|
الرابحونَ والخاسرونَ ، مِما يجري في الموصل
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4480 - 2014 / 6 / 12 - 15:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الفوضى والخراب ، الذي حّلَ بالفلوجةِ ومحافظة الأنبار عموماً ، منذ ستة أشهُر وما زالَ مُستمراً .. وما حدث في الموصل قبل أيام ، من فضيحةٍ شنيعة ، متمثلة بالإنهيار الكامل ، لِما كانَ مُفتَرَضاً ، أنه أركان دَولة : الجيش والشُرطة والأمن وجميع دوائر الحكومة المحلية .. الخ . تُرى ، مَنْ هي الجهات المُستفيدة ، من كُل هذا الدَمار ، ومَنْ هو المُتضّرِر ؟ . في الموصل ، تركَ الجيش والشُرطة والأمن ، الكثير من الأسلحة والعِتاد والتجهيزات والعربات ، ليستولي عليها الإرهابيون من داعش وغيرها ، بل ان العديد من المدنيين من أهالي الموصل ، وحتى من الشباب الصِغار ، شوهدوا وهُم ، يأخذون الأسلحة ويتلاعبون بها في الشارع . المصارف سُرِقَتْ والدوائر الحكومية نُهِبتْ وأحرِقتْ ، وكذلك الكثير من المحلات التجارية وبيوت المواطنين . لاتوجد إحصائيات بالطبع ، لكن يُقال ، ان أكثر من نصف مليون من أهالي المدينة ، نزحوا منها ، وتوجه قسمٌ منهم الى منطقة زُمار ، ومعظمهم الى دهوك وأربيل . * من البديهي ، ان ألفَين أو ثلاثة آلاف عنصر ، من ما يُسمى " داعش " ، والذين يُرّوَج ان الكثير منهم ، من جنسيات عربية .. لايستطيعون إدارة مدينة كبيرة مثل الموصل . فعلى إفتراض ان مجموع مَنْ هربوا من المدينة لغاية الأربعاء 11/6 ، حوالي نصف مليون ، فذلك يعني ان 1.5 مليون نسمة ، ما زالوا موجودين فيها . وقالَ بعض القادمين من الموصل في ظهيرة الأربعاء ، ان ( الحالة مُستَقِرة عموماً في المدينة .. وأعداد مُسلحي داعش من الملثمين ، قليلة جداً في الشارع ، ولقد تَم تعيين " إدارة مؤقتة جديدة " في المدينة ، لتسيير الأمور .. وأن معظم الذين كلفتًهم داعش ، بذلك أي بإدارة المدينة .. هُم من البعثيين القُدامى من أهالي المدينة ولا سيما من الضُباط السابقين ) ، والعمل جارٍ الآن في إعادة تشغيل محطات الكهرباء والمياه . وقالوا ، ان بعض النازحين في المناطق القريبة من المدينة ، قد بدأوا العودة بالفعل الى بيوتهم ! . أي بمعنى آخَر ، ان ما يُسّمى " داعش " ، كما يبدو ، لهم [ تنسيقٌ مُسبَق مع ضُباط المخابرات والأمن والجيش البعثيين السابقين ، ولا سيما الذين لم ينخرطوا في القوات الأمنية بعد 2003 ] . وهؤلاء يمتلكون خبرة في الإدارة والقيادة ، ولهم شعبية معقولة في أوساط مدينة الموصل .. وبهذا فلقد إختفى " الداعشيون " من الشوارع ، وحَلتْ محلهم ، ما يُمكن أن نسميها " الإدارة الجديدة " ! . * من ناحية أخُرى ، تجري الإستعدادات ، من قبل المالكي ، لِشَن هجومٍ كبير على الموصل ، من أجل " تحريرها " . ويسعى المالكي ، لكسب تأييد الولايات المتحدة والدول الغربية ، في المضي في ذاك الإتجاه . وبالفعل ، فأن أمريكا أبدتْ مُساندتها لهُ . لكن السؤال هنا : بأي قُواتٍ ، سوف يفعل المالكي ذلك ؟ وبِمَنْ سيَثِق ، بعد تخاذُل جنرالاته وقواد فُرقه وهروبهم المُذِل من ساحة المعركة ؟ ومَنْ يضمُن ، ان الذين سيرسلهم ، لن يفعلوا ذلك أيضاً ؟ . أم هل سيستعين مُباشرةً ، بِقوات أمريكية ، قد تأتي من قواعدها في تُركيا مَثلاً ؟ .. وإذا فعلَ ذلك ، ألَنْ يَدُق آخر مِسمارٍ في نعش سُلطتهِ المُنهارة ؟ . ثم .. وبوجود أكثر من مليون ونصف المليون مواطن في المدينة ، كيف سيتمكن ، ما تبقى من جيش المالكي ، أو حتى القوات الأمريكية ، من القضاء على عناصر داعش والإرهابيين الآخرين .. دون وقوع مجازر كبيرة في أوساط المدنيين العُزَل ؟ .. هل حقاً ، ان أوباما مُستعد لتحمُل وزر ذلك ؟ . أم هل سيستخدم المالكي ، الميليشيات الشيعية التي يثق بولاءها ؟ وإذا فعلَ ذلك ، فهو إعلانٌ رسمي للحرب الأهلية ، التي ستجهز على العراق كُله . * لو صّحَتْ أنباء ، إدارة الموصل من قِبَل البعثيين بالتنسيق مع عصابات داعش منذ يوم أمس ، فذلك يُؤكِد كُل الأقوال السابقة ، من أن العديد من مناطق الموصل ، هي أساساً حاضنات ممتازة ، للجماعات الإرهابية ومنذ سنواتٍ طويلة . وسيصرخ المالكي ومن وراءه إيران : ألم نقُل لكم ، ان أغلبية المُدن " السُنية " مُتعاطفة مع الجماعات الإرهابية وتوفر لها غطاءاً ؟ . وسيقول سُنة الأنبار وصلاح الدين ونينوى وغيرها : هل ترونَ حقد وطائفية المالكي والأحزاب الشيعية الأخرى ، والتي تُريد القضاء علينا نهائياً وتحويلنا الى ولايةٍ فارسية ؟ !. أنها خطوات تمهيدية ، لإعلان أقاليم الموصل والرمادي وغيرها ، والتي قد تُؤدي في النهاية ، الى الإنفصال عن العراق .. وبالطبع فأن أقليم كردستان ، أكثر جاهزيةً في هذا المضمار .. وحينها ، ستصبح مسألة تقسيم العراق ، أمراً واقعاً ! . ................................ 1- المالكي ومن خلال سياساته في الثلاث سنوات الأخيرة ، يدفع دفعاً بهذه الإتجاه .. فعلى الرغم ، من خُطبِه الداعية الى " وحدة العراق " ، إلا أن أفعاله العملية ، بمجموعها ، تُؤدي الى تقسيم العراق الى ثلاثة أقسام . وكما يبدو فأن ذلك يجري بمباركة إيرانية . 2- ما يجري من سيناريوهات حالية ، في جميع المناطق " السُنية " ، والتي تترك فيها قطعات الجيش والشُرطة الإتحادية ، معسكراتها وأماكنها ، بصورةٍ فوضوية ، تاركةُ خلفها كل شئ .. فعلٌ مشبوه الى أبعد حَد ، ولا يمكن ان يكون مُصادفة ! . ففي المناطق المتنازع عليها ، تقوم قوات البيشمركة بالحلول محلها . وفي المناطق الأخرى ، تقوم ما يُسمى داعش والخلايا البعثية الجاهزة ، بالسيطرة عليها . ففي الواقع ، لم تحدث [ معارك حقيقية ] في أي مكان لِحَد الآن ! . والمُلاحَظ ، أيضاً ، عدا عن بعض المناوشات المحدودة ، في زُمار وسنجار وبعض أطراف كركوك ، فأنه لم تحدث لغاية الآن ، مواجهات جدية ، بين ما يُسمى " داعش " وبين قوات البيشمركة أيضاً ! . فكما يبدو ، ان الكُرد عموماً ، لايريدون أن يكونوا طرفاً مُباشراً ، في الصراع الدائر ، أي إذا لم يُهاجَموا ، فأنهم لن يهجموا ! . 3- تُركيا ، وعلى الرغم من ان قُنصلها في الموصل مع مجموعة من الموظفين وسواق الشاحنات الأتراك ، مُحتجزين ورهائن في الموصل .. إلا ان الموقف الرسمي التركي ، يتصف بالهدوء ، ولا يتعدى حدود ، التهديد الناعم ، بالرَد إذا تعرض رعاياها الى الأذى . 