أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - لن يهزم المحتلُّ أسرانا ! ولكن..














المزيد.....

لن يهزم المحتلُّ أسرانا ! ولكن..


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 4479 - 2014 / 6 / 11 - 20:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



 

في الرابع والعشرين من نيسان الماضي أعلن عشرات المعتقلين الإداريين الفلسطينيين إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، وذلك احتجاج على قيام قوّات الأمن الإسرائيلية باعتقالهم من دون توجيه أي تهمة لهم أو تقديم لوائح اتهام، وحرمانهم عمليًا من فرصة الدفاع عن أنفسهم- كما يليق ببني البشر في هذا العصر، وببلاد الربيع العارم الزائف. 

اتّسمت هذه الخطوة بعلامات ميّزتها عن محاولات إضراب سابقة نفذها بعض الأسرى الإداريين في العامين 2012، وفي نهاية العام المنصرم كذلك؛ فمنذ لحظة الإعلان الأولى انخرط تسعون أسيرًا، وفي طليعتهم قياديون بارزون، في الاضراب المعلن باسم جميع الأسرى الاداريين في سجون الاحتلال والمسنود من قبل الحركة الأسيرة كلّها التي عبّر قياديّوها عن موافقتهم ودعمهم للقرار، واستعدادهم لاتخاذ مبادرات إسنادية وتضامنيّة قد تتطور، كلّما استدعت الحاجة، إلى انضمام أعداد من الأسرى غير الإداريين للإضراب.

كانت ردّة فعل  سلطات الاحتلال الاسرائيلية على إعلان الإضراب عنيفةً، واستهدفت قمع الخطوة ووأدها وليدةً، فمباشرةً قامت مصلحة سجون الاحتلال بنقل أسرى سجن "عوفر" المضربين إلى سجن "أيلون" في الرملة، ووضعهم في قسم كان لسنوات مغلقًا لعدم أهليته لعيش آدميين، وبالتوازي نقلت أسرى سجن "كتسيعوت"- (المعروف بأنصار) الصحراوي إلى قسم خيام بدائية ليتركوا في العراء وفي ظروف مأساويّة. هذا علاوةً على إحكام عزلهم عن العالم الخارجي بشكل تام وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية ولوازم معيشتهم اليومية. 

حاول الإسرائيليون، عمليًّا "ضبع" الأسرى المضربين، فأنزلوا ضرباتهم الكيّدية الفورية والقاسية تباعًا، مؤملين أن تؤدي هذه  إلى "إنبياق" الأسرى وانكسارهم الفوري. لم تؤتِ جميع الهجمات الاسرائيلية "أكلها"، فلقد كان الأسرى على جاهزيّة كاملة للتضحيّة، واستوعبوا بصبر وتحدٍ بارزين جميع تلك العقوبات، فمضت الأيام وطالت الليالي، حتى علا صوت أمعائهم المحاربة على وشيش السياط  و"أزيزها". 

من سوء حظ هذه التجربة أنّها تزامنت مع ثلاثة أحداث كبيرة شهدتها منطقتنا والعالم. فلقد كانت مخاضات المصالحة الفلسطينية طاغية على صدارة المشهد العام، ومثلها كانت الانتخابات في مصر، وزيارة البابا لفلسطين بما رافقها من تفاصيل وتداعيات.
 على الرغم من ذلك، تفاعلت قطاعات شعبية ورسمية فلسطينية وأخرى مع اضراب الأسرى ومعاناتهم- وإن لم يرتقِ دعمهم إلى ما هو مرجو ومطلوب، خاصةً في غياب صوت الإخوة العرب والمسلمين، ومع ذلك فقد كان كافيًا لإمداد المضربين ورفاقهم بجرعات هامة من الإسناد والمناصرة ساعدتهم على الصمود وصدّ الضغوطات الاسرائيلية على أنواعها. 

في العزل ساءت أحوال الأسرى المضربين، وتدهورت صحّتهم بشكل ملموس وخطير، فأجبرت مصلحة السجون الاسرائيلية على نقل سبعين منهم وتوزيعهم على عشرة مستشفيات مدنية في سابقة نادرة أدّت الى زج المؤسسة الاسرائيلية في حالة طوارئ استثنائية، مربكة، مكلفة و"مستفزة"، ممّا استدعى ردود فعل قاسية من المستويين السياسي والأمني. لكنّه، في نفس الوقت، أجبر مصلحة السجون على الشروع بمحاولات حوار أوّلية مع المضربين وقياداتهم، علمًا بأن موقف هذه المؤسسة المعلن منذ البداية أن لا تفاوض مع مضربين.

في تلك الأثناء أعلن عشرات الأسرى عن انضمامهم للإضراب، فاتسعت حلقات الاسناد، وتخطّت جميع السجون والفصائل والقوى الفلسطينية، حاولت بعض الجهات نشر البلبلة حول قضية أعداد الأسرى المنخرطين في الإضراب وتسخير هذه القضية لتسخيف موقف الحركة الأسيرة، بينما كانت قضية أعداد الأسرى المنضمين للإضراب هامّة بدلالتين: انضمام أسرى جدد، وتزايد  أعدادهم دون انقطاع بدل نقصانها،  وكذلك بكون المنضمين الجدد يمثلون جميع القوى والفصائل.

