وبناء تصورات عملية وعلمية لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وأعادة بناء العقيدة القتالية خارج مفهوم العمل السياسي وبناء مؤسسة مخلصة ومهنية وتغيير الكثير من ركائز وأسس العمل فيها . الخلاصة . مما تقدم نرى أن أمام السيد القائد العام للقوات المسلحة فرصة حقيقية في رؤية واقعية أن يعيد التفكير في جوانب كثيرة من سياسته الفاشلة السابقة في كل المجالات ومنها القيادة العسكرية , كما أن أمامه فرصة تأريخية عرت الكثير من ثوب الزيف وأقنعة الخداع وفصلت بين الخنادق خندق العراق وأهله وخندق الأعداء ,كم أن الفرصة أيضا أعطت العراقيين درسا مهما في أن التواصل والمواصلة في النهج الطائفي لا يقود أبدا إلا إلى الدمار والتشرذم وأن الجيش العراقي باعتباره المؤسسة الوطنية الجامعة يجب أن يبقى جيشا وطنيا فوق الميول والاتجاهات وأن أنمام الشعب أيضا فرصة في تقرير مصيره ورؤية عواقب سوء اختياراته .
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العمل العراقي في التعامل مع المستجدات الأمنية والعسكرية
-
بيان المبادرة الوطنية للمصالحة والسلام
-
العراق والمأزق السياسي الحالي
-
العرب والأعراب حقيقة الواقع ووهم التأريخ
-
فصل البذرة والطين _ الفصل الأول من روايتي ماركس العراقي
-
ولادة مشوهة _ قصة قصيرة .ج1
-
ولادة مشوهة _ قصة قصيرة .ج2
-
الفلسفة والإيمان بحدود الزمن
-
القيم الأخلاقية والتغيرات الأجتماعية
-
أحتاجك صمتا
-
الدفاع عن الأسرة والمجتمع العراقي
-
نوره وسائق القطار _ قصة قصيرة
-
الأخلاق والدين نتاج العقل والتجربة
-
في معنى تحديد الهوية
-
انتصار الفلسفة
-
العودة الى معنى الخلاص الحضاري
-
مختارات في الحب
-
العقل والفعل التاريخي في التغيير
-
المسلمون والنظرية الفكرية (الميزان)
-
سرياليات
المزيد.....
-
اصطدمتا وسقطتا في نهر شبه متجمد.. تفاصيل ما جرى لطائرة ركاب
...
-
أول تعليق من العاهل السعودي وولي العهد على تنصيب أحمد الشرع
...
-
بعد تأجيله.. مسؤول مصري يكشف لـCNN موعد الإفراج عن فلسطينيين
...
-
السويد: إطلاق نار يقتل سلوان موميكا اللاجئ العراقي الذي احرق
...
-
حاولت إسرائيل اغتياله مرارا وسيطلق سراحه اليوم.. من هو زكريا
...
-
مستشار ترامب: نرحب بحلول أفضل من مصر والأردن إذا رفضتا استقب
...
-
الديوان الأميري القطري يكشف ما دار في لقاء الشيخ تميم بن حمد
...
-
الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته العسكرية في الضفة الغربية ويق
...
-
بعد ساعات من تعيينه رئيسا لسوريا.. أحمد الشرع يستقبل أمير قط
...
-
نتانياهو يندد بـ-مشاهد صادمة- خلال إطلاق سراح الرهائن في غزة
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|