4- المالكي الذي يُحاول فَرض حالة الطوارئ ، والذي سوف يمارس حُكمه الى فترةٍ قادمة غير مُحّددة ، بفعل الأحداث الأخيرة .. رابحٌ " حسب مطامحه الشخصية والطائفية " ، من خلال تزعمه للقسم الشيعي من العراق . المتشددون السُنة وبضمنهم كل التنظيمات البعثية ، سيحاولون فرض أجنداتهم في المناطق السُنية ، وان تكون لهم اليد الطولى في هذه المناطق ، فهم رابحون أيضاً . الكُرد إذا نجحوا ، في تثبيت السيطرة على المناطق المتنازع عليها ، فسيكونون قد طّبقوا جزءاً مهما من المادة 140 ، ويربحوا أيضاً . الولايات المتحدة الأمريكية ، أعلنتْ منذ الآن ، انها زادتْ المبيعات العسكرية الى العراق ، بقيمة مليار دولار أخرى ، غير المليارات السابقة الكثيرة . النظام السوري ، سيتنفس الصعداء قليلاً ، حيث سيخف الضغط عليه هذه الفترة . إيران المتواطئة أصلاً في كُل ما يجري ، ستعزز من مواقعها في الجانب الشيعي والكردي من " العراق القديم ! " . تركيا أيضاً ، اللاعب الأساسي في الساحة ، ستوثق العلاقة مع الأقليمَين الكردي والسُني ولا سيما في قسمه الموصللي . كما نرى .. فأن ( الجميع ) رابحون مما يجري : الطبقة السياسية الحاكمة في العراق / إيران وتركيا وسوريا / الولايات المتحدة / مصانع الأسلحة الغربية / مافيات الحروب وتجار الحروب بمختلف أنواعهم . .......................... الخاسِر الوحيد والذي لاقيمة لهُ في الواقع : الناس البُسطاء ، الملايين من الناس العاديين الأبرياء ولاسيما الفقراء الذين لاحول لهم ولا قُوة ، في بغداد والموصل والرمادي والبصرة وأقليم كردستان وسوريا .. الخ .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنهيار الموصل .. إنهيار ( قِيَم ) ما بعد 2003
-
الموصل تحت النار
-
بعض ما تَشهدهُ الموصل
-
عَفا اللهُ عّما سَلَف
-
الأشخاص أم الأفكار .. أيهما أهَم ؟
-
فولكسواكن
-
حلمٌ مُزعِج
-
حُسينية علي الأديب
-
السليمانية : حركة التغيير أمامَ إمتحانٍ صَعب
-
- دُنيا - التي غادَرَتْ الدُنيا
-
ماذا ينقصنا ؟
-
لَعَنُ اللهُ مَنْ إخترعَ السكايبي والفايبر
-
مُجّرَد إشاعات
-
سِكْراب
-
الغرور السياسي
-
نظرة على نتائج إنتخابات 30/4/2014
-
راتب - ليو ميسي -
-
لقَد فَضَحْتَنا يا إبن الكَلب !
-
توزيع الأراضي
-
القروض
المزيد.....
-
موقع -السوداني-: إعفاء وزير الخارجية علي يوسف الشريف من منصب
...
-
هل يمكن أن تحسّن دراسات النوم جودة نومنا بشكل أفضل؟
-
Honor تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات الجيل الخامس
-
نيبينزيا: القوات الروسية في سوريا ما تزال في مواقعها وموسكو
...
-
الهلال الأحمر اليمني يعلن مقتل 17 وإصابة العشرات في قصف أمري
...
-
نيبينزيا: هدنة الطاقة في أوكرانيا ليست واقعية بسبب عدم التزا
...
-
النازحون لا يجدون مأوى في غزة
-
غروسي يعلق على محاولة استهداف محطة زابورجيه النووية بطائرة م
...
-
أمير قطر يبحث مع الرئيس الروسي قضايا غزة وسوريا والتعاون الت
...
-
ترامب يتوقع إبرام اتفاق المعادن مع أوكرانيا -قريبا-
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|