خمسون يومًا مضت وحالة المضربين تزداد خطورة وعذاباتهم تشتدّ. مؤسسات دولية أعلنت مواقفها وإدانتها لسياسة إسرائيل ونهجها، وكانت من أهمّها صرخة الأمين العام للأمم المتحدة،  بانكي مون، التي دوّت صريحةً ومباشرة؛ فإمّا أن تقدّم إسرائيل هؤلاء الأسرى إلى المحاكمات العادية ليحظوا بحقهم بالدفاع عن أنفسهم، وإما أن تطلق سراحهم فورًا.

إلى ذلك، شهدنا حراكًا ملموسًا في بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية التي بدأت تتعاطى مع أخبار المضربين بروح إيجابية، وكانت صحيفة "هآرتس" الأبرز في هذا المشهد، حيث خصصت لأيام متتالـية خبرها الرئيسي وافتتاحيتها لقضية الأسرى الاداريين، وما يلحق بهم من ظلم وإجحاف. 

الجانب الاسرائيلي يرصد جميع هذه المتغيّرات، وهو يتابع بقلق  صمود مئات الأسرى وما يتفاعل من غليان في جميع السجون، ولذا فهو يمضي في محاولاته لكسر الإضراب قبل أن يحقق نتائجه. أسلحته في هذه المواجهة متعددة، ورهاناته كثيرة؛ أهمّها ما يبثه من إشاعات سامة ومحبطة تستهدف  تيئيس الأسرى والشارع الفلسطيني، حيث يكد عملاء الاحتلال وينشطون. وإلى جانب هذه المحاولات يبقى تخطيطه لوقوع خلافات بين الفصائل والقوى هي كبرى أمنياته وأخطرها، فكلّنا يعي أن المصالحة المنشودة ما زالت هشة، وأن جسر ما حفر من أخاديد وهوّات في الجسد الفلسطيني، هو عملية معقدة وطويلة، ولذا فكل شرارة قد تشعل النار في حقول الألغام المنتشرة على طول الوطن وعرضه.  

لن يهزم المحتل صمود أسرانا، أمّا أهل تلك الحركة وشعبها فقادرون على هزيمتها. تاريخ فلسطين والعرب يضج بهذه النكسات والهزائم. هذه أيام مصيرية وحاسمة. تضحيات الأسرى المضربين جسيمة، وتستدعي قدرًا كبيرًا من المسؤولية والانضباط من جميع المسؤولين والقادة.  

نحن في نادي الأسير نذرنا أن نعمل، ونسخر كل طاقاتنا لنكون بجانب من يئن هناك في العتمة واللامكان، ونحن نعرف من تجربة ودربة أن الإسرائيليين يراهنون علينا/عليكم، وعلى سوس خشبنا،  فهل ستكون فلسطين هذه المرة كشجرة الأرز لتفوت "عليهم" ما يحلمون به وينتظرونه؟
 أما آن لهذا الظلم أن ينجلي، ويعود أصحاب الوعد والإيمان إلى حضن عائلاتهم وخضرة الوطن؟



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اختلال ! ماذا يعني احتلال؟
- في الرملة سيفرحون بنجاح حمدي
- أهلًا حزيران
- عندما يصبح أولمرت خائنًا
- توفيق زيّاد البعيد القريب
- الشعب لا يريد- دفع الثمن-
- التغيير والاصلاح في المحكمة العليا
- أحبوا بعضكم بعضًا - كانت الوصية -
- محامون تحت نارين
- في القدس، ألهوية الزرقاء إن حكت
- حين نتقاتل على السماء نخسر البلد
- أعدلٌ وناصرة عليا؟
- تاريخ أخرس
- لكُنَّ في آذار السلامة والحب
- لماذا وُلدّتَ يا عمر ؟
- ليت الفتى إمرأة
- لا للتجنيد: صرخة أو صرختان
- حق إضراب ألأسرى عن الطعام لا يمس
- بين كيري وقدسنا بندقية
- ألحريّة لمرّوان البرغوثي


المزيد.....




- في روما.. يختبر السيّاح تجربة جديدة أمام نافورة -تريفي-
- لغز مرض تسمم الحمل الذي حير العلماء
- -بايدن قد يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية قبل انتهاء ولايته- - ...
- قلق على مصير الكاتب صنصال إثر -اختفائه- بالجزائر بظروف غامضة ...
- هل نحن وحدنا في الكون؟ ماذا يقول الكونغرس؟
- مشاهد لآثار سقوط صواريخ لبنانية في مستوطنة كريات أتا (صور + ...
- -حزب الله-: إيقاع قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح
- مشاهد لـRT من موقع الضربة الإسرائيلية لمنطقة البسطة الفوقا ف ...
- مجموعة السبع ستناقش مذكرات التوقيف الصادرة عن الجنائية الدول ...
- لماذا يضاف الفلورايد لمياه الصنبور وما الكمية الآمنة؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - لن يهزم المحتلُّ أسرانا ! ولكن..